أبحاث معهد ماكنزي العالمي

آليات تحقيق القيمة من عمليات انفصال الشركات

| تدوينة صوتية

ملاحظة: إننا نبذل قصارى جهدنا للحفاظ على جميع التفاصيل الدقيقة عند ترجمة المقالة الإنجليزية الأصلية، ونعتذر عن أي جزئية مفقودة في الترجمة قد تلاحظونها من حين لآخر نرحب بتعليقاتكم على البريد الالكتروني التالي: reader_input@mckinsey.com

يجب أن تقوم عمليات اندماج الشركات أو انفصالها عن بعضها على أساس منطقي واحد، وهو تحقيق المزيد من القيمة. ولكن غالبًا ما يصف قادة الأعمال حالات الانفصال على أنها عمليات معاكسة لعمليات الاندماج والاستحواذ، على الأقل من ناحية "تحقيق القيمة" على المدى القصير. وتساعد عمليات الاندماج والاستحواذ الناجحة على تحقيق القيمة من خلال تآزر الشركات، ولكن ذلك لا يعني أن تشكل عمليات الانفصال عبئًا على القيمة على المدى القصير استنادًا إلى فرضية خاطئة مفادها أن "الشركة المنفصلة" تحتاج إلى إنشاء ذات هيكلية الدعم التي استخدمتها عندما كانت تشكل جزءًا من الشركة الأصلية "الشركة الأم"، أو لأن صفقة الانفصال تفرض مخاطرًا على استمرارية الأعمال.

المزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية

شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية

تصفح المجموعة

وثمة تكاليف ومخاطر تترتب على عمليات الانفصال، والتي ينبغي أخذها بعين الاعتبار عند تحليل التكاليف والعوائد، كما هو الحال بالنسبة لجميع القرارات المتعلقة بالأعمال. ولكن غالبًا ما تكون المخاوف المرتبطة بتكاليف عمليات الانفصال مبالغًا فيها. وتحتاج الشركة المنفصلة إلى وجود هيكلية دعم فاعلة، ولكن ذلك لا يعني توفير هيكلية دعم مطابقة تمامًا للهيكلية باهظة التكلفة التي كانت تستخدمها عندما كانت جزءًا من الشركة الأم، إذ غالبًا ما تبالغ الشركات بتقدير "فوائد الحجم" المرتبطة بالوظائف العامة والإدارية. وقد يترتب على الانفصال حالات تعطل في العمليات، ولكن ينجم عن بقاء الأمور على حالها تكاليف أكبر بشكل عام، ويعد تحديد الاضطرابات المحتملة خطوةً أولى نحو التخفيف أو حتى الوقاية من التهديدات التي تطال استمرارية الأعمال. وقد يشعر الموظفون في الشركة المنفصلة بالقلق من التغيرات الحاصلة، ويمكن أن يقوموا بمغادرتها. وفي هذه الحالة يمكن تحفيز الموظفين من خلال تسليط الضوء على الطابع الحيوي لعملية التغيير، وجذبهم إلى شركة تمتاز بمستويات أعلى من الذكاء والطموح، وإلهامهم للارتقاء بالشركة إلى مستويات أفضل.

وترتكز جميع قرارات "البقاء أو الانفصال" على حقائق عالية الدقة، وحتى مصطلح "الانفصال" نفسه يشير إلى أنواع مختلفة من الصفقات (الشكل 1). وتنطبق الدروس المستفادة بوضوح على جميع الحالات، وأهمها أن عمليات الانفصال توفر فرصة غير مسبوقة على صعيدي المعاملات وعملية التغيير، كما أنها توفر قيمة أكبر في الغالبية العظمة من الحالات مقارنة بمواصلة تنفيذ العمليات بذات الطريقة المتبعة سابقًا.

1

هيكلية الدعم الأمثل

لا شك أن بناء وظائف الدعم الفاعلة والمحافظة عليها يتطلب استثمارات كبيرة. وثمة فجوة في الوظائف العامة والإدارية بين الشركات ذات الأداء العالي والمنخفض، والتي تتراوح نسبتها بين 4-8% من إجمالي الإيرادات في مختلف القطاعات (الشكل 2). ويسهم فهم هذه الفجوة ومعالجتها في توفير قيمة كبيرة.

2

وبينما تتطلب الشركة الأم والشركة المنفصلة وجود هيكلية دعم راسخة، إلا أنه من الخطأ افتراض أن هيكلية الشركة الأم تنطبق بالضرورة على الشركة المنفصلة، أو أن الشركة المنفصلة - بالنظر إلى هدفها وحجمها ونوع أعمالها - تحتاج لتوسيع نطاق هيكلياتها إلى مستويات مماثلة لهيكليات الشركة الأم حتى تزدهر أعمالها. وتوصلنا إلى أن الشركات المنفصلة يمكنها تحقيق قيمة كبيرة إذا نجحت في إرساء هيكليات داعمة مصغّرة عن الشركة الأم، والارتقاء بسوية استمرارية الأعمال كهدف بحد ذاته بدلًا من استخدام عملية الانفصال كفرصة للتغيير. ويتعين على الشركات اختيار النموذج التشغيلي الملائم للشركة المنفصلة، بدلًا من الاكتفاء بتطبيق النماذج التشغيلية التي اعتادت عليها. وفيما يلي خمس خطوات تساعد على تحقيق هذا الهدف.

وثمة فجوة في الوظائف العامة والإدارية بين الشركات ذات الأداء العالي والمنخفض. ويسهم فهم هذه الفجوة ومعالجتها في توفير قيمة كبيرة.

1. التحلي بالشفافية

تتمثل الخطوة الأولى لأي عملية انفصال في تحقيق الشفافية. ولكن ما هي بالتحديد الأدوار والأنشطة والأصول والعقود والأشخاص الضروريين لدعم كلا الشركتين؟ هنا يأتي دور الشفافية في إرساء الأسس اللازمة. ولا يقتصر تحقيق الشفافية على إجراء مراجعة سطحية، وإنما تستلزم إجراء تحليلات معمقة. ويشابه ذلك، على سبيل المثال، عمل الميكانيكي الذي يتعين عليه تفكيك دراجة نارية لفهم الآليات التي تساعدها على الانطلاق بقوة، أو معرفة أوجه القصور فيها. ويجب أن يكون الهدف واضحًا على أصغر المستويات، ودون أن يقتصر التركيز على "الموارد التي تستخدمها الشركة لدعم نموذجها التشغيلي"، وإنما ليشمل أيضًا "الموارد التي يجب استخدامها بما يلائم ظروفها الخاصة كشركة مستقلة". وقد يكون من الصعب إجراء هذا التحليل المعمق، ولكن يتوفر بالمقابل نماذج مكررة يمكن للشركات المنفصلة استخدامها لإنشاء أسس مفصلة ومنظمة للحقائق. وعادة ما يتم تقليص حجم الكثير من تكاليف وعمليات الدعم التي تكتشفها الشركة المنفصلة عند قيامها بتحقيق الشفافية ومعرفة أدق التفاصيل، وذلك في المرحلة التي لا تزال الشركة المنفصلة فيها جزءًا من الشركة الأم. وبخلاف ذلك، فإن الإخفاق في اتخاذ هذه الخطوات، واستخدام التكاليف في الشركة الأم كمعيار افتراضي لتقييم تكاليف الأعمال المكونة لها، لا يشكل حلًا مثاليًا في جميع الحالات.

2. تحديد أوجه التشابه والتباين مع النظراء

يتطلب الحصول على فكرة أوضح حول "الحجم الملائم" للتكاليف والدعم إجراء مقارنة محايدة وقائمة على الحقائق مع الشركات النظيرة ومع الأقسام الأخرى في الشركة. وعند إجراء المقارنة مع الشركات النظيرة، تشمل محاور التركيز الرئيسية مستويات الأتمتة، والتخصص، وعدد واجهات الاستخدام لكل عملية (يكشف ذلك عادة عن فرص تبسيط العمليات)، وأنظمة وتطبيقات تكنولوجيا المعلومات التي تستخدمها الشركات النظيرة، والظروف القانونية التي يعمل فيها النظراء على تنفيذ عمليات تشغيلية أكثر مرونة (أو أقل مرونة) (على سبيل المثال، المجالات المتعلقة بقوانين العمل، ومتطلبات رفع التقارير، والصحة والسلامة المهنية).

ولكن على الرغم من أهمية بناء فهم أفضل حول خيارات ونتائج النظراء، إلا أن ما ينطبق على النظراء قد لا ينطبق بالضرورة على الشركة المنفصلة، كما هو الحال أيضًا مع الشركة الأم. وعلى سبيل المثال، توصلت إحدى الشركات الأم، عند إجراء عملية انفصال، إلى أن الوظيفة المالية للشركة المنفصلة كانت أكبر بكثير بالمقارنة مع الشركات الأخرى التي تعمل في مجال الأعمال نفسه. وبدلًا من البدء فورًا بخفض معادل الدوام الكامل، أجرى فريق الإدارة العليا تحليلًا معمقًا بهذا الخصوص. وعند تصنيف الأنشطة المدرجة ضمن إطار قسم التمويل، اكتشف الفريق بأنه وإلى جانب أنشطة التمويل التقليدية المتعلقة "بالصفقات" (مثل عمليات رفع التقارير والرقابة وإعداد الميزانيات)، فإن قسم التمويل للشركة الأم كان يسهم فعليًا في عدد من المشاريع الاستراتيجية ذات القيمة المضافة بالنسبة إلى الشركة المنفصلة. لذا قرر الفريق ضرورة تكريس الكثير من جهود الانفصال والتغيير لدعم قسم التمويل، مع التركيز على الجوانب التي ينبغي حمايتها، والجوانب التي ينبغي الاحتفاظ بها وآليات تحسينها. ومن خلال اكتساب رؤية عالية الوضوح والدقة، تم تخفيض تكاليف القسم بنسبة كبيرة نسبيًا بلغت 20%، وتحقيق "مكاسب سهلة". وتطلّب التخفيض التالي بنسبة 20% أيضًا إجراء استثمارات كبيرة في الأتمتة. ولا يمكن اتخاذ مثل هذه الإجراءات بالتوازي مع عملية الانفصال، ولكنها تمنح الشركة الأم والشركة المنفصلة والمالك الجديد فهمًا واضحًا حول الخطوات المهمة التالية، والتغييرات التي قد تنطوي على مخاطر عالية.

3. استيعاب الفوارق الدقيقة

يساعد إرساء الأسس والمعايير على فهم وتحديد مجالات الأولوية القادرة على توفير قيمة عالية لم تتم الاستفادة منها على النحو الأمثل. ويتطلب اغتنام الفرص المجدية فعليًا من فرق العمل توخي الدقة في فهم الأنشطة المحددة التي تحتاجها الشركة المنفصلة لتحديد المستوى الملائم من الدعم الذي تحتاجه أعمالها، بما في ذلك نطاقات الإشراف والتسلسل الإداري. وقد تقوم الشركة المنفصلة بتوفير الكثير من الأنشطة غير الضرورية داخليًا، أما الأنشطة الأخرى فيمكن توريدها خارجيًا أو إيقافها بشكل كامل.

وعلى سبيل المثال، اكتشف قادة فريق العمل خلال إحدى عمليات الانفصال بأن قسم الموارد البشرية في الشركة المنفصلة كان يستغرق عدة أيام في تعيين موظفين جدد، فضلًا عن إجراء دورات تدريبية إضافية على أساس مستمر. وكانت هذه الأنشطة ضرورية قبل إجراء عملية الانفصال، عندما كان هنالك تفاصيل ومستجدات معينة ينبغي إطلاع الكثير من الموظفين في الشركة الأم عليها. ولكن هذه التفاصيل والخطوات الإضافية لم تكن مهمة بالنسبة إلى الشركة المنفصلة ذات مجال العمل الواحد، حيث لم يكن من الضروري تعلّم التفاصيل الخاصة بنموذج أعمال الشركة الأم الأكبر حجمًا. وتوصل الفريق إلى إمكانية تقليص قسم كبير من عمليات التعيين، وإلغاء عدد من البرامج التدريبية. وقام مزوّد من الأطراف الثالثة بإجراء تدريب مخصص وبحسب الحاجة على مجال عمل الشركة المنفصلة.

ويمكن للشركات البدء بتحديد الكفاءات المهمة من خلال تحليل حالات الاستخدام الفردية وتجميعها. ويسهم الانفتاح على فهم الفوارق الدقيقة في تجنّب استسهال تصنيف النتائج بين مجرد "الاحتفاظ أو التوريد الخارجي أو الإلغاء". ولنأخذ مثلًا وجود قسم في الشركة الأم يضم عشرة موظفين أو أكثر، فإن الانفصال لا يعني ضرورة إلغاء هذا القسم أو توريد عملياته إلى مزودين خارجيين، بل يجب تقليصه بدلًا من ذلك ليقتصر على عدد أقل من الموظفين الذين قد يؤدون أدوارًا أخرى. كما يتم اتخاذ هذا الإجراء بهدف إجراء عمليات تقليص صافية في فريق العمل، حيث يشكل تعيين الموظفين أو إعادة تأهيلهم لتزويدهم بقدرات مختلفة شرطًا ضروريًا. وقد يتطلب ذلك أيضًا جدولة عمليات التقليص بشكل متسلسل، فقد تظهر بعض التعقيدات إذا تم اتخاذ كل إجراء دفعة واحدة. وتكتسب الاستمرارية أهمية كبيرة في نهاية المطاف، ولكن ينبغي اعتبارها وسيلة للحفاظ على القيمة وتحقيقها بدلًا من كونها هدفًا بحد ذاتها.

4. إعادة النظر بالتكنولوجيا

تكتسب التكنولوجيا أهمية فريدة في عمليات الانفصال. وتُعتبر تكنولوجيا المعلومات قسمًا مستقلًا. وكما هو الحال في أي قسم آخر، ينبغي دراسة التكنولوجيا للعثور على الفرص المتاحة لتحقيق وفورات في التكاليف وتحسينات في الكفاءة بمجرد الانفصال عن الشركة الأم. وفي الوقت نفسه، من الضروري استخدام أنظمة تكنولوجيا المعلومات وبنيتيها التحتية وهيكلياتها الداعمة بالنسبة لجميع أقسام الشركة المنفصلة وعملياتها التشغيلية. وبينما تتطلب الشركة الأم مجموعة واسعة من الأجهزة والبرمجيات، يمكن للشركة المنفصلة في الكثير من الحالات مواكبة معظم احتياجاتها الأساسية - وجميعها في بعض الأحيان - باستخدام التطبيقات الشائعة (مثل مايكروسوفت إكسل) والجاهزة أو البرامج منخفضة التخصيص. ويسهم ذلك بشكل فاعل في خفض تكاليف تكنولوجيا المعلومات دون التفريط بجوانب كثيرة من الأداء الوظيفي الذي تحتاجه شركة صغيرة الحجم.

وتقوم الكثير من الشركات المنفصلة الناجحة بتنظيم ورش عمل مشتركة بين الأقسام الداعمة وتكنولوجيا المعلومات، بهدف مواكبة احتياجات العمل، وتحديد أنظمة تكنولوجيا المعلومات القديمة وغير المستخدمة، والتي يجب إلغاؤها. كما تعمل تلك الشركات على تنسيق منهجية الانفصال، واتفاقيات الخدمة للمرحلة الانتقالية، والمهل الزمنية الملائمة لضمان جاهزية التكنولوجيا الأساسية من الناحية التشغيلية منذ لحظة الانفصال.

وعلى سبيل المثال، وخلال إحدى عمليات الانفصال الناجحة، قرر الفريق القيادي التوقف عن استخدام البرمجيات المتقدمة لإدارة الموارد البشرية؛ والتي كانت تشكل الخيار الأمثل بالنسبة لمؤسسة كبيرة، ولكنها كانت باهظة التكلفة وفائضة عن الحاجة بالنسبة إلى مؤسسة بحجم الشركة المنفصلة. وأفضى اتباع خيار أقل تخصصًا إلى خفض النفقات بشكل مباشر وسريع، فضلًا عن تسهيل انتقال الشركة المنفصلة إلى "يوم العمل الأول"؛ إذ تم نقل البيانات إلى برنامج مايكروسوفت إكسل في وقت مبكر، ودون الحاجة إلى التفاوض بشأن شراء ترخيص برمجي جديد أو إعداد اتفاقيات خدمة للمرحلة الانتقالية.

5. إعداد خارطة طريق خاصة

من الضروري تحديد الجوانب العامة والإدارية داخل الشركة المنفصلة وفي مختلف وظائفها، ولكنه إجراء غير كافٍ لبناء أعمال توفر المزيد من القيمة. وحتى تتمكن الشركات من الانتقال نحو مرحلة جديدة، يتعين عليها إنشاء خارطة طريق توضح آليات تحويل الأفكار إلى أفعال، مع توضيح تكوّن تفاصيل ومواعيد الخطوات المستقبلية.

وينبغي أن يبدأ إعداد خارطة الطريق بتحديد الخطوات التنظيمية التالية بناءً على الأنشطة التي تمت مراجعتها، والفرص التي تم تعيينها، والبرنامج المصمم لتبسيط تكنولوجيا المعلومات. وتشمل خارطة الطريق الفاعلة جميع الوظائف التشغيلية، وتوضح الأهداف الرئيسية، وتحدد أوجه الترابط الأساسية لتعزيز جاهزية الشركة المنفصلة للعمل، كما تتيح إمكانية تحديد نطاقات الإشراف والتسلسل الإداري، وآليات تفاعل الأنشطة المختلفة مع بعضها. وقد يكون من المفيد الاطلاع على خرائط الطريق التقليدية لبناء رؤية شاملة، ولكن خرائط الطريق الفاعلة تتطلب مستويات عالية من الدقة. وبخلاف الخطط التي تعتمد على الطموح فقط، تحدد خريطة الطريق الفاعلة حجم معادل الدوام الكامل على مستوى الموظف الواحد، بالتالي توضح الأنشطة والأدوار المحددة التي يتعين على كل موظف القيام بها؛ مع توفير تفاصيل دقيقة تتجاوز مجرد التركيز على فريق الإدارة العليا.

وثمة ممارسة أفضل تتمثل في تحديد التوقعات المستقبلية، وتخطيط السيناريوهات المدرجة ضمن "الجيل الجديد" للإطار التنظيمي. ويشمل ذلك أيضًا تصميم الترتيبات الخاصة بهذا الجيل الجديد، وتحديد التغييرات التي يتم تنفيذها في مراحل ما قبل التسويق، والمرحلة السابقة لإنجاز عملية الانفصال والتالية لها. ويمكن أن تختلف هذه الإجراءات بناءً على المشترين المحددين، والقيود الزمنية المرتبطة بالعمل على أرض الواقع. ويقدم المشتري في بعض الأحيان أسعارًا ذات قيمة عالية بالنسبة للشركة الأم، وفوق ما يمكن للشركة المنفصلة توقعه بشكل منطقي حتى في أفضل خططها للانفصال. ويتمثل الهدف في هذه الحالات بإنجاز الصفقة في أسرع وقت ممكن وإجراء عملية انفصال سليمة من الناحية القانونية. ولكن عادة ما يفيد التفكير المدروس في مضاعفة القيمة المتحققة. إذ يمكن للشركات تهيئة الظروف الملائمة للحصول على سعر أعلى، والذي يفضي بدوره إلى الارتقاء بسوية الأعمال، من خلال النظر إلى عملية الانفصال بطريقة واضحة ومبتكرة، ودراسة الفرضيات حول هيكليات الدعم، وتحديد الاضطرابات المحتملة، وتوخي الوضوح الكامل في عمليات التخطيط (والتواصل). وكلما كانت خارطة الطريق مفصّلة أكثر، تزداد احتمالات نجاح الشركة الأم والشركة المنفصلة في تحقيق قيمة أكبر.

وبالإضافة إلى توقيت الصفقة، ثمة عامل أساسي آخر يؤثر على مستويات تنفيذ الخطة الانتقالية، والذي يتمثل في طريقة التخارج المحتملة. ويتطلب إنشاء شركة جديدة أو الطرح للاكتتاب العام، بحكم التعريف، وجود مؤسسة جاهزة لدخول سوق رأس المال. ويجب أن تحافظ عملية تصفية الاستثمار لصالح مشترٍ استراتيجي على قدرٍ كافٍ من المرونة لتجنّب التكاليف الخاصة بمرحلة ما بعد إغلاق الاكتتاب. ومن المرجّح أن ينصب تركيز المشتري المالي على الشركة الأم باعتبارها شركة مستقلة (على الرغم من وجود بعض الاختلافات بحسب الطابع المحدد لجهة الاستحواذ). ولكن يدرك جميع المشترين، وحتى مجموعة الممولين من المساهمين في حالة إنشاء شركة جديدة، الجوانب الإيجابية لتطوير الهيكليات القديمة، وأهمية بناء وظائف عامة وإدارية مخصصة.

التركيز على ثقافة العمل كعنصر محفّز

بالنظر إلى الفرص الهائلة التي تحملها عمليات الانفصال، والتي تشمل مناقشة جميع تكاليف الدعم بشكل وإعداد تحليل معمق عالي الأهمية، فمن الممكن أن يتم إهمال الجوانب الشخصية للموظفين والتي تلعب دورًا كبيرًا في نجاح عملية الانفصال أو فشلها. وتبين الأبحاث أن العنصر البشري يشكل عنصرًا رئيسيًا في 70% من حالات الإخفاق الناجمة عن التغيرات الخارجة عن سياق عملية الانفصال. وتُعد مقاومة الموظفين للتغيير أمرًا طبيعيًا، حيث تزداد مخاوفهم عند إجراء عمليات الانفصال. فبينما تتم إضافة أدوار وظيفية جديدة، يتم إلغاء أو نقل وظائف أخرى؛ ما يؤدي إلى حالة من انعدام اليقين تدفع جميع الموظفين للترقب والحذر. ويمكن لهذه التحيزات المعرفية المتأصلة في النفس البشرية أن تصيب الموظفين الأكثر أهمية وأفضلهم من ناحية الأداء الوظيفي. ويتجلى ذلك في التحيز إلى الوضع الراهن (مثل القول: "هذه هي الطريقة المتبعة دائمًا في تنفيذ المهام الوظيفية، لذا يتعين علينا مواصلة العمل على هذا النحو")، والوقوع في "المبالغة بالحذر": ("هذا هو نمط العمل الذي يمكنني أداؤه بشكل معقول حتى أشعر بالأمان").

تبين الأبحاث أن العنصر البشري يشكل عنصرًا رئيسيًا في 70% من حالات الإخفاق الناجمة عن التغيرات الخارجة عن سياق عملية الانفصال.

كما أن عمليات الانفصال توفر فرصة فريدة للشركات تتيح لها إعادة النظر في التصورات القديمة حول هيكليات وأنظمة الدعم "الملائمة"؛ يمكن أن تشكل صفقات الانفصال فرصة فريدة بالنسبة للموظفين تتيح لهم التحرر من التوقعات القديمة، والاستفادة من الانطلاقة الجديدة، والمساهمة في تحقيق إنجازات جديدة. وتوصلنا إلى أنه من المهم أن تقوم القيادات العليا، ولاسيما على المستوى التنفيذي، بقيادة عمليات تحفيز الموظفين. وتُبيّن أبحاث ماكنزي بأن عدد الموظفين الذين يعتقدون بأن التغيير الناتج عن الانفصال كان ناجحًا يزيد بحوالي أربعة أضعاف عندما يقوم المدراء بمنح الأولوية لقيادة وتطوير فرق عملهم، وأكثر من خمسة أضعاف عندما يقدم القادة نموذجًا يُحتذى به حول التغييرات المنشودة، وثمانية أضعاف عندما يقوم فريق الإدارة العليا بالتواصل بشكل منفتح حول التغييرات. 1

وعلى سبيل المثال، أمضى قادة الشركة وقتًا طويلًا خلال إحدى عمليات الانفصال في بناء سيناريوهات التغيير ومشاركتها مع الفرق التابعة لهم بشكل مباشر، ومع الموظفين على نطاق واسع، من خلال مجموعات النقاش الصغيرة، وجلسات النقاشوعلى سبيل المثال، أمضى قادة الشركة وقتًا طويلًا خلال إحدى عمليات الانفصال في بناء سيناريوهات التغيير ومشاركتها مع الفرق التابعة لهم بشكل مباشر، ومع الموظفين على نطاق واسع، من خلال مجموعات النقاش الصغيرة، وجلسات النقاش الموسعة في القاعات الكبيرة. وكانت هذه الجلسات حافلة بالحماسة، وشهدنا إمكانية تحقيق منافع كبيرة عند قيام القادة بتحويل الأقوال إلى أفعال، وتقديم نموذج يُحتذى به حول التغيير. ويمكن لإجراءات بسيطة أن تشكل إضافةً مهمة. فعلى سبيل المثال، طلب فريق القيادة خلال إحدى عمليات الانفصال للمرة الأولى من قسم الموارد البشرية جمع ملاحظات الموظفين حول فريق القيادة نفسه. كما قام المسؤولون التنفيذيون بنقل مكاتبهم للجلوس مع فرق العمل الخاصة بهم بدلًا من الاجتماع فيما بينهم. وتولى أحد الموظفين دور "مراقب القيمة المضافة" في كل اجتماع رئيسي للفريق، وأتاح المجال لأعضاء الفريق التحدث في أي وقت يشعرون فيه بأن طلب المعلومات أو التحليلات لا يوفر قيمة مضافة.


يُعد الشعور بالارتياب تجاه التغيير أمرًا طبيعيًا، ولكن ينبغي الشعور بالقلق بشكل أكبر تجاه بقاء الأمور على حالها. ويمكن لعمليات الانفصال أن توفر قيمة هائلة. وتزداد احتمالات تحقيق النجاح عندما تتكيف الشركة المنفصلة مع هيكليات التكلفة وثقافة العمل التي تواكب احتياجاتها المحددة، وليس متطلبات شركتها الأم. ويمكن للشركات المنفصلة الجديدة مواصلة تحقيق الإيرادات وزيادتها من خلال هيكليات دعم ملائمة وأصغر حجمًا، ويجني الموظفون الجزء الأكبر من ثمار هذا التوجه. ولا شك أنه من الرائع العمل في شركة تدير عملياتها التشغيلية وفق نموذج العمل الخاص بها، وليس نسخة مصغّرة عن تحالف أكبر. ولا داعٍ لأن يلجأ الإنسان إلى التقليد عندما يكون بمقدوره أن يكون على طبيعته.

Explore a career with us