تشهد منطقة الخليج العربي تقدمًا ملموسًا في توجه المستهلكين نحو استخدام الخدمات الرقمية، مما يتيح الفرصة لمزودي الخدمات المالية بتقديم خدمات مبتكرة وإحداث نقلة نوعية في السوق، فقد أظهرت دراسة جديدة أجرتها شركة ماكنزي حول المستهلكين الحضريين في دول الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية1 أن ما لا يقل عن 80 % من المستهلكين في هذه الدول يفضلون تنفيذ أعمالهم المصرفية من خلال أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، وأنهم يقومون بزيارة الفروع ويتصلون بالخط الساخن لخدمة العملاء فقط لتلبية احتياجات محددة وأكثر تعقيدًا.
وعلى الرغم من وجود بعض العقبات الهيكلية، فمن المرجح أن يزداد تحول سلوك المستهلكين نحو استخدام الخدمات الرقمية، مما يحتم على الشركات العاملة والجديدة في السوق على حد سواء أن تستعد لمواكبة هذا الوضع الجديد. فالشركات العاملة في السوق القادرة على مواكبة تفضيلات المستهلكين المتغيرة، والشركات الجديدة المتوقع منها خدمة هؤلاء العملاء بطرق جديدة وبتكلفة أقل، سوف تحصل على مزايا تنافسية دائمة. أما الجهات التي لا تواكب التطور وتخفق في تقديم تجارب رقمية جذابة للمستهلكين، فستخسر حصتها في السوق وتصبح مهمشةً في غضون ثلاث إلى خمس سنوات.
وهناك ثلاثة اتجاهات قوية تؤكد الحاجة الملحة للبنوك إلى تبني التكنولوجيا الرقمية:
- تبني المستهلكين للخدمات الرقمية بشكل كبير.
- زيادة المسارات متعددة القنوات الخاصة بقرارات المستهلكين
- تقبل العملاء العروض الرقمية البحتة
يواكب المستهلكون في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية الاتجاه الأول، فهم يستخدمون القنوات المصرفية الرقمية بشكل كبير، فقد أفاد 80% إلى 90% من المشاركين في الاستطلاع بأنهم يستخدمون القنوات المصرفية الرقمية بما يتوافق مع المقارنات المرجعية في الدول المتقدمة في آسيا.
أما المستهلكون في الاتجاه الثاني، فيستخدمون قنوات متعددة للبحث عن الخيارات المصرفية بشكل متزايد. وغالبًا ما يبحثون عن المنتجات والعروض عبر الإنترنت، ولكنهم ينهون معاملاتهم المصرفية في الفروع. فقد أفاد حوالي 45% من المشاركين في الاستطلاع بأنهم بحثوا عن الحلول والخدمات المصرفية عبر الإنترنت قبل اتخاذ قرارات الشراء النهائية (وقد غير %30 إلى 35% من هذه الفئة رأيهم حول الخدمات التي أشتروها).
ويتمثل الاتجاه النهائي الكامن وراء إمكانيات النمو في الخدمات المصرفية الرقمية في دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية بازدياد عدد المستهلكين المستعدين للنظر في العروض الإلزامية المتوفرة رقميًا فقط للمنتجات والخدمات المالية. وفي كلتا الدولتين اللتين شملهما الاستطلاع، أفاد حوالي 50% من المشاركين بأنهم من الممكن أن يفتحوا حسابات في بنك رقمي بحت، وقال %30 إلى 50% منهم بأنهم قد يفكرون في ذلك.
ويعتمد عملاء الخدمات المصرفية في دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية حاليًا على الفروع لإجراء المعاملات الروتينية مثل الحوالات والاستفسارات عن الرصيد، ولكنهم اكتشافهم لمدى سهولة وملائمة الخدمة الذاتية والقنوات الرقمية سيؤدي إلى تقليل اعتمادهم على الفروع بنسبة كبيرة. ومع ذلك، سيستمر الدور الهام للفروع في المعاملات الأكثر تعقيدًا مثل القروض وتطبيقات بطاقات الائتمان. وهذا يعني أن العملاء يتجهون لاستخدام قنوات متعددة بشكل متزايد، بدلًا من التحول إلى استخدام الخدمات الرقمية أو خدمات الفروع فقط، مما يوجب على البنوك إعادة هيكلة أهداف الفروع لتقديم خدمات استشارية ذات قيمة أعلى.
وفي الوقت الذي تركز فيه البنوك عادةً على التحول الرقمي للعمليات عالية التكلفة مثل القروض، فقد بينت الدراسة أن العملاء يميلون إلى تقدير ميزات الاستخدام اليومي، مثل برامج الولاء والخصومات من خلال الهاتف الجوال. وقد يرجع ذلك جزئيًا إلى عدم وجود حلول متصلة بالقروض تتسم بالسلاسة وسهولة الاستخدام والتكامل. ومن أجل تشجيع العملاء على زيادة استخدام القنوات الرقمية، ينبغي على البنوك توفير حلول رقمية سلسة وسهلة الاستخدام ومتكاملة. كما يجب دعم هذه التجربة من خلال مساعدة العملاء وتعزيز فهمهم للمزايا الأمنية. وفي جميع الحالات، فإن تحقيق توقعات العملاء في المعاملات اليومية يعني أن على البنوك التركيز أكثر على بناء منظومة للشراكات المصرفية وشبكات الخدمات المالية وغير المصرفية.
يحمل الإقبال الهائل على الخدمات المصرفية الرقمية في الشرق الأوسط عدد كبير من المخاطر والفرص المتاحة لقطاع الخدمات المالية بأكمله. ومن المرجح أن تقوم البنوك الراغبة بالسيطرة على هذا المجال بتطوير تجارب رقمية أكثر تركيزًا مع نماذج خدمة ذات تكلفة أقل بكثير. وستقدم شركات الخدمات المالية خدمات مبتكرة قائمة على التطبيقات لأن التكاليف والقيود الفنية لا تشكل معيقات بالنسبة لها. ولذلك سيتعين على الشركات العاملة في السوق الاستفادة من التكنولوجيا الجديدة لتحسين تجربة العملاء وتبسيط العمليات واستخدام البيانات والتحليلات المتقدمة لزيادة الإيرادات. ومن أجل اغتنام الفرصة الرقمية، فإنه يتعين عليهم أيضًا رفع مستوى المهارات الرقمية إلى الإدارة التنفيذية، واستقطاب وتعزيز المواهب الرقمية من خلال إنشاء مؤسسات تواكب الإبداع والمرونة والسرعة، فضلًا عن بناء قدرات التسويق الرقمي التي تضاهي قدرات كبرى شركات التجارة الإلكترونية. كما ينبغي عليهم التركيز على إنشاء منظومة قوية للشراكات.
لتحميل نسخة من التقرير كاملاً، يرجى الضغط على الرابط أدناه.