تعد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا واحدة من أكثر المناطق استهلاكاً للخدمات الرقمية في العالم؛ ففي مختلف دول المنطقة، تصل نسبة مستخدمي الإنترنت يوميًا إلى 88%، فيما تصل نسبة الأشخاص الممتلكين للهواتف الذكية إلى 94%. ومن ناحية أخرى، يرتفع استهلاك الخدمات الرقمية في بعض دول المنطقة. فعلى سبيل المثال، تحتل المملكة العربية السعودية المركز السابع عالمياً في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي بمعدل 7 حسابات لكل فرد.
واكب آخر المستجدات حول مواضيعك المفضلة
وعلى الرغم مما تشهده المنطقة من إقبال واسع على المحتوى الإلكتروني والخدمات على الإنترنت، لا زالت القطاعات الرقمية الرئيسية في المنطقة في طور النشوء، ولا زالت الإمكانات المتوفرة في قطاع ريادة الأعمال غير مستغلة بشكل كامل. ففي مختلف دول المنطقة، لا تزيد نسبة المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي تتمتع بحضور على الانترنت عن 8%، وهو ما يقل بعشرة أضعاف عن النسبة في الولايات المتحدة. كما تبلغ نسبة المبيعات عبر الانترنت في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 1.5% فقط، أي أقل بخمسة أضعاف من الولايات المتحدة في هذا المجال. وبحسب دراسة أجرتها ماكنزي الرقمية، فإن منطقة الشرق الأوسط لم تحقق سوى 8% فقط من إجمالي إمكاناتها الرقمية، بالمقارنة مع منطقة أوروبا الغربية التي حققت نسبة 15%، والولايات المتحدة التي حققت 18%.
ومع ذلك، فإننا نتوقع أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تشهد في الوقت الحالي بداية مرحلة جديدة في نمو قطاع ريادة الأعمال يكون على شكل منحنى S، لا سيما أنها تشهد في الوقت الحالي ارتفاعًا ملحوظًا في عدد الشركات الناشئة الناجحة، وفي حجم التمويل الاستثماري المتاح لها (انظر الشكل). ومن ناحية أخرى، تأخذ الشركات الناشئة في المنطقة بالتوسع من خلال تعديل خدماتها ونماذج أعمالها ومواءمتها بهدف تلبية الاحتياجات المحلية، بدءاً من الموسيقى الرقمية إلى الخدمات اللوجستية الرقمية. ومن الأمثلة على ذلك استخدام شركة "فيتشر" لنظام تحديد المواقع (GPS) من أجل تعزيز خدمات توصيل الطرود في أي منطقة يتعذر فيها الاستفادة من خدمات شبكة فوري للمدفوعات الإلكترونية، وذلك باستخدام عدد من الشركات المحلية للخدمات المالية بهدف تعزيز شبكة المدفوعات الخاصة به والتغلب على العوائق والعقبات التي تواجه عالم التكنولوجيا المالية.
ازداد عدد المستثمرين في المنطقة بنسبة 30% في الفترة من 2015 إلى 2017، وبالمقابل ارتفعت نسبة التمويل بأكثر من 100% لنفس الفترة المذكورة. وبالتوازي، يتسارع نشوء الصناديق المؤسسية لرأس المال المغامر ضمن المنظومة الصاعدة للاستثمار بالمنطقة. ففي عامي 2015 و2016، شهدت سوق منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا دخول 14 صندوقاً مؤسسياً لرأس المال المغامر. وقد تضاعف نمو عدد الأصول المدارة من قبل الصناديق المؤسسية لرأس المال المغامر بأكثر من 2.4 مرة من عام 2012 إلى 2016، ليبلغ معدل النمو 20% من إجمالي الأصول المستثمرة لرأس المال المغامر في المنطقة.
كما تلعب المؤسسات العامة دورًا متناميًا في منظومة الشركات الناشئة، وذلك من خلال منتجات مثل صناديق رأس المال المغامر وحاضنات الأعمال ومسرعات الأعمال. وتشمل الأمثلة الحديثة على ذلك إنشاء "فينتك فاكتوري" في مصر، و"فينتك هايف" في الإمارات العربية المتحدة، والصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة في الكويت.
هل تود معرفة المزيد عن مكتبنا في الشرق الأوسط؟
وبشكل عام، بدأت المنظومة الداعمة لنمو الشركات الناشئة في المنطقة تؤتي ثمارها، غير أنه لا زالت هناك بعض التحديات التي تعيق المستثمرين من تحديد الفرص المحتملة في نماذج الأعمال الجديدة، وفي توسيع تطوير شركات ناشئة معينة. ومن جانبنا، نُوصي المستثمرين في الشركات الناشئة بتبني أفضل الممارسات الست التالية للاستفادة من الفرص الكامنة في قطاع ريادة الأعمال في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا:
- تطوير فرضيات استثمارية قوية تعزز السياق المحلي.
- فهم الآثار المترتبة على الشبكة وتوجيهها بشكل فعال.
- الاستثمار على نطاق واسع.
- إدارة الأداء بمنهجية تتسم بالصبر والمثابرة وبعقلية نمو ممنهجة.
- الحفاظ على استقلالية الاستثمار في أطر الحوكمة من أجل استقطاب الكفاءات المناسبة.
- متابعة مؤشرات الأداء الرئيسية بما يتفق مع نموذج توليد القيمة.
أثبت رواد الأعمال بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قدرتهم على الابتكار وتلبية حجم الطلب المتغير. ومن شأن التبني السليم لأفضل الممارسات في استثمارات رأس المال المغامر أن يحقق قيمة كبيرة للمستثمرين والأعمال الجديدة الواعدة، وكذلك لمنظومة ريادة الأعمال في المنطقة.