كنتُ مع زوجتي في جبال لبنان عندما وقع الانفجار، أي على بُعد 40 كيلومتراً من بيروت. هرعنا إلى حيّ مار مخايل المجاور لمرفأ بيروت لحظة سماعنا ما حدث. إحدى أفراد أسرتي تعرّضت للإصابة جراء الانفجار، وكانت لا تزال مغطّاةً بالزجاج عندما وصلنا إليها. تسبّبَ لها الانفجار بجروحٍ وكدمات، ولحسن الحظ، اقتصرت إصابتها على تلك الجروح. وسلِم بقية أفراد أسرتي وأصدقائي وأكثر من 60 زميلاً من زملائي في شركة ماكنزي ممّن كانوا في لبنان في ذلك اليوم من الانفجار وجميعهم بخير، لكن يوجد الكثيرون ممّن لم يحالفهم الحظ.
لقد أودى انفجار الرابع من آب المدمّر بحياة المئات وخلّف الآلاف من الجرحى، محدثاً حفرةً في الأرض وألماً عميقاً في قلوبنا. وقد أثّرت تلك الحادثة فينا جميعاً وفي كلّ فرد في البلاد وفي المجتمع اللبناني حول العالم، وكلّ من كان في بيروت آنذاك تأثّر في الصميم، بغض النظر عن مكان وجوده. وقد قالت إحدى الزميلات التي تحدثت إليها وتدعى سابين النجار: ”كأن الانفجار وقع في منازلنا وأفنيتها“.
وفي الوقت الذي حشدت فيه الشركة الدعم اللازم لمساندة جهود الإغاثة التي كان الصليب الأحمر اللبناني يقدمها، تواصل العشرات منّا في مكان الحدث في بيروت بسرعة للتوصل إلى قرار بشأن ماهية المساعدة التي يمكننا تقديمها على الفور. وبدأنا على المستوى الفردي في مجتمعاتنا، حيث عملنا مع جيراننا على تنظيف الشوارع أو مساعدة الناجين في البحث بين ركام منازلهم المحطمة. وقام البعض ممّن يستطيعون تقديم الإغاثة الطبّية بدعم تلك الجهود. وطوال تلك الفترة، واصل زملاؤنا الاجتماع معاً بشكل مستمر للتوصل إلى قرار بشأن ماهية المساعدة الجماعية التي يمكننا تقديمها. وقرّرنا تقديم الطعام إلى أولئك الذين دُمّرت مطابخهم ولم يتمكنوا من الحصول على الإمدادات الغذائية.
عمل جميع أعضاء الشركة تقريباً في المدينة على توحيد جهودهم، بدءاً من الشركاء الرئيسيين إلى الزملاء المنضمين إلى الشركة حديثاً. وتعهدنا كمجوعة بتسليم 5,000 صندوق طعام إلى 5,000 أسرة محتاجة، كما عرض أحد الأصدقاء منزله الشاغر في بيروت الذي سَلِم من الضرر ليكون بمثابة مخزن للإمدادات الغذائية ومركزاً لعملياتنا. في حين استخدم زميلٌ آخر شاحنات شركة والده لنقل المعونات.
وتقول ريما عاصي, إحدى الشركاء الرئيسيين البارزين التي ترعرت في لبنان والتي جلبت معها ابنها الصغير وابنتها لدعم جهود الإغاثة: ”كانت رؤية زملائنا يحتشدون بسرعة كبيرة لمساعدة سكّان بيروت أمراً ملهماً بالفعل“. وتأثرتُ للغاية عندما رأيت رغبة ابني في التأكّد من وصول المعونات التي نعدّها للمتضررين. وكانت لحظات تسليم المعونات عصيبة للغاية، إذ كان من المؤلم رؤية العائلات تهيم في حالة من اليأس، إلا أن رؤية عدد المتطوّعين الذين هبّوا للمساعدة أعطاني نفحة من الأمل وجعلني أشعر بالفخر.
وقمنا حتى اليوم بجمع 1,500 صندوق طعام وتسليمه، ونحن مصمّمون على الاستمرار إلى حين الوصول إلى هدفنا. ونحن نقدّر بشدّة الدعم الذي قدمه زملاؤنا وأصدقاؤهم وأسرهم والدعم الذي قدمه الغرباء أيضاً. وكجزء من المجتمع اللبناني الذي يعيش مأساةً حقيقة، سُعدنا بالجهود التي قدّمتها شركتنا وزملاؤنا في جميع أنحاء العالم لدعم عمل الصليب الأحمر اللبناني البالغ الأهمية من خلال تقديم التبرعات والمساهمات الفردية.
وندرك أنّ تقديم معونات الإغاثة تلك وتبرعاتنا ليست سوى جزء صغير مما هو مطلوب لدعم أزمة إنسانية بهذا الحجم، ومن الضروري استمرار الدعم على المدى البعيد لمساعدة بيروت الحبيبة على النهوض من جديد، ونحن ملتزمون ببذل كلّ ما في وسعنا إلى حين بلوغ تلك الغاية.