استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لتعزيز إدارة المخاطر والالتزام في القطاع المصرفي

| مقالة

ملاحظة: إننا نبذل قصارى جهدنا للحفاظ على جميع التفاصيل الدقيقة عند ترجمة المقالة الإنجليزية الأصلية، ونعتذر عن أي جزئية مفقودة في الترجمة قد تلاحظونها من حين لآخر. نرحب بتعليقاتكم على البريد الإلكتروني التالي reader_input@mckinsey.com

يستعد الذكاء الاصطناعي التوليدي لإحداث طفرة كبيرة قادمة في الإنتاجية على صعيد مجموعة واسعة من الصناعات، ولا سيما في الخدمات المالية. وهذا التقدم التكنولوجي يعيد صياغة العمليات المصرفية بطرق عدة، بدءاً من تطوير نماذج تحليلية متطورة تساهم في صنع قرارات أكثر استنارة، مروراً بأتمتة المهام اليدوية التي تستهلك الوقت والجهد، وصولاً إلى تحويل البيانات غير المنظمة إلى معلومات قيمة تساعد في رسم استراتيجيات أكثر فاعلية. ومن خلال هذه التطبيقات، لا يتم فقط تعزيز كفاءة العمليات، ولكن يتم أيضاً تحسين إدارة المخاطر والالتزام بالتشريعات والقوانين المعمول بها كذلك. .

المزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية

شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية

تصفح المجموعة

ومن الضروري وضع إطارًا تنظيميًا وحدودًا لاستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في وظائف المخاطر والامتثال داخل المؤسسة. ومع ذلك، يمكن للذكاء الصناعي التوليدي أن يساهم أيضًا في تحسين كفاءة وفعالية هذه الوظائف نفسها. وفي هذا المقال، نستعرض كيف يمكن للبنوك تطوير استراتيجية مرنة وقوية لتطبيق الذكاء الاصطناعي التوليدي في إدارة المخاطر والامتثال، مع التطرق إلى بعض الموضوعات الحاسمة التي يجب على قادة هذه الوظائف أخذها في الاعتبار.

استغلال إمكانات الذكاء الاصطناعي التوليدي

يَعِد الذكاء الاصطناعي التوليدي بإحداث ثورة في إدارة المخاطر بالقطاع المصرفي في السنوات الثلاث إلى الخمس القادمة. وتمكّن هذه التقنية القطاع من التحول من الأعمال الروتينية إلى التعاون المباشر مع الأقسام التجارية لتطبيق إجراءات الوقاية من المخاطر بشكل مبكر وفعّال، وتقديم الضوابط والوقاية في المراحل الأولية لتفاعلات العملاء وهو ما يُعرف بنهج اختبار التحول إلى اليسار "Shift Left". كما يمكّن هذا التحول متخصصي المخاطر من التركيز بشكل أكبر على تقديم المشورة الاستراتيجية للأعمال، سواء في تطوير منتجات جديدة أو في اتخاذ القرارات الكبرى. كما يساهم في استكشاف وتحليل اتجاهات المخاطر الناشئة، وتعزيز قدرة البنك على التأقلم مع المخاطر، والعمل بشكل استباقي لتحسين العمليات والضوابط المرتبطة بالمخاطر.

وقد تفتح التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي، ولاسيما الذكاء الاصطناعي التوليدي، الباب أمام إنشاء مراكز متخصصة في ذكاء المخاطر تعتمد بشكل كبير على هذه التقنيات، لخدمة كافة مستويات الحماية في المؤسسة، لتشمل الأقسام التجارية والعملياتية، كما أنها تخدم وظائف الامتثال وإدارة المخاطر، بالإضافة إلى القطاعات المعنية بالتدقيق. سيقدم هذا المركز المتقدم ميزات عدة كإعداد التقارير الآلية، وتعزيز شفافية المخاطر، وتحسين كفاءة عملية صنع القرار المتعلقة بالمخاطر، وكذلك الأتمتة الجزئية لإعداد وتحديث السياسات والإجراءات بما يتماشى مع المتطلبات التنظيمية المتغيرة. وبالتالي، سيكون هذا المركز مصدراً موثوقاً وكفؤاً للمعلومات يساعد مدراء المخاطر على اتخاذ قرارات سريعة ودقيقة بناءً على بيانات مدروسة.

على سبيل المثال، قامت مؤسسة ماكنزي بتطوير خبير افتراضي يعمل بالذكاء الاصطناعي التوليدي، لديه القدرة على توفير إجابات مصممة خصيصًا بناءً على المعلومات الحصرية والموارد التي تمتلكها الشركة. ويفتح ذلك الأمر المجال أمام البنوك لتطوير أدوات مماثلة تقوم بتحليل المعاملات المالية مع بنوك أخرى، ورصد الإشارات التحذيرية، ومتابعة أخبار السوق، وتقييم تغيرات أسعار الأصول، والمزيد، مما يساعد على صياغة قرارات أكثر دقة فيما يتعلق بالمخاطر. كما تعمل هذه الأدوات الافتراضية على جمع البيانات وتحليل تقييمات مخاطر المناخ، موفرةً بذلك إجابات مفصلة لاستفسارات الأطراف المعنية، وتعزيز قدرة البنوك على التنبؤ وإدارة المخاطر بشكل فعّال.

في الختام، يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي تعزيز التنسيق الفعّال بين مستويات الحماية الأساسية والمتوسطة داخل المؤسسة، مع ضمان الحفاظ على بنية الحوكمة الشاملة لكل منها، بحيث يؤدي هذا التحسن في التنسيق إلى تطوير آليات مراقبة وتحكم أكثر فعالية، بما يساهم بشكل مباشر في تقوية وتعزيز نظام إدارة المخاطر في المؤسسة، ضمانًا لتحقيق استقرارها ونجاحها المستدام.

تطبيقات جديدة للذكاء الاصطناعي التوليدي في إدارة المخاطر والامتثال

من بين التطبيقات المتعددة والواعدة للذكاء الاصطناعي التوليدي في المؤسسات المالية، هناك مجموعة من التطبيقات التي تقوم البنوك بدراستها لتكون في طليعة موجة الاستخدام الأولى، وهي: الامتثال التنظيمي، وجرائم القطاع المالي، ومخاطر الائتمان، والتمويل وتحليلات البيانات، ومخاطر الأمن السيبراني، ومخاطر المناخ. وفي الواقع ، نلاحظ بشكل عام أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي تتسع عبر وظائف المخاطر والامتثال من خلال ثلاثة نماذج استخدام رئيسية.

يقدم الذكاء الاصطناعي التوليدي حلولًا متقدمة في مجالات المخاطر والامتثال من خلال ثلاثة نماذج رئيسية: أولًا، الخبير الافتراضي، حيث يمكن للمستخدمين طرح أسئلة وتلقي إجابات مختصرة مستندة إلى مستندات طويلة وبيانات غير مرتبة. ثانيًا، أتمتة العمليات اليدوية التي تعمل على توفير الوقت من خلال قدرتها على القيام بمهام معقدة ومستهلكة للزمن. ثالثًا، تسريع البرمجة، حيث يستطيع الذكاء الاصطناعي تحديث الأكواد البرمجية القديمة وترجمتها، أو حتى كتابة أكواد جديدة بالكامل. وتسهم هذه النماذج بشكل فعّال في دعم وتحسين وظائف المخاطر والامتثال، مما يجعلها أساسية لتعزيز استراتيجيات إدارة المخاطر والامتثال داخل المؤسسات.

  • في مجال الامتثال التنظيمي، تستخدم الشركات الذكاء الاصطناعي التوليدي كخبير افتراضي في اللوائح والسياسات. ويتم تدريب تلك التقنيات للإجابة على الأسئلة المتعلقة بالقوانين، وسياسات الشركة، والمبادئ التوجيهية. كما أن هذه التقنية لديها القدرة على المقارنة بين السياسات، واللوائح، والإجراءات التشغيلية لتأكيد التطابق بينهما. وعلى اعتباره مُسرع للبرمجة، فهو يستطيع فحص الكود لتحديد مواطن عدم الامتثال أو النقص. بالإضافة إلى ذلك، يُمكنه أتمتة عملية فحص الامتثال التنظيمي وإرسال إشعارات تحذيرية بشأن أية مخالفات محتملة، مما يعزز من كفاءة إدارة الامتثال داخل الشركة.
  • أما فيما يتعلق بمواجهة الجرائم المالية، يقدم الذكاء الاصطناعي التوليدي حلولاً متطورة بفعالية عالية إذ يتمكن من عمل تقارير تفصيلية حول الأنشطة المشبوهة بناءً على تحليل دقيق لبيانات العملاء والمعاملات. إضافة إلى ذلك، يسهّل تقنين وتحديث تقييم مخاطر العملاء آليًا عبر مراقبة التغيرات في المعلومات الخاصة بالتعرف على العميل. ويعزز هذا النهج من دقة وفعالية رصد المعاملات، من خلال توليد وتحسين الأكواد اللازمة لكشف الأنشطة المشبوهة وتحليل المعاملات بكفاءة، مما يرفع من مستوى الأمان المالي ويقلل من مخاطر الجرائم المالية.
  • وفي مجال مخاطر الائتمان، يَعِد الذكاء الاصطناعي التوليدي بإحداث طفرة في طرق تعامل البنوك مع مخاطر الائتمان، وذلك من خلال تجميع وتحليل معلومات العملاء، بما في ذلك المعاملات مع البنوك الأخرى. مع العلم، يسرّع هذا النوع من الذكاء الاصطناعي العملية الائتمانية من الألف إلى الياء، ويمتد تأثيره من مرحلة اتخاذ قرار الائتمان، حيث يقوم بصياغة مذكرات الائتمان والعقود بدقة وسرعة. بينما تستخدم البنوك والمؤسسات المالية هذه التكنولوجيا لتوليد تقارير مفصلة عن مخاطر الائتمان ولفهم أعمق للعملاء من خلال تحليل مذكرات الائتمان. وبفضل قدرته على كتابة الأكواد البرمجية لجمع وتحليل بيانات الائتمان، كما يقدم الذكاء الاصطناعي التوليدي رؤى قيمة حول ملفات مخاطر العملاء، ويقوم بتقدير احتمالية التخلف عن السداد والخسائر بطريقة دقيقة ومبتكرة، مما يعزز من كفاءة إدارة مخاطر الائتمان في البنوك.
  • وفي مجال النَّمذجة وتحليل البيانات، يلعب الذكاء الاصطناعي التوليدي دوراً حاسماً في تحديث وتسريع عمليات النَّمذجة وتحليل البيانات حيث تمكن هذه التقنية الشركات من تجاوز حواجز التحول التكنولوجي بكفاءة، خاصة فيما يتعلق بالانتقال من لغات البرمجة التقليدية مثل (SAS و COBOL) إلى لغات أكثر حداثة وفعالية مثل ( Python). علاوة على ذلك، يسهل الذكاء الاصطناعي التوليدي عملية مراقبة أداء النماذج بشكل آلي، مع القدرة على إرسال إشارات تنبيه فورية عند اكتشاف أي تباينات تخرج عن المعايير المقبولة. وتستثمر الشركات أيضًا في هذا الذكاء لتطوير عمليات توثيق النماذج التجريبية وتقارير التحقق بدقة وفعالية، مما يعزز من دقة عمليات التحليل البياناتي والنّمذجة.
  • في مجال مخاطر الأمن السيبراني، يتيح الذكاء الاصطناعي التوليدي طرقًا مبتكرة لتحصين الأمن السيبراني حيث يقوم هذا الذكاء بتحليل ثغراته، ويستخدم اللغة الطبيعية لإنشاء أكواد تحدد قواعد الكشف، مما يُسهم في تسريع عملية تطوير برمجيات آمنة. كما يبرز دوره في (تجارب المحاكاة الهجومية، حيث يُقلد استراتيجيات التهديد ويختبر سيناريوهات الهجوم لاختبار متانة الأنظمة الأمنية). إضافةً إلى ذلك، يفيد هذا الذكاء كخبير افتراضي في تحليل بيانات الأمان، محسّنًا الكشف عن المخاطر بفضل قدرته على تجميع وتسريع استخلاص الرؤى من الحوادث الأمنية والسلوكيات غير العادية.
  • في مجال تقييم مخاطر المناخ، يعمل الذكاء الاصطناعي التوليدي كمحفز للابتكار، مقدمًا حلولًا تكنولوجية متقدمة. ويساهم بشكل فعال في تسريع وتطوير عملية البرمجة من خلال اقتراح أجزاء من الكود وتسهيل اختبارات الوحدة، بالإضافة إلى تعزيز قدرات تصور المخاطر الفيزيائية عبر استخدام خرائط عالية الدقة. كما يُبسط هذا الذكاء عملية جمع البيانات الضرورية لتقييم مخاطر التحول المتعلقة بالأطراف الأخرى ويطلق تنبيهات مبكرة استجابةً لأحداث معينة. وباعتباره خبير افتراضي، يقوم كذلك بشكل تلقائي بإنشاء تقارير عن القضايا البيئية والاجتماعية والحوكمة (ESG) وجوانب الاستدامة ضمن التقارير السنوية، مما يسرع ويحسن ويدعم المؤسسات المالية في عمليات تقييم مخاطر المناخ بدقة وعمق.

بعد تطبيق الذكاء الاصطناعي التوليدي في مهام محددة داخل الشركات، شهدت الأخيرة ظهور تطبيقات جديدة في مجالات إدارة المخاطر لم تُستكشف بعد. ويَعِد الذكاء الاصطناعي التوليدي بتطوير عملية إدارة مخاطر الشركات عن طريق عمل ملخصات شاملة حول إدارة مخاطر الشركة من البيانات والتقارير القائمة، مما يوفر نظرة عامة واضحة ومكثفة. إضافة إلى ذلك، فهو يعزز من كفاءة عملية تقييم كفاية رأس المال من خلال الاستفادة الذكية من البيانات المتاحة. كما تستفيد البنوك، بدورها، من هذه التكنولوجيا لرسم خرائط دقيقة لمراكز المخاطر، وإعداد تقارير مفصلة وموجزات تنفيذية للإدارة العُليا، مما يمكّنها من اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن المخاطر بكفاءة عالية.

ومن ناحية أخرى، يمثل الذكاء الاصطناعي التوليدي أداة قوية في مجال مخاطر التشغيل، إذ يمكن للبنوك الاستفادة منه لتحسين كفاءتها التشغيلية. ومن خلال استخدام هذه التقنية، يُمكن أتمتة عمليات الرقابة التشغيلية، وتعزيز قدرات المراقبة، وتحسين كشف الحوادث بكفاءة عالية. علاوة على ذلك، يسهّل الذكاء الاصطناعي التوليدي إعداد تقييمات ذاتية للمخاطر والضوابط بصورة آلية، ويقوم بتصنيف التقييمات الحالية لضمان جودتها وفعاليتها.

الاعتبارات الرئيسية عند تطبيق الذكاء الاصطناعي التوليدي

على الرغم من وجود الكثير من التطبيقات الجذابة للذكاء الاصطناعي التوليدي التي تعد بتعزيز الإنتاجية، إلا أن تحديد أولويات هذه التطبيقات يُعد خطوة ضرورية لضمان استخلاص القيمة الحقيقية من هذه التكنولوجيا بشكل مسؤول ومستدام. وهناك ثلاثة أبعاد رئيسية ينبغي على قادة إدارة المخاطر أخذها في الاعتبار لترتيب أولويات هذه التطبيقات بشكل يضمن تحقيق أقصى تأثير إيجابي من تلك التطبيقات. (الشكل).

How generative AI can help banks manage risk and compliance

يستطيع المسؤولون الرئيسيون عن المخاطر في البنوك تأسيس قراراتهم على تحليلات وتقييمات تجمع بين البعدين النوعي والكمي، سواء تعلق الأمر بالتأثيرات، أو المخاطر، أو إمكانية التطبيق. وتشمل هذه العملية التأكد من أن استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي يتماشى مع أهداف البنك الاستراتيجية ويتبع الضوابط اللازمة لتحقيقها بأمان، إلى جانب فهم القوانين ذات الصلة (مثل قانون الاتحاد الأوروبي لتنظيم الذكاء الاصطناعي)، وتقييم مدى حساسية البيانات المستخدمة. ومن الأهمية بمكان أن يكون القادة على وعي بالمخاطر المستجدة المرتبطة بتقنيات الذكاء الاصطناعي الجديدة، التي يمكن تقسيمها إلى ثماني فئات رئيسية لضمان التعامل معها بكفاءة وفعالية. وهي كالتالي:

  • التأثير على قضية العدالة بسبب التحيز، وهي مشكلة قد تنشأ عند استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي، حيث يمكن لنتائج هذه النماذج أن تكون متحيزة ضد مجموعة محددة من المستخدمين مما يؤدي إلى عدم الإنصاف أو التحيز في النتائج المقدمة.
  • مخالفات الملكية الفكرية، مثل انتهاكات حقوق الطبع والنشر وحالات الانتحال، وهي تُعد من التحديات الرئيسية التي تواجهها نماذج الأساس التي تعتمد بشكل كبير على بيانات الإنترنت.
  • المخاوف المتعلقة بالخصوصية، مثل تلك التي تنشأ عندما يتم الكشف عن معلومات شخصية أو حساسة دون موافقة أصحابها.
  • الاستخدامات الضارة، مثل نشر المعلومات المضللة واستغلال تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي من قبل المحتالين وإساءة استخدام هذه الأنظمة المتقدمة لتزييف المحتوى، وخلق هويات مزورة، وتنفيذ عمليات احتيالية، أو خداع المستهلكين.
  • التهديدات الأمنية، وتحديداً عندما يكون من الممكن التسلل إلى أو استغلال الثغرات الأمنية في أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدي.
  • المخاطر المرتبطة بالأداء والقدرة على تقديم تفسيرات واضحة. تتمثل هذه المخاطر في احتمالية أن تعطي هذه النماذج إجابات غير دقيقة أو أن تستند إلى معلومات لم تعد حديثة أو موثوقة فتصبح النتائج مضللة.
  • المخاطر التي تنشأ عن عدم امتثال المؤسسات للمعايير أو التشريعات الخاصة بالبيئة، والمسؤولية الاجتماعية، والحوكمة، وهذا النوع من الإغفال يمكن أن يخلق مشكلات كبيرة للمجتمع أو يضر بسمعة هذه المؤسسات.
  • مخاطر استخدام أدوات جهات خارجية، مثل تسرب المعلومات الحصرية أو السرية إلى العامة؛ فقد يؤدي استخدام هذه الأدوات من قبل الشركات أن يكون له عواقب غير مقصودة.

استراتيجيات فعّالة لتخطيط مسيرة الذكاء الاصطناعي التوليدي

لضمان استفادة المؤسسات بشكل كامل من قوة الذكاء الاصطناعي التوليدي، من الضروري تبني استراتيجية منظمة ومتقنة تبدأ من القمة. بمعنى آخر، يجب على الإدارات العُليا أن تقود هذا التحول برؤية واضحة ومحددة. واقعياً، ونظراً لنقص المواهب والخبرات المتخصصة في هذا المجال، من المستحسن البدء بمجموعة صغيرة من المشاريع التي تتراوح بين ثلاثة وخمسة، بحيث تكون الأولوية لتلك المشاريع الخاصة بإدارة المخاطر والامتثال، ويجب أن تكون هذه المشاريع قابلة للتنفيذ في فترة زمنية قصيرة تتراوح بين ثلاثة وستة أشهر، مما يتيح تقييم سريع لتأثيرها التجاري. وعقب نجاح هذه المرحلة الأولية، يأتي التحدي التالي وهو التوسع الذي يتطلب تطوير منظومة متكاملة للذكاء الاصطناعي التوليدي تُغطي سبعة نطاقات:

  • مجموعة شاملة من الخدمات والحلول الجاهزة للإنتاج والقابلة لإعادة الاستخدام في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي (حالات الاستخدام)، والمصممة لتتناسب بسهولة مع مختلف السيناريوهات والتطبيقات الخاصة بقطاع الأعمال المصرفي. والتي يمكن دمجها بسلاسة في سلسلة قيمة البنوك لتعزيز الكفاءة والفعالية.
  • مجموعة تقنية مجهزة وآمنة تعمل بالذكاء الاصطناعي التوليدي، ومصممة لتعمل بفعالية ضمن بيئات الحوسبة السحابية المختلطة. والهدف منها هو توفير الدعم الكامل للبيانات غير المنظمة، مع توفير إمكانيات متقدمة لتحويل البيانات إلى صورة منهجية، وتدريب النماذج باستخدام التعلم الآلي، وتنفيذ هذه النماذج بكفاءة. كما تشمل المجموعة أدوات للمعالجة والتحسين قبل إطلاق المشاريع وبعدها.
  • الربط بين أدوات ونماذج الذكاء الاصطناعي الأساسية المتقدمة مع الأنظمة المؤسسية، لتحقيق أفضل استفادة منها. ويشمل هذا القدرة على اختيار النماذج التي تناسب الغرض المطلوب بدقة، وتنظيم كيفية تفاعل هذه النماذج مع بعضها البعض، سواء كانت نماذج متاحة للجميع أو حصرية.
  • استخدام الأتمتة لتحسين الأدوات الأساسية التي تدعم تطوير حلول الذكاء الاصطناعي التوليدي. ويشمل هذا (عمليات تعلم الآلة)، وإدارة البيانات، وتنفيذ المهام عبر الأنظمة الأساسية للمعالجة. فمن خلال أتمتة هذه العمليات، يمكن للمؤسسات تقليل الوقت اللازم لتطوير وإطلاق الحلول الجديدة وضمان سهولة صيانتها.
  • إنشاء نماذج للحوكمة والكوادر البشرية داخل المؤسسات، بحيث تكون هذه الكوادر مجهزة ومستعدة لنشر خبرات متعددة التخصصات والعمل بشكل مشترك. يتم تمكين الخبراء للتعاون وتبادل المعرفة في مجالات (مثل اللغة، ومعالجة اللغات الطبيعية، وتعلم الآلة) من خلال التغذية الراجعة البشرية، ومهندسي الأوامر البرمجية، وخبراء الحوسبة السحابية، وقادة منتجات الذكاء الاصطناعي، والخبراء القانونيين والتنظيميين.
  • توافق العمليات لإنشاء نظام متكامل لتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي بهدف تسهيل مراحل التصميم، والتجربة، والتحقق من بدايتها حتى نهايتها، وأخيرًا نشر الحلول التقنية بكفاءة وأمان.
  • وضع خطة مفصلة توضح الجدول الزمني لإطلاق وتطوير مختلف الإمكانيات والحلول، بما يتماشى مع استراتيجية الأعمال الشاملة للمؤسسة.

في زمن يشهد فيه قطاع الأعمال بأكمله تجارب متعددة مع الذكاء الاصطناعي التوليدي، تواجه الشركات والمؤسسات التي لا تستفيد من إمكانات هذه التقنية خطر التخلف عن الركب في مسائل مثل الكفاءة الإنتاجية، والإبداع، والتفاعل مع العملاء. ومن المهم أن تدرك البنوك أن الانتقال من مرحلة التجارب الأولية إلى التطبيق العملي يتطلب وقتًا أطول بكثير في حالة الذكاء الاصطناعي التوليدي مقارنةً بالنماذج التقليدية للذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة. لذلك عند اختيار المشاريع لتطبيق هذه التكنولوجيا، قد يميل القائمون على إدارة المخاطر والامتثال إلى تبني استراتيجيات محدودة النطاق. ومع ذلك، من الأفضل لهم أن يسعوا لتنسيق خططهم مع الاستراتيجية العامة للذكاء الاصطناعي التوليدي والأهداف الشاملة للمؤسسة، لضمان تحقيق الفائدة القصوى.

لضمان استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي بشكل فعال ومسؤول من قِبل فرق المخاطر والامتثال، من الضروري أن تدرك هذه الفرق الحاجة إلى تطوير عملية إدارة المخاطر ووضع ضوابط جديدة، وأن تدرك أيضًا أهمية متطلبات البيانات والتكنولوجيا، إلى جانب الحاجة لاستقطاب المواهب الجديدة وتلبية متطلبات نماذج التشغيل.

إدارة المخاطر وضوابطها

مع تقدم الذكاء الاصطناعي التوليدي، يصبح من الضروري تبني مستوى جديد من إدارة المخاطر والضوابط. ولتحقيق النجاح بطريقة مسؤولة، يجب على المؤسسات تطوير استراتيجيات دفاعية وهجومية معاً، حيث تواجه جميع المؤسسات مخاطر متأتية من استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي، إلى جانب المخاطر المرتبطة بتطوير تطبيقاته ودمجه في أدوات العمل اليومية. لذا، يصبح من الضروري للبنوك وغيرها من المؤسسات تحسين قدراتها على التخفيف من هذه المخاطر بما يتناسب مع هذه التطورات.

بينما تركز الجهود بشدة - في المراحل الأولى- على دور الإنسان في مراجعة عمليات الذكاء الاصطناعي لضمان دقة استجابات النماذج. كما يعتبر استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لمراقبة نفسه، مثلًا من خلال الاستشهاد بالمصادر وتقييم المخاطر، وسيلة لرفع كفاءة المراجعات البشرية. ولكن بعض الشركات تتخطى هذه المرحلة بنقل ضوابط الذكاء الاصطناعي إلى التنفيذ الفوري وإلغاء الحاجة إلى مراجعة بشرية، مما يسمح بتقديم الذكاء الاصطناعي التوليدي مباشرةً للعملاء. ولتنفيذ هذا التحول، يمكن لمتخصصي المخاطر والامتثال التعاون مع فرق التطوير لوضع الضوابط وإنشاء آليات الرقابة منذ البداية.

ومن أجل ضمان التحكم الفعال في مخاطر الذكاء الاصطناعي التوليدي على مستوى المؤسسة، يجب على الأقسام المسؤولة عن إدارة المخاطر البقاء في حالة تأهب واتباع الخطوات المحددة التالية:

  1. التأكد من أن جميع الأفراد في المؤسسة يدركون المخاطر المرتبطة بالذكاء الاصطناعي التوليدي، من خلال نشر قائمة بالإجراءات الموصى بها وتلك التي يجب تجنبها، وكذلك إعداد إرشادات واضحة للحد من هذه المخاطر.
  2. تجديد وتحديث معايير تعريف النماذج وسياسات تقييم مخاطرها (بحيث تتماشى مع القوانين الحالية، مثل قانون الاتحاد الأوروبي لتنظيم الذكاء الاصطناعي). ويُعد هذا الإجراء ضروري لضمان القدرة على تحديد نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي بدقة وتصنيفها بشكل صحيح. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يكون هناك نظام شامل ومناسب لتقييم المخاطر المرتبطة بهذه النماذج والتحكم فيها بفعالية.
  3. تشكيل فريقًا من المتخصصين في إدارة مخاطر الذكاء الاصطناعي التوليدي، من القادرين على التعاون بشكل وثيق مع فرق التطوير المسؤولة عن ابتكار منتجات جديدة وتصميم تجارب عملاء متطورة.
  4. إعادة النظر في الإجراءات المتبعة للتحقق من هوية العملاء، ومكافحة غسيل الأموال، ومنع الاحتيال، وتعزيز الأمن السيبراني، للتأكد من استمرار فاعليتها للعمل في بيئة متطورة تعتمد على الذكاء الاصطناعي التوليدي.

المتطلبات البيانية والتكنولوجية

يجب ألا تستهين البنوك بالمتطلبات البيانية والتكنولوجية اللازمة لتشغيل نظام الذكاء الاصطناعي التوليدي، والذي يتطلب كميات كبيرة جدًا من البيانات والموارد التقنية. ويكمن السبب الرئيسي في أهمية عملية تضمين السياق للتأكد من أن النتائج المحصلة دقيقة وذات صلة. تتطلب هذه العملية بيانات دقيقة ومناسبة، بالإضافة إلى حل مشكلات جودة البيانات الموجودة. ومع ذلك، قد لا تكون البيانات المتوفرة كافية للغرض المطلوب، مما يدفع المؤسسات إلى إنشاء مجموعة بيانات مصنفة أو الاستثمار فيها، ويُعد هذا ضروريًا لتقييم أداء تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي بدقة، استنادًا إلى نوع الوظيفة وطريقة الاستخدام.

سيكون توافر البيانات عامل تفوق رئيسي للاستفادة من قيمة الذكاء الاصطناعي التوليدي، حيث تحتاج أي مؤسسة تسعى لأتمتة التفاعل مع العملاء باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى بيانات محدثة ودقيقة. لذلك ستكون المؤسسات التي تمتلك منصات بيانات متقدمة هي الأكثر قدرة على استغلال إمكانيات الذكاء الاصطناعي التوليدي بفعالية.

الحاجة إلى المواهب ونماذج التشغيل

لتحقيق النجاح في استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي، تحتاج المؤسسات إلى تطوير فهم عميق للمهارات المطلوبة والمواهب وإجراء تغييرات في كيفية عملها، حيث يمكن للبنوك إجراء تغييرات على نماذج التشغيل ودمجها في ثقافة الشركة والإجراءات اليومية بشكل فعال. من المهم أن تدرب المؤسسات المصرفية الموظفين ليس فقط على كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي، ولكن أيضًا على فهم ما يمكنه فعله وما لا يمكنه فعله. إن تكوين فريق من الخبراء المتخصصين في الذكاء الاصطناعي التوليدي سيساعد في قيادة عملية توسيع استخدام هذه التقنية وتبنيها بشكل مدروس ومتقن.


نتوقع أن يحدث الذكاء الاصطناعي التوليدي تحولاً كبيراً في كيفية عمل البنوك، خاصةً في مجالات المخاطر والامتثال، ويدل هذا على أنه هناك حاجة إلى إجراء تغيير جذري في الثقافة العملية مستقبلًا، مما يستلزم من كل متخصص في مجال المخاطر أن يكون على دراية كاملة بالتكنولوجيا الجديدة وفهم قدراتها، والتعرف على حدودها، ومعرفة كيفية تجاوز هذه الحدود. سيشكل استعمال الذكاء الاصطناعي التوليدي نقلة نوعية للمؤسسات كافة، ولكن تلك المؤسسات التي تستطيع تحقيق التوازن بين استخدام هذه التكنولوجيا بشكل محكم، مع إدارة المخاطر المصاحبة لها، ستتمكن من تحقيق تحسينات ملحوظة في الإنتاجية.

Explore a career with us