وبالرغم من أن تقنيات وأدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي لا تزال في مهدها، إلا أن هذه التكنولوجيا قد نجحت بالفعل في ترك بصمةٍ واضحة لا يمكن إنكارها في مجال تصميم وابتكار المنتجات المادية، إلى جانب ما تقدمه من تسهيلاتٍ فيما يخص عمليات التعبئة والتغليف.
المزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية
شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية
إن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي تقدم للمصممين فرصًا متعددة لاستكشاف المزيد من الأفكار التجريبية للمنتجات في مختلف المجالات الصناعية بداية من عمليات تغليف المنتجات، مرورًا بمكونات السيارات وانتهاءً بمعارض التجزئة، بما في ذلك الأفكار التي لم يتم تخيلها من قبل. كما أنها تساعد أيضًا في تطوير مفاهيم التصميمات الأولية للمنتجات بشكلٍ أسرع بكثير من الأساليب التقليدية.
بالإضافة لقدرتها على إنتاج تصوراتٍ عالية الدقة في المراحل المبكرة من عملية التصميم، مما يُمكّن الشركات من الحصول على ملاحظاتٍ محددة ودقيقة من المستهلكين خلال عمل هذه الشركات على تحسين كافة جوانب تجربة المستخدم (انظر الصور أدناه). وتتوقع ماكنزي أن يحقق الذكاء الاصطناعي التوليدي وحده قرابة 60 مليار دولار كإنتاجية في مجال أبحاث وتصميم المنتجات.1
وبالرغم من النتائج المبهرة والاستثنائية التي تحققها أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي في هذا المجال، إلا أنها لا يمكن أن تكون بديلًا عن الإنسان بشكلٍ كامل، فهي مجرد أداةٍ تعزز من الإبداع وتحسن من الإنتاجية. وحتى مع ظهور تكنولوجياتٍ جديدة ومتطورة في مجال التصميم مثل (التصميم بمساعدة الحاسوب)، والتي تستخدم في مجالاتٍ عدة كالطباعة ثلاثية الأبعاد والواقع المعزز والواقع الافتراضي، ومع تغير الأساليب المستخدمة في تصميم المنتجات المادية، نجد أن الخبراء العاملين في مجال التصميمات المادية لايزالون مطلوبون ويمثلون أهميةً كبرى لضمان الاستخدام الأمثل للتكنولوجيا ولتقديم قيمة تجارية مضافة. حيث يمكن عن طريق التكامل بين استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي، والخبرة التي يتمتع بها المصممين الصناعيين، يمكن أن نجد حلولًا تصميمية وهندسية ثورية تلبي احتياجات المستخدمين بشكلٍ أفضل وتحقق تقدمًا في مجال تصميم المنتجات المادية.
وفي مجال التصميمات الصناعية، عادةً ما تكشف الأبحاث التي يجريها خبراء التصميم على المستهلكين عن أفكارٍ ورؤى تلهمهم بشكلٍ كبير في اختيار أفضل التصميمات التي تلبي احتياجات هذه الفئة. وإلى جانب أبحاث المستهلكين فإن هناك مجموعةٌ من العوامل الأخرى التي تسهم في عملية إنشاء تصميمٍ لمنتجٍ صناعي يحوز على إعجاب المستهلكين ويترك صدى إيجابي لديهم، منها المهارات الشخصية للمصممين في تحديد أفضل النماذج المبنية على مفاهيم واضحة والاختيار من بين عشرات الصور التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي استنادًا لعمليات تقييم الأبحاث التي تمت على المستهلكين ومدي قابلية تنفيذ متطلباتهم للتصنيع، كل ذلك إلى جانب حسهم الإبداعي بالطبع.
ورغم حداثة أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي، إلا أن فرق البحث لدينا قد لاحظت تأثيرها الكبير على تحسن الإنتاجية. فعندما تُستخدم هذه الأدوات بشكلٍ صحيح، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تقليصٍ في دورة تطوير المنتج بنسبةٍ تصل إلى 70 في المائة، مما يتيح للخبراء استثمار هذا الوقت المدخر في إجراء الاختبارات على المستهلكين ومراجعة الموردين، الذين يوفرون المواد الخام، والمعدات، والخدمات اللوجستية، والخدمات الاستشارية، وغيرها من الخدمات، بالإضافة إلى توفير المزيد من الوقت للعمل على تحسين التصاميم من ناحية قابليتها للتصنيع والاستدامة. إن هذه الأدوات والعمليات جميعها تعد وسائل مساعدةٍ لدعم النمو والابتكار، وهو ما يدفع عمليات تطوير نحو تقديم منتجاتٍ أفضل وبوتيرةٍ أسرع بكثير من السابق.
لكن، وبينما يتمتع قادة البحث والتطوير والعاملون في مجال تطوير المنتجات باستخدام التكنولوجيا الحالية لتعزيز قدرات الابتكار في مجالاتهم وتقديم منتجاتٍ جديدة، تبقى هناك ضرورةٌ ملحة لفهم وإدراك حدود هذه التكنولوجيا وما تفرضه من قيود ليتم الاستعداد لها بشكلٍ جيد. وفي هذه المقالة، نشارككم بعض الطرق والوسائل التي يمكن من خلالها استغلال قدرات الذكاء الاصطناعي التوليدي في جميع مراحل دورة تطوير المنتج، مع مراعاة الاعتبارات الحاسمة التي يجب على قادة الأعمال أخذها بعين الاعتبار أثناء محاولاتهم خلق قيمةٍ تجارية جديدة، وفي الختام سنقترح مجموعةً من الخطوات العملية للبدء في هذا المجال معتمدين في ذلك على ما جمعناه من خبراتٍ في مجال التصميم واستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي في عمليات الإبداع الخاصة بنا.
إطلاق الإبداع والإنتاجية في جميع مراحل دورة التصميم
عندما يعمل مصممو المنتجات الصناعية على وضع مفاهيمٍ جديدة للمراحل المختلفة لدورة التصميم مثل إعادة تصميم التعبئة والتغليف، أو السلع الاستهلاكية المعمرة كالأجهزة المنزلية والأثاث والإلكترونيات، أو تجارب المستهلكين، أو تصميم المساحات والبيئات التي يتفاعل فيها المستهلكون مثل المتاجر أو المكاتب أو أي شيءٍ آخر. فإن عملياتهم الإبداعية عادةً ما تمر بعدة مراحل أساسية: المرحلة الأولى وهي إجراء دراساتٍ متخصصة عن السوق والمستهلكين، ثم تأتي بعدها مرحلة تطوير المفاهيم، وأخيرًا تأتي مرحلة اختبار هذه المفاهيم والعمل على تحسينها. إن استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي يُمكّن المصممين من تكرار تجربة الأفكار وتحسينها وتعديلها بسرعةٍ أكبر، كما يسمح بربط عناصر التصميم مع بعضها بطرقٍ جديدة، وتحفيز التفكير غير التقليدي للحصول على منتجاتٍ تحسن من تجربة المستخدم اليومية (انظر الشكل).
أبحاث السوق والمستهلكين
إن غالبية تصميمات المنتجات المادية الجيدة جاءت نتاجًا لأبحاثٍ سوقيةٍ مكثفة. تناولت هذه الأبحاث محاور عدة وأجابت عن مجموعةٍ من الأسئلة، منها على سبيل المثال ما هي الصفات والميزات اللازم توافرها في المستهلكين المحتملين؟ كيف تتطور تفضيلات وأذواق المستهلكين.. وما هي الطرق التي من المحتمل لمنافسينا أن يسلكوها للتعامل مع هذه التفضيلات؟ وما هي الفجوات الموجودة بالفعل والتي يمكن استغلالها لإنشاء فئةٍ جديدة من العروض؟
بالتأكيد إن استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي المدربة على نماذج لغوية موسعة مثل ( ChatGPT و Bard )وغيرها من الأدوات، يسمح للمصممين بالوصول إلى قواعد البيانات السوقية والاستهلاكية الحالية، وتجميعها وفهمها على نحوٍ أسرع مما كان ممكنًا في السابق. فضلًا عن قدرة هذه الأدوات على استخلاص الأفكار من مصادر متنوعة للبيانات بما يفوق قدرة البشر على الوصول إليها وتحليلها، مما يمكّنها من اكتشاف العديد من الفرص غير المستغلة وإلقاء الضوء على احتياجات وتوقعات المستهلكين التي تم تجاهلها. وبذلك، يمكن للمصممين الصناعيين بناء قاعدةٍ معرفية أكثر غنى ومناقشتها مع أصحاب الأعمال، كما يمكنهم الاعتماد عليها عند إجراء المقابلات مع المستهلكين. وكمثالٍ توضيحي على ذلك، قامت إحدى شركات السلع الاستهلاكية بتعزيز أبحاثها السوقية وتحليل بيانات المستخدمين ببعض الرؤى التي توصلت إليها أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي حول أراء هؤلاء المستهلكين، وكيف يمكن للشركة استخدام حقوق علامتها التجارية للتوسع في الأسواق ذات النمو السريع. وبالاعتماد على هذه المعلومات، قام فريق التصميم الخاص بالشركة بتوسيع نطاق المقابلات "الإثنوغرافية"، والتي تعتمد على تحليلٍ وفهمٍ شامل للثقافات المجتمعية المختلفة من خلال مشاركة الأفراد في أنشطتهم اليومية واحتفالاتهم الاجتماعية، لفهم طريقة تفكيرهم ومعتقداتهم بشكلٍ أعمق للحصول على أكبر قدرٍ من الملاحظات وردود الأفعال حول أهم عناصر التصميم التي اعتمد عليها عمل المصممين فيما بعد وأسهمت في تطوير مفاهيم جديدة.
تطوير المفاهيم
قد يلجأ المصممون الصناعيون والمهندسون وهم يعكفون على إنشاء تصميماتٍ جديدة للمنتجات أو حتى أثناء عملهم على تطوير جيلٍ جديد من منتجٍ أو مكونٍ هندسيٍ ما متواجد بالفعل، لاستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي والتي تحوّل النص إلى صورة كوسيلةٍ قويةٍ للإلهام والابتكار.
وبالقطع إن قدرة هذه التكنولوجيا على إنتاج صورٍ جديدة وواقعية وتعتمد على توجيهات الخبراء، من الممكن أن تولد استكشافاتٍ أكثر جرأةً وتخلق أفكارًا أكثر تفردًا. حيث يقوم المصممون بجمع الرسومات الأولية ونتائج الأبحاث "الإثنوغرافية"، بالإضافة إلى نتائج الأبحاث المستندة إلى ميول المستهلكين وتفضيلاتهم، ثم يتم بعد ذلك تزويد إحدى أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي بهذه البيانات المجمعة كنقطةٍ للانطلاق ينتج عنها تصوراتٍ وبياناتٍ ونتائج أخرى بشكلٍ سريعٍ للغاية، وهو ما يُسرّع من مرحلة تطوير المفاهيم بشكلٍ كبير. ورغم ذلك تظل الحاجة للعنصر البشري ضروريةً، حيث يقوم أحد المصممين من الخبراء بمراجعة ما تم التوصل إليه من نماذج واختبارها للتأكد من صحتها والعمل على تحسينها للحصول على أفضل النتائج القابلة للتصنيع. وتبقى عملية المراجعة والتحقق من النتائج أمرًا هامًا للغاية، حيث لا يمكن اعتماد النتائج الأولية كما هي دون التحقق من فاعليتها، فمن المحتمل ألا تتوافق هذه النتائج مع رؤية الشركة، أو قد تكون نتائج ليست ذات مغزى، أو غير قابلةٍ للتصنيع والتطبيق على أرض الواقع).
بالفعل، إن الذكاء الاصطناعي التوليدي يسهم في إطلاق العنان لإبداعات المصممين والخبراء، كما يحررهم من قيود المهام التي قد تبدو مملةً بعض الشيء وتستغرق الكثير من الوقت. وهو ما حدث بالفعل مع بعض التطورات التكنولوجية في السابق، كظهور تقنية التصميم بمساعدة الحاسوب والطباعة ثلاثية الأبعاد. فمن خلال تعليماتٍ وإرشاداتٍ يقوم خبراء التصميم بإدخالها بشكلٍ متكرر ومتتالي لتوجيه عملية تطوير التصميم نحو المواصفات الجديدة، يصبح باستطاعة مصممي المنتجات الصناعية الحصول على أفضل الإجابات لأسئلتهم، وبمعدلٍ زمنيٍ أسرع مما لو قاموا باختبار النظريات المختلفة بشكلٍ فردي ثم العمل على التحقق منها يدويًا. (يرجى الاطلاع على الصور أدناه ). وهي عبارة عن مثال توضيحي لعملية تطوير التصميم من خلال التوجيهات التكرارية للمصممين.
الإرشاد الأوليّ
تَتابُع الإرشاد
التصميم النهائيّ، المنقّح، والقابل للتصنيع
لقد تطلب الأمر ساعتين فقط لتتمكن مجموعةٌ من المصممين العاملين بإحدى شركات تصنيع السيارات، وبمساعدة الذكاء الاصطناعي التوليدي، من إنشاء 25 تصميمًا أوليًا مختلفًا لسيارةٍ كهربائية من الجيل الحديث، مع شاشةٍ تعمل باللمس وأماكن خاصة لشحن الهواتف الذكية، ولوحة عداداتٍ رقمية بالإضافة لمكوناتٍ أخرى. ثم بعد ذلك قام فريق التصميم بالبدء بعملية تنقيح وتعديل لهذه التصورات، وذلك باستخدام برنامج تحرير الصور، لتقديم صورةٍ أدق لأصحاب الأعمال حول المسار الذي تتجه إليه هذه الصناعة، وعن كيفية تطوير المكونات المستخدمة فيها من حيث عوامل عدة، منها الشكل، ومدى قدرة المستخدم على التفاعل معها، سواءً الأزرار أو الشاشات التي تعمل باللمس، وكذلك من حيث حجم هذه المكونات، وألوانها والمواد المستخدمة في تصنيعها، وحتى اللمسات النهائية لإعطاء المنتج مظهرًا نهائيًا معينًا، كدرجة اللمعان مثلًا. وما إلى ذلك من الأمور المتعلقة بصناعة مكونات السيارات الكهربائية (انظر إلى الصور أدناه). إن إنشاء صورٍ كهذه بنفس التفاصيل والجودة كان ليتطلب أسبوعًا على الأقل في حالة عدم الاعتماد على برامج الذكاء الاصطناعي التوليدي. لقد منحت هذه العملية الفرصة للمصممين بتجسيد تجربة المنتج بشكلٍ أكثر واقعية وفي وقتٍ قصير.
ونظرًا لأن نتائج الذكاء الاصطناعي التوليدي غالبًا ما تتطلب المزيد من المعالجة، فإن العمل على هذه الصور يكون عادةً في الأستوديو. ولكن ومع تطور التكنولوجيا وتحسن نتائجها، أصبح بالإمكان أن يجلس المصممون الصناعيون والمهندسون مع قادة الأعمال ليجروا جلساتٍ ونقاشاتٍ حول أبحاث المستهلكين، معتمدين في شروحاتهم على أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي التي تسمح لهم بعرض صورٍ ملهمة أثناء الجلسات ليتم التفاعل معها والنقاش بشأنها وتقديم الملاحظات عليها بشكلٍ فوري.
اختبار التصور وتنقيحه
إن الأدوات والتقنيات التكنولوجية الحديثة تمنح فرصًا كبيرة للمصممين الصناعيين للعمل على تجسيد التصورات وتحسينها، وهو الأمر الذي يسفر في النهاية عن نقاشات مؤثرة وفعالة مع قادة الأعمال من جهة والمستهلكين أنفسهم من جهةٍ أخرى، حيث يقوم المصممون بجمع كافة الملاحظات لاستخلاص الرؤى والتصورات والمفاهيم المستقبلية.
فعلى سبيل المثال، يستطيع مسؤولو أحد المتاحف استخدام برامج تحرير الصور المدعومة بالذكاء الاصطناعي لتحسين جودة الصور التي تم إنشاؤها من قِبَل المصممين، وذلك بغرض إتاحة الوصول إلى معروضات المتحف بشكلٍ أسهل. ومن الممكن أيضًا دمج هذه الصور مع محتوى بصريٍ إضافي (كالرسومات التوضيحية أو الرسوم البيانية وما إلى ذلك من العناصر المساعدة)، حيث يسهم هذا الدمج في خلق قصصٍ مصورة لتصاميم ومنتجات وخدمات وتجارب جديدة. (انظر الصورة أدناه).
وبعد الانتهاء من عرض التصورات الأولية على أصحاب الأعمال، يصبح باستطاعة المصممين العمل على تنقيح المنتج وإضافة التعديلات الأخيرة عليه باستخدام التكنولوجيا، مع وضع تصورٍ توجيهيٍ مستقبلي لخرائط المنتجات. وتتم هذه العملية في وقت قصير جدًا، حيث يصبح ممكنًا إجراء هذه التحسينات والتغييرات في ساعاتٍ قليلة بدلًا من أسابيع طويلة. الأمر الذي يسمح للمصممين بالانتقال للعمل على المراحل الأخرى، كالتفصيل التصميمي وتحسين التصورات والمفاهيم الهندسية والتصميمات الصناعية، وهو ما يسهم في إنجاز العمل بشكلٍ أكثر فعالية وسرعة.
ما وراء التصميم
مما لا شك فيه أن القادة الذين يسعون لاستخدام التقنيات التكنولوجية الحديثة لاختبار منتجاتهم في بيئاتٍ افتراضية، عليهم المتابعة الحثيثة لكافة التطورات التي قد تطرأ على مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، حيث إن التطور التكنولوجي بات ينمو بوتيرةٍ متسارعة، ومع هذه القفزات التكنولوجية نتوقع أن يظهر المزيد من البرامج التي تجعل من عملية دمج فكرة التصميم مع المفاهيم الهندسية أمرًا أكثر سهولةً وسرعة. وبهذا الشأن نستطيع أن نلمس تعطش السوق لهذا النوع من البرامج، حيث يتم بالفعل إطلاق أدواتٍ وتطبيقاتٍ برمجية جديدة مدعومة بالذكاء الاصطناعي التوليدي، وهذه الأدوات تُمكّن المصممين الصناعيين والمهندسين من العمل على ما لديهم من مفاهيمٍ وتصوراتٍ عن المنتج لتحويلها بسرعةٍ فائقة إلى نماذج تصميمية بمساعدة الحاسوب. كما توفر هذه البرامج الذكية الوقت والجهد للمصممين والمهندسين للبدء بشكلٍ أسرع في العملية الهندسية لتحقيق نتائج أكثر فعالية، وهو الأمر الذي يجعلنا نتوقع أن هذه الأدوات سيكون لها دورًا فاعلًا في المستقبل القريب، مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذه الأدوات لا تزال في مراحلها الأولية.
كما نتوقع أيضًا ظهور أدواتٍ جديدة قادرة على تحليل التصاميم المطلوبة بسرعةٍ فائقة، وهو ما يخدم أغراض التصنيع والصيانة. فعلى سبيل المثال، يمكن لهذه الأدوات أن تقدم لنا يد العون في التحقق مما إذا كان بإمكاننا تصنيع منتجٍ ما باستخدام الإمكانات والأدوات المتاحة في المنشأة الصناعية أم لا. ومن منظورٍ هندسي، تعد تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي ثورةً حقيقية في النهج الذي يتبعه الخبراء لمعالجة المشكلات الهندسية التحليلية، والتي طالما عانى منها المصممون لفتراتٍ طويلة، كتحسين الأداء الهيكلي للمنتجات مثلًا. كما يمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي تحليل العناصر المحدودة بالإضافة إلى التحسين التوبولوجي (هي دراسة كيف يمكن للأشكال أن تتغير شكلها بطرق مرنة دون قطعها أو لصقها، مع الاحتفاظ ببعض خصائصها الأساسية)، وهما تقنيتان أساسيتان مهمتان لفهم أداء الأجزاء المختلفة للمنتج في ظروفٍ متباينة، ويمكن الاستفادة من هذه التقنيات لتصميم هياكل خفيفة وقوية في الوقت ذاته، إلى جانب إنتاج المئات من التصميمات المحسنة لبعض أجزاء المنتج، والتي تراعي بعض المعايير المحددة مثل القوى والضغط والظروف البيئية. وفي مستقبلٍ ليس بالبعيد، فإننا نتوقع أن تتضاعف قدرات هذه الأدوات الذكية، بما في ذلك قدرتها على تحويل الرسوم التخطيطية الأولية إلى نماذج هندسية مفصلة، وكذا قدرتها على تسهيل اختيار المواد وتحسينها، والقدرة على اختيار الطرق المناسبة لزيادة قابلية المنتج للتصنيع، بالإضافة أيضًا للقدرة على تحسين عملية تجميع أجزاء ومكونات المنتج، مع تقليل التكاليف.
اعتباراتٌ حاسمة لتحقيق قيمةٍ ملموسةٍ للأعمال
إن هناك بعض الاعتبارات والشروط التي يجب توافرها لتحقيق أعلى قيمة ممكنة للأعمال من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي، وهو أمرٌ لا يمكن إغفاله أو الاستهانة به. فبالرغم من أن نتائج الذكاء الاصطناعي قد تكون مبهرة، إلا أن تحويل هذه النتائج إلى منتجٍ فعَّالٍ ولافتٍ للانتباه يتوافق مع تطلعات المستخدمين، أمرٌ يتطلب خبرةً كبيرة في مجال التصميم الصناعي والهندسي. وحتى نكون أكثر وضوح، فهذه بعض الاعتبارات الضرورية التي يجب مراعاتها في هذه العملية:
- إجراء بحوثٍ مستفيضة حول تفضيلات المستهلكين. فعلى الرغم من أن أدوات الذكاء الاصطناعي قد توفر بياناتٍ شاملة حول المستهلكين، إلا أنها قد تحتوي أيضًا على بعض المعلومات غير الصحيحة والمغلوطة. بالإضافة إلى ذلك، فإن تفضيلات المستهلكين وسلوكياتهم دائمة التغير وبشكلٍ سريعٍ مما يجعل البيانات الخاصة بهم والمدخلة في أدوات الذكاء الاصطناعي غير ذات جدوى. لذا، يجب على فرق التصميم التحقق من الفرضيات واستكشاف الاتجاهات الناشئة من خلال البحث المبدئي. فعندما يتم دمج الأفكار المستمدة من الذكاء الاصطناعي مع نتائج البحث "الإثنوغرافي" (يفحص البحث الإثنوغرافي كيف تتصرف مجموعة من الناس وتتفاعل مع بعضهم البعض في بيئتهم)، يصبح من الممكن لفرق التصميم الحصول على فهمٍ أعمق لتفضيلات المستخدمين عما يمكن أن تقدمه أي طريقةٍ منهما بشكلٍ منفرد.
- تطوير الإرشادات بشكلٍ تفصيليٍ وتفاعلي. إن الحصول على منتجٍ يلبي توقعات المستهلكين وتتوافر فيه شروط التصنيع هو أمرٌ يستلزم وجود إرشاداتٍ تفصيلية تعبر عن أفكار المصممين، كما يجب أن تكون هذه الإرشادات تفاعليّةً بشكلٍ كاف. فمن الممكن أن تكون هناك جملٌ بسيطة تُشكّل صورًا جذابة، ولكنها قد لا تكون دقيقة، أو قد تكون غير قابلةٍ للتنفيذ أو حتى ليست ذات صلةٍ بالفكرة ذاتها (انظر الصور أدناه). وبالتالي، يتوجب على خبراء التصميم أن يقدموا سياقًا شاملاً للفكرة ككل، يتضمن الموضوع والبيئة والإضاءة، واللون، والمزاج، والتكوين. كما يجب عليهم أيضًا تحديد مستوى التفصيل المناسب الذي يجب أن تتضمنه الفكرة، (فعلى سبيل المثال، قد يؤدي التفصيل المختصر إلى نتيجةٍ غير معبرةٍ عن الفكرة بشكلٍ دقيق، أو قد لا تحتوي على الميزات المطلوبة). ومن هنا يجب على المصممين أن يأخذوا بعين الاعتبار حجم الإرشاد أو الأمر وكيفية تقسيمه (فإذا كانت تلك الإرشادات مختصرةً، يصبح لكل كلمةٍ أكثر من تأثير ومعنى، مما قد يؤثر بشكلٍ سلبي على النتائج المتوقعة)
- تنقيح نواتج الذكاء الاصطناعي التوليدي، عادةً ما تنتج أدوات تحويل النص إلى صورة صورًا غير منطقية بعض الشيء، كأن تُظهر نمو نباتٍ غريبٍ من أعلى التلفاز مثلًا، أو إنشاء نموذجٍ لطائرةٍ لا يمكنها الطيران (انظر الصورة أدناه). وبالتالي، يجب على المؤسسات أن تتوقع القيام بعملية تحريرٍ شاملةٍ للصور بعد إنتاجها، عن طريق استخدام برامج تحرير الصور لتعديل الألوان والخطوط والأنماط المستخدمة في الأفكار النهائية، وذلك للحصول على نتائج ذات معنى. حتى وإن بدت النتائج الأولية قابلةً للعرض في المتاجر، إلا أنها عند خضوعها للتدقيق، عادةً ما يُكتشف أنها بعيدة كل البعد عن كونها منتجٌ قابلٌ للتصنيع بشكلٍ فعلي. ولذلك، يجب على المصممين والمهندسين أن يقوموا بإنشاء نسخةٍ مُحسَّنةٍ من الفكرة باستخدام برامج "التصميم بمساعدة الحاسوب" لضمان توافق المنتج مع المواصفات والمتطلبات والقيود المتعلقة بعملية التصنيع.
- اختيار أفضل التصورات. يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي أن ينتج عشراتٍ من المفاهيم والتصورات بسرعةٍ عالية، ولكن كما أظهرت دراسة "تجربة المربى" الشهيرة، وهي دراسةٌ أُجريت في مجال علم النفس الاستهلاكي للتحقق من تأثير عدد الخيارات المتاحة على قرارات الأفراد ، أن كثرة الخيارات والتصورات المتاحة من الممكن أن تؤدي إلى إرباك الأطراف المعنية والمستهلكين على حدٍ سواء. وبالتالي، ستحتاج المؤسسات إلى خبراء التصميم لاختيار أفضل الأفكار من بين العديد من الصور المُنتَجَة، كما أنه منوطٌ بهم العمل على تحسينها لتتوافق مع الجماليات والإمكانيات لضمان ملاءمتها للاستخدام وما إلى ذلك من متطلبات، وذلك لضمان أن التصور النهائي سيلقي استحسانًا من المستخدمين بما يؤتي في النهاية ردود أفعالٍ قيّمة.
- إضفاء قدرٍ كافٍ من التعاطف الإنساني. إن أدوات الذكاء الاصطناعي قد لا تكون مفيدةً إلا بقدر ما يتم تغذيتها به من معلوماتٍ وبيانات. ونظرًا للحجم الكبير من البيانات التي يتم جمعها ومعالجتها بواسطة الذكاء الاصطناعي فقد يحدث أحيانًا أن يتم تفسير أو تبسيط هذه البيانات بشكلٍ مخل، مما قد يؤدي إلى تجاهل بعض التفاصيل الدقيقة، ومن ثم فقدان بعض البيانات المهمة حول السلوك البشري، والتي كان من الممكن أن تصبح نواةً للابتكار. لذلك، يجب على المصممين الصناعيين والمهندسين أن يواصلوا مراقبة التصميم، وأن يأخذوا في الاعتبار جميع جوانب استخدام المنتج - بدايةً من جمالية الشكل (من ناحية توافق التصميم مع الخلفيات والتفضيلات الثقافية والإقليمية)، ومدى عملية التصميم (ما إذا كانت نتائج الذكاء الاصطناعي التوليدي كبيرة الحجم أو غير ملائمةٍ للجمهور المستهدف)، انتهاءً بسهولة الاستخدام (على سبيل المثال، ما إذا كان باستطاعة ذوي الإعاقة استخدام المنتج بسهولةٍ وفعالية). وبذلك، نضمن أن تكون ردود أفعال المستخدمين عن المنتج إيجابية وقيّمة.
الشروع في البدء
إن إضافة الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى مجموعة الأدوات المستخدمة في تصميم المنتجات المادية قد يعزز من عملية الابتكار ويسرّع من وتيرتها، غير أن ذلك الأمر يحتاج إلى فرق عملٍ تتمتع بفهمٍ كامل وقدرةٍ على استخدام التكنولوجيا بالكفاءة المطلوبة. واستنادًا إلى ما نمتلكه من خبرات في مجال استخدام هذه الأدوات، نوصي قادة البحث والتطوير باتباع الإجراءات التالية للبدء في بناء وتعزيز قدراتهم في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي:
- خصص وقتًا للتعلم والاستكشاف. إن إجراءً كهذا يوفر لفرق تصميم وتطوير المنتجات الوقت اللازم لاختبار المستحدثات التكنولوجية في الأنشطة اليومية، كالعمل على تطوير وتحسين ميزاتٍ جديدة لمنتجٍ متاح بالفعل. كما يوفر هذا النهج فرصًا للتواصل بين أعضاء الفريق ومشاركة الأفكار والتجارب فيما بينهم، سواءً كان ذلك من خلال قنوات الرسائل المخصصة أو عن طريق الاجتماعات المباشرة. وفي مجالاتٍ أخرى كتطوير البرمجيات على سبيل المثال فقد توصلت أبحاث ماكنزي إلى أنه كلما استخدم الممارسون الأدوات وشاركوا تجاربهم مع الآخرين، كلما تحسن أداءهم وحققوا نتائج جيدة. وهو الأمر الذي ينطبق أيضًا على مجال تصميم المنتجات المادية.
- حدد نموذجًا تجريبيًا وأطلقه في مشروعاتٍ ذات قيمةٍ عالية. فعلى الرغم من أن استخدام التطبيقات التكنولوجية الحديثة في المشاريع الجاري تنفيذها يعد أمرًا مغريًا بالفعل، إلا أن قادة الأعمال يُفضلون تجربة هذه التطبيقات أولًا في مشاريعٍ تجريبية، والتي من المرجح أن تنتج قيمةً كبيرة حال نجاحها. فمن الممكن أن يتم استخدام تلك الأدوات خلال مراحل تصميم منتجٍ معين، أو قد يتم تركيز استخدامها على مرحلةٍ واحدةٍ فقط من دورة التصميم، كالعمل على تبسيط مرحلة البحث مثلًا.
-
تقييم المخاطر المحتملة ووضع إجراءاتٍ وقائية للتحكم بها. إن استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي دون الالتزام بالقواعد القانونية والأخلاقية، قد يعرضك للمساءلة القانونية، لذا يتحتم على القادة أن يأخذوا هذه المخاطر المحتملة بالحسبان، ويتعاملوا معها بحذرٍ وحرصٍ شديدين. ومن بين هذه المخاطر حماية أمن وسرية البيانات (حيث يمكن أن تتعرض المعلومات السرية للتسريب عند استخدام هذه التقنيات)، كما تشمل أيضًا المخاطر المرتبطة بحقوق الملكية الفكرية (حيث يمكن أن يتم انتهاك حقوق النشر، أو العلامات التجارية، أو البراءات، أو غيرها من المواد المحمية قانونيًا أثناء عملية تصميم المنتج أو أثناء عملية تصنيعه)، بالإضافة أيضًا إلى التأكد من مصداقية وموثوقية المعلومات (حيث يمكن أن تقدم التقنية إجاباتٍ غير دقيقة، أو ترسم صورًا وهمية). ومع هذا، فإنه في بعض الحالات قد تكون المخاطر محدودة، فعلى سبيل المثال، عندما يتعلق الأمر بقدرة الذكاء الاصطناعي التوليدي على رسم صورٍ وهمية، فإنه عادةً ما يتم اختبار المعلومات التي يقدمها النموذج للتحقق من صحتها من قبل خبراء التصميم. كما يتم أيضًا الاستعانة بمصادرٍ إضافية للبيانات الأساسية لزيادة الثقة والتثبت من صحة البيانات. وبالإضافة إلى ذلك فإن الصور السريالية (عملية تعديل وتركيب لصورتين أو أكثر لإنشاء صورة أخرى تمثل شيئا من الخيال الذي لا يمكن أن نشاهده في العالم الحقيقي) والخيالية التي يتم إنتاجها خلال عملية تطوير الأفكار إنما تعتبر في حد ذاتها مصدرًا للإلهام والإبداع.
في بعض الحالات الأخرى، وخاصة تلك المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية وأمن البيانات، يجب مراعاة الاستخدام المسؤول لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي، حيث يتحتم على القادة في هذه الحالات مراجعة الإجراءات القانونية ومعايير التصميم لضمان عدم تعدي المنتج النهائي على الملكية الفكرية لأي طرفٍ آخر، سواءً كان هذا المنتج هو نتاج مباشر لأدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي أو نتيجة الأبحاث الخاصة التي يقوم بها المصممون. (فعلى سبيل المثال إذا ما أراد فريق العمل مشاركة الصور التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي كما هي، يصبح على القادة تنبههم إلى ضرورة مراعاة الحقوق القانونية للشركات والمؤسسات، وكذلك شروط الملكية الفكرية التي يضعها مزودو الأدوات المختلفة، بالإضافة إلى أي قوانين محلية ذات صلة قد تنظم ملكية مخرجات تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي).
كما يجب على القادة أيضًا أن يضعوا سياساتٍ توجيهية لفرق العمل لتحديد نوعية المعلومات المسموح باستخدامها والمعلومات الأخرى التي يُحظر التعامل معها عند إنشاء الاقتراحات باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي. ومن بين أفضل الممارسات التي ينبغي على الفرق اتباعها هو الفهم الكامل لشروط استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي، وعدم التعدي على الملكية الفكرية لأطرافٍ أخرى. وباختصار، يتعين على فرق العمل أن يكونوا حذرين في التعامل مع المعلومات لضمان عدم اختراق القوانين والتصرف بشكلٍ أخلاقيٍ ومسؤول.
- قم بتثقيف الأطراف المعنية فيما يخص العمليات الجديدة. إن الصور التي ينتجها الذكاء الاصطناعي التوليدي تتميز بمستوىً عالٍ من التفصيل والدقة، وهو الأمر الذي يعطي انطباعًا بأن المنتج قد أوشك على الانتهاء، وهو ما قد يخالف الواقع. وبالتالي فعندما تستخدم جهات البحث والتطوير هذه الأدوات، يجب عليها أن تتحلى بأكبر قدرٍ من الشفافية فيما يتعلق بهذه الاستخدامات، وأن توفر للأفراد المعنية فهمًا واضحًا لما تعبر عنه هذه الصور، وكيفية استخدامها، والقيود المرتبطة بها. ومن المهم أيضًا أن يتم إطلاعهم بشكلٍ منتظم على آخر تطورات المشروع، لضمان التأكيد على أن النتائج التي تم التوصل إليها هي غير نهائية، حتى لا يتم رفع سقف التوقعات أو التفاؤل بشكلٍ مبالغٍ فيه.
- قم بتطوير مهارات المصممين الصناعيين لما هو قادم. إن استخدام المصممين لأدوات تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي في تصميم المنتجات المادية سيجعل منهم خبراء في مجالهم حتى يصبحوا بمثابة "حراسٍ للإبداع"، فهؤلاء الخبراء هم من يعملون على ربط النتائج التي يتوصلون إليها مع بعضها البعض، ومعالجتها لاستلهام الحلول المبتكرة منها لمواجهة التحديات التي يكتشفونها أثناء دورة تصميم المنتج. وحتى يستطيع المصممون أداء هذا الدور الهام عليهم أن يتمتعوا بعدة مهاراتٍ، منها على سبيل لمثال مهارة السرد والتصميم المبني على تفضيلات ومتطلبات الإنسان المتغيرة، بالإضافة إلى ضرورة الإلمام التام بعمليات التصنيع، واستخدام التكنولوجيا الرقمية في عمليات التصميم مثل "التصميم المدعوم بالحاسوب"، وبرامج الرسم والتظليل، إلى جانب ضرورة فهمهم المتعمق لاستخدامات مواد التصميم المختلفة. وإن اكتساب مهاراتٍ كهذه يتطلب سنواتٍ من التدريب للتأكد من إتقان استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي. ولذلك، يتحتم على القادة أن يبدأوا بالعمل على تطوير مهارات فرق العمل لديهم منذ اللحظة.
لقد أصبح الذكاء الاصطناعي التوليدي عنصرًا حيويًا في تصميم المنتجات المادية، مما يفتح أبواب الإبداع والابتكار على مصراعيها أمام المصممين لتقديم منتجاتٍ جديدة تلبي احتياجات المستخدمين. فعندما يتم دمج مخرجات هذه التكنولوجيا الرائعة مع إبداعات وأفكار المصممين، يصبح باستطاعتنا أن نحصل على أعلى قيمةٍ تجاريةٍ للمنتج، ومع تزايد وتيرة الاعتماد على هذه التكنولوجيا من قبل المصممين والمهندسين في إنجاز أعمالهم، قد نشهد تحولًا ثوريًا في مجال التصميم والهندسة. ومن المحتمل أيضًا أن ينتج عن ذلك حقبةٌ زمنية جديدةٌ تمامًا من الإبداعات الجمالية للمنتجات الصناعية، حيث من المتوقع أن تظهر أشكالٌ مبتكرة تحقق كفاءةً أكبر في استخدام المواد، ومنتجاتٍ تتمتع بفترة حياةٍ أطول. ومن المؤكد أن ذلك سيعود بالنفع على كلٍ من الشركات المبتكِرة لهذه المنتجات وعلى الأشخاص الذين يستخدمونها أيضًا.