خطط قادة الشركات لتحقيق النمو

| مقالة

ملاحظة: إننا نبذل قصارى جهدنا للحفاظ على جميع التفاصيل الدقيقة عند ترجمة المقالة الإنجليزية الأصلية، ونعتذر عن أي جزئية مفقودة في الترجمة قد تلاحظونها من حين لآخر. نرحب بتعليقاتكم على البريد الإلكتروني التالي reader_input@mckinsey.com

يطمح جميع الرؤساء التنفيذيين وقادة الشركات لتحقيق النمو في شركاتهم، ولكنّه يبقى هدفًا بعيد المنال بالنسبة للكثير منهم، حيث تعد ربع الشركات تقريبًا غير قادرة على تحقيق النمو. وأشارت إحصائيات أُجريت بين عامي 2010 و2019 إلى أن شركة واحدة فقط من أصل ثمان شركات استطاعت تسجيل نمو سنوي في الإيرادات بنسبة تتجاوز 10%، مما يعكس إمكانية تحقيق النمو المجزي والمستدام بخيار من القادة.

ويكمُن السؤال في تصرفات القادة واتخاذهم لخطوات فعلية لتحقيق النمو، أو الاكتفاء بإطلاق تصريحات حول أهدافهم لتحقيق النمو، التي تتعثر بمجرد عدم توفير أرباح فورية.

وعندما يتخذ القادة قرارًا حاسمًا لتحقيق النمو الشامل والمستدام، يصبح النمو عاملًا أساسيًا في رسم ملامح عملية اتخاذ القرار في جميع مجالات الأعمال، ويكون الشريان المغذي للشركة وفلسفتها ورافدًا لأهدافها وغاياتها. ويساهم القادة الذين يركزون على النمو في توفير قيمة للمساهمين بنسبة 80% أكثر من نظرائهم خلال فترة عشر سنوات، كما يساعد النمو على استقطاب المواهب وتعزيز الابتكار وتوفير فرص العمل.

ولم يتجاوز عدد الشركات التي تسجل نموًا يزيد عن الناتج المحلي الإجمالي على مدى 30 عامًا، 10% من الشركات المدرجة على مؤشر "ستاندرد آند بورز 500"، مما يعكس صعوبة تحقيق النمو المجزي والمستدام. ويُعد اتخاذ قرارٍ بتحقيق النمو أمرًا جوهريًا ومتاحًا لجميع قادة الشركات بصرف النظر عن القطاع الذي يعملون فيه أو الأحوال الاقتصادية المحيطة، حيث نشأت العديد من الشركات التي تحظى بمستويات نمو عالية اليوم وسط حالات من الانكماش الاقتصادي، مثل "هيوليت باكارد" ؛ و"برجر كنج" ؛ و"مجموعة حياة للفنادق" ؛ و"مايكروسوفت" ؛ وطيران bnb وغيرها.

للمزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية

شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية

تصفح المجموعة

كما حققت الشركات القائمة مستويات نمو مذهلة خلال فترات الانكماش الاقتصادي، إذ نجحت شركة "تارجت الأمريكية" بتحقيق النمو خلال فترتي الركود الاقتصادي الأخيرتين. وكانت الفترة الأولى في عام 2000 حين ضاعفت "تارجت" الاستثمارات التي تستهدف تحقيق النمو، بالإضافة إلى افتتاح فروع جديدة تابعة لها وطرح منتجات وخدمات وعقد شراكات أثمرت جميعها عن تحقيق نمو كبير في المبيعات والأرباح. أما في عام 2008، حرصت "تارجت" على تحليل توجهات العملاء ووسعت عروضها في مجال المأكولات لتشمل مزيدًا من الخضروات والفواكه واللحومات الطازجة، مما ساهم بتحقيق مليارات الدولارات في إيرادات سنوية في فئة المأكولات منذ ذلك الحين. وسجلت "تارجت" في عام 2020 نموًا قياسيًا خلال فترة جائحة كوفيد-19، من خلال مواصلة الاستثمار في الخدمات الإلكترونية وتعزيز إمكاناتها لاستخدام المتاجر كمراكز توزيع وإتاحة استلام الطلبات عبر الإنترنت من مواقف السيارات.

ويتميز القادة الذين يسعون إلى النمو والتفوق على النظراء بطريقة تفكير وقرارات وأسلوب كلام مختلف تمامًا، ويتشاركون أيضًا العقلية والاستراتيجية والإمكانات ذاتها. كما يتتبّع القادة مؤشرات النمو الرائدة والمتأخرة، بهدف ربط أهدافهم بمؤشرات أداء رئيسية واضحة وقابلة للقياس، فضلًا عن استكشاف الفرصة المتاحة في مجال عملهم الرئيسي وخارجه والاستثمار فيها. وانطلاقًا من التزامهم بتحقيق النمو، يتجه القادة نحو الاستثمار في مجموعة من عوامل التمكين المناسبة في الوقت المناسب ووفق النطاق الصحيح، واثقين برؤيتهم لتحقيق النمو ومواجهة التحديات غير المتوقعة في عملهم والظروف التشغيلية، إذ يستطيعون قلب موازين الاضطراب لصالحهم.

واستنادًا إلى الأبحاث الموسعة التي أجرتها ماكنزي فيما يتعلق بالنمو والقيادة، وتجربتنا في العمل على تحقيق النمو المجزي والمستدام بالتعاون مع القادة في جميع القطاعات، تتقصّى هذه المقالة نتائج قرار قادة الشركات بتحقيق النمو الهادف والمثمر لشركاتهم. وتؤكد خطط القادة لتحقيق النمو على دور التغييرات البسيطة في التفكير والأفعال الناتجة عن قراراتهم في إحداث فرق كبير بين النمو المستدام والتخلف عن الركب.

وينعكس قرار قادة الشركات بتحقيق النمو على مجمل السلوكيات والأفكار والتعامل مع المخاطر والقرارات المتعلقة بالاستثمار، مما يثمر عن إرساء شركة تسعى دومًا إلى تحقيق النمو والتطور. ويتفوق قادة الشركات في مستوى الإدارة التنفيذية على نظرائهم بنسبة 70% فيما يتعلق بالتركيز على النمو كأولوية قصوى في قائمة أهدافهم.

ويحرص القادة الذين يسعون إلى النمو على رسم ملامح تفكيرهم وأفعالهم بما يقتضي تحقيق النمو على المديين القصير والطويل، لذا يتخذون إجراءات حاسمة لمواجهة الاضطرابات قصيرة الأمد وتحويلها إلى فرص مُجدية، وهو ما يُعرف اصطلاحًا بالاضطرابات المفيدة، بالإضافة إلى تعزيز مرونة الشركة في الاستجابة للتغييرات واغتنام الاضطرابات. ويعتمد هؤلاء القادة خطة تواكب جميع الأوقات والظروف لتحقيق النمو، وهي تتمثل في مسارات وخطوات معينة للتنفيذ (الشكل 1).

إرساء ثقافة وفكر طموحين

يتشارك قادة الشركات مجموعة من الأفكار والسلوكيات، بدءًا من علاقاتهم وطرق التواصل ووصولًا إلى رغبتهم المستمرة للنهوض بشكلٍ أقوى بعد كل فشل. ويحظى القادة ممن يمتلكون ثلاثة على الأقل من أصل الأفكار الخمسة لتحقيق النمو، بفرصة أكبر بواقع 2.4 مرة لتوفير الأرباح مقارنةً بنظرائهم (الشكل 2).

ويعتمد الجزء الأول من خطة النمو الشاملة على رفد الطموحات بأهداف واضحة ومحفّزات وإنجازات، مما يساهم في إرساء معيار يرتقي بالشركة من ناحية الاستراتيجية والثقافة. ويتمتع القادة بالقدرة على إلزام شركاتهم بالعمل والحفاظ على توجه ثابت في وجه الاضطرابات المفيدة، وبالتالي بناء ثقافة مؤسسية تبحث عن الفرص المتاحة للنمو بشكلٍ دائم.

بينما لا تكون إجراءات القادة متوافقة مع طموحاتهم في النمو حينما يعمدون إلى تقليل الاستثمار في المبادرات أو وقف تمويل النمو، في حين تنخفض احتمالية توليد الأرباح عند نشوء التحديات بالنسبة لقادة الشركات من الرؤساء التنفيذيين، ولكنهم يوفرون الفرص حتى في أصعب الظروف ويفتحون مجالًا للابتكار في الوقت الذي يعتمد فيه القادة الآخرون على الأساليب الدفاعية.

كما يتميز القادة الذين يسعون إلى تحقيق النمو بقدرتهم على حشد التأييد المؤسسي من قبل مجلس إدارة الشركة والمستثمرين على حدٍ سواء. ويحرصون على مشاركة مجلس الإدارة في عملية التخطيط للنمو، ويتواصلون بشكلٍ فعال مع المستثمرين ليطرحوا عليهم أهدافًا محددة وموثوقة توضح مدى فاعلية خطة النمو في توليد القيمة. ويعمل هؤلاء القادة على تخصيص الموارد اللازمة لتحقيق أهدافهم، بالإضافة إلى جاهزيتهم لتغيير نموذج عملهم عند الاقتضاء من أجل بلوغ النمو المنشود.

تفعيل مسارات النمو

تتمثل المهمة الطبيعية للقادة في البحث عن الفرص المتاحة أينما وُجدت سعيًا لتحقيق النمو وتطوير الأفكار والسلوكيات القيادية الصحيحة التي تدعم قراراتهم. وتحظى الشركات التي تضع استراتيجية تستفيد من جميع المسارات المتوفرة للنمو بفرصة أكبر بنسبة 97% لتحقيق نمو مجزي مقارنةً بالشركات النظيرة.

ويتعلق الجزء الثاني من خطة النمو الشاملة بتفعيل ثلاثة مسارات تشمل توسيع مجال العمل الرئيسي، والابتكار في أسواق جديدة والمجالات المرتبطة بها، ومتابعة الفرص لتحقيق مستوى نمو لافت من خلال تأسيس شركات جديدة أو عمليات الاندماج أو الاستحواذ.

وتتمتع أكثر الشركات نجاحًا بالقدرة على الموازنة بين هذه المسارات الثلاثة استجابةً للبيئات التشغيلية المتغيرة والتقدم التكنولوجي والاحتياجات والخيارات المفضلة الناشئة لدى العملاء.

توسيع مجال العمل الرئيسي

يدرك قادة الشركات الذين يسعون إلى النمو ضرورة تعزيز مجال العمل الرئيسي الحالي لتحقيق النمو، إذ من الضروري إنجاز عمليات متميزة نظرًا لتوليد ما يتجاوز 80% من إجمالي الإيرادات وسطيًا من مجال العمل الرئيسي. وتعمل بعض القطاعات، مثل قطاع الرعاية الصحية، على تحقيق 90% من نموها من مجال عملها الرئيسي، في حين توفر القطاعات الأخرى، مثل الخدمات المالية، حوالي 74% من مجال عملها الرئيسي و23% أو أكثر من الفرص في المجالات الأخرى (الشكل 3).

وتُعزى هذه الاختلافات بصورة جزئية إلى مميزات كل قطاع، إذ تحرص شركات الرعاية الصحية، على سبيل المثال، على إجراء عمليات بحث وتطوير طويلة الأمد واستثمارات رأسمالية في مجال الابتكار، ولكنّ براءات الاختراع التي تمتلكها تتيح لها تحقيق نسبة النمو الأكبر من مجال عملها الرئيسي. وفي المقابل، تُعد شركات الخدمات المالية أكثر قدرة على توفير خدمات أخرى ذات صلة، حيث تستثمر العديد من الشركات في مختلف القطاعات الفرعية (مثل دخول بنوك الاستثمار مجال إدارة الثروات والعكس).

ويجري قادة النمو مجموعة من الانتقالات الاستراتيجية نحو فئات ذات مستويات نمو عالية (مثل نقل مجموعة من المنتجات إلى شريحة القيمة عالية النمو أو الشرائح الممتازة والقنوات عالية النمو مثل قطاع التجارة الإلكترونية)، فضلًا عن الابتكار في المنتجات والخدمات الأساسية وتحسين مستوى التميز في التنفيذ والإمكانات التجارية.

ويُعد التحلي بعقلية موجهة للنمو من الجوانب الضرورية لمجال الأعمال الرئيسي، إذ دومًا ما يعمد القادة المتفوقون إلى توسيع أعمالهم الرئيسية من خلال المنتجات أو الخدمات أو القطاعات الأساسية أو السوق المحلية. ولا يمكن توسيع مسار النمو بدون كسب الشركات لحصة في السوق المحلية، حيث تمكنت أقل من خُمس الشركات المشمولة في دراستنا، التي تتمتع بمستويات نمو دون المتوسط في مناطقها المحلية، من التفوق على الشركات النظيرة لها من حيث مستوى النمو.

وبصرف النظر عن الاستراتيجيات ومجالات التركيز، يحرص قادة النمو على توسيع أعمالهم الرئيسية باستخدام جميع الوسائل المتاحة، مما يرفع احتمالية إيجاد فئات فرعية للنمو في شركاتهم الحالية بواقع مرتين.

الابتكار في المنتجات الأخرى ذات الصلة

يجب أن تتمتع الشركات بمجال عمل رئيسي قوي، ولكنّ الشركات المتفوقة من حيث النمو تعمل على توسيع أعمالها إلى قطاعات وشرائح قريبة من مجال عملها لتحقيق طموحاتها ذات الصلة، إذ تزيد بنسبة 20% من احتمالات تحقيقها لنمو أكبر من نظيراتها.

وتُعد المناطق الجغرافية الجديدة والقطاعات الأخرى ذات الصلة من أكثر الوجهات المفضلة للبحث عن النمو، بحيث يمكن للقادة مواءمة منتجاتهم وعروضهم لتقديم الخدمات لشرائح جديدة من العملاء. وتحولت CVS'' هيلث"، على سبيل المثال، إلى مزود للحلول الصحية المتكاملة يركز على المستهلكين، من خلال توسيع أعمالها من الصناعات الصيدلانية والتجزئة إلى خدمات الرعاية الصحية، مما شكّل 67% من إيرادات الشركة بين عامي 2005 و2019.

ويدرك القادة ضرورة توسيع أعمالهم إلى مجالات تختلف عن مجالهم الرئيسي بهدف الوصول إلى مستويات جديدة من النمو، ولكنّ من الضروري أيضًا اختيار أفضل المجالات المستهدفة ذات الصلة. ويتزايد تركيز قادة النمو على الاستفادة من أدوات التحليل لتحديد الفرص الواعدة أو التي تم تجاهلها في السابق، إذ تستثمر الإمكانات الأساسية وتوفر فرصة مواتية لبناء مكانة ريادية قوية للشركة. ويشير بحث ماكنزي إلى وجود فرص أكبر للشركات، التي توسع أعمالها إلى مجالات مشابهة لمجال عملها الرئيسي وتستفيد من ميزاتها التنافسية، للتفوق على الشركات النظيرة من ناحيتي الربحية والنمو.

وتعتمد الشركات المتفوقة على الخطة المتكاملة للنمو بهدف تحقيق التميز في المجالات الأخرى، وتركز بشكل خاص على الاستراتيجيات التي تستفيد من الكفاءات الأساسية. كما تعمل على تحديث خرائط النمو لمواصلة استكشاف الفرص وتكوين صورة وافية عن تلك القابلة للتحقيق منها ووضع استراتيجيات النمو للاستفادة من تلك الفرص. ويختار قادة الشركات بين مجالات النمو الأخرى ذات الصلة، مثل عمليات الاندماج والاستحواذ وبناء المشاريع، ومن ثم تطوير نماذج العمل لدعم هذه الخيارات.

ويواصل قادة النمو بناء منظومات داعمة حول إمكاناتهم وأصولهم الرئيسية ونشر عروض جديدة في شرائح المنتجات والأسواق الأخرى ذات الصلة. وأصبحت "تينسنت"، على سبيل المثال، شركة آسيوية عملاقة في مجال التكنولوجيا تبلغ قيمتها حوالي 500 مليار دولار أمريكي، مستفيدةً من منصاتها الرقمية التي تشمل تطبيقات التراسل والألعاب والمدفوعات والتجارة الإلكترونية والإعلانات؛ كما قامت بتطوير تطبيق التراسل الاجتماعي "وي تشات" ليصبح تطبيقًا شاملًا. وتشمل مجمل عروض "تينسنت" خدمات التكنولوجيا المالية والترفيه والوسائط وسيارات الأجرة ومشاركة المواقع وغيرها، والتي أثمرت جميعها عن نمو سنوي مركّب في الإيرادات يبلغ 28% بين عامي 2011 و2021.

تحفيز الشركات عالية النمو

أشار بحث ماكنزي إلى اعتقاد أكثر من 1000 قائد شركة وسطيًا من المدراء التنفيذيين بتوفير 50% من إيرادات شركاتهم من المنتجات والخدمات والشركات الجديدة خلال السنوات الخمس القادمة. ويبحث العديد من القادة في مجالات غير قريبة من مجالاتهم الرئيسية للاستفادة بالكامل من فرص المشاريع الجديدة. وتضاعف التوجه نحو بناء مشاريع جديدة كواحدة من بين الأولويات الثلاث في جداول الأعمال التنفيذية.

وقد يساهم التوسع نحو أسواق جديدة من خلال بناء المشاريع في إتاحة فرص جديدة دون استبدال المنتجات والخدمات الحالية. وفي حال تم هذا التوسع بطريقةٍ صحيحة، يمكن أن يثمر عن نتائج مذهلة حسبما أوضح عدد من قادة النمو في مختلف القطاعات.

ووسعت أمازون مجال عملها الرئيسي، القائم على التجارة الإلكترونية، إلى الخدمات السحابية العامة من خلال أمازون "ويب سيرفسز". واستفادت أمازون من إمكاناتها الرئيسية وقوتها التجارية لتوفير الخدمة الجديدة التي ولّدت إيرادات وصلت إلى 62 مليار دولار أمريكي.

وعمدت شركة "داناهر الأمريكية"، المختصة بمجالات العلوم والابتكار التكنولوجي، إلى مكافحة مستويات النمو المنخفضة في مشاريعها الصناعية الرئيسية من خلال الدخول إلى الأسواق عالية النمو في مجالي علوم الحياة وأدوات التشخيص المتخصصة. وأجرت الشركة تحليلاتها للسوق بتوقيع بعض اتفاقيات الاستحواذ الصغيرة والاستثمار بشكلٍ كبير في منصاتها، لتقوم بعدها بتحويل "فورتيف"، شركتها الصناعية الرئيسية، إلى قسم مستقل مع إعادة اعتماد علوم الحياة وأدوات التشخيص كمجال عمل رئيسي لها، حيث تفوقت على مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" بواقع 3.8 مرات بين عامي 2002 و2016. ورغم أهمية النمو في مجال العمل الرئيسي، إلا أن الاستثمارات في الفرص الجديدة يمكن أن تساهم بإحداث تحول طويل الأمد إلى مجال عمل رئيسي جديد في أحد الأسواق عالية النمو.

كما أطلقت شركة "ماركوس" من "جولدمان ساكس" أولى مشاريعها الاستهلاكية الرقمية في عام 2016 لتمكين العملاء من إجراء معاملاتهم المصرفية على هواتفهم المحمولة. ونجحت الشركة خلال السنوات الست اللاحقة باستقطاب ملايين العملاء الذين تجاوزت ودائعهم 92 مليار دولار أمريكي، بالإضافة إلى منح قروض بقيمة تتخطى سبع مليارات دولار أمريكي بفضل أسلوب النمو العضوي وعمليات الاستحواذ والشراكات مع آبل وأمازون.

ويمكن للقادة تعزيز فرصهم في النمو من خلال الالتزام بمبدأ الابتكار وتحديد احتياجات العملاء ومتطلباتهم، وتطوير العروض المناسبة التي تجذب اهتمامهم. وانطلاقًا من الوتيرة المتسارعة التي تشهدها جهود الابتكار على مستوى العالم، يبحث القادة عن المنهجيات المرنة وعقد تحالفات استراتيجية وعمليات اندماج واستحواذ، بالإضافة إلى رغبتهم في التجريب والتعلم بسرعة كبيرة من الأخطاء والعثرات ومعاودة الكرّة حتى الاستثمار في الفرص الكبيرة.

ويستلزم تحقيق مستويات نمو عالية تنفيذ استثمارات والتزامات طويلة الأمد قبل تحقيق العائدات، لذلك يتعين على القادة التحلي بالشجاعة اللازمة لتحقيق أهدافهم وتنفيذ استثمارات مهمة، أو المنطق السليم الذي يتيح لهم التراجع في الوقت المناسب إذا لزم الأمر.

الحرص على التميز في تنفيذ خطة النمو الشاملة

يُعد هذا الجزء الثالث هو الأهم ضمن مراحل خطة النمو الشاملة بحيث تتقاطع الاستراتيجية مع التنفيذ المنظّم، وبذلك تكون هذه المرحلة الأخيرة من عملية تحقيق النمو. ويظهر تداخل عمليات التنفيذ مع تطوير الاستراتيجيات لتمكين القادة من اتخاذ القرارات الصحيحة في الوقت المناسب لتحقيق النمو على المديين القصير والطويل.

ويحرص القادة الذين يسعون إلى تحقيق النمو على رفد طموحاتهم بمجموعة من عوامل تمكين عمليات التنفيذ، بما في ذلك نموذج العمل وتخصيص الموارد وبناء المنظومات وعمليات الاندماج والاستحواذ والمشاريع المشتركة والتحالفات والإمكانات الوظيفية.

وضع نماذج العمل وتخصيص الموارد لتحقيق النمو

يعمل القادة الملتزمون بتحقيق النمو على اعتماد هذه المبادرات لتنفيذ استثمارات هادفة وحازمة، ويتفوقون بنسبة 60% من حيث فرص إعادة تخصيص الموارد بصورة منتظمة من المجالات منخفضة العائدات إلى المجالات التي تتمتع بعائدات مرتفعة. ويتميز هؤلاء القادة بأساليب تمويل مرنة وفاعلة تساهم بتقليل الاعتماد على الميزانيات السابقة التي قد تكون محور تركيزهم من الناحية النفسية، ويستكشفون سُبل دعم النمو دون التأثير بصورة سلبية على مجالات عملهم الرئيسية الحالية.

كما ترتفع احتمالية استخدام القادة لنماذج عمل متعددة ومخصصة لدعم مبادرات النمو والفرص المميزة المتاحة لهم. وقد تتمتع مجالات العمل الرئيسية بنموذج عمل تقليدي ومميز، إلا أنه من الممكن أن تعتمد الفرص المتاحة للنمو نهجًا أكثر مرونة وقائمًا على التعلم، مثل تشكيل فرق صغيرة مستقلة ومتعددة الاختصاصات تركز على تصميم المنتجات والمزايا والخدمات واختبارها مع العملاء. وتقوم هذه الفرق بتقسيم عمليات تطوير المنتجات وتجميع مراحل تطوير المنتج للحصول على ابتكارات تدريجية، مع استخدام المراحل القائمة على رأس المال المغامر وآليات التمويل التي تسهم في تعزيز مشاريع النمو. وتساهم المرونة بدعم استجابة الفرق للاضطرابات المفيدة والاستفادة من الفرص.

ويعتمد القادة على منهجية تتعلق بالنمو خلال إدارة الأداء بالاستناد إلى فكرة اتباع مقاييس سليمة لضمان تحقيق النجاح، حيث يقومون بتتبع مؤشرات النمو القياسية والمتعثرة معًا، مثل الإيرادات المتكررة والإيرادات لكل عميل وتكاليف استقطاب العملاء، ويربطونها بالأهداف والحوافز المؤسسية.

تعزيز المنظومات وعمليات الاندماج والاستحواذ والمشاريع المشتركة

يُعد التخصص في عالمٍ من الأعمال المتشابهة أحد عوامل التميز، لذلك غالبًا ما يبحث القادة خارج مجال عملهم الرئيسي لضمان الوصول السريع إلى المهارات والإمكانات التكميلية لتوسيع نطاق الابتكار والنمو. ويحظى هؤلاء القادة بفرصة تتراوح بين 30 إلى 50% لمواصلة البحث عن هذه التحالفات والمشاريع المشتركة وفرص الاندماج والاستحواذ.

وتزايد الاهتمام بعمليات الاندماج والاستحواذ الرقمية في السنوات الأخيرة مع ارتفاع مستوى كفاءتها، مما ساهم بمضاعفة قيمة هذه العمليات بين عامي 2011 و2021. وتتجه الشركات اليوم بشكلٍ أكبر نحو اتخاذ قرارات استراتيجية حول سبل تقييم هذه المعاملات الرقمية والاستفادة منها، بدءًا من استقطاب المواهب والإمكانات الجديدة ووصولًا للدخول إلى الأسواق وشرائح المنتجات الجديدة. وأضافت العديد من الشركات التي تعتمد استراتيجيات منهجية لعمليات الاندماج والاستحواذ (أي تنمية عملياتها بشكل ثابت بالاعتماد على عمليتي استحواذ على الأقل بقيمة لا تتجاوز 30% من رأسمالها في السوق سنويًا) مواضيع الاستثمارات الرقمية إلى خططها الخاصة بتلك العمليات. وبعد 20 عامًا تقريبًا من الأبحاث، يتبين اليوم أن هذه الاستراتيجيات المنهجية للاستحواذ والاندماج هي الوحيدة القادرة على توفير نسب كبيرة من العوائد الإجمالية للمساهمين. ويجب أن تتمتع مواضيع استثمارات الاندماج والاستحواذ، ولا سيما الرقمية منها، بدرجة عالية من التخصص تتيح لها توضيح سبل إضافة القيمة لجهة الاستحواذ.

كما يُعد تشكيل المنظومات مع العملاء من الطرق الفعالة لتطوير الإمكانات وتوسيع قاعدة العروض بصورة أسرع، فضلًا عن تحسين تجربة العملاء، وزيادة الوصول، وفرص الابتكار في المنظومة. ويساهم ذلك بتوفير القيمة للجهات المعنية، إذ يتيح أولًا للمشاركين توحيد مجموعة من العملاء في مختلف القطاعات، وثانيًا المساهمة بشكلٍ فعال في تعزيز نقاط الاتصال في قطاعي الأعمال المباشرة بين الشركات والأعمال المباشرة بين الشركات والمستهلكين.

الإمكانات الوظيفية

لا يمكن تنفيذ الخطة دون تحديد نقاط الهيئات التشغيلية والقادة للإمكانات الوظيفية الواجب توفيرها أو تغييرها، لدعم مبادرات نمو آفاق الابتكار على المديين القصير والطويل.

ويحرص القادة على توفير الإمكانات المؤسسية اللازمة لدعم النمو، بدءًا من بناء أدوات الذكاء الاصطناعي ومنصات التحليلات المتقدمة ووصولًا إلى توسيع إمكانات تجربة العملاء وتحديث الإمكانات الموجودة مثل عمليتي التسعير والتسويق. وإذ تختلف هذه الإمكانات حسب كل قطاع وشركة، تُعد الاستفادة من الأدوات الرقمية والتحليلات أحد محاور التركيز المشتركة بين القطاعات لتعزيز عمليات التوزيع وعائدات التسويق وإدارة قيمة العملاء ووضع أسعار مدروسة.

وفيما يتعلق بالتوزيع، تُعتبر التجارة الإلكترونية من الوسائل القوية لجمع بيانات رقمية قيّمة من العملاء على مدار رحلة الشراء وضمان الإنفاق بشكلٍ فعال وقابل للقياس على الوسائط الإعلامية. ونجحت نايكي، على سبيل المثال، بزيادة مساهمة منصة التجارة الإلكترونية التابعة لها nike.com في المبيعات من 7.5% إلى 24%، مما عزز معدل النمو السنوي المركب بنسبة 6.7% بين عامي 2017 و2021، بما يشمل ذروة جائحة كوفيد-19.

أما فيما يخص إدارة قيمة العملاء، يمكن أن يساهم الاستثمار في أساليب التخصيص بشكلٍ أكبر من خلال أدوات التحليل المتقدمة والإمكانات الرقمية، في تحسين تجربة العملاء والقيمة الدائمة للعميل. ومثال ذلك هو شركة "أمريكان إكسبريس" التي تستفيد من أدوات التحليل المتقدمة لتوفير توصيات مخصصة لعملائها حسب موقعهم، مما يتيح فرصًا أكبر لإجراء المعاملات المالية بالنسبة للشركاء وبطاقاتهم الائتمانية.

ويسمح تطور التحليلات للشركات بالتمييز بين الأسعار بين المناطق والقنوات ودورة حياة العميل. ونجحت إحدى الشركات الآسيوية الرائدة في مجال التجارة الإلكترونية بزيادة الهوامش الإجمالية بواقع 10% وقيمة إجمالي البضائع بنسبة 3% من خلال تطوير منهجية تسعير مرنة.

وتساهم الاستثمارات في الأدوات الرقمية بدعم الإمكانات التجارية، حيث يحظى قادة النمو بفرصة نسبتها 60% لاستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي وأدوات التحليل المتقدمة لتوقع سلوكيات العملاء. كما يعمل قادة النمو على الاستثمار في توسيع إمكانات تجربة العملاء وتحسينها بهدف تبسيط رحلة العميل وجعلها مخصصة أكثر.

ويقوم قادة النمو بوضع خطط لعمليات البحث والتطوير ومحافظ تطوير المنتجات، بالإضافة إلى إطلاق ابتكارات تدريجية متوازنة ومبادرات قوية للنمو على المدى الطويل، ورسم خطط واضحة للإمكانات اللازمة للتنفيذ. وبالتوازي مع ما سبق، ينبغي على القادة أن يستثمروا في تطوير إمكانات الموظفين وإنشاء قاعدة للمواهب التي تساهم في تعزيز الأدوات اللازمة لتحقيق أهداف النمو.

خطط تحقيق النمو: الفارق البسيط بين النجاح والإخفاق

تساهم خطة النمو في تحديد العناصر المناسبة التي ينبغي أن يركز عليها القادة بعد اتخاذ قرار تحقيق النمو في شركاتهم.

كما تعمل هذه الخطة على تأهيل الشركة للنمو ومواجهة الاضطرابات المفيدة، وهي تشجع القادة على إيجاد إجابات لمجموعة من الأسئلة الواضحة:

  • هل أمتلك الطموح والعقلية المناسبة والثقافة الصحيحة لتحقيق النمو؟ هل تُعد طموحاتي عالية بما فيه الكفاية؟ وكيف يمكنني ضمان امتلاك الشركة للإمكانات التي تخوّلها للنمو؟
  • هل أعمل بشكلٍ فعال على اختيار فرص النمو في مجال عملي الرئيسي والمجالات الأخرى ذات الصلة؟
  • هل أقوم بتوظيف عوامل التمكين الصحيحة لتحقيق طموحاتي واستراتيجياتي في مسألة النمو؟
  • هل وضعت نموذج العمل الصحيح وقمت بتخصيص الموارد لتحقيق النمو؟
  • هل أقوم بالاستثمار في الإمكانات الوظيفية الصحيحة؟

تساهم القرارات التي يتخذها القادة للإجابة على تلك الأسئلة في التمييز بين الذين يحققون نموًا فعليًا والقادة الطامحين له فقط.

وعلى سبيل المثال، نرى اثنين من قادة الشركات متماثلة الحجم التي تعمل في السوق نفسه، ويحظى كلاهما بفرصة مواتية للنمو ولكنّهم يحققان نتائج مختلفة. ولكن، ما هو سبب هذا الاختلاف؟

يعود ذلك إلى نجاح القائد الأول، الذي اتخذ قرار تحقيق النمو، بمواءمة مسار مجلس الإدارة وفريق القيادة مع توجهات الشركة وتخصيص الموارد الضرورية للنمو. كما قام بمواءمة نموذج العمل على المدى الطويل وأدرك المخاطر المحدقة بالمشاريع الجديدة التي كان يحاول بناءها. إضافةً إلى ذلك، عمل على الاستثمار بفعالية في بناء الإمكانات الوظيفية الصحيحة حتى ولو كبّدته خسارةً بسيطة في الأرباح، بهدف تحقيق أهداف النمو على المدى الطويل.

أما القائد الثاني، الذي اكتفى بالطموح لتحقيق النمو، فقد نجح في العديد من الخطوات أيضًا، حيث قام بتوظيف المواهب الصحيحة واستطاع الإحاطة بالمشاريع الجديدة التي كان يريد تطويرها، بالإضافة إلى اعتقاده بتخصيص موارد كافية للنمو، إلا أن تركيزه كان ينصبّ على الأرباح الربعية والربحية على المدى القصير. ورغم طموحه العالي بتحقيق النمو، لم يتحلّ بالاستراتيجية أو الالتزام طويل الأمد لتحقيق هدفه، إذ حاول حماية فريق الإدارة لتحقيق الأهداف قصيرة الأمد دون كسب تأييد مجلس الإدارة فيما يتعلق بمبادرات النمو على المدى الطويل.

كما يضفي القرار بتحقيق النمو زخمًا كبيرًا يساهم في توجيه الشركة بالكامل نحو بلوغ هدفها، بدءًا من المدراء التنفيذيين ووصولًا إلى الموظفين. وتساهم خطة النمو في تحديد العناصر المناسبة التي ينبغي أن ينصبّ عليها تركيز القادة بعد اتخاذ القرار بتحقيق النمو في شركاتهم. كما تعمل هذه الخطة على تأهيل الشركة للنمو ومواجهة الاضطرابات المفيدة. ويُعد وضوح الهدف والرؤية العامل الرئيسي لتشجيع القادة وفرقهم على كسر حواجز المستحيل وتحقيق النمو.

Explore a career with us