أبحاث معهد ماكنزي العالمي

المستهلكون يدعمون جهود الاستدامة رغم التكاليف

| تدوينة صوتية

ملاحظة: إننا نبذل قصارى جهدنا للحفاظ على جميع التفاصيل الدقيقة عند ترجمة المقالة الإنجليزية الأصلية، ونعتذر عن أي جزئية مفقودة في الترجمة قد تلاحظونها من حين لآخر نرحب بتعليقاتكم على البريد الالكتروني التالي: reader_input@mckinsey.com

يتخطى إجمالي إنفاق المستهلكين في الولايات المتحدة 14 تريليون دولار أمريكي سنويًا، ويساهم بثلثي الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة. وتساهم السلع الاستهلاكية سريعة التداول اليومية بنسبة كبيرة من هذا الإنفاق، بدءًا من المأكولات والمشروبات وحتى مستحضرات التجميل ومنتجات التنظيف. ويمتاز قطاع السلع الاستهلاكية سريعة التداول بحجمه الكبير، ويضم ملايين الموظفين ويحقق مبيعات سنوية بتريليونات الدولارات، ما يجعله جزءًا هامًا من جهود بناء اقتصاد أكثر شمولية واستدامة.

المزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية

شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية

تصفح المجموعة

وتقوم شركات السلع الاستهلاكية سريعة التداول بتخصيص المزيد من الوقت والاهتمام والموارد لتعزيز الممارسات المسؤولة بيئيًا واجتماعيًا في أنشطتها، كما تدرج إعلانات حول المسؤولية البيئية والاجتماعية على الملصقات التعريفية لمنتجاتها. وأدت هذه الخطوات إلى انتشار الإعلانات على المنتجات الاستهلاكية والدوائية المصنفة على أنها مستدامة بيئيًا وصديقة للبيئة وتلتزم بممارسات التجارة العادلة، أو غيرها من المواصفات المتعلقة بجوانب المسؤولية البيئية والاجتماعية. ويتمثّل الجانب الأهم في مستوى المساهمة الحقيقي لهذه الإعلانات في الممارسات التجارية التي تدعيها، بما يشمل تحقيق أهداف خفض الانبعاثات الكربونية على امتداد سلسلة القيمة، وتوفير أجور وممارسات عمل عادلة للموظفين، ودعم الشمولية والتنوع. ويجب من ناحية أخرى فهم كيفية استجابة العملاء للإعلانات الاجتماعية والبيئية، وهو ما لم يتم التطرق له سابقًا.

وأكدت الغالبية العظمى من العملاء اهتمامها بشراء المنتجات المستدامة بيئيًا وأخلاقيًا، حيث قال أكثر من 60% من المشاركين في استبيان ماكنزي حول آراء المستهلكين لعام 2020 بأنهم مستعدون لدفع مبالغ إضافية لشراء المنتجات المغلفة بطريقة مستدامة. وكشفت دراسة أجرتها شركة "نيلسن آي كيو" مؤخرًا أن 78% من المستهلكين في الولايات المتحدة يعتبرون نمط الحياة المستدام مهمًا بالنسبة لهم. وأشار العديد من المسؤولين التنفيذيين في شركات السلع الاستهلاكية سريعة التداول إلى مواجهتهم تحديًا في عدم قدرة مبادرات المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة على تحفيز مستوى الطلب اللازم من العملاء. وتبرز قصص عديدة حول الشركات التي أطلقت منتجات جديدة تتضمن إعلانات ترتبط بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، غير أن مبيعاتها لم تواكب التوقعات.

كيف يمكننا فهم هذا الواقع؟ وهل يهتم العملاء فعليًا بهذه الإعلانات؟ وهل يبحثون عن هذه المنتجات في المتاجر التقليدية والإلكترونية؟ وهل تتباين قرارات الشراء لديهم بين التفضيلات المعلنة والواقعية؟ تترتب تكلفة كبيرة على تصنيع وترخيص منتجات تقدم إعلانات ترتبط بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، ولا سيما مع ارتفاع معدلات التضخم، ما يفرض على الشركات إجراء تقييم دقيق للطلب على هذه المنتجات عندما تعتزم إجراء استثمارات في المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة ضمن جميع أعمالها. كما يجب على الشركات تحسين فهمها لمدى تأثير هذه الأنواع من الإعلانات على قرارات الشراء لدى العملاء وكيفية حدوثه. فهل يميل المستهلكون إلى شراء منتجات تحمل مثل هذه الإعلانات؟ وما هو تأثير الإعلانات المتعددة؟ وهل تؤثر إعلانات محددة أكثر من غيرها؟ وهل يكتسب الإعلان أهمية أكبر إذا تم وضعه على منتج أعلى سعرًا؟ وهل يصبح الإعلان أقل أهمية عند وضعه على منتجات علامة رائدة ومشهورة؟

أجرت ماكنزي و"نيلسن آي كيو" دراسة بحثية مكثفة على مدار شهور عدة للإجابة على هذه الأسئلة وغيرها. وشملت دراستنا التوجهات التي أبلغ عنها المستهلكون في الولايات المتحدة، إلى جانب دراسة سلوكيات الإنفاق الفعلية لديهم، وتتبع المبالغ التي ينفقونها بدلًا من استطلاع آرائهم. وبالنسبة لشركات السلع الاستهلاكية سريعة التداول، كشفت النتائج عن ضرورة توفير منتجات مسؤولة بيئيًا واجتماعيًا في إطار التزاماتها واستراتيجياتها الشاملة المتعلقة بمجال المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة. ويمثّل توفير هذه المنتجات واجبًا أخلاقيًا وقرارًا تجاريًا حكيمًا في نفس الوقت.

سجلت المنتجات التي تحمل إعلانات متعلقة بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة متوسط نمو تراكمي بلغ 28% على مدى السنوات الخمس الأخيرة، مقابل 20% للمنتجات الخالية من هذه الإعلانات.

تمثل الدراسة البحثية خطوة أولية للإجابة على السؤال المعقد حول كيفية تقييم المستهلكين للعلامات التجارية والمنتجات التي تحمل إعلانات متعلقة بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة. وواجهت الدراسة مجموعة من القيود الملحوظة التي يتعين ذكرها في البداية.

أولًا، تستكشف الدراسة مدى نمو مبيعات المنتجات التي تضمنت إعلانات متعلقة بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة مقارنةً مع المنتجات المماثلة الخالية من هذه الإعلانات. 1ولكنها لا تظهر علاقة سببية تحدد السبب الذي دفع المستهلكين لشراء منتجات هذه العلامات نتيجة هذه الإعلانات أو لأسباب أخرى. فعلى سبيل المثال، لا تضم الدراسة معطيات ثابتة لعوامل معينة مثل استثمارات التسويق وأنشطة التوزيع والترويج، إنما تركز على الرابط بين إعلانات المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة ومعدلات المبيعات.

ثانيًا، لم يتمثّل هدفنا في إجراء تقييم مستقل لمصداقية هذه الإعلانات. ويتعين على الشركات بلا شك دعم جميع الإعلانات التي تقدمها بتدابير على أرض الواقع بهدف تطوير اقتصاد مستدام وشامل. ويحمل التضليل البيئي (أو الإعلانات الفارغة أو المضللة حول المزايا البيئية والاجتماعية لمنتج أو خدمة ما)، مخاطر على سمعة الشركات عبر خسارة ثقة المستهلكين. كما أنه يهدد قدرتها على اتخاذ خيارات مسؤولية بيئيًا واجتماعيًا، ويؤثر سلبًا على دور الجهات التنظيمية. وينحصر هدف هذه الدراسة في تقييم مدى ارتباط الإعلانات المتعلقة بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة مع سلوكيات الشراء.

منهجيتنا: دراسة دقيقة لإعلانات المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة في المتاجر

حللت ماكنزي بالتعاون مع "نيلسن آي كيو" بيانات مبيعات في الولايات المتحدة تعود إلى خمس سنوات، من عام 2017 إلى يونيو 2022. وشملت البيانات 600 ألف صنف من المنتجات والتي تقدم 400 مليار دولار أمريكي من إيرادات التجزئة السنوية. وتعود هذه المنتجات إلى 44 ألف علامة تجارية ضمن 32 فئة من منتجات المشروبات والرعاية الشخصية والأدوات المنزلية.

أتاحت لنا عمليات القياس في شركة "نيلسن آي كيو" تحديد 93 نوع من إعلانات المعايير الاجتماعية والبيئية والحوكمة، والتي تجسدت في مصطلحات مثل: "حيوانات غير حبيسة" و"نباتية" و"صديق للبيئة" و"قابل للتحلل العضوي". تم تقسيم الإعلانات إلى ستة تصنيفات: الرفق بالحيوان، والاستدامة البيئية، وأساليب الزراعة العضوية، والمكونات النباتية، والمسؤولية الاجتماعية، والتغليف المستدام (يُرجى الاطلاع على العمود الجانبي: ستة أنواع لإعلانات المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة). كما تستفيد الدراسة من تحليل بيانات استهلاك الأُسر في شركة "نيلسن آي كيو"، والذي يتعقب سلوكيات الشراء لدى أكثر من 100 ألف عائلة في الولايات المتحدة.

ودرس التحليل معدلات نمو مبيعات منتجات منفردة بحسب الفئة على مدار خمس سنوات من 2017 إلى 2022. وقمنا بمقارنة مختلف معدلات النمو لمنتجات تحمل إعلانات المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة أو تخلو منها، مع تثبيت العوامل الأخرى (مثل قوة العلامة التجارية، ونطاق السعر، ومدى قدم أو حداثة المنتج). وتقدم النتائج تحليلات توضح اختلاف الأداء بين المنتجات التي تحمل إعلانات متعلقة بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة وبين نظيراتها التي تخلو من أي إعلان.

أشارت البيانات إلى أن التأثير الإيجابي للإعلانات لم يظهر لدى جميع الشركات، وأوضح وجود الكثير من الفروقات الدقيقة بين المنتجات. كما كشفت الدراسة بشكل واسع النطاق عن وجود رابط فعلي وواضح بين إعلانات المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة ومعدلات إنفاق المستهلكين في أصناف عديدة. وتتمتع هذه التحليلات الأربعة الشاملة بأهمية كبيرة لدى شركات المنتجات الاستهلاكية والتجزئة ممن تمتلك محفظة من المنتجات المسؤولة اجتماعيًا وبيئيًا، والتي تشكل جزءًا من استراتيجياتها الشاملة في مجال التزامات التأثير والمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة.

1. المستهلكون يركزون إنفاقهم على منتجات تحمل إعلانات حول المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة

تمثل الهدف الأول للدراسة في تحديد ما إذا كانت المنتجات التي تحمل واحدًا أو أكثر من إعلانات المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة قد حققت مبيعات أعلى من نظيراتها التي تخلو من هذه الإعلانات، وذلك على مدار فترة الخمس سنوات المشمولة بالدراسة. وقمنا بمقارنة النسبة الأولية من المبيعات لكل منتج في فئته، ثم تتبعنا معدل نمو هذه النسبة على مدى السنوات الخمس. 2 واكتشفنا بأن تفضيلات المستهلكين بهذه المجالات ترتبط بالفعل مع سلوكياتهم الشرائية.

كشفت الدراسة بشكل واسع النطاق عن وجود رابط فعلي وواضح بين إعلانات المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة ومعدلات إنفاق المستهلكين في أصناف عديدة.

سجلت المنتجات التي تحمل إعلانات متعلقة بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة نسبة 56% من النمو الإجمالي، ما يمثل زيادة بنسبة 18% عن التوقعات المبنية على أساس نموها في بداية هذه الفترة. وسجلت المنتجات التي تحمل هذه الإعلانات متوسط نمو تراكمي بلغ 28% على سنوات الدراسة الخمس، مقابل 20% للمنتجات الخالية من هذه الإعلانات. وعلى صعيد معدل النمو السنوي المركب، حققت المنتجات التي تقدم إعلانات متعلقة بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة زيادة مقدارها 1.7 نقطة مئوية، ما يمثل تقدمًا كبيرًا مقارنةً بالمنتجات الخالية من هذه الإعلانات في سياق هذا القطاع الناشئ وضعيف النمو (الشكل 1). وتشكل المنتجات التي تحمل هذه الإعلانات نحو نصف إجمالي مبيعات التجزئة في الأصناف المشمولة بالدراسة.

1

وأظهرت الأصناف المختلفة معدلات نمو متباينة (الشكل 2)، حيث حققت المنتجات التي تحمل إعلانات متعلقة بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة نموًا لافتًا في 11 من بين 15 من فئات المأكولات في 75% من فئات منتجات العناية الشخصية، بمقابل اثنين من بين تسعة من أصناف مشروبات. ويصعب الاعتماد على بيانات التسوق وحدها لكشف أسباب هذه الفروقات. نأخذ مثلًا فئة حليب الأطفال والمشروبات المغذية، حيث يمكن أن تستند قرارات الشراء إلى نصيحة الأطباء نتيجة تفضيل المستهلكين اتباع التوصيات الطبية، بصرف النظر عن الإعلانات المتعلقة بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة.

2

وكان التوجه العام واضحًا، إذ حققت المنتجات التي تحمل إعلانات حول المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة نموًا أسرع من نظيراتها التي تخلو من هذه الإعلانات في ثلثي الفئات. وأظهرت بيانات الأُسر في شركة "نيلسن آي كيو" بأن بعض المجموعات الديموغرافية كانت أكثر قابلية لشراء منتجات تحمل واحدًا أو أكثر من هذه الإعلانات، مثل الأُسر عالية الدخل وسكان المناطق الحضرية والضواحي والأُسر التي تضم أطفالًا. وفي المقابل، أوضحت الدراسة البحثية أن مجموعة كبيرة من المستهلكين، من مختلف مستويات الدخل والأعمار والأعراق والمناطق الجغرافية، يشترون منتجات تحمل إعلانات متعلقة بمجالات المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، رغم وجود فارق بنسبة 15% بين نسبة المستهلكين الذين يلتزمون بشراء المنتجات المسؤولة بيئيًا واجتماعيًا من إجمالي السكان عبر المناطق الجغرافية. ويشير ذلك إلى أن الإقبال على المنتجات المسؤولة بيئيًا واجتماعيًا لا ينحصر في فئة محددة، وهي تحرز تقدمًا ملموسًا في مختلف مناطق الولايات المتحدة.

2. العلامات التجارية الكبيرة والصغيرة التي استخدمت الإعلانات المتعلقة بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة حققت نموًا إضافيًا

سجلت العلامات التجارية الكبيرة والصغيرة زيادة في نمو المنتجات التي تحمل إعلانات متعلقة بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة. وحققت الشركات الصغيرة التي قدمت مثل هذه الإعلانات نموًا في منتجاتها بنسب نمو متفاوتة في 59% من الفئات المشمولة بالدراسة، مقارنةً مع 50% من الفئات لدى العلامات التجارية الرائدة (الشكل 3). ويبرز عدد من الأمثلة عن فروقات النمو بين الفئات، حيث سجلت المشروبات الرياضية ومستحضرات العناية بالشعر نموًا أسرع لدى العلامات الصغيرة، بينما حققت العلامات الكبيرة نموًا أسرع في فئات عصائر الفاكهة والحلويات. (لا يمكن للبيانات توضيح سبب ضعف أداء العلامات متوسطة الحجم، ولكن يمكن أن يعود إلى الافتقار إلى التسويق والتوزيع واسع النطاق الذي يميز العلامات الرائدة، والموثوقية التي تتمتع بها العلامات الصغيرة).

3

وعلى صعيد المقارنة بين المنتجات الجديدة والمعروفة، تفوّقت المنتجات الجديدة التي استخدمت الإعلانات المتعلقة بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة على نظيراتها ضمن 32% من الفئات.3 وتفوقت المنتجات المعروفة التي تستخدم الإعلانات على نظيراتها ضمن 68% من الفئات. وما تزال البيانات عاجزة عن تحديد سبب هذه التباينات. ويمكننا افتراض أن المتسوقين يتوقعون رؤية هذه الإعلانات على المنتجات الجديدة، في حين يتفاجؤون عند رؤيتها على المنتجات الأقدم. (سجلت المنتجات المعروفة التي تحمل إعلانات متعلقة بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة انخفاضًا أقل حدة في المبيعات مقارنةً بنظيراتها).

كما تم تسجيل معدلات نمو مماثلة في جميع مستويات الأسعار في المنتجات التي استخدمت إعلانات متعلقة بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة. ويدل النجاح ضمن مستويات الأسعار الأقل على الانتشار الواسع لمنتجات العلامات التجارية الخاصة التي تحمل هذه الإعلانات. كما سجلت منتجات العلامات التجارية الخاصة نموًا فاق التوقعات في 88% من الفئات.

وتشير هذه التوقعات إلى أن المستهلكين الذين يفضلون منتجات العلامات التجارية الخاصة ربما لا يركزون على المنتجات الأرخص ثمنًا، بل يهمهم دعم المنتجات معقولة التكلفة التي تحمل إعلانات متعلقة بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة. وتصبح الأسعار المعقولة أكثر أهمية خلال فترات التضخم بالنسبة للمستهلكين، حيث يمكن لشركات تصنيع وتجزئة السلع الاستهلاكية سريعة التداول استخدام هذه البيانات كمحفزات لمنح المتسوقين الباحثين عن القيمة خيارات تراعي المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة وبأسعار مناسبة.

3. لا توجد أفضلية واضحة لنوع واحد من إعلانات المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، ولكن الإعلانات الأقل انتشارًا غالبًا ما ارتبطت مع تأثيرات أكبر

يبدو أن المستهلكين لا يركزون دومًا على إعلانات محددة في مختلف الفئات، حيث لم نلحظ أي ارتباط بين الإعلانات وتحقيق النمو المتفوق. واكتشفنا بأن الإعلانات الأقل انتشارًا ترتبط مع معدلات نمو أعلى مقارنةً مع نظيراتها واسعة الانتشار. ويؤكد ذلك بأن الإعلانات يمكن أن تكون عوامل مؤثرة، ولا سيما عندما تتمتع بتأثير متباين على أهداف الشركة المرتبطة بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة والتزامات التأثير.

وحققت المنتجات التي تضمنت إعلانات أقل انتشارًا (مثل، النباتية فيجان أو المحايدة مناخيًا) نموًا بنسبة 8.5% زيادة عن نظيراتها التي لم تقدم مثل هذه الإعلانات. وسجلت المنتجات التي تضمنت إعلانات متوسطة الانتشار (مثل، التغليف المستدام أو المكونات النباتية) نموًا أعلى بنسبة 4.7% من نظيراتها. وتشهد الإعلانات الأكثر انتشارًا (مثل مستدام بيئيًا) معدل النمو الأقل. ورغم ذلك، تحظى المنتجات التي تتضمن إعلانات واسعة الانتشار بنمو أعلى بنسبة 2% تقريبًا من المنتجات الأخرى التي لا تحمل إعلانات، ما يشير إلى أن الإعلانات المنتشرة يمكن أن تحدث فارقًا إيجابيًا.

كما يكشف تحليل بيانات الأُسر في شركة "نيلسن آي كيو" عن وجود علاقة طردية بين أهمية إعلانات المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة في ولاء العملاء للعلامات التجارية (الشكل 4).

4

وبالنسبة للشركات التي يأتي أكثر من نصف مبيعاتها من المنتجات التي تقدم إعلانات متعلقة بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، فقد تراوح معدل تكرار الشراء لديها بين 32% و34% (أي شراء العملاء لمنتجات العلامة ثلاث مرات أو أكثر سنويًا). وخلافًا لذلك، تحقق الشركات التي يأتي أقل من نصف مبيعاتها من هذه المنتجات معدلات تكرار شراء أقل من 30%. ولا يشير هذا الفارق إلى أن المستهلكين يفضلون العلامات التجارية بسبب هذه الإعلانات، بل تؤكد أن تركيز العلامات على المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة يسهم في تحسين ولاء العملاء للعلامة بشكل عام.

4. الإعلانات المتنوعة تعزز المصداقية

حللت الدراسة مدى تأثّر النمو عند تقديم مجموعة متنوعة من الإعلانات المتعلقة بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة. وفي المتوسط، سجلت المنتجات التي تقدم إعلانات متعددة تتعلق بالتصنيفات الستة الأساسية للمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة نموًا بوتيرة أسرع من باقي المنتجات؛ حيث أظهرت البيانات في نحو 80% من الفئات وجود علاقة طردية بين معدلات النمو وعدد إعلانات المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة التي يقدمها المنتج. ونمت المنتجات التي تقدم أنواعًا متعددة من الإعلانات بوتيرة تقترب من الضعف عن المنتجات التي قدمت نوعًا وحدًا. (الشكل 5).

5

ولا يعني ذلك أننا نقترح على الشركات وضع مزيد من الإعلانات والاعتمادات على منتجاتها وترقّب نتائج مجزية، بل يتعين أن تترافق هذه الإعلانات مع إجراءات فعلية تقدم تأثيرًا هادفًا في مجالات المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، فضلًا عن ضرورة مراعاة التحذير الجدي حول التضليل البيئي الذي أشرنا إليه في مقدمة هذه المقالة. كما لا ترجّح هذه النتائج أن المستهلكين سيدركون بأن الإعلانات المتعددة (بدلًا من إعلان واحد) التي يقدمها منتج ما ترتبط بالممارسات الحقيقية للعلامات التجارية في مجالات المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة. وتشير النتائج أيضًا إلى أن العلامات التجارية يمكن أن تستفيد من تقييم مدى التزامها بهذه المعايير، لضمان الوصول إلى نظرة شاملة حول العوامل الاجتماعية والبيئية التي تدعم منتجاتها.

ما معنى ذلك بالنسبة للمستهلكين والشركات وتجار التجزئة؟

شكّل الاستهلاك العالمي من جانب المستهلكين عاملًا رئيسيًا لتحقيق النمو والازدهار الاقتصادي على مدار القرن الماضي. ويترافق هذا النجاح مع تأثيرات اجتماعية وعالمية تنجم عن إنتاج ونقل المنتجات أو التخلص منها. لذا يجب على هذه المنتجات أن تحمل دافعًا أخلاقيًا للمستهلكين والشركات على حد سواء، يتيح لهم فهم ومعالجة هذه التأثيرات على المجتمع والكوكب كجزء من قرارات الشراء والإجراءات المتعلقة بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة. وتوفر إعلانات المنتج جزءًا مهمًا من الوفاء بهذا الواجب الأخلاقي، شرط اقترانها بإجراءات بيئية واجتماعية فعلية.

وتتعدد الصيغ المتاحة للاستثمار في مزايا وإعلانات المنتجات المسؤولة بيئيًا واجتماعيًا بالنسبة للشركات الرائدة في مجال تصنيع السلع الاستهلاكية سريعة التداول وبيعها، حيث تتوفر الفرص على مختلف الأصعدة. ويتعين على شركات المنتجات الاستهلاكية وتجار التجزئة في المرحلة الأولى التركيز على الاستثمار في الإجراءات ذات الصلة التي تحقق أكبر قدر من التقدم بشأن الالتزامات بهذه المجالات، وفي المرحلة الثانية إبلاغ المستهلكين بهذه الإجراءات، بما يشمل المعلومات الواردة في إعلانات المنتجات. ويكشف بحثنا عن بعض التحليلات التي يمكن للشركات مراعاتها في سياق مساعيها لإحراز التقدم في التزاماتها بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، مع السعي لتعزيز نموها في نفس الوقت.

  • الحرص على أن تدعم الإعلانات استراتيجية المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة حول هذه المجالات مع تقديم تأثير بيئي واجتماعي هادف ضمن محفظة المنتجات. تبيّن الدراسة إمكانية تحقيق النمو المرتبط بمجالات المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة في مجموعة كبيرة من العلامات التجارية، سواء الكبيرة أو الصغيرة أو الوطنية أو الخاصة، ووفق نطاقات أسعار عالية ومنخفضة. ويجب على الشركات تحديد مختلف الإجراءات التي وفرت التأثير الأبرز في تلك المجالات، ثم مشاركة هذه الإجراءات عند الضرورة عن طريق إعلانات تشمل كامل محفظة المنتجات. وبدلًا من الاعتماد كليًا على منتج أو فئة محددَين، يمكن إدراج المزايا عالية التأثير في هذا المجال ضمن فئات ومنتجات متعددة، ما يضمن لها تعزيز تأثيرها في هذه المجالات وفرصة أكبر لتحقيق نمو متميز.
  • تطوير عملية تصميم المنتجات لتشمل الإعلانات المتعلقة بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة إلى جانب إدارة التكلفة. يهدف الاستثمار في تصميم المنتجات إلى زيادة النمو مع مراعاة التكلفة، ولا سيما خلال فترات التضخم. ولضمان الحصول على أفضل النتائج من الإعلانات، يمكن للشركات تحسين قدراتها في مجال تصميم المنتجات، والتي تتضمن بناء نظرة شاملة حول التكلفة والجودة والتأثيرات المرتبطة بمجالات المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة. ويمكن لمصممي المنتجات اعتماد منهجية منضبطة للتصميم المستدام بهدف تعزيز الشفافية والكفاءة والفعالية من حيث التكلفة لمزايا المنتجات بتلك المعايير، والتي تضمن أن تلبي المنتجات توقعات المستهلكين. كما يجب التخلص من المكونات والمواد والعمليات التي لا تخدم هذا الهدف.
  • الاستثمار في المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة ضمن العلامات التجارية القائمة والمنتجات المبتكرة الجديدة. تتضمن المحفظات القوية مزيجًا متوازنًا من المنتجات الجديدة والقائمة. وتلعب الإعلانات المرتبطة بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة دورًا محوريًا في كلا الفئتين. وتؤكد هذه الدراسة أن تقديم إعلانات مميزة ترتبط بهذه المعايير يمكنها ضمان أفضلية تنافسية للمنتجات الرائدة وسط البيئة عالية التنافسية. ونظرًا لمساهمة المنتجات الجديدة بشكل لافت في تعزيز نمو الفئات، يجب الحرص على تعزيز نسبة المنتجات المسؤولة بيئيًا واجتماعيًا من المنتجات المبتكرة المرتقبة في الشركة. ويدعم ذلك مواكبة طلب العملاء على هذه المنتجات، ومساهمتها في استراتيجية الشركة المتعلقة بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة.
  • فهم المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة لكل فئة وعلامة تجارية. تتمتع اختلافات المنتجات بأهمية كبيرة، لذا يجب دراسة الأنماط الخاصة بالفئات لمعرفة الأفضل من بينها في كل سياق. ويمكن للشركات تحديد الإعلانات التي ترتبط دومًا مع تحقيق أداء أفضل في فئات محددة، وذلك بهدف التركيز على الإعلانات الأكثر أهمية للمستهلكين في تلك الفئات. ويمكن للشركات الاستفادة من معرفتها الجيدة بالإعلانات التي تنسجم مع المكانة والهوية الرئيسية لكل علامة تجارية أو تميزها عن منتجات منافسيها.
  • اعتماد الطبيعة الشاملة والمترابطة للمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة من خلال توفير منتجات تعالج تحديات عدة. تُظهر هذه الدراسة بأن المستهلكين لا يستجيبون دومًا لإعلانات محددة في جميع الفئات. ورغم ذلك، فهم يقدرون المنتجات التي تقدم إعلانات متعددة ترتبط بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، والتي تدعم المنتج في تحقيق أهداف الشركة الشاملة المتعلقة بهذه المعايير، مع ضمان مزيد من المصداقية والالتزام تجاه المستهلكين. ويمكن أن توفر تقديم مزايا إضافية لمنتج محدد إمكانات نمو متزايد تساوي أهمية تقديم الميزة الأولى. وتستفيد الشركات أيضًا من إجراء تقييم خاص بالفئة أو العلامة التجارية لتحديد احتمال وكيفية تقديم إعلانات متعددة الأوجه، ما يساهم في تحقيق نمو أقوى وتوفير مزايا محسنة مرتبطة بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة.

تحظى الشركات بتأثير أقوى في مجال المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة وفرصة أفضل لتحقيق نمو متميز عند إدراج إعلانات عالية التأثير في مختلف المنتجات والفئات.

لا تقدم هذه الدراسة إجابات على جميع الأسئلة حول تأثير استثمارات الشركات الاستهلاكية في المنتجات المسؤولة بيئيًا واجتماعيًا. كما لا تقيّم الدراسة مدى صحة الإعلانات المرتبطة بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة والمزايا البيئية والاجتماعية لمختلف الإعلانات، أو التكلفة الإضافية لتقديم منتجات تواكب هذه الإعلانات فعليًا. إلا أنها توفر قاعدة معلومات مهمة تكشف عن عادات الإنفاق لدى المستهلكين المرتبطة بهذه المنتجات، ما قد يساعد الشركات على تسريع وتيرة مسيرتها لتحقيق التزاماتها بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة. ويوفر ذلك دليلًا على أن آراء المستهلكين حول إعلانات المنتجات المرتبطة ذات الصلة تنعكس بشكل ملموس على هيئة سلوك إنفاق فعلي، وهو ما يشير إلى أن الالتزام بتلك المعاير لا يتعارض مع النمو، بل يمكن تحقيق كلا الهدفين في الوقت ذاته من خلال تنفيذ استراتيجية مدروسة وقائمة على الحقائق وتتمحور حول المستهلكين. ولا تقتصر النتيجة الأكبر على تحقيق أداء مالي أفضل، بل يمكنها المساعدة أيضًا في الوصول إلى مستقبل أفضل.

Explore a career with us