إزالة العوائق لتحقيق الوفورات من خلال اعتماد استراتيجية شاملة للتميز في تجارة التجزئة

| مقالة

ملاحظة: إننا نبذل قصارى جهدنا للحفاظ على جميع التفاصيل الدقيقة عند ترجمة المقالة الإنجليزية الأصلية، ونعتذر عن أي جزئية مفقودة في الترجمة قد تلاحظونها من حين لآخر. نرحب بتعليقاتكم على البريد الإلكتروني التالي reader_input@mckinsey.com

تزداد ضغوط الأرباح على تجار التجزئة بشكل ملحوظ، ويجد بعض هؤلاء التجار صعوبة في تحقيق قيمة مالية، في حين يتقدم آخرون بفارق واضح، اطلع على (الشكل 1). أما الذين لم يتمكنوا من مواكبة هذا التقدم قد استنفدوا بالفعل الحلول السهلة والسريعة لمواجهة صعوبات السوق، ولكن دون تحقيق نتائج كبيرة. ومن أجل حماية أرباحهم وتحسين مركزهم التنافسي، قد يكونون بحاجة إلى تبني استراتيجيات أكثر جذرية وشمولية. وهذا يعني الابتعاد عن الحلول المؤقتة والبدء في تطبيق تغييرات أساسية تعيد تشكيل أعمالهم بطرق فعّالة ومستدامة.

إن التميز المتكامل من البداية إلى النهاية، أو ما يعرف بــــ (E2E)، يمثل نهجًا شاملًا من شأنه تغيير قواعد اللعبة في إدارة العمليات. ويعتمد هذا النهج على فكرة التكامل الشامل لجميع جوانب العمل، وهو يحول دون النظر إلى المشكلات التشغيلية في قطاع التجزئة على أنها مجرد تحديات جزئية. وفي الواقع، قد يبدو تبني هذه الاستراتيجية كميزة إضافية غير ضرورية، لكن الحقيقة أنها تمكن تجار التجزئة من تحسين عملياتهم والحفاظ على هوامش الربح حتى في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة. والسؤال المطروح هنا، لماذا لم يتم تبني هذا النهج على نطاق واسع؟ العقبة الرئيسية في تنفيذ هذا النهج تتمثل في التحديات الكبيرة المرتبطة بإزالة الحواجز داخل الشركة، سواء كانت هذه الحواجز تقنية تتعلق بالوظائف المختلفة، أو حواجز غير ملموسة ترتبط بالثقافة والسياسات الداخلية. ويتطلب تحقيق التميز المتكامل جهدًا هائلاً يشبه في صعوبته المهام الأسطورية، مما يجعل الأمر بمثابة تحدي كبير يواجه الشركات.

1

ولضمان تحقيق الكفاءة الشاملة من البداية حتى النهاية، من الضروري أن يقوم تجار التجزئة بتشكيل فرق عمل تضم مختلف التخصصات، كما يجب على هذه الفرق أن تتسلح ببيانات دقيقة ومحدثة، بالإضافة إلى أدوات وتكنولوجيا متقدمة تُسهل التنسيق بين الأقسام المختلفة. فمن المهم أيضاً أن يكون هناك تواصل فعال لضمان تفهم وتبني الرؤية الموحدة للمؤسسة. وتظهر الأبحاث التي أجريناها أنه عند تنفيذ حلول متخصصة ضمن كل وظيفة على حدة، يحقق التجار عادةً توفيراً في التكاليف يتراوح بين 5 إلى 10 بالمئة. في المقابل، يؤدي التحول الشامل للعمليات من البداية إلى النهاية إلى توفير يتراوح بين 10 إلى 15 بالمئة في التكاليف، كما أنه يعزز من تجربة العملاء بفضل العمليات المُحسّنة والمُبسّطة.

المزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية

شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية

تصفح المجموعة

في هذا المقال، نستعرض ثلاثة أشكال مختلفة من التحولات الكاملة والشاملة داخل قطاع التجزئة، كما نستعرض قائمة بالخطوات التي يمكن لأصحاب المتاجر تنفيذها لجعل هذه الاستراتيجية حقيقة واقعة. هذه الخطوات مصممة لمساعدة التجار على تحسين كيفية عملهم وزيادة الفعالية، مما يؤدي إلى تجربة أفضل للعملاء وزيادة النجاح في السوق.

ثلاث مشكلات وثلاثة تحولات شاملة وكاملة

في هذا المقال، نقدم توجيهات حول كيفية بدء تجار التجزئة رحلتهم نحو التحول الشامل، والتي تشمل المؤسسة بأكملها، ونتناول أكثر التحديات تعقيداً في قطاعهم. ويمكن تطبيق مبادئ هذا التحول على مجالات محددة ومستقلة، كخطوة أولى نحو تحقيق هذا الهدف. علاوة على ذلك، نستعرض في المقال ثلاثة أمثلة رئيسية للتحولات التي تشمل تحسين معدلات توفر المنتجات في المخازن، وتعزيز كفاءة شبكات التوزيع، وإدارة عمليات الإرجاع بفعالية أكبر. هذه المسائل متعددة الجوانب ولا يمكن حلها بنهج واحد موحد، وتؤثر على عدة نقاط عبر سلسلة القيمة التجارية، بدءًا من الموردين ووصولاً إلى العملاء. هذا التأثير الشامل يجعلها مثالية لتطبيق مبادئ التحول الشامل، مما يساعد على تحقيق تحسينات جوهرية تعود بالنفع على كامل العمليات التجارية.

تحسين توفر المنتجات في المخازن

خلال أصعب أوقات الجائحة، عندما تسببت جائحة كوفيد 19 في اضطرابات كبيرة في سلسلة التوريد العالمية، واجه العملاء وتجار التجزئة والموردين تحديًا متكررًا بسبب نقص المنتجات. لم يكن هذا النقص مجرد إزعاج مؤقت، بل تحول إلى مشكلة دائمة نظرًا للتقلبات الحادة في مستويات المخزون. فعلى سبيل المثال، شهدت متاجر البضائع العامة في الولايات المتحدة انخفاضًا في المخزون بنحو 15٪، تلاه ارتفاع غير مسبوق بنسبة 50٪ في غضون العام نفسه، مما أدى إلى تذبذب شديد يُشبه حركة "اليو-يو". حتى بعد مرور أربع سنوات، لا يزال تحدي نقص المنتجات يؤرق رفوف المتاجر، بينما أصبحت الأسباب الكامنة وراء هذه المشكلة أكثر تنوعًا وتشابكًا من أي وقت مضى، وذلك لأنها تنتشر عبر مختلف الوظائف داخل الشركات. وفي هذا السياق، لا يمكن للتجار إلقاء اللوم على سلسلة التوريد العالمية وحدها، ولا يجب أن يُتوقع من فرق العمل في المتاجر بمفردها أن تجد حلولاً لمشكلات نقص المخزون، مما يؤكد على الحاجة لنهج متكامل ومشترك لمواجهة هذه التحديات.

في محاولة لمواجهة مشكلة نقص المنتجات، قرر أحد تجار التجزئة اتخاذ خطوة استراتيجية من خلال بناء شجرة تحليلية للأسباب الجذرية. هذه الشجرة تمكنه من تتبع أسباب نقص المنتجات بدقة من الموردين مروراً بالمخازن وحتى وصولها إلى رفوف المتاجر، تماماً كما يوضح (الجدول). وقد استخدم التاجر بيانات مفصلة حول كل وحدة حفظ المخزون (SKU) في المتاجر، مما سمح له بتحليل متعمق يشمل كافة أجزاء سلسلة القيمة. الهدف من هذا التحليل كان ليس فقط تحديد العوامل التي تسببت في نقص كل منتج على حدة، ولكن أيضًا لفهم كيف يمكن تلافي هذه المشكلات مستقبلاً.

لعبت كل وظيفة دورًا حاسمًا في تحسين معدلات توفر المنتجات لدى التاجر، فقد عمل قسم الترويج التجاري بشكل وثيق مع فرق سلسلة التوريد على تحسين جداول خطط الشراء لضمان توافر المنتجات في الأوقات المناسبة. في الوقت نفسه، تعاونت فرق سلسلة التوريد مع فرق المتاجر لتحسين دقة اختيار البضائع وجدولة عمليات التوصيل بشكل فعال. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ عملت فرق المتاجر جنبًا إلى جنب مع فرق تكنولوجيا المعلومات والتجارة الإلكترونية لاستخدام أنظمة مراقبة الرفوف. هذه الأنظمة كانت ترسل تنبيهات لفرق المتاجر لإعادة تخزين الرفوف في الأوقات المناسبة خلال اليوم، مما ساعد على منع نقص المنتجات وضمان توافرها بشكل مستمر.

عندما يعرف تاجر التجزئة بدقة كيف يمكن لكل قسم داخل الشركة أن يحسن توافر المنتجات، يصبح بإمكانه تحديد أي جوانب من عملياته تحتاج إلى تحسين. فمن خلال تجربتنا، وجدنا أن زيادة توافر المنتجات بنسبة واحد في المئة يمكن أن ترفع المبيعات بما يقارب 20 إلى 35 نقطة أساس. هذا التحسين لا يزيد المبيعات فقط بل يحسن أيضًا تجربة العملاء وولاءهم لأن الموظفين يصبح لديهم المزيد من الوقت للتركيز على خدمة العملاء، إذ يتيح للموظفين تخصيص المزيد من وقتهم للتفاعل مع العملاء بدلاً من قضاء الوقت في البحث عن المنتجات بغرف المخزون. بالإضافة إلى ذلك، يؤدي هذا التحسين إلى تعزيز معنويات الموظفين، حيث يشعرون بفعالية أكبر ورضا أعمق عن عملهم، مما ينعكس إيجابيًا على أداء الشركة ككل

تحسين تصميم الشبكات

يقوم تجار التجزئة بتقييم تصميم شبكة متاجرهم ومراكز التوزيع دوريًا، سواء بشكل ربع سنوي أو سنوي، لتحديد الاحتياجات المستقبلية من السعة أو لتقليص العقود الإيجارية غير الضرورية. وهم يعتمدون في هذا التقييم على بيانات رئيسية من مختلف أقسام المؤسسة، بما في ذلك توقعات نمو المبيعات والخطط المتعلقة بفتح متاجر جديدة أو إغلاق القائمة. ومع ذلك، تواجه البرمجيات المستخدمة في التحليل عادةً قيودًا، إذ تتعامل فقط مع البيانات المتعلقة بتحسين سلسلة التوريد لقناة بيع واحدة، سواء المتاجر الفعلية أو التجارة الإلكترونية. إلا أن تجربتنا تشير إلى أنه عندما يأخذ تجار التجزئة بعين الاعتبار بيانات تحسين الشبكة من جميع القنوات، يمكنهم فتح آفاق جديدة لتحقيق قيمة مضافة أكبر. ويؤدي هذا النهج المتكامل إلى تطوير استراتيجيات أكثر فعالية ويعزز من كفاءة العمليات الكلية.

وقد أجرى أحد تجار التجزئة تحسينات جوهرية على شبكته التشغيلية من خلال تطبيق مبادئ التحول الشامل. ولتحقيق ذلك، قام بتشكيل فريق عمل متعدد الوظائف يضم قادة من قطاعات سلسلة التوريد، والترويج التجاري، والمالية. بينما قام هذا الفريق بجمع وتحليل المعلومات المهمة من كل قطاع لتعزيز الكفاءة العامة: أما قطاع الترويج التجاري، فقد قدم بيانات مفصلة حول تصنيف المنتجات، مما ساعد في تحديد التوزيع المثالي للمنتجات في كل مركز توزيع لضمان الاستجابة الفعالة للطلب. أما القسم المالي، فقد أسهم بتوقعات دقيقة للنمو، وذلك من أجل تقديم رؤى قيمة حول متطلبات القدرة المادية المستقبلية وتحديد المواقع الجغرافية الرئيسية للاستثمار أو التقليص. أما فرق المتاجر، فقد قامت بتقديم تقديرات مدروسة للعمالة، مما يعزز فهم التكاليف المرتبطة بفتح متاجر جديدة وتشغيل مراكز التوزيع. هذه الجهود المشتركة مكّنت الشركة من تحسين كفاءة عملياتها وخفض التكاليف، الأمر الذي يسهم بشكل مباشر في تعزيز قدرتها التنافسية في السوق.

قام أحد رواد قطاع التجزئة بتبني نهج مبتكر لتحسين شبكة متاجره ومراكز التوزيع، حيث استخدم بدلاً من الحلول التقليدية أداة تخصيص متطورة لتحليل البيانات المتنوعة والمعقدة. هذا النهج أتاح للشركة الحصول على نتائج دقيقة، فاعتمدت على تقنيات التحليل المتقدم والنماذج الرقمية لمحاكاة السيناريوهات المستقبلية المثالية للشبكة. على سبيل المثال، قامت الشركة بتقييم 20 سيناريو لاستكشاف تأثير تغييرات معينة، مثل دمج الأحذية والملابس في مركز توزيع واحد أو إضافة مركز توزيع جديد في منطقة أخرى. هذه الاستراتيجية أسفرت عن تقليل وقت تسليم الطلبات الإلكترونية بيوم كامل وخفض تكاليف سلسلة التوريد بنسبة 10%. فمن خلال هذا النهج، استطاعت الشركة تحسين كفاءة عملياتها بشكل كبير وتعزيز قدرتها على التكيف مع التغيرات المستقبلية. يعكس هذا المثال أهمية التخطيط الدقيق والتحليل المتعمق في تحسين العمليات التشغيلية وتعزيز الإنتاجية بشكل ملحوظ.

تحسين إدارة عمليات الإرجاع

تُعد عمليات الإرجاع تحديًا كبيرًا ومكلفًا بشكل خاص لتجار التجزئة في قطاعات التجارة الإلكترونية والأزياء، حيث وصلت النسبة الإجمالية للمرتجعات من مبيعات التجزئة1 في الولايات المتحدة خلال عام 2023 إلى 14.5%، وهو ما يعادل قيمة ضخمة تبلغ 743 مليار دولار من البضائع المُرجعة، ومع ارتفاع نسبة الإرجاع في المبيعات الإلكترونية إلى 17.6%، تزداد صعوبة إدارة هذه العمليات، مما يضيف ضغوطًا تشغيلية ومالية على الشركات، ويتطلب حلولًا مبتكرة لتقليل التكاليف وتحسين كفاءة العمليات.

في مواجهة التحديات المتزايدة المرتبطة بعمليات إرجاع المنتجات، اعتمد أحد كبار تجار التجزئة استراتيجية تقليل الإرجاعات من خلال تقصير فترة الإرجاع المسموح بها من 30 إلى 15 يومًا، والهدف من هذا التغيير كان تحفيز العملاء على اتخاذ قرارات الإرجاع بسرعة أكبر، مما يساهم في تسريع دورة المخزون وزيادة الكفاءة التشغيلية، وعلى الرغم من تحقيق هذا الهدف جزئيًا، إلا أن السياسة الجديدة تسببت في موجة كبيرة من شكاوى العملاء، مما أدى إلى زيادة الضغط على فرق خدمة العملاء، واضطرت الشركة إلى التعامل مع ارتفاع في تكاليف التشغيل نتيجة للكم الهائل من الاستفسارات والشكاوى المرتبطة بتقصير فترة الإرجاع، بالإضافة إلى ذلك، تأثرت درجات رضا العملاء بشكل سلبي بسبب عدم رضاهم عن التغيير المفاجئ في سياسة الإرجاع، مما انعكس بدوره على انخفاض الإيرادات في فترة قصيرة، ومع تزايد الضغوط الداخلية والخارجية، وبعد تقييم دقيق لتأثير هذه السياسة الجديدة على العمليات ورضا العملاء، قرر التاجر التراجع عن القرار والعودة إلى سياسة الإرجاع السابقة التي كانت تمنح العملاء فترة 30 يومًا للإرجاع، وبذلك حاول التاجر موازنة بين تحسين كفاءة العمليات والحفاظ على رضا العملاء.

عندما تتخذ المؤسسات إجراءات محدودة النطاق ضمن أقسام معينة، قد لا تُؤخذ في الحسبان الآثار غير المقصودة على سلسلة القيمة بأكملها. هذا الإغفال يتفاقم بسبب العديد من المراحل التي تتطلب تسليم المهام والمسؤوليات بين الأقسام المختلفة، مما يزيد من فرص الخطأ، كما هو موضح في (الشكل 2). فعلى سبيل المثال، في مجال التجزئة يؤدي كل تسليم إضافي بين الوظائف إلى زيادة احتمالية وقوع الأخطاء. وهذا الأمر يُظهر مدى أهمية وضرورة التخطيط الشامل والتنسيق الفعال بين جميع الأقسام لتقليل المخاطر وضمان سير العمليات بسلاسة.

2

وفي مثال آخر، لنرى كيف قرر أحد تجار التجزئة معالجة مشكلة المرتجعات باستخدام نهج شامل يمتد من البداية إلى النهاية، حيث شكّل فريقًا يضم قادة من مختلف الأقسام مثل الترويج للمنتجات وإدارة عمليات الإرجاع، بهدف دراسة كيفية التعامل مع المرتجعات في الوقت الحالي، وبدأ هذا الفريق بمقابلة المسؤولين المعنيين بجميع الأقسام، مع متابعة التفاصيل الدقيقة الخاصة بالتنسيق فيما بينها، وذلك لوضع خريطة تفصيلية لإدارة العمليات، وكان الهدف من هذه الخريطة هو تحسين كيفية إعادة المنتجات بطريقة أكثر فعالية من خلال تحسين الإجراءات والتنسيق بين الفرق المعنية، مما يعزز فعالية العمليات ويزيد من كفاءة النظام.

فعند تحليل عملية إرجاع السلع، اكتشف الفريق وجود خمس طرق يتم بها نقل المعلومات داخل النظام، بالإضافة إلى سبع تحويلات بين الأقسام المختلفة وعشرين نقطة ضعف في العملية أدت إلى تزايد عدد السلع المرتجعة وتراكمها في مركز التوزيع. ومن أجل حل هذه المشكلات، طور الفريق استراتيجيات محددة لكل مشكلة، وركز بشكل كبير على الحلول السريعة مثل تسهيل وأتمتة عملية الموافقة على إعادة السلع من العملاء. وبفضل هذه الجهود، تمكن التاجر من زيادة سرعة التخلص من المخزون بثلاث مرات، وهي نتيجة معروفة وقابلة للقياس بالفعل في العديد من الأقسام. كما ساهم هذا النهج في رفع المبيعات المستقبلية من خلال تحرير 60٪ من رأس المال الذي كان معلقًا في المخزون الراكد بالمخازن.

باستخدام نهج شامل من البداية إلى النهاية، لم يقتصر الفريق على تعزيز المؤشرات الرئيسية للأداء بشكل مؤقت، بل وضعوا أيضًا خططًا استراتيجية للحفاظ على هذه النتائج على المدى الطويل، وخلال التفاوض مع الموردين مؤخرًا، قامت فرق الترويج بإدخال تعديلات جديدة على بنود الإرجاع في العقود، مستفيدة من تحليلها لعمليات الإرجاع لضمان استعادة قيمة البضائع المرتجعة مع تحسين تجربة العميل، بالإضافة إلى ذلك، بدأت فرق تجربة العملاء في تعديل فترات الإرجاع وقياس ردود الفعل، كما صمم التاجر نظام تنبيه آلي ليحل محل التسليمات اليدوية بين الفرق، مما يعزز الكفاءة ويسهل العمليات.

متطلبات التميز في نهج التحول الشامل

كما تظهر دراسات الحالة حول التحول، يمثل التميز في نهج التحول الشامل من البداية إلى النهاية ليس فقط نموذجاً تشغيلياً بل تغييراً في العقلية التي تمكن تجار التجزئة من خدمة العملاء بشكل أفضل، وتحسين العمليات، وزيادة الإيرادات والأرباح. ومن خلال تبني هذا النهج يمكن للتجار اكتشاف "القيم المتوسطة" التي قد تضيع بسبب التسليمات غير الفعالة بين الفرق أو العمليات غير الواضحة. في النهاية، القيمة في قطاع التجزئة لا تأتي فقط من مجموع أجزاء العمل، بل من التنسيق والتعاون بين مختلف الوظائف داخل الشركة.

ولجعل هذا التميز في التحول الشامل واقعاً ملموساً، ينبغي على تجار التجزئة اتخاذ الخطوات التالية:

التمسك بالهدف العام للمؤسسة

لتحقيق التميز من البداية إلى النهاية، تتطلب الخطوة الأولى من قيادة الشركة الاتفاق على هدف موحد يتعين على جميع الموظفين العمل نحو تحقيقه وتقييم أدائهم بناءً عليه. ويجب أن يحظى هذا الهدف بدعم قوي من الرئيس التنفيذي ورئيس العمليات، حيث أن تأييدهما سيساعد في التغلب على أية عقبات، ويعزز عملية اتخاذ القرارات الفعّالة، ويرسي ثقافة تركز على البحث عن حلول. وستنتقل هذه العقلية المركزة على الحلول بدورها إلى جميع مستويات الشركة، مما يشجع الفرق على العمل بشكل متناغم لتحقيق هذا الهدف المشترك.

ومن أجل تحديد الهدف الاستراتيجي لتحقيق التميز من البداية إلى النهاية، ينبغي على تاجر التجزئة أولاً إجراء تقييم شامل لكافة عملياته. هذا التقييم سيمكن الشركة من فهم الفرص المتاحة بوضوح وتحديد الجوانب التي تشهد تعقيدات وتكاليف عالية. بعد ذلك، عند تحديد فرص التميز التي تمتد في كل خطوات العملية، يجب على القيادة الاتفاق على الطريقة الأمثل للتعامل مع هذه الفرص. ويتضمن ذلك الإجابة على سؤالين حاسمين: أولاً، هل يجب التركيز بشكل كامل على معالجة مشكلة تخترق عدة وظائف، أو ثانيًا، هل من الأفضل القيام بتحول شامل يعالج عدة مشكلات بشكل متوازٍ؟ هذا النوع من التخطيط والتوافق يضمن تحقيق تحسينات مستدامة تشمل جميع الأقسام، ويعزز الكفاءة والفعالية في الشركة بأكملها.

أحد الأهداف المشتركة التي قد يحددها تاجر التجزئة هو ضمان توفر المنتجات على الرفوف. فبالنسبة للعملاء، العامل الأساسي والوحيد الذي يهمهم هو أن يجدوا العنصر المطلوب متاحًا على الرف عند رغبتهم في الشراء. استجابةً لهذه الحاجة، قد يقرر تاجر التجزئة تحديد هدف شامل للشركة يركز على "توفر المنتج على الرف" في كافة فروعه، بدلاً من وضع أهداف منفصلة لكل من مراكز التوزيع أو المتاجر بمفردها. هذا النهج الشامل يعزز التماسك ويضمن أن تكون جميع أجزاء الشركة متوافقة في تحقيق هذا الهدف الحيوي، مما يقلل من التعقيد ويسهل إدارة المخزون بشكل فعال.

تمكين القادة من التواصل عبر المؤسسة بأكملها

يُعتبر تشكيل فريق فعال لإدارة التحول من البداية إلى النهاية أمرًا حيويًا ومهمًا، وقد يكون أكثر تعقيدًا من مجرد تحديد المشكلات التي تحتاج إلى حل، حيث يجب أن يتكون الفريق من قادة قادرين على التأثير في مختلف القطاعات، مع معرفة متخصصة بوظائفهم وعزيمة قوية على تحقيق النجاح، وفي غياب هذا النوع من القيادة ستسود العزلة الوظيفية والبيروقراطية، مما يعيق فعالية التحول الشامل، وللحفاظ على التعاون والتنسيق بين القيادات يُنصح بتنظيم اجتماعات دورية مثل جلسات استراتيجية أو اجتماعات أسبوعية مع الفرق، كما قد تستفيد الفرق القيادية من تشكيل وحدات مهام خاصة تمتلك خبرات متعمقة في موضوعات محددة قادرة على تنفيذ العمليات الجديدة بكفاءة وسرعة، هذا التوجه لا يساهم فقط في تسهيل التنسيق بين الفرق بل يعزز سرعة التنفيذ والكفاءة، مما يسهم في تحقيق الأهداف التنظيمية المنشودة بطريقة أكثر فعالية.

نظرًا لأن نهج التحول الشامل من البداية إلى النهاية يتم تنفيذه جنبًا إلى جنب مع العمليات اليومية، ينبغي على قادة التجزئة أن يخصصوا القدرات اللازمة لفرقهم لإدارة أولويات هذا التحول والمهام اليومية معًا. وقد أظهرت الحالات الناجحة أن السماح للفرق بقضاء نصف وقتهم على مشاريع التحول والنصف الآخر على المهام اليومية يعزز الفعالية. هذا التقسيم يمكّن الموظفين من البقاء على اطلاع بمسؤولياتهم اليومية، وهو أمر قد يغيب عن الفرق المخصصة للتحول فقط. بالإضافة إلى ذلك، يتيح هذا النهج التعاون في المشاريع الشاملة للتحول، مما يضمن تحقيق نتائج أفضل. إذا لم يتم تنفيذ هذا التوازن، فإن المشاريع طويلة الأمد مثل التحول من البداية إلى النهاية قد تفقد الأولوية مقابل المهام التي تتطلب حلًا فوريًا.

منح الأولوية لشفافية البيانات

تلعب الشفافية في البيانات دورًا حاسمًا في تمكين تجار التجزئة من تحديد الأسباب الجذرية للمشاكل التي يواجهونها، وقياس تأثير هذه المشاكل، وتحديد الحلول ذات الأولوية. ومع ذلك، يواجه تجار التجزئة تحديًا كبيرًا في جعل هذه البيانات متاحة وشفافة عبر كافة أقسام المؤسسة، خصوصًا عندما يكون لكل وظيفة رؤيتها الخاصة ومعايير نجاحها المحدودة التي قد لا تأخذ بعين الاعتبار الصورة الكاملة للشركة. على سبيل المثال، قد يركز التجار على قياس معدل التعبئة للبضائع من مجموعة معينة من البائعين لمراكز توزيع محددة، متجاهلين الحاجة إلى النظر في معدلات التعبئة الإجمالية مع جميع الموردين ومراكز التوزيع. هذا النهج المحدود يمكن أن يؤدي إلى مشكلات مثل عدم توازن المخزون وزيادة في التكاليف غير الضرورية. وبالتالي، يُصبح من الضروري للشركات توسيع نطاق رؤيتها وتقييم البيانات بمنظور شامل لتجنب هذه المشكلات وتعزيز كفاءة العمليات.

ولتحقيق شفافية البيانات في قطاع التجزئة، ينبغي على الشركات إنشاء مقاييس موحدة وشاملة يمكن لجميع الأقسام العمل بها وتحمل مسؤوليتها. على سبيل المثال، يُعتبر مقياس "أيام المخزون المتاح" واحدًا من هذه المقاييس، وهو مقياس يتطلب فهمًا متكاملاً من كل من قسم سلسلة التوريد وقسم الترويج التجاري. ولتحقيق هذا التكامل، يجب دمج البيانات بين الوظائف المختلفة، مما يستلزم عادةً تنسيقًا بين عدة أنظمة داخل المؤسسة. فعلى سبيل المثال أيضاً، في حالة متابعة توفر المنتجات في المخزون، يتعين على الشركات دمج بيانات المخزون من مراكز التوزيع مع المخزون المستمر الذي يتم رصده في المتاجر، وهو رقم متغير باستمرار. هذا الدمج يتيح لمراكز التوزيع إعادة تعبئة المتاجر بدقة أكبر. إضافةً إلى ذلك، من الضروري أن تفهم الشركات كيفية نقل البيانات بين الأنظمة والفرق، والتعامل مع المشكلات المحتملة مثل فقدان البيانات أو الأخطاء التي قد تحدث خلال هذا النقل.

تبني حلول تكنولوجية متقدمة

تُعتبر الأدوات التكنولوجية المتقدمة عنصرًا أساسيًا لتعزيز التكامل بين وحدات الأعمال المختلفة، كما أنها تساعد على ضمان استمرارية العمليات الجديدة. على سبيل المثال، في إطار تحسين معدلات توفر المنتجات في المخزون، وهو أحد الأهداف الرئيسية للتحول الشامل، يمكن استخدام التحليلات المتقدمة لجمع إشارات وبيانات عن المخزون المستمر، ونقاط البيع، وطلبات الشراء عبر الإنترنت. هذه التحليلات تُمكن من التنبؤ بموعد نفاد أي منتج وإخطار المتاجر لاتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة تعبئته. إلى جانب ذلك، يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي معالجة شكاوى العملاء التي تصل إلى مراكز الاتصال وتحليلها لتحديد المشكلات المتعلقة بالشبكة أو توصيل الطلبات، مما يسهم في حل تلك المشكلات بشكل أسرع. بالإضافة إلى ذلك، تُستخدم خوارزميات التعلم الآلي لتحسين التنبؤات المتعلقة بالعروض الترويجية المعقدة، مما يتيح للتجار توقع الطلبات بدقة أكبر وزيادة كفاءة العمليات.


يغير التحول الشامل من الطريقة التي يتعامل بها تجار التجزئة مع الفرص التي تساعدهم على زيادة الأرباح، كما يعزز التعاون بين الأقسام المختلفة داخل الشركة. هذا التحول لا يؤدي فقط إلى تحسين العمليات اليومية، بل يساهم أيضًا في خلق بيئة عمل تجذب أفضل الموظفين والمواهب. ولتحقيق النجاح في هذا التحول، يجب أن تكون هناك أهداف واضحة ومشتركة بين جميع الأقسام، مع وجود فريق مناسب يمتلك المهارات المطلوبة، بالإضافة إلى تبني عقلية شاملة تركز على نجاح الشركة ككل. فمن خلال هذه العناصر، يمكن لتجار التجزئة حل المشكلات القديمة في العمليات، وبناء أساس قوي للنجاح في المستقبل.

Explore a career with us