يفتح الذكاء الاصطناعي التوليدي آفاقًا واسعة أمام الحكومات المحلية في الولايات المتحدة لإحداث ثورة في سُبل تقديم الخدمات للمواطنين وإعادة صياغتها بأساليب مبتكرة. بالرغم من ذلك، تنطوي هذه التكنولوجيا على مجموعة من التحديات والمخاوف الجديدة. ففي ظل المخاطر المرتبطة بهذه التكنولوجيا، يبدو أن النهج الأمثل لقادة الولايات الأمريكية يكمن في إنشاء آليات للحد من المخاطر والاستعداد لتوسيع نطاق تطبيق هذه التكنولوجيا بفعالية، بالتزامن مع استكشاف التطبيقات ذات المخاطر الأقل. ويتميز هذا النهج بأنه يدمج بين التطبيق العملي والتعلم المستمر، مما يسهم في بناء حوكمة مؤسسية قوية ووضع استراتيجية واضحة لتبني الذكاء الاصطناعي بشكل فعّال.
تبذل الحكومات وشركات القطاع الخاص جهودًا لوضع إجراءات مدروسة لاستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي بشكل آمن وفعّال، فهي تدرك الفرص والتحديات المصاحبة لها. ففي أكتوبر 2023، أصدر الرئيس الأمريكي جو بايدن أمرًا تنفيذيًا يهدف إلى تطوير الذكاء الاصطناعي التوليدي واستخدامه "على نحو آمن ومسؤول وجدير بالثقة"1. وعلى إثر ذلك، اتخذت حكومات عدة ولايات أمريكية خطوات مماثلة العام الماضي، سواء بدراسة تشريعات جديدة أو سنّها بهدف تعزيز كفاءة الخدمات الحكومية مع التصدي للمخاطر المتعلقة بأمن البيانات والخصوصية المصاحبة لهذه التكنولوجيا.2
تتميز قدرات الذكاء الاصطناعي التوليدي بأنها استثنائية وفريدة من نوعها، حيث يستطيع الذكاء الاصطناعي التوليدي معالجة البيانات غير المنظمة بكفاءة على عكس التقنيات التقليدية للذكاء الاصطناعي، ما يفتح الباب أمام المؤسسات لتخطي النهج التقليدية في الابتكار الرقمي. وقد تجد الولايات التي تأخذ زمام المبادرة في تبني الذكاء الاصطناعي التوليدي نفسها في موقف تُحسد عليه من تحقيق ما يلي:
- رفع مستوى خدمة العملاء للسكان رغم التحديات المستمرة المتعلقة بارتفاع معدل دوران الموظفين وصعوبات التوظيف في بعض الوظائف الحكومية.
- ضمان كفاءة تقديم الخدمات الأساسية في القطاع الحكومي من خلال توظيف ذوي الكفاءة والخبرة وتنمية مهاراتهم حتى في ظل ظروف سوق العمل المحدودة.
- زيادة الإنتاجية وخفض الأعمال المتراكمة في ظل التحديات التي تفرضها المراجعات المستمرة للميزانية.
- تحديث أنظمة تكنولوجيا المعلومات القديمة لخفض الديون الفنية، وهي تراكم الأعمال التكنولوجية التي تتطلب اتخاذ إجراءات مستقبلية من الشركة خارج الميزانية، وكذلك الحد من المخاطر الناجمة عن استخدام البرمجيات القديمة.
بدأ قادة بعض الولايات الأمريكية بالفعل في بذل الجهود لصياغة خطط استراتيجية ومبادئ توجيهية في سبيل تبني تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي. على سبيل المثال، أصدر حكّام ولايات كاليفورنيا وأوكلاهوما وفيرجينيا توجيهات تنفيذية تهدف إلى التعامل مع التحديات التي تطرحها هذه التكنولوجيا في مختلف الجوانب مثل العمليات التشغيلية وتكنولوجيا المعلومات والقوى العاملة والمخاطر المرتبطة بها3. وفي ظل تسارع وتيرة تطور الذكاء الاصطناعي التوليدي واعتماده، يسعى هؤلاء القادة إلى استكشاف حالات الاستخدام المبكرة والاستعداد لتوسيع نطاق تطبيقه في الوقت ذاته. وفي هذا السياق، سوف نستعرض إطار عمل يتكون من أربعة محاور أساسية والذي من شأنه تمكين قادة الولايات الأمريكية من بناء استراتيجيات طويلة المدى لتطبيق تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي في حكوماتهم. كما نقدم دليلاً مفصلاً لضمان شمولية هذه الاستراتيجيات معالجة خمسة مجالات رئيسية، وهي التبني والحوكمة والتكنولوجيا والبيانات والمواهب والإجراءات.
ثمة أربعة نماذج أولية للذكاء الاصطناعي التوليدي تفتح الطريق للقادة أمام البدء في استخدام الذكاء الاصطناعي
المزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية
شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية
يجب على قادة الولايات الأمريكية أن يكونوا على دراية تامة بالمفاهيم الخاطئة الشائعة حول الذكاء الاصطناعي التوليدي أثناء مرحلة وضع الخطط لاستخدامه. وأحد أشهر هذه المفاهيم هو الاعتقاد بأن الذكاء الاصطناعي التوليدي هو جزء من المستقبل البعيد، في حين أظهر استطلاع أجراه معهد ماكنزي أن ثلث المؤسسات المشاركة في الاستطلاع تستخدم هذه التكنولوجيا بالفعل في مهام محددة4. كما يسود اعتقاد خاطئ آخر بأن استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي يقتصر على الخبراء الفنيين فقط، في حين أن حلول الذكاء الاصطناعي التوليدي تتميز بسهولة الاستخدام بفضل قدرتها على فهم اللغة الطبيعية. وكشفت دراسة سابقة أجراها معهد ماكنزي أن حوالي 25% من المدراء التنفيذيين يستخدمون أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي في أداء عملهم، وأن 56% من الموظفين يستفيدون من هذه الأدوات5. علاوة على ذلك، يعتقد بعض المدراء التنفيذيين أن تبني تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي يتطلب تحديثًا كاملاً للبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات، بينما يمكن في الواقع دمج العديد من أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي "الجاهزة للاستخدام" بسهولة مع البنية التحتية القائمة من خلال تخصيص استثمارات معقولة6.
ولعل الاعتقاد الخاطئ الأكثر شيوعًا هو أن الذكاء الاصطناعي التوليدي سيؤدي إلى فقدان الوظائف فقط. لكن هذا يتعارض مع الواقع، حيث تُظهر الدراسات أن المهن الأكثر عرضة لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي قد تشهد نموًا في فرص الوظائف حتى عام 2030. كما يساهم الذكاء الاصطناعي التوليدي في إحداث تغييرات سريعة في سوق العمل. ومن المتوقع أن تشهد المهن المرتبطة بمجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات نموًا بنسبة 23% خلال هذه الفترة نتيجة للتحولات الرقمية الهائلة التي تشهدها المؤسسات. أما على الجانب الآخر، قد تنخفض الوظائف في بعض القطاعات مثل الإدارة والبيع بالتجزئة7. ومن المتوقع أن تسهم أتمتة المهام الفردية في زيادة الإنتاجية للاقتصاد العالمي بنسبة تتراوح من 0.2% إلى 3.3% من 2023 إلى 2040، وتُقدر مساهمات تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي بنسبة 0.1 إلى 0.6 نقطة مئوية من هذا النمو8.
تشمل النتائج الإيجابية للذكاء الاصطناعي التوليدي التي تتسم بأهمية خاصة للحكومات المحلية في الولايات المتحدة التالي:
- تعزيز الكفاءة التشغيلية: يساهم الذكاء الاصطناعي التوليدي في تسهيل تنفيذ المهام الإدارية المتكررة، مما يؤدي إلى توفير كبير في التكاليف يُقدر بنحو 20% سنويًا9.
- تحسين تجربة المقيمين: يقدم قطاع الخدمات العامة دعمًا مستمرًا على مدار الساعة من خلال المساعدين الافتراضيين وروبوتات الدردشة. وتبرز هيئة كهرباء ومياه دبي كمثال للمؤسسات الرائدة في تبني تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي لتحليل شكاوى العملاء وحلّها على نحو أكثر فعالية10. بالإضافة إلى ذلك، يُستخدم الذكاء الاصطناعي التوليدي لدعم العاملين مباشرة، مما يسهم في الحد من المخاطر المصاحبة له.
- استخلاص رؤى قابلة للتنفيذ: تُمكّن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي الحكومات من استخلاص رؤى قيّمة من تحليل مجموعات البيانات الضخمة. مثال على ذلك، بدأت الحكومة البرازيلية في استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لفحص الإقرارات الضريبية ومعلومات الاتصال11،مما يسمح بتحليل البيانات غير المنظمة على نحو فعّال دون الحاجة إلى تخصيص استثمارات كبيرة للموارد البشرية.
- تطوير إدارة المواهب: يقدم الذكاء الاصطناعي التوليدي فرصًا واسعة النطاق لتحسين إجراءات تعيين الحكومات المحلية الأمريكية للموظفين وتطوير مهاراتهم، خاصة في الوظائف المهمة، وكذلك تسهيل المهام الرئيسية ذات الصلة بالموارد البشرية مثل كتابة الوصف الوظيفي.
في ظل تقدم تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، يمكن للحكومات تقييم أربعة نماذج أولية لأدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي من أجل تعزيز الكفاءة التشغيلية (شكل 1):
- اتخاذ قرارات مستنيرة من خلال تحليل البيانات الضخمة (توليف المحتوى): إن هذه الأدوات قادرة على استخلاص رؤى قيّمة من كميات هائلة من البيانات، وكذلك البيانات غير المنظمة. على سبيل المثال، يمكن لنموذج ذكاء اصطناعي توليدي صُمم للتعامل مع المستندات التقنية المعقدة تقديم إجابات مفصّلة في غضون ثوانٍ. وقد مضت بعض المؤسسات قدمًا في توفير هذه الأدوات لموظفيها في الخطوط الأمامية.
- تحديث الأنظمة التقنية (البرمجة): كثيرًا ما تستخدم الحكومات المحلية في الولايات الأمريكية الأنظمة القديمة لتكنولوجيا المعلومات. وتقدم أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي الجديدة حلولاً للترميز التي من شأنها تسهيل تحديث هذه الأنظمة. وتتميز هذه الأدوات بالقدرة على"فهم" التطبيقات المكتوبة بلغة "كوبول" القديمة واقتراح طرق لإعادة كتابة الرموز بلغات برمجة حديثة، بالإضافة إلى إعداد الوثائق الفنية ووضع خطط لاختبار الرموز الجديدة. وتعتبر هذه الإمكانيات ثورية للحكومات التي تسعى إلى تحديث أنظمة تكنولوجيا المعلومات القديمة دون تحمل تكاليف باهظة، حيث تشير الدراسات الأولية إلى أن استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي يمكن أن يساهم في رفع إنتاجية المبرمجين ذوي الخبرة بنسبة تتراوح بين 25% إلى 30%12.
- تحسين تجربة المستخدم (التفاعل مع العملاء): تتميز روبوتات الدردشة الحديثة بتطورها الذي يفوق نظيراتها من العام الماضي. فهي تتيح الفرصة للتواصل مع العملاء بشكل طبيعي وفعّال. وتُمكّن هذه الأدوات الموظفين من تقديم النصائح والحلول للمشاكل فورًا، وذلك لمساعدة الأفراد على مواجهة التحديات المعقدة بفعالية. وقد أثبتت بعض مراكز خدمة العملاء في شركات القطاع الخاص كفاءة الذكاء الاصطناعي التوليدي في تحسين تجربة العملاء بشكل ملحوظ. كما يستفيد موظفو خدمة العملاء الذين يعملون في القطاع المصرفي من المعلومات المستقاة من الحوارات الجارية في الوقت الفعلي، مما يسهم في تحسين تجارب العملاء.
- إنشاء المحتوى الشخصي: تتيح أدوات إنشاء المحتوى الشخصي، مثل النصوص والصور والمقاطع الصوتية، للحكومات الفرصة لتقديم الدعم لكل فرد على حدة بناءً على احتياجاته الخاصة. على سبيل المثال، قد يواجه الأفراد صعوبة بالغة في الاستفادة من الخدمات الحكومية المتاحة لهم بسبب الإجراءات المعقدة. في هذه الحالة، تبرز أهمية أدوات الذكاء الاصطناعي التي تتيح لموظفي الخدمة الاجتماعية التعرف على تفاصيل حالة كل فرد وتقديم الخيارات المتاحة التي تتناسب مع احتياجاته. بالإضافة إلى ذلك، يمكن تعديل إجراءات توظيف الموظفين الجدد وتدريبهم لتلبية احتياجات كل فرد. واتخذ القطاع الخاص بالفعل خطوات مهمة في تطبيق هذه الاستراتيجيات لإنشاء محتوى شخصي، حيث يستفيد موظفو خدمة العملاء من تحليل بيانات العملاء لتقديم معلومات مُصممة خصيصًا حول الخدمات ذات الصلة، مما يسهم في تعزيز تجربة المستخدم وجعلها أكثر إيجابية وتفاعلية.
وضع خطة فعالة لتبني تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي
يُنصح قادة الولايات الأمريكية بصياغة استراتيجيات الذكاء الاصطناعي التوليدي في خمسة مجالات رئيسية وذلك باستخدام الأدوات المحددة في إطار العمل (شكل 2).
بناء خارطة طريق لتبني الذكاء الاصطناعي التوليدي
يُنصح بالبدء في تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي في حالات استخدام محددة بدقة، مع إعطاء الأولوية للتركيز على احتياجات العمل الأساسية أو تحديد نقاط الضعف قبل الشروع في تطبيقها على مستوى الشركة بأكملها. على سبيل المثال، يمكن للقادة إعطاء الأولوية لتطوير "خبير افتراضي" يقدم الدعم للموظفين على الخطوط الأمامية من أجل الحصول على المعلومات الشخصية وتقديم محتوى ذي صلة للعملاء. ولا يسهم هذا النهج في تعزيز الإنتاجية فقط، بل يرفع أيضًا من معنويات الموظفين ويتيح للشركة فرصة تقييم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي داخليًا قبل توسيع نطاقها لتشمل التطبيقات التي تتفاعل مع العملاء بشكل مباشر. وتتضمن خارطة الطريق لتبني الذكاء الاصطناعي التوليدي تحديد الأسئلة الهامة التي يجب الإجابة عليها.
- كيف تقيّم مؤسستي مستوى استعدادها لتحمل المخاطر؟ هل نسعى إلى أن نكون روادًا في الابتكار والإبداع ("صانعون")، أم نفضّل أن نكون من السبّاقين في تبني الابتكارات وتطويرها ("مصمّمون") أو أن نتبع نهجًا محافظًا في تبني التقنيات القائمة ("متلقّون")؟13 يمكن للمؤسسات الإجابة على هذه الأسئلة من خلال تقييم مواقفها في حالات استخدام محددة. فعلى سبيل المثال، قد تفضّل المؤسسة تبني موقف "المتلقي" في مجالات معينة كالموارد البشرية أو الشؤون المالية، في حين قد تختار المؤسسة أن تضطلع بدور "الصانع" في مجالات أخرى ذات أهمية كبرى تتعلق بتحسين تجربة المقيمين أو الملكية الفكرية.
- في إطار مجالات العمل المختلفة في ولايتي، ما هي طرق تسيير الأعمال التي يمكنها إثراء تجربة المقيمين وتقديم الدعم للموظفين عند تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي؟
- ما هي الهيئات أو مهام العمل التي تصلح لتبني تقنيات الذكاء الاصطناعي؟
- ما هي الموارد الأساسية لضمان التبني الناجح لتقنيات الذكاء الاصطناعي وما هو الترتيب الأمثل لها؟
- ما هي الإدارات داخل مؤسستي التي يمكن للأدوات ذات المخاطر المنخفضة والجاهزة للاستخدام أن تساعد على إطلاق مشاريع "صغيرة وذات رؤية استراتيجية شاملة" أو مشاريع صغيرة بكفاءة؟
الحوكمة
يُعد تشكيل فريق متخصص بمهام متعددة لضمان الإشراف المستمر وتقديم التوجيه وحواجز الحماية خطوة ضرورية. كما يمثل إنشاء نظام حوكمة متين لتبني الذكاء الاصطناعي التوليدي شرطًا أساسيًا. ويشير مسح حديث أجراه معهد ماكنزي إلى أن عدد قليل من المؤسسات مستعدة للتبني واسع النطاق للذكاء الاصطناعي التوليدي، حيث ذكر 21% من المشاركين فقط أن مؤسساتهم وضعت سياسات تنظّم استخدام الموظفين للتكنولوجيا في أداء عملهم، بينما أشار 32% منهم فقط إلى أن مؤسساتهم تعمل على معالجة حالات عدم الدقة المتعلقة بالذكاء الاصطناعي14. ويجب أن يساعد النهج المتكامل على الحد من المخاطر المرتبطة بعدم الدقة والأمن السيبراني والامتثال التنظيمي والخصوصية والعدالة والمساواة.
يمكن لقادة الولايات الأمريكية النظر في مسألة تشكيل فريق عمل متخصص يضم مجموعة من الخبراء والمتخصصين، وهم رؤساء الهيئات وعلماء البيانات والخبراء في مجالات الهندسة والقانون والأمن السيبراني، للمساهمة في توجيه المبادرات على مستوى المؤسسة. ويجمع هذا الفريق الشامل بين مختلف الخبرات والرؤى الضرورية لاستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي بطريقة آمنة. وثمة أسئلة جوهرية يجب طرحها أثناء استحداث نهج الحوكمة الملائم وتتضمن الآتي:
- كيف تتابع مؤسستي طُرق تبني الذكاء الاصطناعي التوليدي داخلها، سواء كان هذا الاستخدام مصرحًا به أو غير مصرحًا به؟
- كيف تُطبق مؤسستنا إجراءات تقييم المخاطر ورصدها بشكل دائم في ظل التطور المستمر لتقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي وتطوير استراتيجيات المؤسسة؟
- ما هي السياسات التي تحكم الاستخدمات الرسمية وغير الرسمية لتقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي؟ وهل نمتلك خطط لتعديل هذه السياسات بصفة دورية استنادًا إلى التجارب المكتسبة والتطورات التكنولوجية؟ قد تشمل هذه السياسات عناصر مختلفة، على سبيل المثال لا الحصر المبادئ التوجيهية للشراء ومعايير التكنولوجيا وسياسات سلوك الموظفين.
- هل نجري تعديلاً في أعضاء فريق العمل ليشمل الخبراء الذين يمتلكون الخبرات المطلوبة طبقًا للاحتياجات وتطور مراحل تبني الذكاء الاصطناعي؟
التكنولوجيا والبيانات
يُعد تقييم احتياجات البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات وبنية البيانات في مؤسستك خطوة أساسية. ولتحقيق الفائدة المرجوة، يجب أن تتوافق هذه النماذج بسلاسة مع الأنظمة والتطبيقات الحكومية الحالية نظرًا لأن العديد من حكومات الولايات الأمريكية قد تستغرق عدة سنوات لإدخال تغييرات ملموسة في البنية التحتية وحوكمة البيانات. لذلك، يجب الشروع في اتخاذ هذه الخطوة بدون تردد. وتساهم أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي في أن تصبح هذه الخطوة أكثر كفاءة وفعالية من التكلفة، حيث تساعد في تحسين كفاءة الترميز وتقليل الديون الفنية. وذكرت أبحاث أجراها معهد ماكنزي أن دعم الترميز وتحديث الأنظمة القديمة باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي يمكن أن يسرّع من تطوير الأكواد بنسبة تتراوح بين 35 و45% وإعادة هيكلة الأكواد (تحسين أو تحديث الكود) بنسبة تتراوح بين 20% و30%. كما يساهم الذكاء الاصطناعي التوليدي في تسريع عملية توثيق الأكواد بنسبة تتراوح بين 45% و50%.15. ويجب أخذ الأسئلة التالية بعين الاعتبار عند تقييم مستوى الاستعداد التكنولوجي لدى حكومتك:
- كيف يقيّم فريق تكنولوجيا المعلومات لدينا مستوى الاستعداد للبرامج التجريبية المحتملة للذكاء الاصطناعي التوليدي؟
- ما هي الإجراءات التي يتبعها فريقنا الفني لتقييم الاحتياجات المتعلقة بالبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات لدينا واستكشاف الفرص لتعزيز كفاءة تطوير البرمجيات وتقليل الديون الفنية من خلال استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي (سواء كانت هذه الأدوات من مصادر داخلية أو خارجية؟
- هل تتوافق بنية البيانات وأساليب الحوكمة لدى مؤسستنا مع هذه الاحتياجات الجديدة؟ قد تشمل الخطوات الأولية لهذه المبادرات تصنيف البيانات المُنظمة أو غير المنظمة وتنظيمها بما يتلائم مع نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي. ومن العوامل الأخرى التي يجب مراعاتها اتفاقيات تبادل البيانات التي تشكل تحديًا هائلاً للولايات والمدن بسبب الحواجز القانونية والتنظيمية.
المواهب
يجب أن تسعى جاهدًا لإعداد قادتك وتهيئتهم ووضع استراتيجيات لمواجهة التأثيرات التي سيحدثها الذكاء الاصطناعي التوليدي على التوظيف والاحتفاظ بالكوادر وتنمية المهارات. وفي ظل ارتفاع معدل استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي في أداء المهام اليومية مثل معالجة النصوص ورسائل البريد الإلكتروني ووسائل الاتصال، من المتوقع أن يكون لهذه الأدوات انعكاسات كبيرة على أساليب العمل داخل المؤسسة ككل، بما في ذلك إحداث تغييرات في أنماط العمل المختلفة والاحتياجات التدريبية. ويجب التفكير في الأسئلة التالية أثناء التخطيط لتنمية المواهب داخل حكومتك:
- هل يمتلك رؤساء الهيئات الاستعداد الكافي لمواكبة التحولات التي يحدثها الذكاء الاصطناعي التوليدي؟ يجب أن يفهم كبار القادة تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي فهمًا تامًا لكي يكونوا قادرين على قيادة مؤسساتهم وتوجيهها بنجاح نحو تبني هذه التكنولوجيا.
- ما هي درجة الوعي والاستعداد لدى موظفي الوكالة؟ ربما يتطلب الأمر توفير تدريبات متخصصة لضمان استخدامهم الفعال لتقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي التي تقدمها الولاية، إلى جانب توجيههم نحو الاستخدام السليم للأدوات الأخرى التي لم توفرها الولاية. وينبغي أن يهدف هذا التدريب إلى ضمان تحقيق الأهداف المنشودة والحد من المخاطر.
- هل تتوافق استراتيجية تنمية المواهب مع متطلبات أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي في القطاع الحكومي؟ من الضروري تنويع النُهج المتبعة بناءً على الأدوار ومستويات الكفاءة المختلفة نظرًا للتأثيرات المتفاوتة لأدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي في كل مجال.
العمليات
ينبغي تحديد المهام والإجراءات التي يمكن أن تستفيد بشكل كبير من الذكاء الاصطناعي التوليدي. وسوف يُحدث تبني الذكاء الاصطناعي التوليدي في تنفيذ الإجراءات الحكومية تغييرًا جوهريًا في أساليب سير العمل، ما قد يؤدي إلى إلغاء بعض المهام والإجراءات التي كان يتعين على الموظفين والمستفيدين اتخاذها في الماضي. على الرغم من أن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي قد تكون سهلة الاستخدام إلى حد ما، إلا أن التأثيرات المترتبة على المهام والإجراءات قد تكون أكثر تعقيدًا. ويُنصح قادة الهيئات بتحديد المهام الأساسية التي يمكن تحسينها باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي ووضع خطط مفصّلة لتبني هذه التكنولوجيا. وتشمل العوامل التي يجب أخذها بعين الاعتبار ما يلي:
- ما هي المهام والإجراءات التي من الممكن أن تستفيد من استخدام النماذج التجريبية للذكاء الاصطناعي التوليدي؟
- هل استكمل قادة الهيئات تحليل جميع المهام والإجراءات وتحديد العلاقات بينها وتقييم مستوى الاستعداد لتبني الذكاء الاصطناعي التوليدي؟
- هل هناك مهام وإجراءات يمكن أن يسهم تطبيق الذكاء الاصطناعي التوليدي فيها بتقليل المخاطر المرتبطة بالإجراءات التقليدية التي تتبعها المؤسسة؟ على سبيل المثال، ما هي المجالات التي يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي أن يحقق فيها نتائج أكثر فعالية للمستفيدين؟
ثمة خطوات جادة وحقيقية نحو تبني الذكاء الاصطناعي التوليدي، فهو يمثل قوة دافعة لتشكيل مستقبل الأعمال، حيث يقدم للحكومات في الولايات الأمريكية فرصة استثنائية لتحسين الخدمات وتسهيل الإجراءات واتخاذ القرارات المستنيرة بناءً على تحليل البيانات. ويجب على القادة الموازنة بين المخاطر والفوائد من أجل تطبيق استراتيجيات جديدة للتنظيم وتطوير المهارات. ويمكن للحكومات في الولايات الأمريكية تحقيق أقصى استفادة من هذه التكنولوجيا لخدمة الجمهور والعاملين من خلال اختبار تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي وتوسيع نطاق استخدامه في الوقت ذاته، إلى جانب القدرة على التكيف مع المخاطر المصاحبة لهذه التكنولوجيا.