تُعتبر تقنية الذكاء الاصطناعي التوليدي ابتكارًا استثنائيًا قد لا يتكرر إلا مرة واحدة في كل جيل، وهي تقنية دائمًا ما تأتي بتوقعات هائلة حول قدرتها على إحداث ثورة في أسلوب عمل الشركات. ويُعتقد أن هذا النوع من الذكاء الاصطناعي يمكنه إعادة تشكيل الطريقة التي تُدار بها الأعمال، بما في ذلك شركات السلع الاستهلاكية، وذلك من خلال تعزيز الكفاءة وتقديم الحلول المبتكرة التي تمكّن الشركات من تلبية احتياجات العملاء بشكل أفضل وتحقيق مستويات جديدة من الأداء.
بدأ قادة شركات السلع الاستهلاكية يستجيبون للتوجه نحو الذكاء الاصطناعي بشكل ملحوظ.1فقد أظهر استطلاع أجري في عام 2024 أن 71% من هؤلاء القادة قد اعتمدوا الذكاء الاصطناعي في وظيفة واحدة على الأقل داخل مؤسساتهم، وهي نسبة ارتفعت من 42% في عام 2023. بالإضافة إلى ذلك، أفاد 56% منهم بأنهم يستخدمون الذكاء الاصطناعي التوليدي بانتظام، مما يعكس تزايد الاعتماد على هذه التقنية لدعم العمليات وتحقيق التميز التنافسي.
رغم أن شركات السلع الاستهلاكية قد بدأت بالفعل في تبني الذكاء الاصطناعي التقليدي والتوليدي، إلا أنها لم تصل بعد إلى مرحلة التوسع الكامل في استخدام هذه التقنيات. وحتى الآن، لا يزال معدل اعتماد الذكاء الاصطناعي التوليدي في هذا القطاع أقل مقارنة بقطاعات أخرى، مثل الصناعات المتقدمة وقطاع التكنولوجيا والإعلام والاتصالات. ويعود هذا التباطؤ إلى أن قادة القطاع ما زالوا يبحثون عن إجابات لأسئلة محورية، مثل: "ما حجم القيمة التي سيضيفها الذكاء الاصطناعي في قطاع السلع الاستهلاكية؟ وفي أي جوانب من أعمالنا ستتحقق أكبر فائدة من استخدام الذكاء الاصطناعي؟ مما يخلق بعض التردد في الاستثمار الواسع في هذه التقنيات دون رؤية واضحة للفوائد المستدامة.
المزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية
شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية
وللتطرق أكثر في صلب الموضوع، عملنا على تقديم إجابات قائمة على حقائق لهذه الأسئلة، بهدف مساعدة شركات السلع الاستهلاكية في تحديد أولوياتها بوضوح، ومعرفة المجالات التي يجب أن تركز جهودها فيها، بالإضافة إلى اتخاذ القرارات بشأن وتيرة التحرك نحو تطبيق الذكاء الاصطناعي بشكل فعّال.
وفي الواقع، توصلنا إلى أن مجالات الاستثمار الأكثر تأثيرًا تختلف حسب القطاع الفرعي الذي تعمل فيه كل شركة سلع استهلاكية. وتوفر هذه النتائج لقادة الشركات رؤى واضحة تساعدهم في تحديد الخطوات التالية في رحلتهم نحو التحول الرقمي وتبني الذكاء الاصطناعي، كما فصلنا في مقالنا "كيفية إعادة هيكلة شركة سلع استهلاكية للتفوق في مجالي الرقمنة والذكاء الاصطناعي".
تقييم نتائج الذكاء الاصطناعي في مختلف مراحل سلسلة القيمة للسلع الاستهلاكية
قام فريق ماكنزي بدراسة تفصيلية لأكثر من 140 حالة لاستخدام الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي، وأجرى مقابلات مع خبراء (انظر للعمود الجانبي بعنوان " نبذة عن البحث") بهدف تقدير الفوائد التي يمكن أن تحققها شركات السلع الاستهلاكية من هذه التقنيات. وقد تم جمع هذه التقديرات بشكل يوضح القيمة التي يمكن تحقيقها في ثلاثة قطاعات رئيسية في صناعة السلع الاستهلاكية وهي: الأطعمة والمشروبات، والعناية الشخصية والمنزلية، والتجميل. يشمل التحليل جميع حالات الاستخدام المرتبطة بالرقمنة والتحليلات والذكاء الاصطناعي، سواءً الذكاء الاصطناعي التقليدي أو التوليدي. وركّز الفريق على قياس القيمة الممكنة في الأجزاء الأساسية من سلسلة القيمة، والتي تتضمن الوظائف الأساسية (مثل الدعم المكتبي) وستة مجالات ابتكارية رئيسية. وبذلك، تكون هذه المجالات مجتمعة سبعة مسارات رئيسية تُعزز من تحقيق القيمة لشركات السلع الاستهلاكية عبر التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي.
ستستفيد الأقسام الأساسية والداعمة في الشركات، مثل الموارد البشرية والمالية، بشكل ملحوظ من استخدام الأدوات الرقمية الحديثة، بينما يمكن للشركات تعزيز نجاحها عبر بناء شراكات استراتيجية ونظام متكامل بالتعاون مع الموردين وشركاء التوزيع. ومع ذلك، تكمن القيمة الأكبر للتحول الرقمي وتبني الذكاء الاصطناعي في ستة مجالات ابتكارية رئيسية، حيث يمكن لهذه المجالات أن تحقق للشركات العوائد الأعلى من استثماراتها الرقمية.
في مجال تطوير المنتجات والابتكار، يمكن للشركات استخدام الأدوات الرقمية والذكاء الاصطناعي لتحسين كل خطوة في دورة حياة المنتج. على سبيل المثال، يمكن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل ما يقوله المستهلكون على وسائل التواصل الاجتماعي (ما يُعرف بالتنصت الاجتماعي)، مما يساعد على فهم رغباتهم وتوجهاتهم. كذلك، يمكن استخراج ردود الفعل وآراء العملاء واستخدامها لاكتشاف أفكار جديدة للمنتجات أو تحسين المنتجات الحالية. ويمكن أيضًا للذكاء الاصطناعي أن يقترح تركيبات جديدة للمنتجات القائمة، بينما تساهم التحليلات المتقدمة في تحسين تصميمات التغليف. بالإضافة إلى ذلك، تساعد الاختبارات التلقائية والتجارب التعاونية على تسهيل عملية إطلاق المنتجات الجديدة، مما يقلل من التحديات ويسرع من وصولها إلى السوق.
يمكن أن تستفيد عملية تطوير المنتجات بشكل كبير من تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي، وقد أثبتت هذه التقنية بالفعل فعاليتها في بعض شركات السلع الاستهلاكية. على سبيل المثال، استخدمت إحدى شركات المشروبات الذكاء الاصطناعي التوليدي لتصميم أفكار وصور ونماذج، مما ساعدها على تقليص الوقت اللازم لإطلاق منتج جديد في السوق بنسبة 60%. بعد ذلك، قامت الشركة بتحليل منشورات العملاء على الإنترنت باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لفهم آرائهم حول المنتجات الجديدة. ونتيجة لهذه الجهود، تمكنت الشركة من تطوير مجموعة من المنتجات الجديدة التي ساعدتها على النمو وزيادة حصتها في السوق.
وتُظهر أبحاثنا الأخيرة أن استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي قد يزيد من التأثير الاقتصادي للذكاء الاصطناعي التقليدي بنسبة تتراوح بين 15% إلى 40%، مما قد يفتح المجال لتحقيق أرباح إضافية تتراوح بين 160 إلى 270 مليار دولار سنويًا (بحسب قياس الأرباح قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك) لشركات السلع الاستهلاكية عالميًا. ومع أن الذكاء الاصطناعي التوليدي يجذب الانتباه في عالم الأعمال ويثير اهتمام الإعلام، إلا أنه يُعتبر بمثابة "إضافة مُكملة أو لمسة أخيرة" بالمقارنة مع الذكاء الاصطناعي التقليدي، إذ يُقدر تأثير الأخير بأنه أكبر بمعدل يتراوح بين 2.5 إلى 7 مرات. وهذا يعني أنه على الشركات ألا تقتصر استثماراتها على الذكاء الاصطناعي التوليدي فقط، بل يجب عليها الاستثمار في مجموعة واسعة من القدرات والمنصات في مجال الذكاء الاصطناعي لتحقيق إمكانات التحول الرقمي الكاملة.
وعلى الرغم من أن تأثيرات التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي قد تختلف بين القطاعات المختلفة في شركات السلع الاستهلاكية، إلا أن تحليلنا يُظهر أن أكبر قيمة يمكن تحقيقها تتركز بشكل أساسي في مسارين رئيسيين ضمن سلسلة القيمة: وهي فهم توجهات المستهلك وتوجيه الطلب، وإدارة العملاء وقنوات التوزيع (الشكل 2).
في قطاع التجميل، يُعتبر التوجه المباشر إلى المستهلك هو العنصر الأهم في سلسلة القيمة، على عكس القطاعات الأخرى. ويعود ذلك إلى قدرة شركات التجميل على الاستفادة من علاقتها المباشرة والمميزة مع المستهلكين، مما يساعدها على تلبية احتياجاتهم بشكل مباشر. وبفضل التحول الرقمي، تستطيع شركات التجميل استخدام التقنيات الحديثة لتحسين تجربة العملاء، وتسهيل عملية التسوق عبر الإنترنت، وإدارة تلبية الطلبات بكفاءة أعلى، مما يعزز رضا العملاء ويجعل التجربة أكثر سلاسة.
في هذه المجالات الستة، يمكن للشركات تحقيق قيمة إضافية من خلال التعاون مع الشركاء الرئيسيين، مثل تجار التجزئة والمصنّعين وشركات اللوجستيات والشركاء الإعلاميين. إذ يعتمد هذا التعاون بشكل كبير على تبادل البيانات مع هؤلاء الشركاء. ومع مرور الوقت، واجهت شركات السلع الاستهلاكية صعوبة في جمع واستخدام بيانات عملائها بشكل مباشر وعلى نطاق واسع. ونظرًا لهذا النقص في البيانات، تجد الشركات نفسها أمام خيارين: إما الاعتماد على بيانات الشركاء الخارجيين، أو الاستثمار في طرق للحصول على بيانات مباشرة من العملاء، سواء من خلال البيانات التي يشاركها العملاء طواعية أو من خلال البيانات الخاصة بالشركة. تُعد هذه البيانات ضرورية لإيصال الرسالة المناسبة للعميل المناسب في الوقت المناسب. كما ينبغي على شركات السلع الاستهلاكية الاستثمار في التكنولوجيا التي تسهّل تبادل البيانات مع الشركاء، حيث يمكن أن يساعد استخدام الحوسبة السحابية في تحقيق ذلك بكفاءة أعلى.
القيمة المحتملة للتحول الرقمي في ثلاثة قطاعات رئيسية للسلع الاستهلاكية
فكّر في التأثير الذي يمكن أن يحدثه التحول الرقمي على الأنواع التالية من شركات السلع الاستهلاكية. تعرض الأمثلة الثلاثة التالية دراسات حالة توضح كيفية تحقيق هذه المكاسب.
شركات الأغذية والمشروبات واغتنام فرص إدارة العملاء وقنوات التوزيع
يمكن لشركة في قطاع الأغذية والمشروبات بإيرادات قدرها 10 مليارات دولار أن تحقق مكاسب تتراوح بين 810 مليون دولار إلى 1.6 مليار دولار عند تطبيق التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي بشكل شامل في جميع مراحل سلسلة القيمة. وتأتي هذه المكاسب من زيادة الإيرادات وتحسين الإنتاجية، اطلع على (الشكل 3). كما أن هذه التحسينات قد تؤدي إلى زيادة هامش الأرباح قبل الفوائد والضرائب والاستهلاك والإهلاك بنسبة تتراوح بين 7 إلى 13 نقطة مئوية، مما يعزز قدرة شركات الأغذية والمشروبات على تحقيق نمو مستدام وزيادة في الأرباح.
تكمُن أكبر فرصة لتحقيق تأثير مالي كبير، تُقدر قيمتها بين 230 مليون إلى 470 مليون دولار، في إدارة العملاء والقنوات، حيث تسعى شركات الأغذية والمشروبات باستمرار إلى تحسين تواجدها عبر مختلف القنوات، سواء على منصات البيع عبر الإنترنت أو في المتاجر التقليدية، وذلك بهدف الوصول إلى المستهلكين بأفضل الطرق الممكنة وتحقيق نمو مستدام في الإيرادات.
تعتبر العروض الترويجية في قطاع التجزئة، التي قد تصل إلى 20% من إيرادات شركات الأغذية والمشروبات، من أكثر المجالات الواعدة للتحسين باستخدام الأدوات الرقمية والتحليلات المتقدمة. فعلى الرغم من امتلاك تجار التجزئة بيانات عن أداء العروض الترويجية السابقة، إلا أنهم غالبًا ما يفتقرون إلى الأدوات التي تمكّنهم من تحليل هذه البيانات بشكل فعال لتكوين رؤية واضحة حول كيفية استهداف العروض بشكل أفضل. وفي الحقيقة، تتيح الأدوات الرقمية وتقنيات التحليل الاستفادة من البيانات التاريخية للعروض والمخزون، مما يساعد على تحديد الوقت الأمثل ومدى العروض الترويجية المستقبلية بدقة أكبر. ونظرًا للتكاليف المرتفعة لتحليل البيانات بدون استخدام أدوات التحليلات المتقدمة والذكاء الاصطناعي، يمكن لهذه الأدوات أن تدعم شركات الأغذية والمشروبات في تقليل التكاليف وتعزيز الأداء في آنٍ واحد.
في قطاعي العناية الشخصية والمنتجات المنزلية، يمكن أن يؤدي فهم توجهات المستهلكين وتحسين استراتيجيات زيادة الطلب إلى تحقيق قيمة مالية بمليارات الدولارات.
بالنسبة لإحدى العلامات التجارية في قطاع العناية الشخصية والمنتجات المنزلية التي تحقق إيرادات تبلغ 10 مليارات دولار، يمكن أن يسهم التحول الرقمي في تحقيق قيمة إضافية تتراوح بين 1 إلى 1.8 مليار دولار، كما هو موضح في (الشكل 4). هذا المكسب يترجم إلى زيادة في هامش الأرباح قبل الفوائد والضرائب والاستهلاك والإهلاك بمقدار يتراوح بين 9 إلى 16 نقطة مئوية، مما يعزز ربحية الشركة بشكل ملحوظ. ومن بين المجالات السبعة الرئيسية لتحقيق القيمة، يُعد فهم سلوك المستهلكين وزيادة الطلب المجال الأكثر تأثيرًا، حيث يتيح للشركات في هذا القطاع تحقيق أكبر المكاسب المحتملة.
قد يكون من الصعب إدارة سوق العناية الشخصية بفعالية، لأن الشركات غالبًا ما تقدم عروضًا ترويجية متكررة ومتنوعة بتخفيضات كبيرة، مما قد يؤدي إلى عدم كفاءة في استهداف المستهلكين. وللتغلب على هذا التحدي، يمكن أن يساعد تحسين ملفات تعريف المستهلكين، المعروفة باسم "الصورة الشاملة للمستهلك" أو "Consumer 360" في تقليل هذه الفجوات. فبدعم من الذكاء الاصطناعي، يسمح هذا التحليل المتقدم بفهم السمات والمواقف والسلوكيات التي يظهرها المستهلكون. وبهذا، تتمكن الشركة من بناء ملفات تعريف دقيقة وديناميكية للمستهلكين، مما يساعد على استهدافهم بدقة وكفاءة أكبر وتحقيق نتائج أفضل.
على سبيل المثال، كانت إحدى الشركات في قطاع العناية الشخصية بحاجة إلى زيادة هامش الأرباح قبل الفوائد والضرائب والاستهلاك والإهلاك وتقليل المخزونات. وقد تمكنت الشركة عن طريق الاستثمار في مجموعة الأدوات الرقمية والذكاء الاصطناعي من دمج البيانات الداخلية والخارجية، مما أدى إلى تحسين دقة التوقعات بنسبة 13%، وتقليل نقص المنتجات بنسبة 40%، وتخفيض المخزون بنسبة 35%. ومن خلال جمع البيانات حول هوية المستهلكين، وما يشترونه، وأين يشترونه، ولماذا يقومون بذلك، أصبحت الشركات تستطيع الحصول على رؤى أفضل تساعد في اتخاذ قرارات مدروسة تتعلق بالرسائل التسويقية، وبناء العلامة التجارية، وتشكيل المنتجات، وتحديثها، ودخول أسواق جديدة، وتعزيز الابتكار.
فرص علامات التجميل في الاستفادة من التوجه المباشر إلى المستهلك
يمكن لعلامة تجميل تجارية، تحقق إيرادات بقيمة 3 مليارات دولار، أن تستفيد من التحول الرقمي عبر سلسلة قيمتها لتحقيق قيمة إضافية تتراوح بين 290 مليون دولار إلى 500 مليون دولار. وتُترجم هذه المكاسب إلى زيادة في هامش الأرباح قبل الفوائد والضرائب والاستهلاك والإهلاك، وهي تتراوح بين 8 إلى 14 نقطة مئوية لشركات التجميل. بالتالي، يُظهر هذا التحول الرقمي الإمكانات الكبيرة التي يمكن أن تحققها العلامات التجارية في قطاع التجميل من خلال تحسين العمليات وزيادة الكفاءة. (الشكل 5).
ويمكن الحصول على ما يقرب من ثلث هذه القيمة من خلال سلسلة القيمة الخاصة بالتوجه المباشر إلى المستهلك. وفي هذا الإطار، يُساعد الذكاء الاصطناعي في تعزيز تجربة العملاء عبر تطبيقات التجميل التي تتيح تجربة المنتجات افتراضيًا، بالإضافة إلى تقديم توصيات مخصصة للمنتجات، مما يؤدي إلى زيادة المبيعات. فيما يتعلق بالتخصيص حسب متطلبات العملاء، تعتمد محركات التوصية المدعومة بالذكاء الاصطناعي على بيانات العملاء المجمعة من عدة مصادر، مثل الهواتف الذكية والمواقع الإلكترونية والمتاجر، لتحسين البحث عن المنتجات وتقديم اقتراحات تتناسب مع احتياجاتهم.
فعلى سبيل المثال، قامت إحدى علامات التجميل باستخدام الذكاء الاصطناعي لإطلاق خدمة إنتاج أحمر شفاه مخصص حسب الطلب لعملائها. حيث طورت الشركة نظامًا مدعومًا بالذكاء الاصطناعي يمكن استخدامه في المنزل، حيث يتمكن من التعرف على الألوان من أي صورة وإنتاج أحمر شفاه بناءً على تلك الألوان.
يتوقع المستهلكون الحصول على تجارب مخصصة من العلامات التجارية في جميع مراحل تفاعلهم مع المنتجات، بدءًا من اكتشافها، ثم الشراء، وصولًا إلى مرحلة ما بعد الشراء، حيث تستطيع علامات التجميل التجارية التي تستخدم أدوات رقمية متقدمة دمج البيانات من عدة مصادر، مثل وسائل التواصل الاجتماعي ومحركات البحث والبيانات المحلية حول سلوك المستهلكين، مما يمكنها من استهداف العملاء بدقة وبطرق تلبي اهتماماتهم.
وقد استثمرت إحدى علامات التجميل التجارية في تطوير ملفات تعريف فريدة للعملاء من خلال تقنية التجميع الآلي للبيانات، التي تُستخدم لتحسين نماذج التعلم الآلي، حيث ساعدت هذه التقنية العلامة التجارية على تحديد العملاء بشكل أفضل وتلبية احتياجاتهم بدقة أكبر، ولم يساهم هذا الجهد في تلبية احتياجات العملاء فحسب، بل أيضًا في تسريع إطلاق الحملات التسويقية الجديدة من خلال إجراء اختبارات A/B مستهدفة بشكل أسرع.
يمكن لشركات السلع الاستهلاكية تحقيق زيادة تتراوح بين 5 إلى 15 نقطة مئوية في هوامش الأرباح قبل الفوائد والضرائب والاستهلاك والإهلاك من خلال التحول الرقمي في سلسلة القيمة الخاصة بها. ورغم أن هذه المكاسب تبدو مغرية، إلا أنها تتطلب جهودًا طويلة الأمد ومنهجية شاملة وتدريجية لتحقيق النجاح.
كما ينبغي لشركات السلع الاستهلاكية التركيز على ستة مجالات من الابتكار واختيار الاستراتيجيات التي تناسب أعمالها بشكل أفضل. فمن الضروري أن نلاحظ أن النجاح الكامل لهذا التحول، والذي سيساعد الشركات في التفوق على المنافسين، لن يتحقق من خلال خطوات صغيرة أو متفرقة.
تتبنى الشركات التي نطلق عليها اسم "الشركات المُعاد هيكلتها" نهجًا شاملاً يشمل جميع الفرق في مجالات الأعمال والتشغيل والدعم. يتضمن هذا النهج تطوير خطة رقمية، وتمكين الموظفين، وإعادة تصميم نموذج التشغيل في صناعة السلع الاستهلاكية. كما تقوم هذه الشركات بتطوير واكتساب تقنيات جديدة وبناء بيانات أساسية ضرورية لتنفيذ وتوسيع نطاق تحولها الرقمي.
وعلى الرغم من أن الثورة التكنولوجية الكُبرى المقبلة لا تزال في مراحلها الأولى، إلا أنها بدأت بالفعل. وقد يستغرق جني ثمار هذه الثورة بعض الوقت، لكن استغلال إمكانياتها الآن سيساهم في خلق قيمة طويلة الأجل تفوق بكثير ما يمكن أن تُظهره أي بيان أرباح منفرد.