في خضم الظروف الاستثنائية والأوقات العصيبة، غالبًا ما يلجأ متخذي القرار في بعض الشركات والمؤسسات إلى خيار تخفيض ميزانيات التسويق، باعتبارها الحلقة الأضعف، دون الالتفات إلى تداعيات هذا القرار، وما يمكن أن يمثله من نظرة قاصرة، لها تأثيراتها على المستويين الراهن والمستقبلي. وفي هذه الحلقة المتميزة من "ماكنزي بودكاست"، والتي تديرها "روبرتا فوزارو"، مديرة التحرير في ماكنزي، تتحدث "كيلسي روبنسون"، الشريك الرئيسي لشركة ماكنزي بمنطقة الخليج، حول استراتيجيات التسويق الفعالة التي تتبع النهج الأكثر شمولًا، وأهمية تمكين كبار مسؤولي التسويق لتلبي عقلية وفكر المستثمر، من خلال القضاء على أوجه الإنفاق غير الفعال وإعادة استثماره في الأنشطة التسويقية عالية النمو، مما يجعل الشركات أكثر صمودًا أمام التقلبات الاقتصادية التي قد تتعرض لها.
المزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية
شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية
كما يشارك في الحلقة أيضا "ألوك كشير ساجار"، الشريك الرئيسي بشركة ماكينزي، متحدثًا عن اتخاذ قرارات حاسمة بشأن مشروع رفيع المستوى.
تم تحرير هذا النص لنقل صورة متكاملة لكل المناقشات التي دارت خلال الحلقة.
قامت بإدارة هذه الحلقة من بودكاست ماكينزي كلًا من "روبرتا فوزارو" و"لوسيا راهيلي"
التحول من مصدر للتكلفة إلى محرك للإيرادات
روبرتا فوزارو: بالرغم من الأهمية الكبرى لاستراتيجيات التسويق، إلا أنه في الأوقات العصيبة عادة ما يصبح " التسويق" هو الهدف الأول لتلقي الضربات المتعلقة بتقليص الميزانيات.. لماذا؟
كيلسي روبنسون: نعم أنت على حق، في الغالب يعد التسويق أحد الحلقات الضعيفة التي يتم التضحية بها دائمًا عندما يتسرب القلق لقادة الشركات بشأن انخفاض معدلات الطلب، فغالبًا ما يفكرون بسرعة ولسان حالهم يقول: "عندما يقل الطلب، يجب أن ننفق أقل لتسويق المنتجات ذات الطلب المنخفض". ويعد هذا السلوك بمثابة نهج مألوف وظاهرة منتشرة بين العديد من الشركات.
روبرتا فوزارو: ولكن عندما يتحرر القائمين على التسويق من هذه الضغوط والمعتقدات الخاطئة، ما الذي يمكن أن يقدمه التسويق الفعال للشركة؟
كيلسي روبنسون: في الواقع عندما يكون التسويق في أفضل حالاته، فإنه يصبح أحد محركات النمو، وعندما يدرك كبار مسؤولي التسويق هذه الحقيقة يفعلون شيئين: أولاً، يتبنون عقلية طموحة تستهدف تعزيز معدلات النمو، ثم يضعون خطط أكثر جرأة للتسويق. ثانيًا، يقومون بإعادة صياغة استراتيجية التسويق باعتبارها محركًا رئيسيًا للإيرادات بدلاً من النظر إليها على أنها مصدر للتكلفة يمكن التضحية به. ولتطبيق ذلك النهج يتعين على مدير التسويق أن يمارس مهام عمله بطريقة مختلفة.
ويتطلب ذلك تطبيق مستوى أكثر صرامة في التسويق، يشبه عقلية المدير المالي أو المستثمر. والسؤال هنا هو كيف يتأكد مديرو التسويق من فاعلية خططهم التسويقية وأنها تعمل بأفضل طريقة بغض النظر عن الميزانية المتاحة له سواء كانت مرتفعة أو منخفضة أو نفس ميزانية العام الماضي؟
إن المنظمات الأكثر نجاحًا في التسويق تتبنى نهجًا استراتيجيًا يعتمد على التخطيط وتحديد العناصر المؤدية لزيادة معدلات النمو المستقبلي، مما قد يستدعي اتباع أساليب جديدة مثل استراتيجيات التسويق الشاملة أو ما يعرف بمفهوم "القُمع" التسويقي، أو الاعتماد على الإعلانات المدفوعة في وسائل الإعلان المختلفة مثل المنصات التجارية الإعلانية.
روبرتا فوزارو: هل من الممكن أن تشاركينا مثالًا لإحدى الشركات التي ضاعفت جهودها في مجال التسويق وكيف تمكنت من التغلب على المنافسين؟
كيلسي روبنسون: كما ذكرت، فإن الشركات التي تضاعف من جهودها خلال الأوقات والظروف الاقتصادية الصعبة، عادةً ما تحقق معدلات نمو أعلى مقارنة بمنافسيها في السوق. وما رأيناه ولاحظناه أن الشركات التي تركز على النمو في مجال التسويق، تحقق نموًا أعلى بنسبة 150 نقطة مئوية مقارنة بنظيراتها التي لا تتبع ذات النهج في نفس القطاع.
وعلى سبيل المثال، قامت إحدى الشركات في قطاع السفر بالمجازفة وعدم الالتزام بمعاملات الأمان في ظل فترات الركود و عدم وضوح الرؤية، حيث قاموا بمضاعفة ميزانيتهم وجهودهم المخصصة للتسويق، وإجراء دراسة فاحصة ومتعمقة لتحديد القطاعات ذات الأداء الأضعف على مستوى الاستثمار والتسويق. وبدلاً من أن يخفضوا ميزانيات التسويق، قاموا بالمضي قدمًا نحو تعزيز هذه الميزانية وأطلقوا أكبر حملة دعائية لهم خلال العشر سنوات الأخيرة، نجحوا من خلالها في تحقيق أداء مذهل تفوقوا به على أقرانهم من الشركات العاملة في نفس القطاع، وما زالوا يفعلون ذلك.
ابحث عن المدخرات.. ثم أعد استثمارها
روبرتا فوزارو: كيف يتبنى مدير التسويق عقلية المستثمر؟
كيلسي روبنسون: بالنسبة لي أفضل دائمًا أن يفكر مدير التسويق بشكل أقرب إلى المدير المالي، بالرغم من أن ذلك ليس صحيحًا دائمًا في عالم التسويق. لكنني أعتقد أن عقلية المدير المالي دائمًا ما تسعى إلى تقييم حقيقي لأوجه الإنفاق بشكل صارم، كما تبحث بشكل مستمر عن كل ما يمكن أن يؤدي إلى تحقيق معدلات أداء جيدة ثم تزيد من مخصصات تلك المصادر، وفي نفس الوقت تقضي على كل أوجه الإنفاق غير الفعال. وقد تتمثل مصادر الإنفاق التي يجب اقصاؤها في حالات معينة، بعض الأسواق أو بعض وسائل التسويق والإعلان. وفي حقيقة الأمر يجب أن يتم النظر للمشروع ككل لضمان أنك تستثمر أموالك بالطريقة المثلى التي تدفع عجلة النمو المستدام للمؤسسة.
ولقد رأينا أنه عندما تتعامل بعقلية المدير المالي الصارم، فإنك ستقوم بتوفير ما يتراوح بين 10 إلى 20 بالمائة من معدلات الإنفاق، وهذا ما يحدث في أي شركة تقريبًا. ولا يتعين علينا حينها تخفيض الميزانية، بل يمكننا استغلال هذه الأموال وإعادة استثمارها لاكتساب عملاء جدد.
روبرتا فوزارو: فيما يتعلق بجزئية إعادة تخصيص الموارد مقابل الفرص التي يفترض أنها ذات قيمة أعلى، كيف يفكر كل من مدير التسويق والمدير المالي؟ وهل يعتمد الأمر على القرارات السريعة أم المدروسة؟
كيلسي روبنسون: الأمر كله يتعلق بالقرارات المستندة إلى البيانات، وأود أن أعطيك مثالًا لذلك، حيث قد قمنا بتنفيذ حملة إعلانية لعلامة تجارية ما، وأنفقنا مبالغ كبيرة عليها. وعلى الرغم من جودة الحملة في العموم، إلا أنها لم تحقق نفس النتائج أو الاستجابة المتساوية في مختلف الأسواق. لذا، اتخذ العميل قرارًا مدروسًا قائلًا: "ربما يمكننا أن نقوم باختبار الحملة في وقت لاحق لكي نبحث عن سبل مناسبة لتعزيز نتائج الحملة. ولكن في الوقت الحالي، فلنتجنب إهدار المزيد من المال، لأنها لا تعود بالعائد المتوقع على استثمارنا."
اتباع نهج المسار الشامل أو "القُمع" التسويقي
روبرتا فوزارو: لقد قمت بتعريف التسويق بنهج المسار الشامل أو ما يطلق عليه "القُمع" التسويقي بأنه نهجًا يجمع بين نوعين من الاستراتيجيات..الأولى هي الاستراتيجية التقليدية لبناء العلامة التجارية، كالإعلانات التلفزيونية، والثانية هي التسويق المستند إلى تقييم الأداء من خلال تحليل البيانات المتاحة. من وجهة نظرك لماذا يعتبر نهج التسويق الشامل أمرًا هامًا للغاية؟
كيلسي روبنسون: في اعتقادي أن العشرون عامًا الأخيرة شهدت تغيرًا ملحوظًا في أساليب ومناهج التسويق، حيث تنوعت ما بين بناء العلامات التجارية بالطرق التقليدية، والاعتماد على التسويق المستند إلى تقييم الأداء، والذي يمكنك من قياس ورصد ما إذا كانت أدوات التسويق قد حققت بالفعل زيادة في عمليات البيع أم لا.
وأعتقد أن الانقسام ما بين هاتين الاستراتيجيتين، أثر بشكل كبير على طريقة تفكير الشركات. فإذا كانت الشركة تستهدف فقط الحصول على عوائد فورية من استثماراتها، فلن تتمكن أبدًا من بناء علامتها التجارية بشكل فعال، مما يعطل عملية خلق طلب جديد ويحد التسويق للتركيز على الطلب الفعلي فقط. وينجح أسلوب التسويق المستند إلى تقييم الأداء في استقطاب الطلب على المدى القريب، ولكنه قد لا يمثل الاستراتيجية المثلى على المدى الطويل.
ومن هنا تأتي أهمية منهج المسار الشامل للتسويق والذي يعتمد على أسلوب التفكير المتكامل لكافة مراحل الخطة التسويقية استنادًا إلى البيانات الدقيقة التي تؤكد أهمية كافة المراحل بدءًا من بناء العلامة التجارية وصولًا إلى اتخاذ القرار لدى العميل بشراء المنتج أو الخدمة واستقطاب كافة أوجه الطلب.
واسمحوا لي أن أقدم مثالاً على ذلك: فإذا قررت أن تطلق حملة دعائية لبناء علامتك التجارية في الراديو والتليفزيون، لا يمكن أن تقارن ما أنفقته على هذه الحملة، بما أنفقته على ذات العلامة عندما تتبع نهج التسويق بقياس الأداء عبر محركات البحث، حيث أن استخدام أسلوب محركات البحث يُمكنك من رصد وإثبات عائد الاستثمار بشكل سريع وواضح.
أما الاستعانة بالحملات التليفزيونية فقد تمثل منهج مثالي عندما أرغب في الدخول إلى سوق جديدة أو بناء علامتي التجارية في منطقة ما أو لقطاع معين من المستهلكين، ولكنك قد لا تستطيع قياس عوائد هذا الاستثمار بشكل سريع، حيث يستغرق الأمر بعض الوقت للتأكد من نشر الوعي لدى الجمهور بالعلامة التجارية حتى يُترجم ذلك في النهاية إلى طلب عليها.
ويستهدف جانب كبير من العمل وفقًا لاستخدام استراتيجية المسار الشامل اكتشاف نظام فعال للقياس يسمح لنا برصد بعض المؤشرات الرئيسية للمرحلة الأولى من الخطة التسويقية والخاصة ببناء العلامة التجارية.
ويستهدف جانب كبير من العمل وفقًا لاستخدام استراتيجية المسار الشامل اكتشاف نظام فعال للقياس يسمح لنا برصد بعض المؤشرات الرئيسية للمرحلة الأولى من الخطة التسويقية والخاصة ببناء العلامة التجارية، وفي هذا الإطار يمكن أن نجري اختبار مطابقة للسوق لمدة شهرين، بهدف قياس الفرق بين الإنفاق في مدينة معينة، وعدم الإنفاق في مدينة أخرى. ومن خلال هذه الطريقة يمكن إثبات ما إذا كان الانفاق للتسويق يحقق الأهداف المرجوة للشركة أم لا؟ مع الوضع في الاعتبار أن عملية القياس لا يمكن أن تتم بسرعة. وأنا أعتقد أن كبار مسؤولي التسويق والمديرين الماليين المستنيرين يتحلون بالصبر اللازم، ويدركون جيدًا أنهم بحاجة إلى اتباع نهج متوازن، لتحقيق النتائج المنشودة على المدى البعيد والقريب. فإذا كنت تتبني منهج التسويق المستند إلى تقييم الأداء فقط، قد يؤثر ذلك سلبًا على ترسيخ مكانة العلامة التجارية بشكل فعال.
روبرتا فوزارو: أتصور أن الأمر سيكون أسهل إذا اتبعت نهج التسويق الشامل، حيث يوفر رؤية متكاملة وأكثر وضوحًا للأمور. فهل هذا صحيح؟
كيلسي روبنسون: نعم، إن تطبيق هذا النهج يساهم في نجاح وتسهيل العملية التسويقية في نهاية المطاف، لكن يتطلب الأمر أولًا تقييم المراحل المختلقة من الخطة التسويقية أو لمسار التسويقي، خاصة المرحلة الوسطى والعُليا لما نطلق عليه "القمع التسويقي"، وذلك من خلال مجموعة من الاختبارات والمؤشرات التي يجب أن تخضع لها الخطة التسويقية كل فترة. وليس ذلك بالأمر السهل، كما أنه ليس هناك حل مباشر لهذه المشكلة. ولتوضيح هذه الفكرة يمكن الإشارة إلى بعض الشركات التي استخدمت نهج تسويقي يعتمد على دمج بعض الوسائط التجارية التسويقية، مما يعد أمرًا رائعًا، لكنه في النهاية يظل أداة واحدة لا تتطرق إلى أهداف المراحل الوسطى من المسار التسويقي الشامل والتي تتعلق بترسيخ صورة ذهنية إيجابية للمنتج أو الخدمة. إن التحدي الذي قد يواجهك في تنفيذ عملية التسويق الشامل بشكل جيد هو ضرورة وجود نظام قياس متكامل يضم اختبارات جغرافية وقياسات دقيقة للعوائد الاستثمارية ونماذج الوسائط التجارية المدمجة. وهو أمر صعب، حيث يتطلب الكثير من الصبر للتنفيذ، وشرح نتائجه للمديرين التنفيذيين، بهدف وضع خطة تسويق تعتمد على هذه النتائج. علمًا بأنه يجب اعادة تلك الاختبارات بين الحين والآخر. ولذلك فمن الناحية النظرية يبدو الأمر سهلًا، لكنه في حقيقة الأمر يكون أصعب عندما يتم تطبيقه عمليًا على أرض الواقع.
تأثير وسائل الإعلان التجارية على منظومة العمل والعملاء
روبرتا فوزارو: بالعودة إلى وسائل الإعلان التجارية.. وفقًا لأبحاث ماكينزي الأخيرة، فإنه من المتوقع أن تحقق تلك المنصات التجارية ما يزيد عن 100 مليار دولار ايرادات للشركات الأمريكية بحلول نهاية عام 2026. هل يمكن أن تطلعينا على كيفية عمل هذه الوسائل؟
كيلسي روبنسون: تعد المنصات الالكترونية التجارية أو الوسائط الاعلانية التجارية بمثابة نقلة نوعية في مفهوم الدعاية الرقمية، سواء من حيث كيفية شراء الإعلان أو كيفية تعزيز نتائج الإعلان. وتعتبر شركة أمازون خير مثال على ذلك، حيث اعتمدت لفترة من الوقت على بناء شبكة تجارية اعلانية، مستغلة العدد الهائل من المتسوقين عبر منصتها لتسويق منتجات الشركات أصحاب العلامات التجارية الأخرى، مما يضع منتجاتهم في موقع الصدارة لدى المتسوقين عبر المنصة.
فبدلاً من شراء إعلان على شبكة الإنترنت أو إعلان على وسائل التواصل الاجتماعي، لتوجيه المستهلك إلى البائع، أصبح المتسوق جزءًا من المنظومة التسويقية لشركة أمازون بالفعل، والتي بدورها تمتلك معلومات قيمة عن المستهلكين وتفضيلاتهم، مما يمكنها من تزويد الشركات صاحبة العلامات التجارية بهذه البيانات الهامة. ويساهم ذلك في تعزيز استراتيجيات التسويق واستهداف المستهلكين المناسبين، بطريقة أكثر فعالية.
لذا، يساهم هذا النهج في تحقيق تحول جذري لطريقة اختيار المكان المناسب للإعلان والمعلومات المُستند إليها. ويظهر تأثيره الحقيقي في أنه يساعد على ربط عملية الإنفاق الإعلاني بالمشتري بشكل مباشر، ويعزز من قدرة الإعلانات في الوصول لشريحة أكبر من المستهلكين المستهدفين، كما يساهم في توفير الرؤى القيمة والبيانات المفيدة حول الجمهور المستهدف للشركات المُعلنة.
روبرتا فوزارو: أنت تعلمين أن أمازون مؤسسة كبيرة لكنها في النهاية تظل مثالًا واحدًا ..فهل هناك تحديات معينة قد تواجهنا عند الاعتماد على منصات الإعلان التجارية؟
كيلسي روبنسون: إن الأمر يتطلب إعداد دارسة جدوى، ثم بناء خطة متكاملة استنادًا إلى تلك الدراسة. فإذا كنت بائع تجزئة ولديك الكثير من المنتجات وتسعى لبيعها لفئات مختلفة من المستهلكين والمتسوقين، فمن المؤكد أن منصات الإعلان التجارية ستكون مهمة جدًا بالنسبة لك.
ولقد رأينا أن العديد من تجار التجزئة بدأوا في تقديم خدمات الوسائط التجارية أو المنصات الإعلانية التجارية. ويتعين على الشركات التي تتطلع إلى تقديم تلك الخدمة أن تقوم بدراسة فاحصة لتحديد ما يمكن أن تقدمه للموردين والمستهلكين من قيمة مضافة، ثم تقوم بتحديد الموارد المطلوبة لبدء التنفيذ. ويتطلب ذلك إعداد وتطوير نظام إلكتروني هندسي لاختيار الأماكن المناسبة لوضع الإعلانات، كما يعتمد الأمر أيضًا على كيفية استغلال البيانات مع مراعاة عنصر الخصوصية، بمعنى أكثر وضوحًا.. ما هي البيانات التي يمكنني استخدامها وكيفية استخدمها لتعزيز فعالية هذه الإعلانات وتحقيق معدلات أعلى لاستهداف المستهلكين المناسبين؟
روبرتا فوزارو: بالفعل.. إنه شيء يجب علينا ترقبه.. ولكن اسمحوا لي أن أعود إلى محور نقاشنا حول تخفيض الإدارة لميزانيات التسويق خلال أوقات عدم الاستقرار أو الانكماش. فإذا كنت مديرًا للتسويق وأحتاج إلى تقديم حجة ضد تخفيض ميزانيتي، فماذا أقول لكبار القادة لإقناعهم أن التسويق يعد بمثابة حجر الأساس في عملية تعافي الشركة ومرونتها على المدى الطويل؟
كيلسي روبنسون: في هذه الحالة يجب القيام بثلاثة أشياء ترتبط جميعها بعقلية المستثمر، أولها توفير بعض البيانات الخاصة عن المستهلكين. فبالرغم من وجود كساد في فترات الريبة والانكماش، لكن لا يتوقف المستهلكون تمامًا عن إنفاق أموالهم. وبالتالي لا يمكننا إهدار جزء من الطلب الموجود لديهم والذي لا يزال ينمو.
والشيء الثاني الذي سأفعله هو أنني سأشرح بوضوح مدى فاعلية هذه البيانات في الخطط التسويقية التي قد تساهم في دفع عجلة النمو في هذه الفترة العصيبة. ويمكن توضيح ذلك من خلال الإشارة إلى بعض الأمثلة الناجحة، كإفتتاح متجر أو إطلاق حملة دعائية، مما يؤكد قدرة البيانات على توفير مؤشرات حقيقة للعائد الذي يمكن أن تحققه للشركة.
والأمر الثالث الذي يجب أن أقوم به هو وضع خطة عمل مُحكمة للمضي قدمًا في المستقبل. وترتكز هذه الخطة على مبدأ التمويل والدعم، كما تستلزم إجراء تقييم مفصل ودقيق عن أوجه الإنفاق، والفرص المتاحة. و يتعين علينا تحليل البيانات للكشف عن مصادر الانفاق الخاطئ، ومن ثُمَّ، مناقشة كيفية إعادة توجيه الموارد واستثمارها في المصادر الفعالة التي تؤتي بثمارها. ويساهم هذا التواصل الفعال بشأن الخطط التسويقية وإعادة توزيع الميزانيات في توطيد أواصر التعاون بين كافة الجهات المعنية في الشركة، مما يسفر عن نتائج إيجابية ويساهم في تحديد الاستخدام الأمثل للموارد.
روبرتا فوزارو: شكرًا جزيلًا على هذه النصائح والتوجيهات السديدة.
تحديد الهدف: السبيل الأمثل لتحقيق النجاح
لوسيا راهيلي: كان ألوك كشيرساجا، الشريك الرئيسي في شركة ماكينزي، منشغلًا بتحقيق الربح من أول مشروع يتولى قيادته، لكنه فوجئ بأن المشروع عبارة عن "كثير من الكلام" وقليل من العمل.
ألوك كشيرساجار: بعد قضائي لعدة أعوام رائعة من العمل في مدينة نيويورك، تم نقلي إلى لندن، وفي ذلك الوقت كنا نعمل على مشروع تكنولوجي ناشئ مثير للغاية. وشارك في هذا المشروع العديد من الأشخاص من جميع أنحاء أوروبا.
وكنت أتولى قيادة هذا الفريق بالكامل، الذي قام بعمل رائع على مدار ستة أو ثمانية أسابيع كاملة اشتملت على الكثير من المراجعات الأولية، والعروض التقديمية الرائعة. ولكن بعد أن جلسنا في اجتماع للفريق أدركنا أنه بعد مرور هذه المدة لم نحصل على أي نتيجة ملموسة.
وأدركنا بعد هذا الاجتماع أنه لا يصح أن تكون نتيجة عملنا طوال هذه المدة هي عروض توضيحية فقط، حيث يجب أن يكون هناك عائد من كل هذا العمل أو قيمة مضافة. ثم أدركنا بعد ذلك أن كل هؤلاء الأشخاص الذين اجتمعوا للعمل معًا لم يكن لديهم هدف مشترك، وإنما كانوا يتحدثون مع بعضهم البعض من خلال شركة ماكنزي.
وبالرغم من أنها كانت المرة الأولى التي أتولى فيها قيادة سوقًا جديدًا، إلا أنني ذهبت وتحدثت مع شريكي الرئيسي في ذلك الوقت وقلت له: "أنا قلق جدًا بشأن هذا المشروع، حيث أخشى أن يضم العديد من النشاطات المبهرة ولكن بدون تأثير حقيقي". هل تعرف ماذا فعل بعدها؟ قام بالاتصال بالرئيس التنفيذي وقال له: "سأوقف عمل هذا الفريق لعدم وجود نتائج ملموسة".
فما كان من الرئيس التنفيذي، إلا أن صُدم.. فقد كان المشروع تكنولوجيًا رفيع المستوى، وكانت أخباره تتصدر الصفحات الأولى عند اطلاقه.
لا زلت ممتنًا للغاية لشريكي لأنه قام بالشيء الصحيح وبالنسبة لي، كان هذا هو أعظم درس تعلمته كقائد فريق لأول مرة. فدائمًا ما أسأل نفسي وعملائي وفريقي هذه الأسئلة: "هل نضمن توافر الظروف الملائمة لإحداث التأثير؟ هل الجميع على دراية بالهدف؟ هل هم على استعداد للعمل؟ هل لديهم الدافع للعمل؟ هل سيعملون سويًا في فرق عمل أم سيتحولون إلى جزر منعزلة؟ إنك، كقائد فريق، لديك الحق في طرح هذه الاسئلة، وعلى الجميع أن يحرصوا على تضافر الجهود للمضي قدمًا بهدف تحقيق الأهداف المنشودة.