التنقّل المستقبلي 2022: تطلعات تتحول إلى واقع ملموس

| مقالة
قطاع التنقل يواصل تطوره على جميع المستويات رغم التحديات المتنامية.

ملاحظة: إننا نبذل قصارى جهدنا للحفاظ على جميع التفاصيل الدقيقة عند ترجمة المقالة الإنجليزية الأصلية، ونعتذر عن أي جزئية مفقودة في الترجمة قد تلاحظونها من حين لآخر نرحب بتعليقاتكم على البريد الالكتروني التالي: reader_input@mckinsey.com

شهد قطاع التنقل تطورات ملحوظة خلال عام 2022 تمثلت في تحقيق قفزات نوعية مع تسجيل نجاحات في خفض التكاليف. وأصبحت مؤشرات تطور القطاع واضحة في حياتنا اليومية من خلال ظهور المزيد من المركبات الكهربائية على الطرقات، بالإضافة إلى زيادة عدد نقاط الشحن الجديدة في الكثير من الدول. كما نلاحظ ازدهار العديد من نماذج الأعمال الجديدة، مثل الشركات التي توفر السيارات كخدمة اشتراك أو تلك التي تقدم خدمات التنقل الموجهة إلى العملاء بشكل مباشر. ويخضع استخدام السيارات لرقابة متزايدة من قبل الجهات الحكومية في مراكز المدن، في الوقت الذي يزداد فيه استخدام مركبات التنقل الكهربائية مثل دراجات السكوتر الكهربائية.

المزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية

شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية

تصفح المجموعة

أما بالنسبة لمجالات التنقل الأخرى، فقد شكل عام 2022 فترة لتصحيح المسار. وسجل قطاع التنقل الجوي استثمارات أقل بالمقارنة مع عام 2021، على الرغم من قيام الكثير من اللاعبين بتطوير تقنياتهم، واقترابهم من الحصول على الموافقات التنظيمية. بينما هدأ الضجيج الإعلامي حول التقنيات ذاتية القيادة بشكل ملحوظ، بعد أن كانت تشكل الموضوع الأساسي لعدد قياسي من إعلانات التمويل التي كانت تظهر أسبوعيًا. وتواصل الشركات الرائدة في هذا المجال تحقيق تطور تقني هائل، وتوسيع نطاق عملياتها في العديد من المدن، وتهيئة الظروف المناسبة لزيادة إقبال العملاء عليها.

وواجه قطاع السيارات من ناحية أخرى الكثير من الصعوبات، والتي يرتبط معظمها بالقضايا الجيوسياسية وحالة انعدام اليقين السائدة تجاه الاقتصاد الكلي. وتعامل الكثير من مصنّعي السيارات مع هذه التحديات بثقة عالية من خلال تعزيز المرونة لمواجهة الصعوبات المتوقعة على المدى القريب. ويعاني بعض الموردين من التحديات المتعلقة بسلسلة التوريد وانكماش سوق محركات الاحتراق الداخلي. مع ذلك، ثمة الكثير من فرص النمو المتاحة أمام الموردين الذين يتحلون بالجرأة.

تواصل الشركات الرائدة في مجال التقنيات ذاتية القيادة تحقيق تطور تقني هائل، وتوسيع نطاق عملياتها في العديد من المدن، وتهيئة الظروف لزيادة إقبال العملاء على هذه التقنيات.

ونسلّط الضوء في هذه المقالة على أهم التطورات الحاصلة خلال الأشهر الـ 12 الماضية، ونقدّم مجموعة من التصورات حول تأثيراتها خلال العام القادم من جوانب تشمل التكنولوجيا وتوجهات العملاء والجوانب التنظيمية والبيئات التشغيلية.

تأثير الحالة النفسية للمستهلكين على قطاع التنقل

شهدنا ظهور مجموعة من نماذج المستهلكين - أو النماذج الشخصية - التي ستلعب دورًا مهمًا في رسم ملامح مستقبل التنقل (الشكل 1). وتشير التوقعات إلى أن بعض النماذج الشخصية ستصبح أكثر انتشارًا بمرور الوقت، بينما ستتجه نماذج أخرى نحو التلاشي أو التطور.

1

ونشهد في المناطق الحضرية نموًا ملحوظًا في عدد الأشخاص الذين لا يعتمدون على السيارات في تنقلاتهم، ويتجه هؤلاء على الأرجح لبيع سياراتهم بدلًا من استبدالها، أو - على الأقل - تقليص اعتمادهم عليها بدرجة كبيرة، ما يسهم في خفض معدلات استبدالها وبالتالي تخفيض مستويات الإنفاق على المركبات. وتعكس هذه القرارات في بعض الأحيان مستويات عالية جدًا من الوعي بالبيئة؛ بينما تكون في أحيان أخرى ناتجة عن المخاوف المرتبطة بارتفاع تكاليف امتلاك السيارة.

ويجد الأشخاص المتحمسون لاستخدام مركبات التنقل الكهربائية متعة كبيرة في التجوال داخل المدن على متن الدراجات الكهربائية ودراجات السكوتر الكهربائية، والمعروفة باسم دراجات الكيك سكوتر الكهربائية. ويميل هؤلاء المستهلكون لاستخدام وامتلاك أنواع مختلفة من مركبات التنقل الكهربائية. وتنحاز شخصية "سكان المدن الذين يتنقلون بوسائط متعددة" إلى اعتماد مزيج متنوع من أنماط التنقل، حيث يعتقد هؤلاء الأشخاص بوجود عامل شكل يناسب جميع أغراض السفر المختلفة.

وبالمقابل، ستحافظ شخصية المستهلك الذي يعتمد على السيارة بالدرجة الأولى على وجودها، ولكن تعريف هذا المستهلك لمفهوم "السيارة" قد يتوسع ليشمل نماذج المركبات عديمة الانبعاثات الكربونية. وقد يبدأ هذا المستهلك أيضًا باستخدام وسائل تنقل أخرى إلى جانب السيارة.

تطور وسائل النقل المصغّرة وظهور المركبات الصغيرة

شهدت مستويات تمويل قطاع وسائل النقل المصغّرة المشتركة (ولا سيما الدراجات الكهربائية ودراجات الكيك سكوتر الكهربائية) زيادة كبيرة قبل جائحة كوفيد-19، وبما يتماشى مع نمو أعداد ركابها، حيث تم استثمار حوالي 7 مليارات دولار أمريكي في هذه السوق بين عامي 2015 و2019. وسجلت مستويات التمويل انخفاضًا حادًا في 2020 لتبلغ حوالي 800 مليون دولار أمريكي، ولكن سرعان ما استعادت هذه السوق زخم نموها مع عودة تدفقات رأس المال إليها بشكل منتظم. ونجحت الشركات المتخصصة بوسائل النقل المصغّرة، ولا سيما دراجات الكيك سكوتر الكهربائية، في عام 2021 بجذب استثمارات جديدة بلغت حوالي 2.9 مليار دولار أمريكي.

وتشير توقعاتنا لعام 2023 إلى أن الاستثمارات في منظومة القطاع الخاص ستواصل دعم قطاع الدراجات الكهربائية، ولكننا نتوقع بأن ينصب تركيز المستثمرين في مجال وسائل النقل المصغّرة بشكل عام على الربحية؛ ما قد يسهم في ترسيخ حضور القطاع. كما قد تواصل التدفقات الاستثمارية تحولها من آسيا نحو القارة الأوروبية (الشكل 2).

2

وحصل أحد قطاعات التنقل الأخرى على دعم إضافي قوي. فقد نجحت المركبات الصغيرة، والتي تتضمن المركبات المزودة بثلاث وأربع عجلات وتتسع لشخص واحد أو شخصين، بملء الفراغ بين السيارات والدراجات الهوائية. ويتراوح وزن هذه المركبات بين 100-500 كيلوجرام (220-1,100 رطل) عندما تكون خالية من الركاب، وتتباين سرعاتها القصوى بحسب النوع والأنظمة المحلية المطبقة، حيث تتراوح بين 25 إلى 90 كيلومتر في الساعة (15.5 - 56 ميلًا في الساعة). وإذا واصلت المركبات الصغيرة تعزيز حضورها والاستحواذ على اهتمام الجهات التنظيمية، فقد تصل قيمة إجمالي السوق المستهدفة لهذا القطاع إلى 100 مليار دولار أمريكي سنويًا في الصين وأوروبا وأمريكا الشمالية بحلول عام 2030. وأجرت ماكنزي في عام 2021 استبيانًا شمل 26 ألف شخص من ثماني دول، حيث أشار 30% منهم إلى أنهم يتوقعون أو يرجحون استخدام إحدى المركبات الصغيرة كإحدى خيارات التنقل المستقبلية. وعلى الرغم من ذلك، فقد سجلت آراء المشاركين تباينًا كبيرًا بحسب مناطقهم الجغرافية (الشكل 3).

3

المركبات ذاتية القيادة: ظهور سيارات الأجرة والحافلات ذاتية القيادة

شهد عام 2022 تباينًا في أداء مشغلي سيارات الأجرة ذاتية القيادة والحافلات ذاتية القيادة؛ فبينما أوقف بعضهم عمليات التطوير، أعلن آخرون عن بذل جهود حثيثة لتوسيع نطاق أعمالهم. وقام عدد من كبار المستثمرين الاستراتيجيين بدمج الشركات الصغيرة في أعمالهم من خلال عمليات "الاستحواذ للتوظيف".

وتشير توقعاتنا إلى إمكانية استمرار عمليات الاندماج في عام 2023، ولا سيما بالنسبة للمنافسين المتعثرين والأصغر حجمًا؛ ما يفضي إلى تعزيز قوة هذه السوق في نهاية المطاف. ونتوقع بأن ينجح اثنان إلى أربعة فقط من كبار اللاعبين بتقديم تقنيات متكاملة من سيارات الأجرة والحافلات ذاتية القيادة خارج الصين.

ويمكن أن يستفيد المستهلكون من انخفاض تكاليف خدمات التنقل لكل ميل بالمقارنة مع خيارات التنقل الأخرى خلال الأعوام القليلة القادمة (الشكل 4). وتشكل سيارات الأجرة ذاتية القيادة الخيار المفضل على الأرجح في الولايات المتحدة. بينما يفضل المستهلكون في أوروبا ركوب الحافلات ذاتية القيادة، والتي قد تستحوذ على حصة كبيرة من حضور المركبات الخاصة، ما يتيح للمدن وسكانها إمكانية استعادة المساحات التي تحتلها السيارات.

4

أنماط التنقل الجوية تواصل استقطاب التمويل

حصلت أنماط التنقل الجوية الحضرية والمتطورة - وهو قطاع يشمل السيارة الطائرة الكهربائية (eVTOL) - على تمويلات قياسية في عام 2021، والتي وصلت قيمتها إلى حوالي 6.9 مليار دولار أمريكي من الاستثمارات الجديدة. وشهدت هذه التمويلات تراجعًا في عام 2022، ويعود ذلك بشكل جزئي إلى ظروف الاقتصاد الكلي، ولكنها بقيت أعلى من مستوياتها خلال فترة انتشار الجائحة (الشكل 5).

5

يشكل العام القادم اختبارًا حاسمًا للشركات الجديدة المتخصصة بخدمات التنقل الجوي والراغبة بمواصلة العمل للحصول على شهادات الطيران في وقت قريب.

تواصل الشركات الرائدة في مجال السيارات الطائرة الكهربائية (eVTOL) الالتزام بجداول زمنية صارمة، وتأمل أن تحصل على الشهادات اللازمة لعملها خلال منتصف عشرينيات القرن الحالي. وتبذل الشركات القائمة جهودًا حثيثة للحاق بهذا الركب، حيث يشارك 72% من أكبر 25 شركة لتصنيع المعدات الأصلية للطائرات، و64% من أكبر 25 شركة متخصصة بالتوريدات، في الأنشطة المتعلقة بأنماط التنقل الجوي المتطورة. ويشكل العام القادم اختبارًا حاسمًا للشركات الراغبة في مواصلة سعيها للحصول على شهادات الطيران في وقت قريب.

اعتماد المركبات الكهربائية يختلف بحسب المنطقة والفئة

يتطلب الانتقال الناجح نحو الحياد المناخي تحقيق مبيعات كبيرة في مجال المركبات الكهربائية خلال العقود القليلة القادمة (الشكل 6). وتتضمن قائمة أحدث التوجهات في هذا الإطار بعض الاختلاف الإقليمي في معدلات اعتماد المركبات الكهربائية. وشهد اعتماد هذه المركبات في العام الماضي ارتفاعًا بنسبة 80% في الصين، و40% في الولايات المتحدة (بالمقارنة مع عام 2021). بينما حافظت القارة الأوروبية على ذات معدلات الاعتماد التي سجلتها في عام 2021. ويعكس هذا التباطؤ تراجع مستويات الدعم المقدم للقطاع، وارتفاع أسعار الكهرباء، وزيادة تكاليف المواد الخام، مثل تكاليف الليثيوم التي ارتفعت بمقدار 120%.

6

وقد تواجه مبيعات المركبات الكهربائية في الاتحاد الأوروبي مزيدًا من التباطؤ إذا بقيت الظروف الراهنة على حالها. وينطبق ذلك أيضًا على إجمالي مبيعات السيارات، حيث تتجه أنماط التنقل الفردية لأن تصبح عالية التكلفة بالنسبة للكثير من الأوروبيين. وبالمقابل، يمكن تسريع وتيرة اعتماد المركبات الكهربائية على المدى الطويل في الولايات المتحدة من خلال الإعانات المالية التي تم إقرارها مؤخرًا لدعم عمليات شراء المركبات الكهربائية، وإنتاج البطاريات، وبناء البنية التحتية لعمليات الشحن الكهربائي. ويسهم الدعم التنظيمي القوي والمستمر بمساعدة الولايات المتحدة على زيادة مستويات اعتماد المركبات الكهربائية بما يساوي مستويات اعتمادها في القارة الأوروبية.

ونشهد أيضًا ظهور فجوة في اعتماد المركبات الكهربائية بحسب فئاتها المختلفة. ويبدي مشترو المركبات الكهربائية من الفئة عالية الجودة حساسية أقل تجاه أسعارها، كما يميلون بشكل أكبر لشحن مركباتهم الكهربائية في المنزل. كما يحدد مصنعو المعدات الأصلية للفئة عالية الجودة أهدافًا طموحة للمركبات الكهربائية. ونتيجة لذلك، تتفوق فئة المركبات عالية الجودة بفارق عامين على الفئات الأدنى من ناحية وتيرة الانتقال لاعتماد المركبات الكهربائية.

البطاريات تحافظ على مستويات طلب مرتفعة

تؤدي زيادة إنتاج المركبات الكهربائية إلى ارتفاع مستويات الطلب على البطاريات، مع توقعات بتسارع وتيرة زيادة هذا الطلب (الشكل 7). ويتطلب توفير إمدادات كافية من البطاريات زيادة أعداد وأحجام مصانعها حول العالم. وتواكب الإعلانات حول قدرات الإمداد المستقبلية بالبطاريات حتى الآن مستويات الطلب المقدّرة؛ ولكننا نتوقع أن جزءًا كبيرًا من الإمدادات المستقبلية المعلن عنها لن تتوفر في الوقت المناسب، لذلك فمن المحتمل أن نشهد نقصًا في مستويات العرض المتاحة.

7

وقد يؤدي التباين الإقليمي في مستويات العرض والطلب إلى نشوء حالات تعطل إضافية في الإمدادات. وعلى الرغم من نمو مستويات الطلب المحلية، فقد تنجح الصين على سبيل المثال بالحفاظ على قدراتها الإنتاجية العالية، في حين قد لا تتمكن القارة الأوروبية وأمريكا الشمالية من مواكبة مستويات الطلب المحلية على إنتاج البطاريات. وساهم قانون الحد من التضخم في الولايات المتحدة، من خلال إعاناته المالية المقدمة إلى شركات تصنيع البطاريات، في جعل أمريكا الشمالية منطقة مفضلة لإنتاج البطاريات. ويسهم إطلاق المزيد من الإعلانات التنظيمية الإقليمية في تعزيز جاذبية إنتاج البطاريات في مناطق أخرى مثل القارة الأوروبية.

وحتى يتمكن مصنّعو البطاريات من توسيع نطاق الإنتاج، فإنه يتعين عليهم تأمين معدات تصنيع ومواد خام إضافية، ما قد يؤدي إلى ظهور الكثير من التحديات. وعلى سبيل المثال، تقوم أستراليا وتشيلي حاليًا بإنتاج حوالي 70% من إمدادات العالم من الليثيوم، ما قد يسبب قيودًا كبيرة على الإمدادات. كما قد تؤثر مشاكل سلسلة التوريد ونقص المواد الخام، مثل النيكل، على التحول نحو التركيبات الكيميائية المفضلة في البطاريات. ونتيجة ذلك، قد تشهد سوق البطاريات مزيدًا من الاضطرابات الناجمة عن التطورات الحاصلة في الجيل التالي من البطاريات (مثل بطاريات أنودات السيليكون وبطاريات الحالة الصلبة)، بالإضافة إلى ظهور تقنيات جديدة مثل بطاريات أيونات الصوديوم.

تعزيز البنية التحتية لمحطات الشحن أصبح ضرورة ملحّة في أوروبا

يتعين على القارة الأوروبية تطوير بنية تحتية واسعة النطاق لشحن المركبات الكهربائية بما يواكب زيادة أعداد هذه المركبات على الطرقات. وتشير دراسة تحليلية صدرت مؤخرًا إلى أنه وحتى في أكثر السيناريوهات تحفظًا، يتعين على الدول الـ 27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تشغيل 3.4 مليون محطة شحن على الأقل بحلول عام 2030، ما يمثل زيادة كبيرة عن محطات الشحن التي يُقدّر عددها في عام 2021 بنحو 375 ألف محطة شحن (الشكل 8).

8

ويتطلب ذلك إجراء ترقيات واسعة النطاق على شبكات توزيع الكهرباء لإمداد محطات الشحن الجديدة بالطاقة. كما يتعين زيادة القدرة الإنتاجية من الطاقة المتجددة لتزويد هذه الشبكات بالطاقة النظيفة. وقد تصل التكلفة التراكمية لتطوير البنية التحتية لشحن المركبات الكهربائية في أوروبا إلى 240 مليون يورو بحلول عام 2030.

استمرار النقص في أشباه الموصلات

تواصل معدلات الطلب على أشباه الموصلات المستخدمة في السيارات تجاوز مستويات العرض المتاح، ولكن هذه الفجوة تختلف بحسب حجم العقدة (الشكل 9). وبالنسبة للعقد التي يزيد حجمها عن 90 نانومتر، والتي يزداد الطلب عليها في قطاع السيارات، فمن المرجح أن يستمر النقص في الإمدادات بسبب انخفاض الهوامش الربحية للعقد الأصغر حجمًا، والتي يُطلق عليها اسم العقد الناضجة. ويفضل بعض العملاء استخدام العقد الكبيرة نتيجة انخفاض أسعارها، وعدم وجود أسباب كافية لهم للتوجه نحو العقد الأصغر حجمًا. أما بالنسبة للشرائح التي يتراوح حجمها بين 22 و65 نانومتر، فمن غير المرجح أن تتم معالجة النقص في إمداداتها بشكل كامل على المدى القصير إلى المتوسط، ولكن يمكن تقليصه إذا قامت شركات أشباه الموصلات (كما هو متوقع) بزيادة مستويات العرض. ومن الصعب بشكل عام توقع حجم الفجوة بين الطلب والعرض في مجموعة من المنتجات المحددة التي تستخدم عقدًا أصغر حجمًا، بسبب التباين الكبير بين أنواع الأجهزة والتقنيات. ومن المحتمل أن يستمر النقص الحاصل في أشباه الموصلات حتى عام 2026 بالنظر إلى الوقت الطويل الذي تستغرقه عمليات تصنيع الشرائح الإلكترونية.

9

ويمكن لمصنّعي المعدات الأصلية اتباع الخطوات التالية للتخفيف من المشاكل المتعلقة بسلاسل التوريد:

  • إنشاء غرف تحكم تضم موظفين من أقسام المشتريات وإدارة سلسلة التوريد والمبيعات لضمان عدم تراجع التوريدات قصيرة المدى من أشباه الموصلات إلى مستويات غير مقبولة
  • إعداد خرائط طريق تكنولوجية تحدّد بدقة مستوى الاحتياجات المستقبلية من أشباه الموصلات (للجيل التالي من المنتجات وغيرها من الاحتياجات الأخرى)
  • الاستثمار المشترك مع الموردين في مشاريع تهدف إلى تحسين القدرات

الأهمية المتنامية للبرمجيات

تواصل شركات السيارات ومورديها الاستثمار بشكل مكثّف في مجال البرمجيات. وتشير التوقعات إلى أن قيمة السوق العالمية لبرمجيات وإلكترونيات السيارات يمكن أن تصل إلى 462 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2030، لتسجل بذلك معدل نمو سنوي مركّب قدره 5.5% بين عامي 2019 و2030 (الشكل 10).

10

وبالمقابل، من المتوقع أن ينمو الحجم الإجمالي لسوق سيارات الركاب والمركبات التجارية الخفيفة بمعدل سنوي مركب قدره 1% فقط خلال نفس الفترة. ويعكس هذا التباين حدوث تحول كبير في مستقبل قطاع التنقل، والذي يأتي نتيجة لزيادة قيود الوصول إلى المناطق الحضرية، مثل حظر المركبات ذات محركات الاحتراق الداخلي في مراكز المدن؛ وتنامي اعتماد نماذج التنقل غير القائمة على الملكية الشخصية، بما في ذلك تشارك السيارات ووسائل النقل المصغّرة؛ والتقنيات فائقة التطور مثل تقنيات القيادة الذاتية في المناطق الحضرية. وفي إطار بيئة العمل هذه، تنظر شركات السيارات إلى البرمجيات والإلكترونيات كمجال جديد يتيح إمكانية إحداث نقلة نوعية في القطاع.

ضغوط مستمرة على موردي السيارات

تراجعت أرباح موردي السيارات خلال الأعوام الأربعة الماضية بمقدار النصف نتيجة لقيام الجهات الفاعلة في مجال سلسلة القيمة لقطاع السيارات بزيادة هوامشها الربحية. وشهد عام 2022 تسارع الضغوط المتعلقة بالهوامش الربحية على موردي السيارات لأسباب مختلف، تشمل النقص الحاصل في إمدادات الطاقة وأشباه الموصلات، وزيادة تكاليف المواد الخام وعمليات الشحن، وتوحيد قاعدة العرض، وتراجع مستويات الطلب، والتقلبات الشديدة (على أساس يومي أحيانًا) في حجم إنتاج السيارات (الشكل 11).

11

وتشير توقعاتنا لعام 2023 إلى إمكانية استمرار الضغوط المتعلقة بالهوامش الربحية نتيجةً لاضطرابات الاقتصاد الكلي والاضطرابات الجيوسياسية والتقنية المستمرة. وقد تسهم الزيادات في تكاليف العمالة والطاقة في إضافة مزيد من الضغوط، ما يحتّم على موردي السيارات التركيز بشكل أكبر على خفض التكاليف. وتشمل قائمة الإجراءات التي يمكن اتخاذها لخفض التكاليف ما يلي:

  • التأكد من قدرة مصنعي المعدات الأصلية على تقديم دعم قوي (من خلال تحديد المؤشرات السعرية، أو الشروط المتعلقة بالمواد الخام، أو برامج الشراء المباشرة أو الموجهة على سبيل المثال) للتعويض عن ارتفاع الأسعار
  • مراجعة عقود مصنّعي المعدات الأصلية وتسجيل التزامات طويلة الأمد لتحقيق الاستقرار في أحجام التوريدات
  • تكييف المحافظ الاستثمارية وإلغاء البرامج الصغيرة وغير المربحة
  • تصحيح نطاق الحضور والتكاليف العامة

كما نتوقع أن يتم توحيد عمليات موردي قطع محركات الاحتراق الداخلي مستقبلًا بسبب تراجع إنتاج المركبات العاملة بهذه المحركات.

الطلب على الشاحنات المحايدة للكربون

يمكن أن يشهد الطلب المستقر على المركبات التجارية الكهربائية الخفيفة ارتفاعًا حادًا يتجاوز مستويات العرض المتاح. وتتجه الكثير من الشركات في هذا القطاع نحو مركبات التوصيل الخالية من الانبعاثات الكربونية نتيجةً لعوامل مختلفة تشمل:

  • • اللوائح التنظيمية الصارمة المتعلقة بإزالة الكربون في الولايات المتحدة وأوروبا على المستوى الوطني وداخل المدن
  • • معايير المحاسبة البيئية والاجتماعية والحوكمة (والتي توسع نطاق المساءلة على امتداد سلسلة القيمة) فيما يتعلق بانبعاثات النطاق 3
  • • الرغبة بالاستفادة من التمويلات الناشئة ذات التكلفة المنخفضة لتقليص تكاليف الانتقال نحو استخدام مركبات عديمة الانبعاثات الكربونية
  • • زيادة التزامات الشركات بأهداف طموحة لخفض الانبعاثات الكربونية استجابةً للطلب المتنامي من جانب المستهلكين على منتجات أكثر استدامة
  • • التقلّبات في أسعار الطاقة والانخفاض في تكاليف البطاريات بشكل عام، ما يؤدي إلى تحقيق تكافؤ نسبي في إجمالي تكاليف امتلاك المركبات الخالية من الانبعاثات الكربونية ونظيراتها العاملة بالديزل (الشكل 12)
12

وشهد عام 2022 ظهور توجهات بعيدًا عن طرح الإعلانات والمفاهيم الجديدة في قطاع التنقل، ونحو التركيز بشكل أكبر على التنفيذ والتوسع. وواصل مصنعو المعدات الأصلية والموردون الرئيسيون التركيز على معالجة التأثيرات قصيرة المدى الناتجة عن سلاسل التوريد والتحول نحو المركبات الكهربائية. وحققت الجهات المبتكرة تقدمًا ملحوظًا، ولكنها واجهت مستويات عالية من عمليات الدمج والاستحواذ. بينما واصلت الجهات التنظيمية الضغط على اللاعبين في القطاع لتحقيق الحياد المناخي بوتيرة أسرع، في حين عملت المدن على زيادة مبادراتها الخاصة بأنماط التنقل الحضري. كما شهدنا تسارع وتيرة نمو اهتمام المستهلكين بالتنقل المستدام (والمشترك)، ومن المرجّح أن يواصل هذا التوجه تسارعه في المستقبل.

وتشير التوقعات بأن القطاع سيتخذ مظهرًا مختلفًا تمامًا بعد عام 2030، ولكن يمكن أن تحدد الأشهر الـ 18 إلى 24 القادمة هوية الرابحين على الجانب الآخر من مسيرة التحول.

Explore a career with us