مستقبل المواهب في عصر الذكاء الاصطناعي التوليدي: استراتيجيات مبتكرة للاحتفاظ بالموظفين

| تدوينة صوتية

ملاحظة: إننا نبذل قصارى جهدنا للحفاظ على جميع التفاصيل الدقيقة عند ترجمة المقالة الإنجليزية الأصلية، ونعتذر عن أي جزئية مفقودة في الترجمة قد تلاحظونها من حين لآخر. نرحب بتعليقاتكم على البريد الإلكتروني التالي reader_input@mckinsey.com

يصبح الموظفون الذين يستخدمون الذكاء الاصطناعي بانتظام عادة أكثر إنتاجية وكفاءة. ولكنهم قد يكونون أيضًا أكثر عرضة للانجذاب إلى عروض عمل من الشركات المنافسة. في هذه الحلقة من بودكاست ماكنزي، يتحدث الخبراء في مجال الموارد البشرية، "آرون دي سميت" و"بروك ويدل"، مع المديرة التحريرية العالمية، لوسيا راهيلي، عن احتياجات وتطلعات هؤلاء الموظفين، ويقدمون نصائح عملية للقادة للحفاظ على رضاهم واندماجهم في العمل.

في الجزء الثاني من الحلقة، تتحدث جوليا مكلاتشي، شريك ماكنزي، عن أهمية أن سرد الرئيس التنفيذي القصص عن شركته. هذا الجزء يمثل بداية سلسلة جديدة بعنوان "رؤى الرئيس التنفيذي"، التي ستقدم رؤى سريعة وواضحة حول الدور المتغير للرئيس التنفيذي.

يستضيف بودكاست ماكنزي كلُ من "روبيرتا فوسارو" و"لوسيا راهيلي".

الموظفون الموهوبون في مجال الذكاء الاصطناعي على وشك مغادرة وظائفهم

المزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية

شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية

تصفح المجموعة

لوسيا راهيلي: من الواضح أن الذكاء الاصطناعي التوليدي هو قوة جبارة قادرة على إعادة تشكيل بيئة العمل كما نعرفها. رغم أن هذا المجال لا يزال في مراحله الأولى، إلا أن المهارات في الذكاء الاصطناعي التوليدي أصبحت مطلوبة بشدة في العديد من الصناعات. ومع ذلك، تشير أبحاثكم الجديدة إلى أن الموظفين الماهرين في هذا المجال هم أكثر عرضة لترك وظائفهم مقارنةً بغيرهم. "روك"، هل يمكنك شرح هذا الاكتشاف الهام وتوضيح مدى أهميته لأصحاب العمل؟

بروك ويدل: بالطبع، "لوسيا". الأشخاص الذين يمتلكون مهارات عالية في التعامل مع الذكاء الاصطناعي التوليدي ولديهم خبرات كبيرة في بناء حالات استخدام وتطبيقات عملية هم في الوقت الحالي أكثر عرضة لترك وظائفهم. وهذ حقيقة مهمة لا يمكن التغافل عنها، خصوصًا أن العديد من الشركات تسعى لتطوير مهارات موظفيها الحاليين في هذا المجال بدلاً من توظيف مواهب جديدة.

لوسيا راهيلي: "آرون"، لتوضيح الصورة، ما الذي نعنيه بعبارة (مواهب الذكاء الاصطناعي التوليدي)؟

آرون دي سميت: من المهم أن ندرك وجود أنواع مختلفة من العاملين في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، إذ تم تصنيفهم إلى أربع فئات. تضم إحدى هذه الفئات 12% من المشاركين الذين يعتبرون أنفسهم موظفين تقنيين، وهم الذين يعملون على تطوير منصات وبرمجيات الذكاء الاصطناعي التوليدي والجيل القادم من الذكاء الاصطناعي. لكن، الأغلبية العُظمى من مستخدمي الذكاء الاصطناعي التوليدي لا يرون أنفسهم كموظفين تقنيين. في الفئة الأكبر، أفاد 88% من المشاركين إنهم لا يعتبرون أنفسهم موظفين تقنيين.

لوسيا راهيلي: إذن، غالبية الأفراد الذين يعتبرون أنفسهم خبراء في الذكاء الاصطناعي التوليدي يستخدمون هذه التكنولوجيا لتعزيز كفاءتهم وزيادة إنتاجيتهم.

آيرون دي سميت: هذا صحيح

لوسيا راهيلي: كيف يمكن أن يكون شكل الاستخدام غير التقني للذكاء الاصطناعي التوليدي؟

آرون دي سميت: على سبيل المثال، يمكن لموظف في قسم الاتصالات بشركة كبيرة أن يكون مكلفًا بإعداد البيانات الصحفية أو رسائل البريد الإلكتروني نيابة عن كبار التنفيذيين. هذا الموظف غالبًا ما يُجري مقابلات مع الرئيس التنفيذي قبل ظهوره في اجتماعات عامة أو إرساله لرسائل مهمة، ثم يقوم بتلخيص أفكار القائد في مسودة أولية. قد تستغرق هذه العملية ساعات، ولكن باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي، يمكن لهذا الموظف توفير الوقت والتركيز على مهام أخرى مثل تحسين كفاءة وكتابة الرسائل والتفكير بشكل استراتيجي أفضل.

بروك ويدل: أجرى معهد ماكنزي العالمي بحثًا حول الاستخدامات الأكثر شيوعًا للذكاء الاصطناعي التوليدي حاليًا. ووجد أن الاستخدامات الأكثر تكرارًا توجد في مجالات التسويق والمبيعات. يتم استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لإنشاء حملات تسويقية مخصصة وإعداد وثائق تقنية. أما في مجال خدمة العملاء، تُستخدم روبوتات الدردشة للإجابة على استفسارات العملاء. بينما يعتقد الكثيرون أن الذكاء الاصطناعي التوليدي يُستخدم فقط في الحالات التقنية المعقدة، ولكن البحث يظهر أنه يُستخدم في كثير من الأحيان لأداء مهام بسيطة وعادية أيضًا.

مخاطر عدم الاستماع

لوسيا راهيلي: أكثر من نصف العاملين في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، الذين يعتبرون أنفسهم مبدعين ويستخدمون هذه التكنولوجيا بكثافة، معرضون لترك وظائفهم. بينما يريد القادة الحفاظ على هؤلاء الموظفين ليس فقط كموظفين، بل كأفراد منتجين ومندمجين في العمل. "بروك"، حدثنا عن المخاطر التي قد تواجهها الشركات إذا فقد هؤلاء الموظفون اندماجهم وحماسهم في العمل.

آرون دي سميت: تتجلى الأهمية هنا في جانبين رئيسيين. أولاً، يمكن للموظفين أن يصبحوا أكثر إنتاجية بشكل ملحوظ عند استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة. هذه التقنيات تتيح لهم أداء المهام بكفاءة وسرعة أعلى بكثير. ولكن في المقابل، عندما يكون الموظفون غير متفاعلين أو غير مهتمين، تنخفض إنتاجيتهم بشكل حاد، وقد تصل إلى النصف. ولا يقتصر هذا الانخفاض في الإنتاجية فقط على تقليل ساعات العمل، بل يشمل أيضاً تدهور جودة العمل الذي يقدمونه. لذا، فإن تفاعل الموظفين واهتمامهم بأعمالهم هو أمر بالغ الأهمية لتحقيق الفوائد الكاملة من الذكاء الاصطناعي وتعزيز الإنتاجية.

النقطة الثانية هي أن الموظفين قد يتركون الشركة. وإذا كانوا بارعين في وظائفهم وفي استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة، فإن خسارتهم تعتبر خسارة فادحة للشركة. لن يتعين على الشركة فقط تعويض هذه المواهب، بل إذا كانت الأسباب التي دفعتهم للرحيل مرتبطة بمشاكل نظامية داخل المؤسسة، فقد يواجه الموظفون الجدد نفس هذه المشاكل، مما يؤدي إلى استمرار دورة الفقدان للمواهب. لذا، من الضروري معالجة الأسباب الجذرية لهذه المشكلات لضمان استقرار وازدهار المؤسسة.

لوسيا راهيلي: هذا منطقي تمامًا. إذن، أين ينبغي للقادة تكثيف جهودهم؟ ماذا الذي كشفت عنه الأبحاث فيما يتعلق باهتمامات المواهب المتخصصة في الذكاء الاصطناعي في حياتهم اليومية؟

بروك ويدل: أظهرت الأبحاث بوضوح أن التعويض المالي ليس هو العامل الأساسي. ما يهم الموظفين حقًا هو توفر المرونة في العمل، والقيام بمهام تحمل معنى وقيمة، والعمل مع زملاء موثوقين وداعمين، والشعور بأن صاحب العمل يهتم بصحتهم ورفاهيتهم.

أنا أرى أنه من الخطأ الاعتقاد بأن الشركات يمكنها التخلي عن التركيز على العمل الهادف ورفاهية الموظفين. تقول الشركات الرائدة التي أتعامل معها بوضوح " نعم، نحن بحاجة إلى الوصول إلى إنتاجية أعلى ونتائج مثمرة، غير أن هذا يتم من خلال فهم شامل لرغبات الموظفين واحتياجاتهم. تدرك هذه الشركات أن النجاح لا يتوقف على الحوافز المالية فقط، بل يتطلب أيضًا توفير بيئة عمل تحفز على الشعور بالرضا والإنجاز."

" ليس التعويض المالي هو المحرك الأساسي هنا. الأهم هو توفير بيئة عمل مرنة، ومهام ذات معنى، وزملاء يمكن الاعتماد عليهم، ودعم مستمر، إلى جانب شعور قوي بأن صاحب العمل يهتم بصحة ورفاهية الموظفين. يسعى الموظفون إلى تحقيق التوازن بين حياتهم الشخصية والمهنية من خلال العمل في مكان يقدر احتياجاتهم الشاملة ويعزز شعورهم بالإنجاز والرضا ".

بروك ويدل

لوسيا راهيلي: كيف يمكن أن يتراجع التعويض المالي كعامل محفز للموظفين؟ بعبارة أخرى، كيف أصبحت الرواتب والأجور أقل أهمية في تحفيز الموظفين وإشباع رضاهم الوظيفي؟

آرون دي سميت: التعويض المالي مهم جدًا، ولكنه يُعتبر شرطًا أساسيًا يجب تلبيته أولاً. الكثير من الأشخاص لن يفكروا في وظيفة إذا لم تحقق الحد الأدنى لمتطلباتهم المالية. ولكن بمجرد تحقيق هذا الحد الأدنى، فإن زيادة الراتب لن تضيف الكثير من التحفيز. في بعض النواحي، يبقى التعويض المالي العامل الأهم، ولكنه يظل مجرد شرط أساسي يجب تلبيته. وكما ذكرنا، كلما شعر الموظفون بأنهم جزء من مجتمع داعم وزملاء متعاونين، كانت تجربتهم وأداؤهم في العمل أفضل بكثير.

لوسيا راهيلي: كما أشرتِ يا "بروك"، لقد تحدثت الأبحاث السابقة كثيرًا عن أهمية المرونة، ولاسيما خلال فترة الجائحة. الآن ونحن نخرج من تلك الفترة، برأيك ما الذي تغير في كيفية تأثير المرونة على بيئة العمل؟

بروك ويدل: المرونة في العمل تعني تمكين الموظفين من التحكم بشكل أكبر في كيفية أداء مهامهم، وليس فقط في مسألة التواجد في المكتب. هذا التبسيط لمفهوم المرونة لم يكن مفيدًا تمامًا لأن المرونة تتعلق بإعادة تصور جداول العمل وكيفية تنظيم المهام، سواء كانت تتطلب العمل الجماعي أو يمكن إنجازها بشكل فردي.

أثارت بعض التغييرات التي تجريها الشركات الكبيرة التقليدية لتحسين بيئة العمل اهتمامي. تسعى هذه الشركات لفهم كيفية تلبية احتياجات الموظفين وجذب المواهب الأكبر سنًا إلى سوق العمل. بالإضافة إلى ذلك، تعمل هذه الشركات على توفير الدعم اللازم للأمهات، مما يساعدهن على العودة إلى العمل بطرق تناسب احتياجاتهن، مثل توفير رعاية الأطفال وجداول عمل مرنة.

لقد توسع مفهوم المرونة في العمل بشكل كبير، بحيث يمكن تطبيقه على العاملين في المجالات التقنية وغير التقنية على حد سواء. لم يعد التفكير في المرونة مقتصرًا على نوع معين من الوظائف، بل أصبح يشمل جميع الموظفين، مما يتيح للجميع الاستفادة من سياسات وإجراءات العمل المرنة.

آرون دي سميت: لا تقتصر المرونة في العمل فقط على إمكانية العمل من المنزل أو المكتب، بل تشمل أيضًا تنظيم جداول العمل. إذ يرغب الموظفون في الحصول على بعض أشكال التحكم في أوقات عملهم. فخلال الجائحة، لاحظنا أن الكثير من الأشخاص انتقلوا من العمل بنمط يومي تقليدي إلى تقسيم وقت العمل على ثلاث فترات مختلفة خلال اليوم، حيث يتطلع الأشخاص بأن يكون لديهم القدرة على تحديد حدود زمنية والحصول على تحكم أكبر على جداولهم لتحقيق توازن أفضل بين العمل والحياة الشخصية.

مع تولي الذكاء الاصطناعي التوليدي المهام الروتينية، يتبقى للبشر أداء المهام التي تتطلب قدرات إنسانية فريدة، مثل الإبداع والتفكير النقدي والتفاعل الشخصي. فمن المهم للغاية أن يشعر الموظفون بالتقدير والاحترام الإنساني في بيئة العمل. لذلك، يعتبر توفير بيئة عمل مرنة، ومنح الموظفون حرية في أداء مهامهم، والاهتمام بصحتهم ورفاهيتهم أمورًا ضرورية. ومع ذلك، يوجد تباين كبير بين توقعات الموظفين وما يوفره أرباب العمل في الواقع. ومن أبرز هذه التباينات الشعور بالتقدير من قبل الإدارة والمؤسسة. ومن هذا المنطلق، يعتبر الشعور بالتقدير أساسي لضمان رضا الموظفين وزيادة إنتاجيتهم، سواء كان ذلك في مجال الذكاء الاصطناعي أو أي مجال آخر.

" هناك فجوة كبيرة بين ما يراه أصحاب العمل مهمًا وما يتوقعه الموظفون، خاصة في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي. إحدى أكبر هذه الفجوات هي شعور الموظفين بالتقدير، حيث يرغب الموظفون في أن يشعروا بأن قادتهم ومؤسستهم تقدرهم. ويعتبر هذا الشعور أحد العوامل الأساسية التي تؤثر على رضاهم وإنتاجيتهم في العمل."

آرون دي سميت

لوسيا راهيلي: ما مدى استعداد عملائك لتبني مفاهيم الاستقلالية والمرونة في بيئات عملهم؟

بروك ويدل: تتنوع استجابة الشركات لمفاهيم الاستقلالية والمرونة. فالشركات التي نجحت في تحقيق هذا التوازن هي تلك التي تمكنت من ربط بيئة العمل بأهداف الأعمال بشكل واضح. مع العلم، تواجه الشركات مشاكل عندما تفرض على الموظفين العودة إلى المكتب دون توضيح كيف يسهم ذلك في تحسين أداء الشركة. عندما لا يفهم الموظفون الفائدة من هذا القرار، يتسبب ذلك في عدم الارتياح ويؤثر سلبًا على الأداء.

يواصل معظم أصحاب العمل التفكير في كيفية تحسين بيئة العمل لتلبية احتياجات الموظفين بشكل أفضل، ويحاولون تحقيق توازن بين هذه الاحتياجات والقلق المتزايد بشأن ضعف التواصل والثقافة المؤسسية، خاصة مع الموظفين الشباب الذين انضموا حديثًا إلى مكان العمل. وهناك تساؤلات حول ما إذا كان هؤلاء الموظفون الجدد يحصلون على التدريب والتوجيه الضروريين لتطوير مهاراتهم. لهذا السبب، اتخذت بعض الشركات قرارات بإعادة الموظفين إلى المكتب بهدف تعزيز التواصل وضمان تقديم التدريب المناسب. في الوقت نفسه، تدرك هذه الشركات أهمية منح الموظفين قدراً من الاستقلالية والمرونة في كيفية أداء عملهم، لتحقيق توازن يلبي احتياجات الجميع.

توظيف مواهب الذكاء الاصطناعي التوليدي

لوسيا راهيلي: لنفترض أنني صاحب عمل وأسعى لجذب موظفي الذكاء الاصطناعي التوليدي الذين يفكرون في ترك وظائفهم الحالية. ما هي العوامل التي تجذبهم أكثر إلى صاحب عمل جديد؟

آرون دي سميت: من أبرز العوامل التي تجذب الموظفين وتساهم في بقائهم هي وجود قادة يهتمون برفاهية الموظفين ويظهرون لهم الدعم والرعاية. كذلك، توفير مهام وظيفية تعطي الموظفين شعورًا بالإنجاز والتأثير الإيجابي. المرونة في العمل، سواء من حيث المكان أو الوقت، تعتبر عاملاً مهمًا يقدره الموظفون لتنظيم حياتهم العملية والشخصية. بالإضافة إلى ذلك، الشعور بالانتماء إلى مجتمع عمل شامل وداعم يعزز رضا الموظفين ويجعلهم أكثر التزامًا تجاه المؤسسة. هذه العوامل مجتمعة هي ما يجعل أصحاب العمل قادرين على جذب واستبقاء المواهب المميزة.

لوسيا راهيلي: ما رأيك في حقيقة أن مرونة العمل، التي كانت تحتل المرتبة الأولى بين الأسباب التي يذكرها الموظفون للبقاء في وظائفهم، تراجعت الآن إلى المرتبة الخامسة أو السادسة؟ كيف تفسر هذا التغير في الأولويات عندما يتعلق الأمر بجذب المواهب إلى وظائف جديدة؟

آرون دي سميت: يبحث الأشخاص عن أماكن عمل يشعرون فيها بالتقدير والدعم والإلهام والانتماء. إذا لم تتوفر هذه العوامل، فإن المرونة في العمل تفقد جزءًا كبيرًا من أهميتها. أعتقد أن المرونة أصبحت الآن مجرد متطلب أساسي، يجب توفره كشرط أولي، لكنها ليست كافية لوحدها لجذب المواهب والاحتفاظ بها.

إعادة تشكيل وفهم طبيعة العمل

لوسيا راهيلي: يتطلب الأمر جهدًا كبيرًا لإقناع وتحفيز الموظفين البشريين للعمل بكفاءة وإنتاجية عالية، مثلما فعل "توم سوير" عندما أقنع أصدقاءه أن طلاء السور عمل ممتع. ولكن عندما تنتقل المهام إلى الذكاء الاصطناعي بدلاً من الموظفين المبتدئين، فإن هذا الجهد يصبح أقل أهمية. إن الذكاء الاصطناعي ينفذ المهام تلقائيًا بكفاءة دون الحاجة إلى التحفيز والتشجيع الذي يحتاجه الموظفون البشر. أليس ذلك صحيحًا؟

بروك ويدل: لفترة طويلة، كان لدينا تعريف ثابت لما يُعتبر 'عملًا جادًا'. هذا التعريف شمل مهام مثل الانتباه والتركيز، وتدوين الملاحظات، وتلخيص المعلومات، ثم إرسال هذه الملخصات إلى الزملاء أو المدراء التنفيذيين. هذه الأنشطة كانت تُستخدم كمعايير لتمكين المديرين من تقييم أداء الموظفين والتأكد من أنهم يقومون بمهامهم بجدية. كانت هذه المؤشرات تُظهر للمديرين أن الموظفين يستثمرون الوقت والجهد في البحث والتحليل، ويستخدمون هذه المعلومات بشكل مثمر.

مع ظهور الذكاء الاصطناعي التوليدي، تبرز تساؤلات حول كيفية تعريف "العمل الجاد". إذا كان بإمكان الموظف استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لإنجاز مهام كانت تستغرق ساعات في وقت قصير، فهل يُعتبر ذلك عملاً جادًا؟ يجب على الشركات إعادة التفكير في تعريف العمل الجاد، وتطوير طرق جديدة لقياس وإدارة الأداء. أولاً، يجب إعطاء العمل الجاد تعريفًا جديدًا. ثانيًا، يجب ابتكار وسائل جديدة لقياس وإدارة الأداء. وأخيرًا، يجب التفكير في الهدف الأساسي: هل الأهم هو كيفية أداء العمل أم النتائج النهائية التي يتم تحقيقها؟

آرون دي سميت: أتفق تمامًا. إن التغير الكبير الذي نواجهه الآن هو كيفية قياس الإنتاجية. في الماضي، كنت أعتمد على المخرجات الواضحة مثل عدد الساعات التي تم العمل فيها أو عدد الأسطر البرمجية المكتوبة. لكن الآن، يمكن للذكاء الاصطناعي إنجاز الكثير من هذه المهام الروتينية في ثوانٍ معدودة. لذلك، لم يعد بإمكاني قياس الإنتاجية بهذه المعايير التقليدية. بدلاً من ذلك، يجب أن أركز على جودة العمل وتأثيره. ما يهم الآن هو مدى جودة العمل المنجز ومدى تأثيره الإيجابي على الأهداف النهائية.

آرون دي سميت: لنأخذ مثالاً من عالم كتابة الأغاني. ماذا لو كتب شخص أغنية مذهلة في ساعة واحدة فقط؟ هل سنقول له: 'لقد كتبت أغنية واحدة فقط وفي ساعة واحدة؟' ما بالك إذا أصبحت هذه الأغنية ناجحة وشهيرة، بكل تأكيد ستكون ذات قيمة أكبر بكثير من كتابة مئات الأغاني في ساعات طويلة دون نجاح. نحن نواجه تحديًا في تقييم الأداء عندما تكون النتائج غير ملموسة وغير محددة. نحن نميل إلى قياس الأشياء التي يسهل حسابها وملاحظتها، وهذه الأمور الآن يتم التعامل معها بواسطة الذكاء الاصطناعي، وهذا يغير قواعد اللعبة تمامًا، ولا أعتقد أننا توصلنا بعد إلى كيفية التعامل مع هذه التحديات الجديدة في قياس الأداء.

لوسيا راهيلي: هل لديك أي فكرة عن كيفية تأثير الذكاء الاصطناعي التوليدي على هيكل المنظمة الإداري؟ هل يمكن أن يغير الذكاء الاصطناعي الطريقة التي نفكر بها في عدد المستويات الإدارية وعدد الموظفين الذين يشرف عليهم مدير واحد؟ كيف يمكن لهذه التكنولوجيا أن تعيد تشكيل الهيكل التنظيمي للشركات؟

آرون دي سميت: أعتقد أنه في كثير من الحالات لن يتغير الهيكل التنظيمي بشكل كبير. لكن في الحالات التي كانت فيها الأعمال روتينية وتتطلب إشرافًا واسع النطاق، سيحدث تغيير. السبب هو أن هذه الأعمال الروتينية ستتم الآن بواسطة الذكاء الاصطناعي، والتحليلات، والروبوتات، وتقنيات التعلم الآلي. لذا، فإن دور المدير الذي يشرف على عدد كبير من الموظفين للقيام بمهام روتينية سيتقلص مع تولي التكنولوجيا لهذه المهام.

الخطوات المباشرة التي يُمكن للقادة اتخاذها

لوسيا راهيلي: يواجه القادة تحديًا كبيرًا يتمثل في أن الموظفين الأكثر قيمة للشركة هم أيضًا الأكثر عرضة لمغادرتها. فإذا كان بإمكان أصحاب العمل اتخاذ خطوة أو خطوتين الآن لزيادة احتمالات بقاء هؤلاء الموظفين المميزين وزيادة إنتاجيتهم، برأيك، ما هي هذه الخطوات التي يمكن اتخاذها؟

آرون دي سميت: أول خطوة يمكن أن يتخذها القادة هي إنشاء بيئة عمل صحية تركز على الإنتاجية والأداء، مع مراعاة ممارسات العمل المستدامة ورفاهية الموظفين. هذا يعني توفير بيئة تدعم التوازن بين العمل والحياة الشخصية، وتعزز الصحة العقلية والجسدية للموظفين. ثانيًا، يجب الاستثمار في تطوير القادة على جميع المستويات داخل المنظمة، واعتبار كل موظف قائدًا محتملاً. هذا سيساعد في بناء مجتمع عمل قوي وداعم حيث يمكن للموظفين مساعدة والتعاون مع بعضهم البعض. فمن خلال تعزيز العمل الجماعي والتعاون، يمكن تحقيق إنتاجية أعلى ليس فقط على المستوى الفردي، بل على مستوى الفريق ككُل.

بروك ويدل: أود أن أضيف نقطتين. أولاً، لفت نظري خلال البحوث أن قلة قليلة من الأشخاص فقط يستفيدون من تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي بشكل منتظم. هذا الأمر يبرز فجوة كبيرة بين الإمكانيات الكبيرة لهذه التقنيات ومدى استخدامها الفعلي في البيئة العملية. في ضوء السرعة التي يتطور بها هذا المجال، من الضروري للشركات أن تبادر بتعزيز قدرات موظفيها على استخدام هذه التقنيات. من خلال تدريب المزيد من العاملين وتوسيع قاعدة المستخدمين، يمكن للشركات تحفيز الإبداع وتعزيز الفعالية في استخدام الذكاء الاصطناعي، مما يتيح لها الاستفادة القصوى من مزايا هذه التقنيات المتقدمة.

النقطة الثانية التي أود أن أضيفها هي أهمية التفكير الشامل في خطة إدارة التغيير. فعند انتقال الموظفين لاستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي، يتم توفير الكثير من الوقت الذي كان يُنفق على المهام الروتينية. السؤال هو: كيف يمكننا مساعدة الموظفين على فهم كيفية استغلال هذا الوقت الموفر بشكل مثمر؟ لا أعتقد أن الموظفين سيتمكنون بمفردهم من تحقيق نتائج أكثر إنتاجية دون توجيه من المدراء والقادة. لذلك، يجب على القادة التفكير بعمق في كيفية إنجاز العمل، ضمان أن يتم استثمار الوقت الموفر في تحقيق نتائج إيجابية ومثمرة.

الذكاء الاصطناعي التوليدي ليس عدوًا

لوسيا راهيلي: عندما قرأت نتائج هذه الأبحاث، فوجئت بردود الفعل الإيجابية الكبيرة تجاه الذكاء الاصطناعي التوليدي، حتى وإن كان أكثر من ثلثي المشاركين لم يستخدموه بعد في وظائفهم. وما أثار دهشتي أكثر هو أن نسبة صغيرة جدًا، لا تتجاوز 4 في المئة من المشاركين، عبروا عن قلقهم بشأن فقدان وظائفهم بسبب الذكاء الاصطناعي. وهي نتيجة كانت غير متوقعة تمامًا.

آرون دي سميت: يرى المشاركون في الاستطلاع أن الذكاء الاصطناعي التوليدي يحررهم من المهام الروتينية التي اعتادوا القيام بها، مما يتيح لهم فرصة التركيز على الأعمال التي يفضلونها حقًا. ومع انغماسهم في هذه الأعمال، يشعرون بأنهم يضيفون قيمة أكبر لشركاتهم، وقيمة أكبر لعملهم ويدركون أن وظائفهم مستقرة ولن تختفي. هذا يظهر التأثير الإيجابي للذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاجية وتعزيز الشعور بالأمان الوظيفي.

أعتقد أن هناك حالات سيؤدي فيها الذكاء الاصطناعي إلى فقدان الوظائف. ومع ذلك، فإن العديد من هذه الحالات لا تتعلق بمستخدمي الذكاء الاصطناعي. على سبيل المثال، في مراكز الاتصال التي استبدلت الموظفين البشريين بتقنيات الذكاء الاصطناعي، والتي تمكنت من الإجابة على 90% من استفسارات المتصلين، فإن الأشخاص الذين فقدوا وظائفهم هم أولئك الذين كانوا يردون على المكالمات، وليسوا مستخدمي الذكاء الاصطناعي. هذا النوع من فقدان الوظائف يظل مصدر قلق، حيث يتأثر الأشخاص الذين لم تتح لهم الفرصة لاستخدام والاستفادة من التقنيات الجديدة.

إلا أننا نستفيد من استخدام الموظفين للذكاء الاصطناعي لمساعدتهم في أداء وظائفهم الحالية بشكل أفضل. ما يكتشفه هؤلاء الموظفون هو أن الذكاء الاصطناعي يعزز كفاءتهم ولا يحل محلهم، بل يمكنهم من استخدام مهاراتهم بأفضل طريقة ممكنة عن طريق التخلص من أداء المهام البسيطة التي لم تكن تضيف قيمة كبيرة في الأساس. بذلك، يتمكن الموظفون من التركيز على المهام الأكثر أهمية وتعقيدًا، مما يعزز من إنتاجيتهم ويضيف قيمة أكبر لعملهم.

بروك ويدل: هناك قضايا مهمة يجب مواجهتها وحلها. لذلك، دعوني أشدد على أهمية إدارة التغيير والنظر بعمق في تجربة الموظفين مع استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في العمل. مع دخول الذكاء الاصطناعي، يتغير شكل العمل، ومن الضروري أن نتعلم ونتأقلم مع هذه التغييرات. لذا، يجب علينا الاستعداد للتعلم المستمر والتكيف مع التأثيرات التي يحدثها الذكاء الاصطناعي على بيئة العمل وتجربة الموظفين.


مهارة الرئيس التنفيذي الفريدة في تحديد الرؤية الاستراتيجية

روبرتا فيسارو: في الفقرة القادمة، ستتحدث مديرة الإنتاج لوريل موغلين مع شريكة ماكنزي جوليا ماكلاشي حول المهارة الفريدة للرؤساء التنفيذيين على سرد قصة شركتهم بفعالية. ستتناول المقابلة كيفية استخدام الرؤساء التنفيذيين لهذه المهارة لتوصيل رؤية الشركة وأهدافها بشكل يجذب الانتباه ويؤثر في الجمهور.

لوريل موغلين: "جوليا"، ما الذي يجعل السرد الجيد بهذه الأهمية الكبيرة في عالم الأعمال؟

جوليا ماكلاشي: السرد الجيد ضروري جدًا لنجاح الشركات. فهو يخلق دورة إيجابية تمكن الرؤساء التنفيذيين من بناء تاريخ متسق وموثوق. وهذا يمكنهم من اتخاذ إجراءات فعّالة، والإسراع من وتيرة تنفيذ الأفكار، وإجراء تغييرات جوهرية على المؤسسة. بالإضافة إلى ذلك، يسهم السرد الجيد في تعزيز التواصل المتبادل بين الرئيس التنفيذي وأصحاب المصلحة، مما يسهم في ابتكار أفكار جديدة وتحسين الأداء. كما يتيح فرصة لاختبار الأفكار وجمع ردود الفعل، مما يمهد الطريق نحو تحسين الاستراتيجيات بناءً على المعلومات المستفادة. وأخيرًا، يقدم السرد الجيد الفرق رسالة قوية وموحدة يمكنهم الالتفاف حولها. تُظهر أبحاثنا أن الشركات ذات الأداء العالي تكون أكثر قدرة على التعبير عن رؤيتها وقصصها بشكل فعال.

لوريل موغلين: لدي فضول حول هذه النقطة. هل تعتقدين أن تحديد الرؤية والهدف يساعد الموظفين على فهم أهدافهم ودورهم بشكل أفضل، مما يؤدي إلى تحسين الأداء العام للشركة؟

جوليا ماكلاشي: أعتقد أن تحديد الرؤية بشكل واضح ومعرفة الهدف له تأثير كبير يشبه عجلة الدفع المستمرة، حيث يعزز كل جزء الأجزاء الأخرى بشكل مستمر. ففي المؤسسات ذات الأداء العالي، يدرك الموظفون من أعلى المستويات وحتى موظفي الخطوط الأمامية تمامًا أدوارهم وكيف يتماشى دورهم مع الهدف الأكبر للمؤسسة، فهم يفهمون رؤية شركتهم ويشعرون بأن الشركة تعبر عنها بوضوح وفعالية، مما يحفزهم على أداء مهامهم اليومية بفعالية، ويساهم في إضافة قيمة مستدامة للشركة.

لورايل موجلين: كيف ينبغي للرؤساء التنفيذيين أن يفكروا في دفع عجلة رؤيتهم وأهداف مؤسساتهم وتشكيلها بشكل فعال؟

جوليا ماكلاشي: إن القدرة على وضع رؤية استراتيجية رائعة تعتمد على وجود أهداف موحدة تشمل رؤية الرئيس التنفيذي واستراتيجيته للمستقبل. وعلى نفس النهج، يجب على الرؤساء التنفيذيين التفكير في وضع رؤية استراتيجية من خلال منظورين. المنظور الأول هو الشمولية، حيث يجب أن تكون الأهداف شاملة وتغطي جميع جوانب المؤسسة. كما أنها يجب أن تتجاوز مجموعات المساهمين المتعددة، بحيث تكون ملهمة وذات مغزى لجميع الأطراف المعنية، سواء كانوا أعضاء مجلس الإدارة، أو وسائل الإعلام، أو الموظفين.

بالإضافة إلى أهمية وجود رؤية استراتيجية قوية للرؤساء التنفيذيين، تُعلمنا مبادئ تعليم الكبار أن الرسائل يجب أن تُنقل بوسائل متعددة وأن تتكرر باستمرار. التكرار والاتساق في التواصل هما أمران حيويان لتحقيق الفهم العميق للرسائل، رغم أنهما قد لا يكونان طبيعيين لمعظم الناس. لكن الرؤساء التنفيذيين الناجحين يتقنون هذه المهارات؛ فهم يدركون أن استخدام وسائل متعددة للتواصل وتكرار الرسائل بانتظام يساعد في ترسيخ الفهم وضمان أن جميع الأطراف المعنية، سواء كانوا موظفين، مساهمين، أو عملاء، يستوعبون الرسالة بوضوح وفعالية.

لورايل موجلين: ما هي العوامل الرئيسية التي يجب أن يراعيها الرؤساء التنفيذيون عند وضع وتقديم رؤيتهم الاستراتيجية؟

جوليا ماكلاشي: عند إدارة العلاقات مع أصحاب المصلحة، يجب أن يبدأ الرئيس التنفيذي بتحديد جمهوره المستهدف. يجب أن تتكيف طريقة نقل الرسالة مع نوعية الجمهور من حيث التكرار ودرجة الشفافية. على سبيل المثال، طريقة التواصل مع وسائل الإعلام ستكون مختلفة تماماً عن الشفافية الكاملة التي قد يستخدمها الرئيس التنفيذي عند التواصل مع مجلس الإدارة. بمعنى آخر، يجب على الرؤساء التنفيذيين تعديل رسائلهم وتخصيصها وفقًا للجمهور لضمان أن تكون فعالة ومؤثرة.

ثانيًا، نظرًا لسرعة التغيرات وما يُتوقع من الرئيس التنفيذي مع تطوره في منصبه، يجب تجديد الأهداف أو الرؤية أو الرسالة في مراحل مختلفة من مسيرته المهنية. فعندما يكون الرئيس التنفيذي جديدًا في دوره، قد يركز على وضع رؤية جريئة للشركة. أما عندما يصبح أكثر خبرة، فقد يحتاج إلى مواجهة الركود وتحديد رؤية جديدة للنمو المستقبلي للشركة. هذا التجديد المستمر يساعد الرؤساء التنفيذيين على تعزيز تأثير رؤيتهم الاستراتيجية وزيادة قيمتها مع مرور الوقت وتطورهم في دورهم.

ثالثًا، يجب على الرؤساء التنفيذيين أن يوضحوا "السبب" وراء رؤيتهم الاستراتيجية ورسائلهم. هذا يعني أن يربطوا ما يقولونه بهدف الشركة بحيث يكون للرسالة أساس قوي ومفهوم. ومن الأفضل أن يدمج الرئيس التنفيذي بعضًا من أهدافه وشغفه الشخصي في رسالته. كما يمكنهم مشاركة آمالهم وشغفهم تجاه الشركة، مما يعزز ارتباطهم بالجمهور. وهذا طبعاً يساعد الرؤساء التنفيذيين على الانتقال من مجرد التأثير الأولي إلى فهم وتبني عقلية جمهورهم، من خلال إضافة شخصيتهم الفريدة إلى رؤيتهم، مما يجعل الرسالة أكثر تأثيرًا وارتباطًا بالهدف الرئيسي.

لوريل موجلين: يواجه القادة تحديات عديدة من أصحاب المصلحة المختلفين، ولكل منهم مطالب متنافسة. ما الذي يفعله أفضل الرؤساء التنفيذيين بشكل جيد لتحقيق التوازن بين هذه المطالب المتنوعة؟

جوليا ماكلاشي: نرى بعض الأنماط المختلفة لكيفية تعامل الرؤساء التنفيذيين مع الآراء المتعارضة بين أصحاب المصلحة وكيف يوازنون بينها. كل نمط يوضح طريقة مختلفة يتبعها القادة لتحقيق التوازن بين وجهات النظر المتناقضة.

سأشارك ثلاثة أمثلة. المثال الأول هو "المشاركة المباشرة مقابل التحضير للمستقبل". ونرى هذا غالبًا في مكالمات المستثمرين حيث يقوم الرؤساء التنفيذيون بمشاركة المعلومات الأساسية التي يحتاج أصحاب المصلحة إلى معرفتها في الوقت الحالي، مع تقديم تلميحات أو إشارات لما يمكن توقعه في المستقبل. قد تكون هذه التلميحات حول خطط الشركة للنمو أو التركيز المستقبلي على تحسين الإنتاجية، مما يجذب اهتمام المستثمرين ويشجعهم على متابعة تطورات الشركة باستمرار.

أما المثال الثاني، فهو التوازن بين العمل والمجتمع، حيث يهتم أصحاب المصلحة، سواء كانوا عملاء أو موظفين، بقيم الشركة ومبادئها بقدر اهتمامهم بالمنتجات أو الخدمات التي تقدمها. يجب على الرؤساء التنفيذيين أن يعبروا بثقة عن قيم الشركة وأهدافها ومبادئها. هذا يتطلب منهم التحدث عن مواضيع قد تكون مثيرة للجدل ومعقدة أحيانًا، مما يعكس موقف الشركة من القضايا الاجتماعية والسياسية ويظهر التزامها بمسؤولياتها تجاه المجتمع.

وأخيرًا المثال الثالث، وهو التوازن بين الأهداف الشخصية وأهداف الفريق. يتمتع الرؤساء التنفيذيون بموقع مميز يمكنهم من جعل التواصل جزءًا من عمل الفريق الجماعي، بدلاً من أن يكون مسؤوليتهم وحدهم. عندما يتحسن أداء الرئيس التنفيذي، يؤدي ذلك إلى تحسين أداء الفريق بأكمله. لذلك، يركز الرؤساء التنفيذيون على تطوير مهارات التواصل ضمن الفريق ككل، مما يعني أنهم لا يحتاجون إلى التعامل مع مهام التواصل بمفردهم. هذا يسمح لهم بإنشاء منصة تواصل قوية تدعمهم وتدعم الفريق بشكل جماعي.

Explore a career with us