المزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية
شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية
تواجهنا تحديات كبيرة عندما يتعلق الأمر بمعالجة قضايا الصحة النفسية والعقلية التي يعاني منها المراهقون اليوم، حيث أنها ظاهرة غير مسبوقة. وفي هذه الحلقة من تدوينات ماكنزي الصوتية، تتحدث مديرة التحرير العالمية "لوسيا راهيلي" مع "إيريكا كو"، شريك في ماكنزي ومدير مشارك لمعهد ماكنزي للصحة والدكتور "هارولد كوبلويتس"، الرئيس المؤسس والمدير الطبي لمعهد تشايلد مايند، حول ما تعنيه هذه المشكلة للمجتمع ككل.
وتتحدّث ماجي سميث، مؤلفة كتاب "يمكنك أن تجعل هذا المكان جميلاً" (أتريا/وان سنغلر للنشر، أبريل 2023)، عن دور الحزن في التحويل، خلال مقتطف من مقابلة أجرتها ضمن سلسلة "حديث مع مؤلف".
لقد تم تفريغ هذه المادة لأغراض إيصال المعلومة بطريقة واضحة ومختصرة.
أساسيات الصحة النفسية والعقلية
لوسيا راهيلي: نسمع الكثير عن أزمة الصحة النفسية والعقلية بين المراهقين. هارولد، هل تعطينا فكرة عما تشهده خلال عملك في إدارة معهد تشايلد مايند؟
هارولد كوبلويتس: إن أزمة الصحة النفسية والعقلية للشباب هي حقيقة وواقع نعيشه، وهي أيضا تشكل أزمة عالمية. ففي مختلف أنحاء العالم، يعاني ما لا يقل عن 200 مليون طفل ومراهق من اضطرابات في الصحة النفسية والعقلية. وفي الولايات المتحدة، يتعرّض حوالي 17.1 مليون شخص في عمر الشباب لاضطرابات في الصحة النفسية والعقلية قبل بلوغهم سن 18 عامًا.
وتواجه هذه المشاكل الفتيات على وجه الخصوص. وفقًا لتقرير المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها والصادر في وقت سابق من هذا العام، إن حوالي 60 في المائة من الفتيات المراهقات في الولايات المتحدة يشعرن بالحزن أو اليأس باستمرار. كما قامت واحدة من بين كل ثلاث بالتفكير بجدية في الانتحار خلال عام 2021. ما يشكل ارتفاعًا بحوالي 60 في المئة عن العقد السابق.
لوسيا راهيلي: ما مدى تأثير الجائحة على هذا التدهور في الصحة النفسية والعقلية للشباب؟
هارولد كوبلويتس: إن الحقيقة الصادمة هي أن حالات انتحار المراهقين شهدت ارتفاعًا من عام 2007 إلى عام 2018.
وذلك قبل الجائحة. وأعتقد أن الشيء الوحيد الذي تغيّر في المجتمع عن ذلك الوقت هو وجود وسائل التواصل الاجتماعي. ولذلك يجب أن نتمعّن بجدية في نصيحة الجراح العام الأمريكي الدكتور "فيفيك مورثي" بأن وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تكون خطيرة للغاية بالنسبة لبعض المراهقين، وخاصة أولئك الذين يعانون من اضطرابات في الصحة النفسية والعقلية.
مستنقع وسائل التواصل الاجتماعي
لوسيا راهيلي: إيريكا، لقد قمت مؤخرًا، مع مجموعة من زملائك في معهد ماكنزي للصحة، بنشر مقال حول أثر وسائل التواصل الاجتماعي على الجيل Z بالتحديد. ويشعر العديد من الأولياء بالقلق من استخدام أطفالهم لوسائل التواصل الاجتماعي، مشيرين إلى مواضيع مثل الخوف من الضياع (الخوف من عدم المشاركة)، وصورة الجسم (المظهر الخارجي)، وغيرها من التحديات. ماذا تعلّمتم / استنتجتم من إجراء هذا البحث؟
إيريكا كو: لقد كانت تجربة مثرية بالفعل. فقد أجرينا استطلاع عالمي ضمّ 26 دولة وأكثر من 40,000 مشارك. لم نتمكن فقط من إلقاء نظرة فاحصة على تصورات وسلوكيات الجيل Z ولكن استطعنا أيضا فهم كيفية مقارنتهم بالأجيال الأخرى. وقد أظهر الجيل Z مستوى صحة نفسية وعقلية أسوأ بكثير من أي جيل آخر.
وفيما يتعلق بوسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا، فإننا نعلم أنها عوامل مستديمة. فلذلك، إن أحد الجوانب المهمة للاستطلاع هو فهم كيف يستخدم الناس وسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا؟ ما المحتوى الذي يؤدي إلى تأثير إيجابي بدلًا من الآثار السلبية؟ وبينما أفاد ثلث المشاركين عن تأثير إيجابي على صورة أجسادهم، أبلغ عدد مماثل تقريبًا عن تأثير سلبي على صورة أجسادهم.
ومن المثير للاهتمام، أن أولئك الأفراد من الجيل Z كانوا أكثر عرضة للتعرض للآثار السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي، والتفاعل بشكل سلبي للغاية بدل التفاعل النشط الحيوي، مقارنة بالأجيال السابقة.
لوسيا راهيلي: إيريكا، هل يمكنك إفادتنا بالمزيد حول المقارنة بين التفاعل السلبي والنشط الحيوي وماذا يعني ذلك؟
إيريكا كو: أظهر عدد من الدراسات أن التفاعل السلبي، كالتصفح السريع للمنشورات على إنستغرام أو مشاهدة جميع التجارب التي يمر بها الآخرون، يمكن أن يؤثر مع مرور الوقت على انخفاض مستوى الرفاهية الذاتية.
أما إذا كنت تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي بطريقة حيوية ونشطة، فهذا لا يقتصر فقط على المراسلة المباشرة للأشخاص، ولكن أيضا استخدامها للاتصالات المهنية، وتطوير الشبكات الاجتماعية المصغرة.
قارن ذلك بالتفاعلات السلبية، حيث أنك ترى عدد الإعجابات التي يمكن أن يحصل عليها منشور ما. حتى إن إبداء الاعجاب عن طريق الضغط على علامة الإبهام يعتبر تفاعل سلبي، لأنك لا تتفاعل في الواقع مع الآخرين بطريقة مختلفة.
التسمّر أمام الشاشة
لوسيا راهيلي: هارولد، ما هي استنتاجات بحثك في ما يتعلق بالوقت الذي يمضيه المراهقون أمام الشاشة؟
هارولد كوبلويتس: نظرنا في استخدام الإنترنت الإشكالي، أو عادات استخدام الإنترنت التي تؤثر سلبًا على نوعية الحياة. وجدنا أن معدل استخدام الشاشة ارتفع وظل مرتفعًا في السنوات الأولى من الجائحة. ففي الفترة الممتدة بين التقييم الأساسي في 2019 واستطلاعنا في مايو 2020، انتقل غالبية الأطفال من قضاء أقل من ساعة في اليوم في الألعاب الإلكترونية إلى قضاء ساعة إلى ثلاث ساعات أو أكثر حتى. أما قبل الجائحة، كان أقل من 20 بالمائة من الأطفال ستخدمون خدمة بث الفيديو لمدة أربع ساعات في اليوم أو أكثر، ولكن بحلول مايو 2020 (تذكري أنه تم حظر التجول والإغلاق في ذلك الوقت) وجدنا أن هذا العدد قد تضاعف، حيث يقضي 40 بالمائة من الأطفال مدة أربع ساعات أو أكثر يوميًا في المشاهدة عبر الإنترنت.
لوسيا راهيلي: هذا ارتفاع كبير بالفعل. أي شيء آخر يمكن استنتاجه من البحث في ما يخص استخدام التكنولوجيا بين المراهقين؟
هارولد كوبلويتس: بصراحة، كانت هناك زيادة واضحة في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي أثناء الجائحة من قبل كل من الأطفال والبالغين عل حد سواء. وحتى بعد انقضاء تلك الأزمة، فحين يفرط الآباء في استخدام الإنترنت، فمن المحتمل أن يفرط أطفالهم في استخدامها أيضًا. وفي فبراير 2021، وجدنا أن هذه الممارسات لا زالت موجودة.
نحن نعلم أن الفترة التي يقضيها الآباء على الإنترنت تؤثر على الأطفال بشكل واضح. ولقد وجدنا أن حوالي 50% من البالغين يقضون ما يزيد عن أربع ساعات يوميًا في مشاهدة الإعلام الرقمي، إلى جانب 40 في المائة من أطفالهم. هذا الوضع مقلق للغاية، لأنه كلما زاد عدد الساعات التي تقضيها على الإنترنت أو وسائل التواصل الاجتماعي، قل عدد ساعات نومك. وينتج عن ذلك الحرمان من النوم لأوقات أطول، وانخفاض مدة التمارين الجسدية، وتباعد اجتماعي مع تراجع التفاعلات في الواقع. ونحن بالتأكيد بحاجة إلى هذه العناصر الثلاثة مجتمعة من أجل نمو صحي للدماغ.
ومع إنقضاء سن 24 عامًا، لا يعتبر الشخص مراهقًا، لكن المراهقة والطفولة هما فترتان حاسمتان لنمو الدماغ. لذا فإن استخدام الإنترنت الإشكالي يمكن أن يكون له تأثير شديد للغاية على عقول أطفالنا في الوقت الحاضر وفي المستقبل.
لوسيا راهيلي: إيريكا، هل تودين التعليق أو إضافة أي شي في هذا الخصوص؟
إيريكا كو: عندما أجرينا استطلاعنا العالمي في 26 دولة، قال حوالي ثلاثة أرباع المشاركين من الجيل Z أنهم يقضون الكثير من الوقت على الإنترنت. وفي الواقع يعترف الأغلبية بأن هذه العادة ليست جيدة على الاطلاق، ولكنهم يجدون صعوبة في مقاومتها.
هارولد كوبلويتس: هناك نوع من الإدمان يؤثر بشكل مختلف على دماغ البالغين مقارنة بدماغ المراهقين. ومن المعروف على نطاق واسع أن هذه التقنيات والابتكارات مصممة لإبقاء الأشخاص مسمّرين على المنصات لأطول فترة ممكنة. لذلك ، في بعض الأحيان تكون هذه العادات ضارة بشكل مباشر. لكن المحتوى الموجود على هذه المنصات يعتمد على بيانات خاصة بالمستخدم - على سبيل المثال، شخص قلق بشأن وزنه أو شخص يفكر في ممارسة الرياضة واتباع نظام غذائي. يمكن أن يكون لهذا المحتوى تأثير جذري على فتاة مراهقة أو ولد مراهق بطريقة مختلفة. إذ يعتبر دماغ المراهق أكثر عرضة للخطر.
جائحة كورونا... فترة صعبة
لوسيا راهيلي: ما هي العوامل المهمة الأخرى التي تساهم في مشكلة الصحة النفسية والعقلية بين المراهقين اليوم؟
هارولد كوبلويتس: عندما ضربت جائحة كوفيد-19 ، كان العالم يمرّ بمرحلة سيئة وأدت الجائحة إلى تفاقم الوضع وجعله أسوأ بكثير. فكّر في القلق الذي عشناه بسبب إمكانية وفاة الأجداد أو فقدان أحد مقدمي الرعاية الصحية لهم. قد يستغرق التعافي من هذه الصدمة أكثر من عقد من الزمان. ففي حال حصل 30 في المائة من حوالي 17 مليون طفل ممن يعانون من اضطراب في الصحة النفسية والعقلية على العلاج، هذا يعني أن هناك حوالي 70 في المائة لا يحصلون على أي تدخل وذلك لأسباب متعددة.
وفي اعتقادي أن هؤلاء هم الأطفال الأكثر تضررًا من جائحة كوفيد-19، وفقدان عامين من الحياة الدراسية والتفاعلات الاجتماعية، والمخاوف بشأن المستقبل وصحتهم وصحة والديهم. ومن جهة ثانية، هناك اعتقاد أن نظامنا التعليمي جيد جدًا لدرجة أن الأطفال سيتعافون من فقدان عامين من المدرسة. لا أفهم كيف لطالب في الصف الثالث الذي يتقن القراءة ولا يذهب إلى المدرسة حتى الصف الخامس، أن يتمكّن من اللحاق بالركب ومواكبة التحصيل الأكاديمي دون الحصول على علاج أو مساعدة. هذا واضح جدًا. ومع ذلك، أعتقد أنه من غير الواضح والمقلق هو التفكير في ما يحدث لأولئك الأطفال الذي يعانون من مشاكل نفسية الآن بعد عودتهم إلى مقاعد الدارسة والتفاعلات الاجتماعية. لذلك أعتقد أن معدلات الاكتئاب والقلق والإنطواء ستستمر في الارتفاع ما لم نبدأ بالتفكير في طريقة مختلفة تماما للتعامل مع هذه المشكلة.
هناك اعتقاد أن نظامنا التعليمي جيد جدا لدرجة أن الأطفال سيتعافون من فقدان عامين من المدرسة. لا أفهم كيف يمكن لطالب في الصف الثالث الذي يتقن القراءة ولا يعود إلى المدرسة حتى الصف الخامس أن يتمكّن من اللحاق بالركب ومواكبة التحصيل الأكاديمي دون الحصول على علاج أو مساعدة
ضرورة التوعية بالصحة النفسية والعقلية
إيريكا كو: إضافة إلى ما سبق ذكره، هناك قيمة كبيرة من التدخل المبكر والتركيز على سبل الوقاية وتعزيز الوعي. ومن المفيد أن ندرك أن مواجهة التحدي الذي يواجهه الشباب الآن ممكن أن يكون لها تأثير كبير على تغيير مسار حياة شخص ما.
وهذا قد لا يخفف فقط من الاضطراب أو العبء النفسي، ففي كثير من الحالات قد تنتج عنه مشاكل صحية جسدية مزمنة. ويمكنك تفادي كل ذلك، بمجرد بناء بعض هذه المهارات في وقت مبكر والتحديد المبكر للمشكلات.
وأساسا من الضروري توفير معلومات عن أمراض ومشاكل الصحة النفسية والعقلية بطريقة مستمرة لرفع وعي المجتمع عن ما هو طبيعي وما هو غير طبيعي، وكيفية ملاحظة العلامات التي تشير إلى أن التدخل قد يكون ضروريًا. وبهذه الطريقة، يمكن تفادي الكثير من أعباء المرض في وقت لاحق من الحياة.
هارولد كوبلويتس: ويجب علينا أيضًا أن نساعد في تعزيز ثقافة الأهل ومعرفتهم. فمعظم الأهل يدركون أن الطفل يبدأ المشي في عامه الأول، والتكلم في العام الثاني وأن يكون مدربًا على استخدام المرحاض في سن الثالثة، ولكني لست متأكدًا أننا نعلّم الأهل متى يفترض أن يتفاعل الأطفال مع الأصدقاء، أو متى يفترض أن يناموا طوال الليل، أو ما هي الأنواع الأساسية للشهية ومستويات الطاقة. وأعتقد أن هذا النوع من المعلومات والتثقيف يمكن أن يكون مفيدًا جدًا، مثل أهمية معرفة استخدام الناموسية لتفادي عدوى الملاريا، فما هي سبل الوقاية التي يجب أن نأخذها بعين الاعتبار؟
لوسيا راهيلي: غالبًا ما يتحدث الأهل عن أهمية السلامة وتحقيق التوازن بين السلامة والاستقلالية. وقد تمتع جيلنا بمستوى حرية أكبر بكثير من معظم الأطفال اليوم، فكنا نتنقل بحرية ونكتشف العالم. هل لديك أي نصيحة أو مشورة للآباء والأمهات بشأن الرابط بين قدرة أطفالهم المراهقين على الاستقلالية والصحة العقلية؟
هارولد كوبلويتس: لا يتطلب الأمر الكثير حتى يشعر أحد الوالدين بالقلق أو الذنب حيال ما يعانيه أولادهم. إن إعطاءهم قدر من الحرية قد يعني في بعض الأحيان التخلي عن حاجتنا لحمايتهم. يجب علينا أن ندرك قدراتهم، لمعرفة متى يمكنهم المشي إلى المدرسة بمفردهم أو متى يمكنهم ركوب الحافلة، مع الحفاظ على تأمين عوامل الحماية دائمًا.
ومن وجهة نظري، فإن جائحة كوفيد-19 ساهمت بتعقيد الأمر على الأهل، ولذلك علينا إعادة تدريب أنفسنا على القول، "هذا كان من الماضي". كيف يمكننا كآباء وضع هواتفنا المحمولة بعيدًا، وإجراء محادثات على العشاء تستمر عشر دقائق على الأقل؟ كيف نعيد أطفالنا للعب في الخارج، وممارسة الرياضة مع أصدقائهم، تحت اشرافنا ولكن عن بعد؟ إنهم بحاجة إلى خوض التجارب واختبار مشاعر الفشل والحزن والصعوبات حتى يصبحوا أكثر مرونة وصحة واستقلالية.
بناء النماذج القيادية
إيريكا كو: يمكن أن يلعب الأصدقاء والزملاء دورًا محوريًا في التأثير على بعضهم في سن مبكرة، فكيف يمكننا الاستفادة من ذلك؟ في المناقشات الأخيرة التي أجريناها مع القادة الشباب، عبّر منهم عن رغبتهم في مساعدة أصدقائهم، ولكنهم لا يشعرون أنهم جاهزين للقيام بذلك. كيف يمكننا تعزيز قدراتهم والاستثمار حقًا في بناء نموذج قيادي لدعم الشباب؟ إن تزويدهم بهذه القدرات يمكن أن يقدّم الكثير من الإمكانات والفرص.
هارولد كوبلويتس: إن قدرة الأصدقاء والزملاء والأقران على توفير الدعم قد تغيرت بالفعل. فالشباب اليوم يتحدثون عن تلقيهم جلسات العلاج النفسي، أو عن تناول الدواء، أو عن أي تجربة صعبة يمرون بها. إنهم يشاركون هذه المعلومات ويعبرون عن أنفسهم. ومن المفيد جدًا أن يتعرّف الشباب على تجارب الغير في التغلب على التحديات والمشاكل.
ونحن في معهد شايلد مايند، نستثمر الكثير منذ 2017 في تنظيم حملات توعوية، وكان أحدثها حملة (أنت تقدر على ذلك - You Got This) وكان من المدهش أن نرى تأثير الأبطال الرياضيين مثل "كيفن لوف" و"براندون مارشال" كونهم مثال للصحة البدنية، لذلك عندما يتحدثون عن قلقهم أو اكتئابهم، يستجيب المراهقون بشكل لافت لذلك ويستلهمون منهم كيفية التعامل مع مشاكلهم مع الصحة النفسية والعقلية.
لوسيا راهيلي: هارولد، لقد ذكرت الجنس كأحد العوامل في رفع امكانية الاصابة بمشاكل الصحة النفسية والعقلية، كيف يلعب ذلك دورًا في عملية العلاج؟ هل هناك سبل علاج تعمل بشكل أفضل مع الفتيات والشابات؟
هارولد كوبلويتس: إن الفتيات عادة ما يكنّ أكثر قابلية وانفتاح، فهن يتكلّمن عن هذه الأمور ولا يشعرن بالخجل أو الاحراج في التعبير عن مشاكلهن وتحدياتهن بقدر الأولاد. وبصراحة لم نواجه صعوبة في الحصول على موافقة الرياضيات والممثلات للمشاركة في هذه البرامج التوعوية.
ففي مايو 2017، شاركت "إيما ستون" وتحدثت عن مشكلتها مع القلق، وكانت هذه تجربة فريدة للفتيات حين شاهدن أيقونة في الفن والابداع ، والتي تظهر على الشاشة بصورة فرحة وكأنها خالية من الهموم ، تقول أنها عانت في حياتها وخضعت للعلاج وكان لهذا تأثير كبير في تخفيف وطأة هموم الحياة.
وأعتقد أن أحد الأسباب التي تجعلنا نرى ارتفاعًا في حالات القلق والاكتئاب لدى الفتيات بعد سن البلوغ هو الدور الذي تلعبه الهرمونات. حيث نرى عددًا أكبر من الأولاد المزعجين في فترة ما قبل البلوغ. ولكننا أيضًا نعلم أن الفتيات لا ينتظرن طويلًا قبل طلب المساعدة، فعندما يشعرن بالألم، فإنهن على الأغلب سيخبرن صديق ما وعلى الأغلب سيطلبن المساعدة. أعتقد أن الأولاد يتفادون الظهور بصورة الضعفاء، وهذا هو أحد الأسباب التي تعزز من مكانة الرياضيين كمؤثرين خلافًا لما كنا نتخيله سابقًا في مجال الصحة العقلية والنفسية.
تأثير مستوى إدراك المجتمعات المختلفة
لوسيا راهيلي: هل هناك اختلافات جغرافية أو طبقية أو ثقافية ، حتى داخل الولايات المتحدة ، وفي الطريقة التي يؤثر بها العلاج والنهج المتبع فيه على هؤلاء الأطفال؟
هارولد كوبلويتس: خذ على سبيل المثال الأدوية المضادة للاكتئاب والمعروفة باسم (مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية). في 1980 تم إطلاق بروزاك Prozac، واتضح أنه كان مفيدًا أيضا لاضطراب الوسواس القهري، وربما كان مفيدًا لاضطرابات القلق الأخرى. وبدأ بالانتشار بمعدل مذهل للغاية.
حيث انخفضت معدلات الانتحار بشكل ملحوظ بين المراهقين في جميع أنحاء البلاد. ولكن الأمريكيين من أصول أفريقية غالبًا ما يترددون في اتباع أي نوع من العلاج التجريبي أو الأدوية قيد التطوير. ولكن إذا نظرت إلى الرموز البريدية، كان من الواضح جدًا أن هناك عددًا من حالات الانتحار ومحاولات الانتحار أقل في المناطق التي كان أطباء الأطفال يصفون فيها هذه الأدوية.
ولكن بعد ذلك، حدث رد فعل عنيف. حيث ارتفعت نسبة الوفيات الناجمة عن أحداث عنف مثل إطلاق النار، نسبها الناس إلى استخدام الأدوية المضادة للاكتئاب، لكنهم لم يتمكنوا من إثبات ذلك. في الواقع، عند تشريح عدد من جثث هؤلاء الأطفال الذين تم وصف الأدوية المضادة للاكتئاب لهم، اتضح أنهم لم يتناولوا الدواء أبدا. ولذلك من الصعب إلقاء اللوم على الدواء. ومع ذلك، كانت هناك جلسات استماع في الكونجرس، وتم وضع صندوق أسود على جميع الأدوية المضادة للاكتئاب بما يشير إلى أنها يمكن أن تسبب الانتحار. لا أعرف ماذا يعني ذلك حقًا. لقد كانت كلمة جديدة. قد يعني اصفع نفسك على الوجه.
وحتمًا توقف أطباء الأطفال عن وصف الأدوية المضادة للاكتئاب. وعاد معدل الانتحار ليرتفع بشكل عام، ولكن إذا نظرت إلى البيانات عن طريق الرمز البريدي، يمكنك أن ترى أنها لم تتغير في الأحياء التي يقطنها الأمريكيون من أصول أفريقية.
لذلك نحن بحاجة إلى التفكير بجدية في أي نوع من التعليم، والحملات التي نقوم بها للمجتمع الأمريكي من أصل أفريقي وللمجتمع الأمريكي من أصل إسباني حتى نتمكن من زيادة الوعي والحد من الوصمة المرتبطة بالمرض النفسي.
ومن ناحية أخرى، هنالك مشكلة القوى العاملة أيضًا. فمن الصعب جدًا الحصول على معالج ذكر صاحب بشرة ملونة. هناك عدد قليل جدًا. ولذلك بدأنا مؤخرًا برنامجًا تجريبيًا يسمى أكاديمية الصحة العقلية والنفسية للشباب. ونهدف من خلاله أن نجد في كاليفورنيا 2,500 طالب من الصفوف الثانوية (السنة 11 و 12) المهتمين بالصحة النفسية والعقلية. وسنقدم لهم فرصة التدريب العملي والمدفوع الأجر والحصول على خبرة عملية في البحث والرعاية السريرية. ونأمل أن نتمكن بذلك من تشجيعهم على التخصص في الصحة العقلية والنفسية للأطفال في المستقبل.
أهمية التحدث عنه
لوسيا راهيلي: لقد أصبحت الصحة العقلية والنفسية موضوع رأي عام مقارنةً بما كانت عليه خلال فترة شبابي.
هارولد كوبلويتس: عندما كنت طفلًا، لم يكن من المعتاد أن تخبر أحدا أن لديك مدرّس خاص لمادة القراءة، ولكن الناس اليوم أكثر انفتاحًا واستعدادًا للتحدث عن هذا الأمر. ولذلك فأنا متفائل. وأعتقد أن جائحة كوفيد-19، على الرغم من فظاعتها، كان لها جانبان مشرقان.
الأول، هو أن الجميع بدأ يهتم بالصحة العقلية والنفسية لأطفالهم، حتى لو لم يكونوا يعانون من أي اضطرابات، ولذلك فقد أصبحت جزءًا من الحوار الوطني. والثاني هو تقبل مفهوم الرعاية الصحية عن بُعد وارتفاع نسبة استخدامها بسبب العزلة التي كنا نعيشها.
لوسيا راهيلي: إيريكا ، لقد قمت بالكثير من العمل حول موضوع الوصمة. هل رأيت أي تغيير واضح في مكان العمل؟
إيريكا كو: نحن نرى شيء واحدًا وهو الضغط على أصحاب العمل. حيث قال حوالي ثلاثة أرباع أفراد الجيل Z حول العالم إن توافر موارد الصحة العقلية والنفسية - سواء كان ذلك الوصول إلى العلاج أو برامج الصحة العقلية والنفسية ، هو أحد المعايير الرئيسية لاختيار صاحب العمل. هذا يختلف عما كان عليه بالنسبة للأجيال الأخرى.
قال حوالي ثلاثة أرباع أفراد الجيل Z حول العالم إن توافر موارد الصحة العقلية والنفسية - سواء كان ذلك الوصول إلى العلاج أو برامج الصحة العقلية والنفسية - هو أحد المعايير الرئيسية لاختيار صاحب العمل.
هارولد كوبلويتس: فقط فكر في حقيقة أن اضطرابات الصحة العقلية والنفسية لا تحصل على نفس التغطية التأمينية مثل الاضطرابات الجسدية، وأحد الأمور المسببة لذلك، هو عدم مطالبة الموظفين بذلك، خاصة في ظل الوصمة الاجتماعية المرتبطة بها. "لماذا تريد تغطية الاكتئاب؟" وفي ظل سؤال الموظفين الجُدد عن ماهية تغطية الصحة العقلية والنفسية، نأمل أن نرى عاجلًا وليس آجلًا المزيد من التكافؤ في التغطية التأمينية.
أنا على دراية أن سرطان الأطفال هو مرض خطير ويجب أن نستمر بالجهود للحد منه، ولكن خطورته تتضاءل مقارنة بحجم أزمة الصحة العقلية والنفسية.
تطوير نظام الصحة النفسية
لوسيا راهيلي: عندما تتطلع إلى الجيل التالي من القوى العاملة، ما التحديات التي تواجه مراهقي اليوم خلال فترة نموّهم وتحضيرهم ليصبحوا محترفين ويدخلوا سوق العمل؟
هارولد كوبلويتس: نحن لدينا نظام تعليمي، ولكن السؤال الأهم: هل لدينا نظام يعالج أعراض الصحة العقلية والنفسية واضطراباتها بنفس القدر من الاحترام والصرامة العلمية والتمويل الذي أدى إلى التقدم الذي أحرزناه في مجال أمراض السرطان أو السكري أو اضطراب النوبات؟
هناك ثمن باهظ لعدم الاستثمار في مثل هذه النظم. فالأطفال الذين يعانون من اضطراب في الصحة العقلية والنفسية هم أكثر عرضة للفشل الأكاديمي، أو ترك المدرسة، أو تعاطي المخدرات، أو مواجهة نظام قضاء الأحداث. كما أنهم أكثر عرضة للمشاكل الجسدية في وقت لاحق ويحتاجون إلى خدمات الرعاية الصحية لأجسادهم أكثر من الأطفال الذين لا يعانون من هذه الاضطرابات.
إذا كان هناك ارتفاع في عدد الأطفال الذين يعانون من هذه الأعراض، أعتقد أنه من الضروري إعادة تقييم عملية رعاية هؤلاء الأطفال واتخاذ التدابير الوقائية اللازمة. والأهم من ذلك أن نقوم بالتدخل مع ظهور أول الإشارات والعوارض.
إيريكا كو: انا أتفق مع هذا الرأي تماماً. إن الوضع يزيد سوءًا مع تعذر الوصول إلى الخدمات الصحية. ويجب تكريس معظم الجهود لتطوير نظام الصحة العقلية والنفسية كجزء من النظام الصحي العام، واعتبار هذه الأمراض بنفس أهمية الأمراض الجسدية. هناك سؤال مثير للاهتمام حول الحلول الرقمية المتوفرة للصحة العقلية والنفسية بشكل عام، حيث من الواضح أن هناك انتشار لها ولكن بعض الأحيان يكون من الصعب معرفة ما هو مفيد منها وما هو غير مفيد.
وخلال الاستطلاع الذي أجريناه، أثار موضوع واحد تناقض مثير للاهتمام، حيث أفاد حوالي 22 بالمائة من المشاركين من الجيل Z أنهم قد استخدموا حلول الصحة العقلية والنفسية الرقمية. ومع ذلك، فقد أكّد 80 في المائة منهم أنها فعّالة ولكنهم في كثير من الأحيان لم يلتزموا بها. لذلك هناك تساؤل حقيقي حول طريقة جذب أفراد الجيل Z للاستفادة حقًا من قوة الابتكار الرقمي لمواجهة اضطراباتهم العقلية والنفسية.
هارولد كوبلويتس: لدينا منحة مادية لتمويل بحث في الجيل القادم من سبل العلاج الرقمية. يبدو الأمر رائعًا، ولكن هل سيعمل حقا؟ يمثل العلاج النفسي القائم على الأدلة أو علم الأدوية النفسية (وهو دراسة تأثير الأدوية على الوظائف النفسية والحالات العقلية)، خاصة لفئة الشباب، تحديًا كبيرًا. وبذلك لا يمكننا التظاهر بأنه بالامكان تبديل برنامج والقول "الآن سنقوم بذلك على الشاشة / عن بعد"، بل علينا تجربة تقنيات مختلفة، وهذا سيتطلب دراسة وبحث معمّقين.
يمكنني أن أخبركم أننا في معهد "تشايلد مايند" لا نزال نقوم بحوالي 50 بالمائة من جلساتنا عبر الإنترنت. ولكننا نجد أن مدة 30 دقيقة هي الحد الأقصى الذي يمكننا من خلاله إبقاء الشاب أو الفتاة على الشاشة مقابل 45 دقيقة أو ساعة عندما تكون الجلسة شخصية. هذا يعني أنه علينا أن نقوم بعملنا بطريقة مختلفة.
فقد تحتاج إلى جلسات إضافية، وإشراك الوالدين، وقد تضطر إلى استخدام مدربين أو مراسلات عبر البريد الإلكتروني وذلك لإبقائهم مهتمين بطرق مختلفة ومبتكرة قد لا تكون ضرورية في حال الجلسات الشخصية التقليدية. ولكنني أعتقد بما أن 20 في المائة منهم يستخدمون الحلول الرقمية و80 في المائة منهم يجدونها مفيدة، فنحن نسير على الطريق الصحيح. نحن فقط نحتاج إلى أن نجعل الرحلة أكثر سلاسة وفعالية.
إيريكا كو: وبالعودة إلى موضوع الاستخدام السلبي و النشط لوسائل التواصل الاجتماعي، نحن نعلم أن المشاركين من الجيل Z كانوا بالفعل الأقل نسبة بين جميع الفئات العمرية للإبلاغ عن الاستخدام والنشر النشط، وبالرغم من ذلك، كانوا الأكثر استخدامًا لوسائل التواصل الاجتماعي ولكن بالطريقة السلبية. لكن تخيل أن تكون هناك بعض النوافذ المنبثقة على هاتفك والتي تنبهك إلى الفترة التي أمضيتها بالاستخدام السلبي مقارنة بالاستخدام النشط. ولذلك فعلينا وبنفس الطريقة التي نعلّم أطفالنا عن الأطعمة الصحية وما يجب عليهم فعله لممارسة الرياضة البدنية، أن نزودهم بمزيد من المعلومات والمعرفة لاتخاذ قرارات ذكية.
هارولد كوبلويتس: هذه بالفعل فكرة رائعة لأنها تستخدم البيانات لتقدم حلول للتدخل والمساعدة. عندما كنت في مرحلة التدريب، كان المرضى يدخنون والأطباء يدخنون. والآن توقف الناس عن التدخين في المدارس أو المباني أو على متن الطائرة. حتى أنهم لا يدخنون في المطار. لذلك يمكنك تغيير هذا السلوك. وتذكر أنه من الأسهل بكثير تعليم شخص في عمر الشباب، 24 عامًا أو أقل، عادات جديدة مقارنة بكبار السن.
إيريكا كو: شهدت ولاية يوتا إقبال كبير على استخدام تطبيق "SafeUT " الذي أطلقه معهد "هانتسمان" للصحة العقلية، وهو منصة تمكّن الشباب من التواصل والحصول على معلومات في حال كانوا قلقين بشأن صديق ما.
هارولد كوبلويتس: هناك اليوم مجموعات مختلفة ومؤسسات عائلية جديدة تقوم باستثمارات كبيرة جدًا في مجال الصحة العقلية والنفسية، وذلك انطلاقًا من إدراكهم بأنها مشكلة حقيقية ويتسارع انتشارها ويمكن علاجها. كل المستمعين لهذا البودكاست هم على معرفة بأحد هؤلاء الأطفال ويحبونهم. إذا كنت محظوظًا بما فيه الكفاية لأنه ليس أحد أطفالك، فمن المحتمل أن يكون ابنة أختك أو ابن أخيك، إنه ولد / بنت أفضل صديق لك، أو صديق / صديقة طفلك المفضل. لذلك عندما يصل الأمر إلى هذا الحد، وجب علينا أن نأخذ خطوة إلى الوراء ونكتشف ماذا يحدث. وإذا تمادينا بالإنكار، فإن ذلك يمكن أن يكلّفنا الكثير في المستقبل، سواء كانت حالات وفاة أو محاولات انتحار أو ضعف الإنتاجية بين نسبة كبيرة من البشر.
لوسيا راهيلي: إيريكا وهارولد، شكرا جزيلًا على لانضمامكم إلينا اليوم ومشاركتنا خبراتكم.
هارولد كوبلويتس: إنه من دواعي سروري، وشكرًا لك على مناقشة هذا الموضوع الهام.
إيريكا كو: نعم بالفعل، شكرًا جزيلًا.
روبرتا فوزارو: إن الصحة العقلية والنفسية هي من أهم المواضيع في أذهان الكثيرين بما فيهم ماغي سميث، مؤلفة كتاب "يمكنك أن تجعل هذا المكان جميلاً"
ماغي سميث: هذا الكتاب هو نتيجة الاضطرابات التي واجهتها خلال طلاقي، وكذلك تأثير الأحداث والتغييرات المحورية في حياتي. ومن وجهة نظري فإن إحدى أسوء الأشياء التي نميل إلى إخبار أنفسنا بها هي، "حسنا، ما هي حياتي الآن؟ انتهت الحياة كما أعرفها. كيف وصلت إلى هنا؟" الجواب على هذه الأفكار يجب أن يكون "حسنًا، لقد وصلت إلى هذه المرحلة، ولكن الآن إلى أين؟" أعتقد أن التصالح الحقيقي مع ماضينا، يساعدنا في التركيز على الفرص المتوفرة في الحاضر والمستقبل.
أعتقد أن التصالح الحقيقي مع ماضينا، يساعدنا في التركيز على الفرص المتوفرة في الحاضر والمستقبل.
هناك من يقول بأننا نحتاج لأن نسامح من أساء إلينا. وأنا أتفق مع ذلك، ولكنني أعتقد أن هناك فرقا بين مسامحة شخص ما والقدرة على تحقيق السلام الذاتي وتقبل ما حدث. وجزء من ذلك هو امتلاك الأشياء الخاصة بك. فجميع العلاقات والأنظمة، سواء كانت علاقات مهنية أو عائلية أو زوجية، فجميعها تبنى بشكل مشترك.
وعلينا أيضًا أن نقوم بدورنا في تهيئة تلك البيئة. علينا أن نغفر لأنفسنا ونتقبل ما حدث ونتعلم منه، ثم نمضي قدمًا بمزيد من الحكمة لاتخاذ قرارات أفضل اليوم وفي المستقبل.
والآن ما علي فعله لتجميع قواي، وتذكر من أنا، والتواصل مع مجتمعي. أعتقد أن هذه هي كل الأشياء التي يتعين علينا القيام بها. وباعتقادي إن التغيير هو الشيء الثابت الوحيد في الحياة.نحن جميعا بشر، وكلنا نتعامل مع الأشياء بطرق مختلفة.
وأعتقد أن كل الكتابات الأدبية هي نوع من المساعدة الذاتية والمفيدة بطريقة ما. فعلى الأقل بالنسبة لي، الكتب تجعلني أشعر بوحدة أقل، حتى لو لم اتشارك المؤلف تجربته. عندما أقرأ أشعر بأنني دخلت حياتهم، وأرى كيف تعاملوا، وحزنوا، وكيف كانت تجربتهم. في القيام بذلك، أشعر أنني مرئية.
لذلك بما يخص هذا الكتاب، إذا كنت أفكر في معالجة الأحداث الصعبة والذكريات، كل ذلك يحدث بطريقة غير خطية. يحدث عادة بالتدريج. الذاكرة ترابطية وليست خطية. عندما نرى شيئا ما، فإنه يذكرنا بشيء آخر، والذي بدوره يذكرنا بشيء مختلف، وإلى آخره. وهذا يبدو أشبه بمجموعة صور أكثر من كونه خطا زمنيا. لذا فإن بنية الكتاب كانت تهدف ليس فقط إلى سرد القصة ولكن لإعطاء القارئ فكرة عن ما عنته التجربة بالنسبة لمعظمنا.
تنبيه، لم يساعدني هذا الكتاب على الخروج بجميع الإجابات، فنحن لا نتمكن أبدًا من الوصول إلى جميع الإجابات.