تخيل عالمًا حيث تنمو قدرات المسوقين بلا حدود. وفي هذا العالم، يمكن للمسوقين تقديم أفضل المنتجات للأشخاص المناسبين في الوقت المثالي بأسلوب يتسم بالتناغم والإتقان بدلاً من العشوائية وعدم التنظيم. ويشهد هذا العالم تلاقي التقنيات المتقدمة مثل الأتمتة وتوليد المحتوى الآلي مع فهم شامل لاحتياجات العملاء، مما يخلق تجربة تسويقية متميزة، حيث يتمكن العملاء من العثور على السلع والخدمات التي يرغبون بها ويحتاجونها بكل سهولة، مما يوفر لهم الوقت والجهد. وأخيرًا، يصبح بإمكان المسوقين التركيز بشكل أكبر على الابتكار وتطوير استراتيجياتهم وتحسين القيمة المقدمة لعملائهم.
ويبشر الذكاء الاصطناعي التوليدي بعصر جديد، حيث يصبح التسويق المتخصص حقيقة وواقعًا ملموسًا وليس مجرد خيال.
المزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية
للمزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية
ويفتح الذكاء الاصناعي التوليدي الباب أمام إحداث ثورة في مجال التسويق الاستهلاكي. وباتت الشركات قادرة على إطلاق حملات تسويقية خلال فترة قصيرة للغاية، وهي مهمة كانت تستغرق في الماضي شهورًا من العمل الشاق لتصميم المحتوى وتوليد الأفكار واستهداف العملاء. ويتحقق هذا بفضل التخصيص واسع النطاق والاختبار الآلي. وثمة مجالات، مثل تطوير المواقع الإلكترونية وخدمة العملاء، التي غالبًا ما تشكل عقبات، ويمكن لهذه التقنيات أن تُحدث فارقًا كبيرًا فيها، حيث تُحسن التفاعل مع العملاء وتزيد مستوى رضا العملاء. بالإضافة إلى ذلك، يسمح الذكاء الاصطناعي التوليدي للمسوقين بتحليل البيانات من النصوص والصور ومقاطع الفيديو وفهمها، مما يفتح آفاقًا جديدة للابتكار. كما يساهم الذكاء الاصطناعي التوليدي في تحفيز التخصيص بطرق لم تكن متاحة من قبل، ممهدًا الطريق لعصر جديد في مجال التسويق.
ومع ظهور الجيل الجديد من الذكاء الاصطناعي، نشهد تأثيراته الإيجابية على إنتاجية السوق الاقتصادية العالمية. ويشير أحدث تقرير نشره معهد ماكنزي إلى أن الذكاء الاصطناعي التوليدي قد يضيف ما يصل إلى 4.4 تريليون دولار إلى الإنتاجية العالمية سنويًا. كما يوضح التقرير أن قطاعات مثل التسويق والمبيعات تعتبر من بين أكبر القطاعات المستفيدة، حيث يُتوقع أن يستحوذ هذين القطاعين على نحو 75% من هذه القيمة.1 وفيما يخص مجال التسويق وحده، يتوقع الخبراء أن يرتفع الإنتاج بفضل الذكاء الاصطناعي التوليدي بنسبة تتراوح بين 5% و15% من إجمالي النفقات التسويقية، ما يعادل حوالي 463 مليار دولار سنويًا.
ونحن على مشارف تغيير كبير والشركات التي تقف موقف المتفرج بدلاً من المشاركة بفعالية قد تجد نفسها متخلفة عن الركب في هذا السباق.
ونتناول في هذ المقال ثلاث استراتيجيات رئيسية يمكن للشركات الاستهلاكية تطبيقها لخلق القيمة من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي، كما هو موضح في (الشكل) أدناه. والخطوة الأولى هي التوجه نحو استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي المتاحة للجمهور. ثم يأتي التحدي في تطوير استراتيجيات للتميز عن طريق تعزيز التخصيص وتنمية القدرات من خلال دمج هذه النماذج مع بياناتها وأنظمتها. وفي النهاية، نستعرض كيف يمكن للشركات أن تستفيد على المدى الطويل من خلال إعادة تشكيل عملياتها بالكامل باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي.
الخطوات الأولى في استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في مجال التسويق
تركز التطبيقات الحالية للذكاء الاصطناعي التوليدي في مجال التسويق بشكل رئيسي على المشاريع التجريبية المتاحة التي يسهل دمجها في الأنظمة الحالية. وتعزز هذه الأدوات قدرة الشركات على إنتاج النصوص والصور بشكل أسرع وإطلاق الحملات التسويقية المخصصة والاستجابة والتفاعل بشكل أكثر فاعلية مع آراء العملاء. مع ذلك، لا تفيد هذه الأدوات الشركات في التعامل مع الذكاء الاصطناعي التوليدي فحسب، بل تساعدها أيضًا على تطوير القدرات اللازمة لاستخدامه بطرق أكثر فاعلية في المستقبل، مما يمنح الموظفين الفرصة للتركيز على مهام أكثر أهمية. وإحدى المميزات الرئيسية للذكاء الاصطناعي التوليدي هي قدرته على تحقيق نتائج سريعة وملموسة، وهو ما يميزه عن التقنيات الأخرى التي قد تتطلب استثمارات طويلة المدى قبل أن تبدأ في تقديم عوائد ملموسة.
- أصبح تخصيص الحملات التسويقية أمرًا ممكنًا بفضل الذكاء الاصطناعي التوليدي. ويمكننا الإشارة إلى متاجر "مايكلز للفنون والحرف اليدوية" كمثال واضح على ذلك، حيث استخدمت متاجر "مايكلز" الذكاء الاصطناعي التوليدي من أجل تعزيز التفاعل مع العملاء من خلال حملات تسويقية مصممة خصيصًا للتفاعل بشكل شخصي مع المتسوقين. كما قامت الشركة بإنشاء منصة لتوليد المحتوى واتخاذ القرارات، وهو ما ساعدها على إنشاء نصوص تسويقية أكثر فاعلية وفهم تفاعل جميع شرائح العملاء مع الرسائل المختلفة بشكل أفضل. نتيجة لذلك، تمكنت شركة "مايكلز" من رفع نسبة التخصيص في الحملات التسويقية عبر البريد الإلكتروني من 20% إلى 95%، مما أدى إلى زيادة ملحوظة في معدل النقر إلى الظهور لحملاتها عبر الرسائل النصية القصيرة بنسبة 41% وحملات التسويق عبر البريد الإلكتروني بنسبة 25%.
- ثمة فوائد جمة تأتي من استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في تحليل بيانات العملاء غير المهيكلة، حيث يستفيد التسويق المتخصص من التحليلات الدقيقة لسلوكيات المستهلكين والتي يمكن تعزيزها عن طريق الذكاء الاصطناعي التوليدي. على سبيل المثال، تُطبق شركة "ستيتش فيكس" المتخصصة في صناعة الملابس تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي لمساعدة المصممين على فهم آراء العملاء وتقديم توصيات بشأن المنتجات المناسبة. علاوة على ذلك، تستخدم شركة "إنستا كارت" الذكاء الاصطناعي التوليدي لتقديم وصفات طعام مبتكرة وأفكارًا جديدة بشأن تخطيط الوجبات وإعداد قوائم التسوق، ما يعزز تجربة التسوق للعملاء.
- أتمتة العمليات التسويقية تتخطى الآن الحدود التقليدية. حيث يلعب المسوقون دورًا بارزًا لتعزيز التنسيق بين مختلف الأقسام داخل المؤسسات. وتتيح التقنيات الحديثة للشركات فرصًا متزايدة لأتمتة عمليات التفاعل بين قسم التسويق والأقسام الأخرى مثل الخدمات، والمبيعات، وتطوير المنتجات، والبحث والتطوير والمراجعات القانونية. على سبيل المثال، يستخدم بائع التجزئة المباشر إلى المستهلك تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي لتسهيل حل مشاكل العملاء مثل استقبال الطلبات أو معالجتها. ومن خلال استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لأتمتة خطوات العمليات مثل استرجاع المعلومات في الواجهة الخلفية وإجراء التعديلات المطلوبة والرد على العملاء بأسلوب يعكس العلامة التجارية، شهدت هذه الشركة انخفاضًا بنسبة تتجاوز 80% في وقت الاستجابة الأولى وتقليص متوسط الوقت المخصص لحل المشاكل بأربع دقائق. كما أن الذكاء الاصطناعي التوليدي يمنح فريق دعم العملاء المزيد من الوقت للتركيز على عمليات التفاعل الأكثر تعقيدًا مع العملاء. وهناك أيضًا إمكانيات هائلة لتبسيط إنتاج أصول تسويقية متنوعة تتطلب فترة طويلة مثل الخطط الإعلامية والمراجعات الربع سنوية والخطط الاستراتيجية وأجندات الاجتماعات.
- تستخدم الشركات تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي لتحديد الفرص وتوليد الأفكار . من خلال تحليل استراتيجيات الشركات المنافسة وتقييم معنويات المستهلكين واختبار إمكانيات المنتجات الجديدة المتاحة. ويساهم هذا النهج في تحسين كفاءة المنتجات الجديدة وزيادة فعالية الاختبارات وتقليل المدة اللازمة لإطلاقها في السوق. على سبيل المثال، تعتمد شركة "ماتيل" على الذكاء الاصطناعي في تطوير ألعاب سيارات "هوت ويلز"، مما يسمح بزيادة إنتاج صور لمفاهيم المنتجات بأربعة أضعاف مقارنة بالسابق، وهو ما يسهم في ابتكار مميزات وتصميمات جديدة. على الجانب الآخر، تحلل شركة "كيلوجز" الوصفات الرائجة التي تحتوي (أو قد تحتوي) على حبوب الإفطار وتستخدم البيانات الناتجة عن ذلك في إطلاق حملات تسويقية تركز على وصفات مبتكرة ومناسبة. كما تحلل شركة "لوريال" البيانات المستخرجة من ملايين التعليقات والصور ومقاطع الفيديو على الإنترنت للكشف عن فرص جديدة لابتكار المنتجات.
وبينما تخطو الشركات نحو استكشاف الفرص المتاحة من استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي، يجب عليها التأكد من توافق مشاريعها مع جميع أهدافها التسويقية. وقد يؤدي تبني العديد من المبادرات المختلفة المتعلقة بالذكاء الاصطناعي التوليدي دون تطبيق استراتيجية محكمة إلى ارتفاع التكاليف وصعوبة تتبعها دون تحقيق النتائج المرجوة، مما يجعل من الصعب تطبيق الدروس المستفادة بشكل فعال. بدلاً من ذلك، يُفضل أن تركز الشركات على بضعة تطبيقات، حيث يمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي المتاحة أن تحدث تأثيرًا مباشرًا على المجالات ذات الأهمية القصوى.
وأثناء مرحلة تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي وتطبيقها، من الضروري أن تتأكد الشركات من تطبيق إجراءات للحد من المخاطر الناجمة عن ذلك مثل حالة "الهذيان"، وهي إنتاج بيانات غير دقيقة أو مُضللة لا تستند إلى حقائق أو بيانات أو أنماط خوارزمية يمكن التحقق منها، إلى جانب أوجه التحيز وانتهاكات خصوصية البيانات ومخالفات حقوق النشر. ولا يعد الذكاء الاصطناعي التوليدي عادةً الخيار الأنسب للقرارات التي تحمل مخاطر عالية أو البيئات التنظيمية أو التطبيقات التي تتطلب تحليل كميات كبيرة من البيانات أو الاستنتاجات المعقدة. ونرى أن تعيين مدير يمكن مساءلته وتشكيل هيئة لمراقبة التكنولوجيا يُعدان خطوات أولية مهمة. ومن الضروري تطبيق آليات حماية إضافية مثل المراجعة البشرية للمحتوى الذي يتم تقديمه مباشرةً للعملاء أو تحديد المشاكل التي يُسمح للذكاء الاصطناعي التوليدي بمعالجتها في الحملات التسويقية.
استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي المخصص في استراتيجيات التسويق
بدأت العديد من الشركات في تطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي كما أشرنا سابقًا. لكن الشركات التي تسعى إلى تحقيق التميز تتخطى هذه الخطوات الأولية. وتعمل هذه الشركات على تطوير حلول مخصصة ومميزة لعملائها، وذلك من خلال تعديل نماذج الذكاء الاصطناعي المتاحة لكي تصبح متوافقة مع مجموعات بياناتها الأصغر حجمًا ومحددة المهام. وبالتالي، تتمكن هذه الشركات من خلال اتباع هذا النهج من تحقيق تحسينات هائلة في تخصيص جميع عمليات التفاعل مع العملاء، بدءًا من الحملات التسويقية وصولًا إلى المنتجات. وتحقق الشركات نتائج بارزة عندما تعيد هيكلة نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي لتتماشى مع بياناتها ولتلبية احتياجاتها الخاصة.
وفي مجال التسويق، يمكن تحسين نموذج الذكاء الاصطناعي التوليدي من خلال تدريب نموذج المصدر المفتوح باستخدام البيانات المملوكة للشركة، مثل إرشادات العلامة التجارية أو البيانات المستمدة من الحملات التسويقية السابقة، لإنتاج محتوى مصمم خصيصًا. ويتيح هذا النهج إجراء تحديث مستمر لنموذج الذكاء الاصطناعي التوليدي شبه المخصص بأحدث بيانات الشركة وتعزيز قدرته التعلُّمِية. وبالتالي، تكون النتيجة التوصل إلى حل ذكاء اصطناعي فعّال الذي يتطور باستمرار لتعزيز القدرة التنافسية للشركة.
وهناك بعض الشركات التي تطبق بالفعل تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي في المشاريع ذات الأهمية. ونستعرض فيما يلي مثالين على ذلك:
التواصل مع العملاء عبر وسائل التواصل المحلية
استفادت إحدى شركات الاتصالات الأوروبية من تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي في تحسين طريقة تواصلها مع العملاء، حيث انتقلت من استخدام الرسائل التقليدية للتواصل مع العملاء إلى الرسائل المخصصة التي تلبي احتياجات شرائح معينة من العملاء على نحو أكثر فعالية. وفي الماضي، كانت تستهدف هذه الشركة أربع شرائح كبيرة فقط، وهو ما أعاق قدرتها على إنتاج محتوى مؤثر. وكثيرًا ما كانت الرسائل لا تصل إلى المتلقين، خاصة العملاء الذين لا يتحدثون اللهجة الأصلية للبلد التي تعمل بها الشركة، حيث شهدت الشركة معدلات تحويل منخفضة.
وطورت شركة الاتصالات مُحركًا قائمًا على الذكاء الاصطناعي التوليدي لإنتاج رسائل موجهة خصيصًا لـ 150 شريحة مختلفة. ويصمم هذا المحرك المدعوم بالبيانات والمعلومات غير الشخصية، رسائل مخصصة ومتوافقة مع خصائص كل فئة، أي الخصائص الديموغرافية والموقع الجغرافي واللهجات وغيرها من السمات التي تتميز بها كل شريحة. وتُقدم المعلومات عن طريق نماذج مثل (GPT-4) و (Dall-E) لإنشاء نصوص وصور، ومن ثم نقلها إلى مزود خدمة البريد الإلكتروني عبر واجهة برمجة التطبيقات استعدادًا لإرسالها. بعد ذلك، استخدمت الشركة أفضل نماذج التعلم الآلي التي يجب تطبيقها في المستقبل لتحديد أفضل المنتجات وقنوات التسويق وتوقيت التواصل مع كل عميل. وفي ظل وجود إجراءات الحماية وبروتوكولات الحوكمة المناسبة (أي مشاركة ومراجعة بشرية كاملة في جميع المراحل للتحكم في عدد الإصدارات ودرجة التخصيص) لتلبية متطلبات المخاطر والأخلاقيات والخصوصية، جرى إرسال هذه الرسائل بنجاح، مما أدلى إلى تحسن ملحوظ بنسبة 40% في معدلات الاستجابة وتقليل تكاليف النشر بنسبة 25%.
الابتكار في تطوير المنتجات وتعزيز الإبداع والخبرات
كانت إحدى شركات المشروبات الآسيوية تسعى إلى دخول السوق الأوروبية بشكل أسرع من الممكن، وذلك من خلال اتباع طرق الابتكار والتسويق التقليدية. ففي الماضي، كانت تستغرق الشركة عامًا كاملاً لتطوير منتج جديد موجه لسوق جديدة. وبهدف تسريع هذه العملية، لجأت الشركة إلى استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي للإجابة على سؤالين مهمين: أولًا، ما هي أنواع المشروبات الجديدة التي يمكن أن تجذب العملاء في السوق الأوروبية وتعزز نمو الشركة؟ وثانيًا، ما هي الطرق المبتكرة التي يمكن أن تساهم في تسريع عملية تطوير المنتجات منذ التوصل إلى الفكرة وصولاً إلى التنفيذ؟
واستعانت شركة المشروبات ببرنامج "شات جي بي تي" لأول مرة لاكتساب فهم شامل حول تفضيلات المستهلكين. وزودت الشركة البرنامج ببيانات عامة وغير سرية عن العملاء، ومن ثم طرحت أسئلة خاصة عن النكهات المفضلة من أجل الحصول على معلومات شاملة عن استهلاك المشروبات وسلوكيات المستهلكين في السوق الأوروبية. وأُنجزت هذه العملية خلال يوم واحد، لكنها كانت ستستغرق في العادة ما يصل إلى أسبوع باستخدام أساليب البحث السوقي التقليدية. بعد ذلك، عمل فريق التسويق على توسيق نطاق هذه المعلومات من خلال تبني أساليب بحثية أخرى مثل الدراسات الإثنوغرافية (وصف الأعراق البشرية) واليوميات الرقمية.
علاوة على ذلك، لجأ الباحثون والمصممون إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي لتحسين عملية تطوير المنتجات. وعادةً ما يستغرق مصمم المنتجات الصناعية من سبعة إلى عشرة أيام لابتكار مفهوم متكامل لمشروب جديد يشمل تصميم الشكل والنكهة والتعبئة. ونجحت الشركة في تطوير 30 مفهومًا تفصيليًا للمشروبات في يوم واحد فقط من خلال استخدام أداة الذكاء الاصطناعي التوليدي التي تحول النصوص إلى صور. وأتاحت هذه المفاهيم لفريق التسويق إجراء اختبارات سريعة مع العملاء بهدف جمع معلومات كافية في مرحلة مبكرة، وهو ما ساعد الشركة على تحديد الأفكار التي يجب تطويرها. وفي النهاية، أتاح الذكاء الاصطناعي التوليدي للشركة الانتهاء من تنفيذ مهمة كانت تستغرق عامًا كاملاً خلال شهر واحد فقط.
تحديث آليات التسويق بواسطة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي
بالإضافة إلى توظيف الشركات لأدوات التسويق الجاهزة وتطوير الحلول المصممة خصيصًا، من المهم أن تفكر هذه الشركات في تأثير الذكاء الاصطناعي، وكيف ستتطور وظائف التسويق على المدى الطويل في ظل استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي. وفي هذا المستقبل الذي يهيمن عليه التحول التكنولوجي، يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي أن يدعم تقريبًا جميع الأنشطة التسويقية. على سبيل المثال، يمكن للمسوقين البدء في كتابة النصوص الترويجية من خلال الاستعانة بالمسودات التي يولدها الذكاء الاصطناعي أو إجراء الأبحاث التسويقية عن طريق الاعتماد على الذكاء الاصطناعي التوليدي في جمع البيانات من مختلف المصادر. مع ذلك، وبالرغم من الإمكانات الهائلة للابتكار في مجال التسويق بفضل تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي، يجب وضع ضوابط صارمة لحماية البيانات الشخصية ومنع الاستخدام غير القانوني للمواد المحمية بحقوق الطبع والنشر، وتقليل المخاطر الأخرى.
وفي المستقبل المدعوم بالذكاء الاصطناعي التوليدي، سوف تتجه الأنظار نحو تقديم تجارب استثنائية ومتميزة للعملاء، والتي من شأنها أن تساهم بشكل كبير في النمو. على سبيل المثال، يمكن للشركات إطلاق حملات تسويقية عبر البريد الإلكتروني تتضمن آلاف التجارب الشخصية للعملاء أو استخدام برامج الدردشة الآلية في مجال مستحضرات التجميل لمعرفة أهداف العملاء وتقديم تجارب شخصية مخصصة لهم. كما يمكن تصميم خطط غذائية مفصلة تتناسب مع عادات كل أسرة وقيودها الغذائية. ويتطلب بناء هذا المستقبل جهودًا مبتكرة لتصور حالات الاستخدام التي تركز بشكل مباشر على احتياجات العملاء من أجل تحقيق تجربة عملاء مميزة وشخصية تفوق كافة التوقعات.
ورغم أننا لا نزال في بداية عصر الذكاء الاصطناعي التوليدي ولا يمكننا تحديد كيف سيتطور مستقبل الذكاء الاصطناعي بدقة، إلا أننا ندرك أن ثورة الذكاء الاصطناعي التوليدي وشيكة. وإليكم بعض الاستراتيجيات التي يمكن للشركات اتباعها لضمان عدم تخلفها عن هذا التحول الهائل:
- لكي تستعد الشركات لمستقبل التسويق المدعوم بالذكاء الاصطناعي التوليدي، من الضروري أولاً خلق رؤية واضحة وطويلة المدى وخريطة طريق شاملة. واستنادًا إلى السياق الخاص بكل شركة، يمكن للمسوقين خلق رؤية بشأن مستقبل التسويق المدعوم بالذكاء الاصطناعي التوليدي من أجل التعامل مع المهام الشاقة والمكلفة. وتتطلب هذه المهمة مراعاة المبادئ التوجيهية للمؤسسة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي المسؤول. ومن هذا المنطلق، يمكن للمسوقين وضع خطط بشأن المجالات الأكثر أهمية للاستثمار، مع الأخذ بعين الاعتبار القدرات الخاصة بشركتهم والمنافسة في السوق واحتياجات العملاء. ومن المهم أيضًا أن يضمن قادة التسويق التنسيق الكامل داخل الشركة بشأن المجالات التي تُعطي الأولوية في استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي. وأخيرًا، ينبغي أن تشمل خريطة الطريق استراتيجية لتعليم الموظفين وتدريبهم، بالإضافة إلى خطة شاملة للتواصل داخل المؤسسة لضمان تحرك جميع الأفراد بانسجام نحو تحقيق هذه الرؤية.
- لكي تضمن الشركات نجاح استراتيجيتها في الذكاء الاصطناعي التوليدي، يجب عليها تشكيل فريق عمل متخصص مكون من ثلاثة أقسام رئيسية. أولاً، يتضمن القسم الأول مكتب عمل مسؤول عن اقتناء الاستراتيجية وتنسيقها وتنفيذ المبادرات. بعد ذلك يأتي القسم الثاني الذي يتضمن فرق متعددة الوظائف مهمتها تحديد حالات الاستخدام المحددة والبدء في تنفيذها. أما القسم الثالث، فهو يضم الفريق التقني، حيث يعمل على ضمان وجود منصة مستقرة وآمنة تسمح بتطوير حالات الاستخدام وتنفيذها بفعالية. ومن خلال تطبيق هذا النموذج المنظّم، تضمن الشركات تشكيل فريق عمل قادر على تحقيق أقصى استفادة من الذكاء الاصطناعي التوليدي بطريقة متكاملة وفعالة.
- لتحقيق مكاسب سريعة، من الضروري التركيز أولاً على حالات الاستخدام ذات الأولوية والبسيطة، حيث يسهل تطبيق أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي المتاحة. ابدأ بتحديد المجالات التي يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي أن يحقق أكبر استفادة فيها، وتعرّف على المهارات والمواهب اللازمة لدعم هذه القدرات. إلى جانب ذلك، يجب تحديد متطلبات نموذج التشغيل المناسب لتوسيع النطاق بفاعلية. كما يُعد إعداد ملخص بشأن التصميم خطوة مهمة لتوضيح الفوائد التي يقدمها الحل للمستخدم وتفاصيل حالة الاستخدام. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تتضمن خطة البناء المتطلبات التقنية والنماذج الأولية واتخاذ القرارات المتعلقة بالبناء والشراء وتحليل الشركاء. وسوف تساعد هذه الخطوات في تحقيق نتائج سريعة وفعالة.
يمكن لقادة تسويق الذكاء الاصطناعي التوليدي الشروع في إنشاء حالات استخدام ذات قيمة عالية. وغالبًا ما تكون هذه الحالات معقدة وتتطلب إدخال تعديلات دقيقة على النماذج الأساسية للذكاء الاصطناعي التوليدي بدلًا من الاعتماد على الحلول الجاهزة. ويشمل هذا إجراء تحسينات كبيرة على المسودات الأولية للحلول. ويكمن أحد التحديات الرئيسية في تحديد الآلية المناسبة لتوسيع النطاق. وفي البداية، يجب ضمان إرساء أساس للملكية المشتركة بين الفرق التقنية والإدارية نظرًا لدورهما الحيوي. تلي ذلك مرحلة الاختبار المستمر والتكرار لحالات الاستخدام، مع الأخذ بعين الاعتبار تعليقات المستخدمين لتوجيه عمليات النشر والتوسع المستقبلية.
وفي ضوء تبني هذا النهج ثلاثي المستويات في استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي في مجال التسويق والذي يشمل استخدام برامج الذكاء الاصطناعي التوليدي الجاهزة وتطوير حلول الذكاء الاصطناعي التوليدي المخصصة وإجراء التحولات الشاملة بواسطة الذكاء الاصطناعي، يمكن للشركات فتح آفاق جديدة للاستفادة من إمكانيات هذه التكنولوجيا. ويساهم هذا النهج في تعزيز الكفاءة والفعالية والإبداع. وهنا الجدول الزمني المحتمل للشروع في تنفيذ هذه الخطوات:
- خلال الأسابيع الستة الأولى: ينبغي على الفريق تطوير خريطة طريق تجريبية تركز على تحديد حالات الاستخدام المناسبة. كما يجب تقييم القدرات التقنية المتاحة حاليًا والعوامل المساعدة لهذه التقنيات على المدى القصير. ويتضمن أيضًا تحديد الفريق المناسب والنموذج التشغيلي، بالإضافة إلى التعرف على المخاطر المحتملة وكيفية مواجهتها.
- خلال الأشهر الثلاثة الأولى: يجب إنشاء "غرفة الفوز" المخصصة للذكاء الاصطناعي التوليدي وذلك لتحديد حالات الاستخدام ذات الأولوية وتطوير خريطة الطريق وتحديثها وإدخال البيانات في أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدي، إلى جانب صياغة استراتيجيات تهدف إلى تقليل المخاطر. كما ينبغي إجراء عمليات التدقيق لضمان استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي على نحو مسؤول وأخلاقي.
- خلال الأشهر الستة الأولى: ينبغي للشركات تطوير استراتيجية طويلة المدى للذكاء الاصطناعي. وتشمل هذه الاستراتيجية تقييم التأثير العام للذكاء الاصطناعي التوليدي وإدارة التغييرات، وضمان مدى قابلية النظام للتطور. كما يتطلب ذلك تعديل نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي لتحسين الرسائل التسويقية والبدء في دمج الذكاء الاصطناعي التوليدي مع أنظمة التسويق الحالية للشركة.
بعد مرور عدة أشهر، نتطلع إلى توفير مجموعة من الحالات العامة والديمقراطية للمسوقين، التي يمكنهم الرجوع إليها واستخلاص الدروس منها. ذلك باستخدام أتمتة سير العمل وتقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي لتسريع وتحسين وتبسيط رحلاتهم في الحملات التسويقية.