نقرأ كل يوم عناوين عريضة تعكس تصاعد المخاوف الاقتصادية: معدلات التضخم في أعلى مستوياتها منذ سبعينيات القرن الماضي؛ البنوك المركزية ترفع أسعار الفائدة بسرعة؛ إقبال المستهلكين ينخفض إلى مستويات غير مسبوقة؛ أسعار السلع تقترب من معدلات قياسية. وحاليًا ألقى التضخم بظلاله على المزاج الاقتصادي، وأعاد رسم مسارات الاقتصادات العالمية والمحلية في جميع أنحاء العالم خلال الأعوام المقبلة، ما دفع خبراء ماكنزي لدراسة العديد من التبعات الاستراتيجية للتضخم، مع التركيز على استخدام أحدث وأفضل البيانات المتوفرة بشكل عام لتقديم سبعة رسومات بيانية توضح تفاقم التضخم بشكل تدريجي.
المزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية
شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية
استجابة الجهات المعنية الرئيسية. استجابت البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم لمعدلات التضخم المقلقة عن طريق زيادة أسعار الفائدة الأساسية، غير أن هذه الزيادة ماتزال عاجزة عن مواكبة وتيرة ارتفاع معدلات التضخم في العديد من الدول.
وتشير التوقعات إلى مساهمة رفع أسعار الفائدة في تراجع حدة الطلب وخفض الأسعار في اثنين من أبرز مكونات التضخم وهما قطاعا الإسكان والسلع مثل الطاقة والمعادن.
أزمةٌ غذائيةٌ تلوح في الأفق. أدى ارتفاع أسعار الأسمدة، وغيره من تبعات الحرب الروسية الأوكرانية، إلى ارتفاع أسعار السلع الغذائية الرئيسية بشكل أكبر. وبلغت أسعار الأغذية في عام 2021 أعلى مستوياتها منذ إطلاق مؤشّر مكتب الأغذية والزراعة التابع للأمم المتحدة. وبلغت الأسعار اليوم مستويات أعلى بكثير من الزيادة المسجلة في عامي 2008 و2011، التي سرّعت وتيرتها الاضطرابات الناتجة عن الأزمة المالية العالمية. وبعد عقد واحد اعتدلت الأسعار بشكل ملحوظ، ولكنها عادت لترتفع بقوّة في عام 2021، بسبب الاضطرابات في سلسلة التوريد والجفاف وغيرها من العوامل ذات الصلة. كما أدت الحرب الروسية الأوكرانية إلى وصول أسعار المواد الغذائية إلى مستوى غير مسبوق.
تآكل الأجور. ننتقل من عوامل التضخم إلى اثنين من أبرز تأثيراته على الاقتصاد العالمي بدءًا من الأجور، حيث بقيت الأجور الفعلية ثابتة لسنوات عديدة في أضخم اقتصادات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وسجلت الأجور الفعلية ارتفاعًا ملموسًا قبل الجائحة الصحية مباشرةً، ما أدى إلى تضييق أسواق العمل ومنح الموظفين الأفضلية في المفاوضات، ثم جاءت الأزمة لتغير هذه المعادلة.
وبدأت الأجور الفعلية بعدها بالارتفاع مُجددًا مع استقرار الاقتصادات وانتعاشها. ولكن تفاقم معدلات التضخم كبح هذا النمو وأدى إلى تقليص القدرة الشرائية وصافي الراتب المقبوض. وشهدت المملكة المتحدة انخفاض التعويضات الفعلية بنسبة 8% على أساس سنوي.
آفاق محدودة للنمو. يبرز الخطر في استمرار التضخم واضطرار البنوك المركزية إلى رفع أسعار الفائدة بشدة للحد من الطلب، في ضوء ارتفاع الأسعار دون أي مؤشرات على تراجعها. ودفع ذلك العديد من المحللين إلى خفض توقعاتهم حول النمو الاقتصادي. كما خفّض تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الصادر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية توقعاته حول معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في تركيا بنسبة 8 نقطة مئوية عن التوقعات السابقة، على غرار الأرجنتين. كما انخفضت التوقعات في المملكة المتحدة اليوم بواقع 7.4 نقطة مئوية. وأدى ارتفاع الطلب على النفط عن زيادة قدرها 6 نقاط مئوية في توقعات معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في المملكة العربية السعودية.