كيفية تحقيق أكبر قيمة للعملاء عبر دمج برامج الولاء والتسعير

| مقالة

ملاحظة: إننا نبذل قصارى جهدنا للحفاظ على جميع التفاصيل الدقيقة عند ترجمة المقالة الإنجليزية الأصلية، ونعتذر عن أي جزئية مفقودة في الترجمة قد تلاحظونها من حين لآخر. نرحب بتعليقاتكم على البريد الإلكتروني التالي reader_input@mckinsey.com

لقد كشف عام 2024 أنه سيكون عامًا آخر مليء بالتحديات للمنظومة التجارية ككل بما في ذلك المستهلكين والشركات والعلامات التجارية، وحتى تجار التجزئة. فعلى سبيل المثال، يُعد التغير المتزايد في عادات المستهلكين أحد أهم التحديات التي تفرض نفسها على الأسواق في الآونة الأخيرة، خاصةً بعد فترةٍ بلغت فيها معدلات التضخم مستوياتٍ قياسية، إلى جانب التخوف من الدخول في فترات ركودٍ جديدة، مما أدى بالمستهلكين إلى زيادة معدلات الإنفاق الاستهلاكي. وتخصيص ميزانياتهم للضروريات، مع اتجاههم لخفض الإنفاق على المنتجات ذات القيمة المرتفعة، ومطالبتهم بالمزيد من الخدمات والمنتجات من تجار التجزئة المفضلين لديهم.

إن هذه التحديات والتقلبات الحادة التي تشهدها منظومة الأعمال تمثل عبئًا كبيرًا على الشركات وتدفعها نحو التشكك في قدرتها على تحقيق معدلات النمو المرجوة، ولكي تتمكن الشركات من مواجهة هذه التحديات، خاصةً ما يتعلق منها بالمخزون السلعي والتسعير وأسعار الفائدة، وغيرها من التحديات الأخرى، عليها أن تتخذ إجراءاتٍ إضافية تضمن لها الاستمرار والمنافسة في الأسواق التي تعمل بها، يأتي ذلك عن طريق تقديم سلعٍ توفر القيمة التي يبحث عنها العملاء بما يناسبهم، مع ضمان تحقيق الهوامش الربحية المستهدفة.

ويمكن للشركات تحقيق هذه المهمة المزدوجة من خلال اعتماد نهجٍ يعتمد على دمج تكتيكات الولاء واستراتيجيات التسعير معًا، عبر تقديم نماذج مخصصة تناسب كل عميلٍ على حدة، مع الحرص على تعزيز القيمة الشاملة المقدمة لهؤلاء العملاء.

وبالرغم من أن غالبية الشركات تمتلك من الوسائل ما يمكّنها من تلبية احتياجات العملاء وتطلعاتهم في الحصول على القيمة التي يبحثون عنها، سواءً كان ذلك من خلال برامج الولاء والتسعير المناسب (إلى جانب تقديم عروضٍ ترويجيةٍ منافسة)، إلا أن عددًا محدودًا فقط من هذه الشركات هم من ينجحون في وضع استراتيجيةٍ شاملة يستخدمون فيها كافة الوسائل لتوفير تجربة شراءٍ متكاملة لعملائهم. إن عدم اعتماد اقتراحٍ موحدٍ للقيمة قد يُقوض من تجربة العميل ويُنذر بفشلها. وقد يؤدي هذا الأمر في النهاية إلى تراجع نسبة إقبال المستهلكين على التسوق، أو تحولهم نحو إنفاقٍ أقل خلال عملية التسوق، أو حتى التحول لتجربة منافسين آخرين، وهو ما ينعكس سلبًا على الاستثمارات والخطط الترويجية وبرامج الولاء، مما يُنتج في النهاية هوامشٍ ربحيةٍ أقل مما هو مستهدف.

المزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية

شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية

تصفح المجموعة

إن توفير قيمةٍ متكاملةٍ وشاملة للعملاء من خلال معادلةٍ متماسكة تضم استراتيجيات التسعير وبرامج الولاء، يمكن أن تكون خطوةً رئيسية تدفع بالشركات التي تتعامل بشكلٍ مباشرٍ مع العملاء نحو مستوياتٍ جديدةٍ من النمو والازدهار.

في هذا المقال، سنستكشف كيف يمكن للشركات أن تستفيد من نهج تحقيق القيمة الشاملة للعملاء، وسنُسلّط الضوء على أهم العقبات التي واجهتنا بالفعل خلال العمل على هذه المهمة، كما سنلقي أيضًا نظرةً متعمقةً بعض الشيء حول كيفية بدء المؤسسات في أخذ خطواتٍ فعالة للتغلب على تلك العقبات.

مستوياتٍ مختلفةٍ من الفرص

في البداية يجب الالتفات إلى وجود مجموعةٍ من المستويات المختلفة والمتدرجة، والتي يمكن من خلالها تحقيق مقترح القيمة الشاملة المقدمة للعميل، تمامًا كما هو الحال فيما يتعلق ببرامج الولاء. وفيما يلي سنستكشف معًا بعض الفرص المحتملة من خلال ثلاثة مستوياتٍ: هي البرونزيّ والفضيّ، وأخيرًا الذهبيّ. علمًا بأن مقدار القيمة التي يقدمها كل مستوىً يختلف عن الآخر، ويتدرج من الأقل إلى الأعلى، وكلما ارتفع مستوى القيمة زادت صعوبة تفعيل الأفكار والنظريات المتعلقة به مقارنةً بالمستوى الأدنى منه.

الفرصة البرونزية: بناء قاعدةٍ أكبر من العملاء اعتمادًا على مزايا التسعير

تستطيع الشركات في بداية طريقها أن تعتمد على سياسات التسعير المناسب والمحفز على الشراء لجذب وتوسيع قاعدة عملائها ودعم برامج الولاء لديها.

إن برامج الولاء بمفردها يمكن أن تكون أدواتٍ مفيدة لــ تعزيز التفاعل طويل الأمد، ودعم استراتيجيات الاحتفاظ بالعملاء. كما يمكن الاعتماد أيضًا على التسعير كوسيلةٍ فعالة لتحسين وتوسيع نطاق برامج الولاء، وذلك من خلال منح هذه البرامج آلياتٍ وتكتيكاتٍ جديدة لتقديم قيمةٍ ملموسةٍ لعملائها. وهو ما يعكس أهمية وقيمة التكامل بين التسعير وبرامج الولاء.

إن عادةً ما يكون أقصر طريقٍ للاستفادة من تحقيق التكامل بين التسعير وبرامج الولاء هو تقديم عروضٍ ترويجيةٍ (مثل الخصومات النقدية أو النسبية) بشكلٍ حصري لأعضاء برنامج الولاء، خاصةً وأن العوائد المباشرة من برامج الولاء عادةً ما تكون واضحة بشكلٍ جلي، وبالتالي نستطيع أن نلمس مدى فعّالية التسعير الجيد على جذب عملاء جُدد وتشجيعهم على الانضمام لمثل هذه البرامج، وبمجرد أن يشعروا بتلك الفوائد سيتحولون على الأغلب إلى عملاء مخلصين، بما يضمن تكرار عملياتهم الشرائية وزيادة حجمها.

في عام 2005 أطلقت شركة "أمازون" لأول مرة برنامج "Prime"، وحينها وفرت لعملائها من خلاله مزيّة الشحن المجانيّ للأعضاء الذين كانوا على استعدادٍ تام لدفع رسومٍ سنوية بشكلٍ ثابت. بالإضافة لاستغلالها للتسعير المفضل للأعضاء الموالين لها كحافزٍ لإطلاق "Prime Day" في عام 2015. وهو حدثٌ تقدّم فيه الشركة مجموعةً من العروض الحصرية لأعضاء برنامج "Amazon Prime"، وبفضل هذا الإجراء فقد حققت الشركة مبيعاتٍ قُدرت بحوالي مليار دولار خلال العام الأول لإطلاق "Prime Day". وفي عام عام 2023، قفزت مبيعات الشركة في هذا اليوم إلى حوالي 13 مليار دولار، وجاءت تقديرات المحللين فيما بعد لترصد زيادةً إضافية بقيمة 5 مليارات دولار في إجمالي إيرادات أمازون بفضل ذلك البرنامج. لذلك يُعد "Amazon Prime" أحد أفضل الأمثلة على مزايا التسعير التي تعزز من الولاء.

وبمرور الوقت، قامت أمازون بإضافة المزيد من المزايا على عضوية "Prime"، كالتوصيل في غضون ساعتين وذلك عن طريق خدمة "Prime Now"، وكذلك إمكانية الحصول على كتبٍ إلكترونيةٍ مجانية من خلال "Prime Reading". مما أدى إلى زيادة قاعدة أعضاء البرنامج بشكلٍ مذهل. وليس أدل على النجاح الكبير الذي حققته استراتيجية أمازون في دمج التسعير والولاء من أن حجم أعضاء برنامج "Amazon Prime" داخل الولايات المتحدة بلغ حتى عام 2023 أكثر من 75 في المائة من إجمالي الأسر الأمريكية، وهؤلاء الأعضاء قد تجاوز إنفاقهم أربع مراتٍ ما ينفقه غيرهم من غير الأعضاء على مدار حياتهم، وهو ما يثبت النجاح الساحق لهذه الاستراتيجية.

الفرصة الفضية: استخدام مزايا التسعير لتحفيز تغيير سلوك العملاء.

إن باستطاعة التجار استغلال مزايا التسعير بشكلٍ فعّال لتعزيز وتوسيع نطاق برامج الولاء الخاصة بهم، إذ يمكنهم عبر تقديم حوافز تسعيريةٍ أفضل تغيير الأنماط الشرائية للعملاء وزيادة ولائهم، مثل "المزايا النقدية" -وهي نوعٌ من الحوافز التي توفرها الشركات لعملائها لتتيح لهم الاستفادة من قيمة مالية إضافية سواءً عن طريق تجميع النقاط لاستبدالها بمنتجاتٍ أو خدماتٍ أخرى، والتي من الممكن أن تحسن من القيمة المضافة التي يوفرها العملاء للشركة على المدى الطويل وبشكلٍ أكثر فعّالية من التخفيضات التقليدية المقصود بها تخفيضاتٌ مباشرة في الأسعار.

لقد أثبتت العروض المتعلقة بالولاء فعّاليتها بشكلٍ أكبر من النهج التقليدي من حيث توفير قيمةٍ تكميليةٍ طويلة الأمد لبعض العملاء. فبدلاً من التخفيضات النقدية التقليدية، لجأت بعض الشركات لاعتماد نظام العملات المبنية على تجميع النقاط. وقد أحرزت الشركات من خلال هذا النظام نجاحًا ملموسًا على مستوى زيادة الولاء لدى العملاء، حيث ساهم في تحفيز الكثير من العملاء على مزيدٍ من عمليات الشراء، والمشاركة المتزايدة، وتعزيز الانتقال بين مستويات الولاء داخل نظام التجزئة، وتشجيع العملاء المخلصين الحاليين على الوصول إلى مستوياتٍ أعلى في برامج الولاء. إن تحقيق هذا الأمر يتطلب جمع البيانات وتحليلها بشكلٍ دقيق لفهم القيمة المتزايدة واستثمار هذه النقاط لضمان المشاركة المستمرة من جهة العملاء مع الحفاظ على الهوامش الربحية للشركة.

وبالرغم من الفوائد الكُبرى لاستراتيجية دمج أدوات التسعير ببرامج الولاء وما توفره من تحقيقٍ للقيمة الشاملة للعملاء، إلا أن هذا النهج غير شائعٍ بدرجةٍ كبيرة في عالم البيع بالتجزئة. فعادةً ما يتم التركيز على استخدام آليات التسعير والترويج بغرض جذب المزيد من العملاء الجُدد كوسيلةٍ لتحقيق المبيعات بدلًا من استخدامها في دعم برامج الولاء التي تستهدف زيادة وتعزيز مبيعات العملاء المتواجدين بالفعل. ومع ذلك، فإن شركات الطيران الكبرى تعد استثناءً واضحًا من هذه القاعدة. خاصةً تلك التي دأبت لسنواتٍ على تقديم العديد من المزايا والمكافآت لعملائها المميزين الذين يُظهرون ولاءً لها وينفقون مبالغ طائلة على أسفارهم المتكررة. وتشمل هذه المزايا على سبيل المثال: "مكافآت الأميال المُحسّنة" والمقصود بها إعطاء العملاء أميالًا إضافية ونقاط عند قيامهم بالإنفاق على رحلات السفر أو حتى في متاجر أو فنادق بعينها، و"خدمة الترقيات" المقصود بها انتقال العميل إلى درجةٍ أعلى من التي قام بحجزها أثناء سفره، والحصول على حقائب مجانية، بالإضافة إلى مزايا أخرى كالجلوس في الأماكن المفضلة والخصومات الكبيرة في الأسعار خاصةً للأعضاء المميزين والذين بدورهم ينفقون مبالغ أكثر من غيرهم. ولقد ساعدت هذه الاستراتيجية في الحفاظ على ولاء العملاء داخل نظام الأميال المحسّنة، بل أنها شجّعتهم بالفعل على التقدم في مستويات الولاء لتحقيق المزيد من المزايا والفوائد القائمة على التسعير.

في بعض الأحيان، وكما ذكرنا سابقًا فإن بعض شركات الطيران قد تُقدم على توفير عروضٍ بأسعار خاصة لأعضاء برامج الولاء من ذوي المستويات المرتفعة في الإنفاق. فعلى سبيل المثال، قد يلاحظ هؤلاء الأعضاء أحيانًا أن هناك تخفيضاتٌ في أسعار بعض الرحلات التي لا يمكن الحصول عليها إلا من خلال عضويتهم في البرنامج. كما أن شركات الطيران قد لا تقوم أيضَا بالترويج لهذه العروض بشكلٍ علني، حتى تحتفظ بالمرونة في تحديد وقت وكيفية تقديم هذه العروض المخفضة. ومن خلال هذه الأداة واستخدامها بشكلٍ هادئ يتم تشجيع الأعضاء على الطيران بشكلٍ أكثر تكرارًا. وتعتبر هذه المزايا والعروض عاملًا مرجحًا يعزز من ولاء العملاء للشركة، مما يؤدي لاحتفاظها بهم على المدى البعيد، وهو ما تطمح إليه شركات الطيران في سوقٍ يزخر بالمنافسين.

الفرصة الذهبية: دمج برامج الولاء والتسعير معًا لخلق قيمةٍ جديدة للعملاء من خلال التخصيص

إن الفرصة الذهبية تكمُن في التأثير المتميز الذي يُحدثه دمج وتكامل استراتيجيات التسعير مع برامج الولاء. إذ يقدّم هذا النهج تجربة تسوّقٍ شخصية بالكامل، تحتوي على العديد من المزايا للأعضاء، مع عروضٍ ترويجيةٍ تم تصميمها خصيصًا لتلبية احتياجاتهم وتفضيلاتهم الشخصية، مع وسائل تسويقية مبتكرة.

عادةً، ما تقوم الشركات بتجربة التخصيص والتي تعتمد في الأصل على استخدام بيانات الولاء وبعض المعلومات الخاصة بكل عميل، ودراستها بشكلٍ متعمق لتتمكن الشركة من تلبية احتياجات وتفضيلات هؤلاء العملاء بشكلٍ مباشر (مثل تحديد هوية العميل، وأنماط الشراء، وتفضيلات التسوق)، بالإضافة إلى بعض المعلومات الهامة الأخرى كأدوات التسعير والعروض الترويجية (كالتخفيضات والفعّاليات الخاصة بالمتاجر مثلًا). ومن خلال دراستنا المتعمقة لهذا الموضوع، فقد لاحظنا تحقيق أداءٍ لافتٍ عند دمج كل هذه العناصر معًا في استراتيجيةٍ واحدة متكاملة. فبالنسبة للشركات التي تطبق برامج تجريبية، رأينا تحسُنًا في هامش الربح الإجمالي لها بالدولار بنسبةٍ تتراوح بين اثنين إلى أربع نقاطٍ مئوية، وذلك اعتمادًا على تجارب التسويق الشخصية (مثل الصور والنصوص ورسائل البريد الإلكتروني المخصصة لكل عميل، استنادًا إلى سجل الشراء الخاص به) وعروض التسعير (مثل تقديم خصوماتٍ أكبر للأعضاء الموالين الذين يتمتعون بأعلى مستوى من الولاء)، بالمقارنة مع العروض والتجارب القياسية الشاملة. إن هذه الاستراتيجية تعزز من فهم الشركات لاحتياجات وتفضيلات العملاء بشكلٍ فردي، ليتم تصنيفهم بناءً على ذلك إلى فئاتٍ مختلفة بشكلٍ متدرج من الأعلى إلى الأدنى، وذلك حتى تتمكن الشركات من تطبيق الاستراتيجية المناسبة لكل فئةٍ على حدة، مع المُداومة على تطوير تلك الاستراتيجيات بشكلٍ مستمر لتحسين تجربة العملاء وزيادة رضاهم ووفائهم للشركة.

ومن خلال دراستنا المتعمقة لأفضل الاستراتيجيات التي يجب أن تتبعها الشركات لتعزيز معدلات نموها عبر الدمج بين برامج الولاء وأدوات التسعير، فقد وجدنا أنه يمكن تحقيق أفضل النتائج عن طريق استخدام الرسائل والعروض المخصصة لفئاتٍ معينة من المستهلكين جنبًا إلى جنب مع الاتصالات أو الأنشطة التي تخاطب المستهلكين بشكلٍ عام ودون تمييزٍ لفئة بعينها، ذلك باعتبارها جزءًا من استراتيجية تحسين الأداء. إن أفضل التجار هُم فقط من ينجحون في جذب اهتمام العملاء باستمرار من خلال إحداث حالةٍ من التوازن بين تجارب البيع المخصصة والتجارب الشاملة. كما أن الحفاظ على هذه الحالة عبر المناسبات المختلفة يُعد أمرًا حاسمًا لنجاح التجربة (مثل الاستمرار في الاستراتيجيات الشاملة خلال الأحداث ذات الحصة السوقية الكبيرة مثل "الجمعة السوداء"). وبهذه الطريقة يمكن للشركات تحقيق الأداء الأمثل للعلامة التجارية من ناحيةٍ والحصول على رضا العملاء من ناحيةٍ أخرى.

إن أكثر ما يثير الإعجاب والتحدي في استراتيجية التخصيص تلك، هو أنها تمنح العميل ما يريده في أي لحظة. فقد يظهر ذلك على هيئة تقديم قسائم شرائية بنسبة خصمٍ قد تصل إلى 25 في المائة خلال عطلة نهاية الأسبوع للاحتفال بمناسبةٍ وطنيةٍ معينة كذكرى اليوم الوطني الأمريكي على سبيل المثال، أو في صورة رسالةٍ شخصية للاحتفال بالذكرى السنوية لبرنامج الولاء، أو عن طريق تقديم رسائل أو عروضٍ جماعيةٍ لـ "الجمعة السوداء". وقد تلجأ الشركات لتغيير هذه الاستراتيجية في العام التالي.

وينبغي على التجار إدراك أن مفتاح النجاح يتمحور حول العمل على تغيير استراتيجيات الترويج بشكلٍ مستمر، لذلك يجب أن يكونوا مستعدين لإضافة تكتيكاتٍ وخططٍ جديدة بشكلٍ دائم، ذلك إن أرادوا بالفعل جذب اهتمام العملاء.

تحديات الوصول إلى "الفرصة الذهبية"

بالرغم من أن بعض المؤسسات قد نجحت في بدء دمج برامج الولاء واستراتيجيات التسعير، غير أن هذا الأمر لا يُعد شائعًا حتى الآن بالقدر الكاف. وتوجد هناك أمثلةٌ على التطبيق الفعلي لهذا المفهوم، ولكنها قليلةٌ نسبيًا، وبوجهٍ عام فإن أغلبية الشركات لم تتعامل مع هذا النهج بشكلٍ متعمق. أما بالنسبة للشركات التي أحرزت تقدمًا فعليًا، فلا يزال أمامها المزيد من التحديات التي يجب أن تواجهها حتى تتمكن من تحقيق أقصى قدرٍ من التأثير والقيمة.

إن الشركات التي تكافح من أجل تحقيق التكامل بين برامج الولاء واستراتيجيات التسعير تواجه العديد من التحديات، ويرجع السبب في ذلك إلى عدة عوامل منها عدم وجود تنسيقٍ وترابطٍ بين أقسام الشركة المختلفة، مما يخلق صعوباتٍ بالغة في تبادل المعلومات ومن ثم تتشتت الرؤية الاستراتيجية، مما يؤدي إلى عدم القدرة على تحقيق التميز. إلى جانب عدم توافر القدرات اللازمة لتحليل البيانات بشكلٍ فعال، وفهم الاتجاهات والسلوكيات التي تؤثر على استجابة العملاء لبرامج الولاء والتسعير، بالإضافة لعدم امتلاك هذه الشركات للأدوات التكنولوجية اللازمة لتنفيذ وإدارة التكامل بين هذه البرامج بشكلٍ جيد. ومن خلال دراستنا للشركات التي نجحت في تجاوز هذه الصعوبات، فقد قمنا بتحديد أكبر ثلاث تحديات يمكن أن تواجهها الشركات التي تتعامل مباشرةً مع المستهلكين خلال تلك الرحلة.

التنسيق بين الفرق الوظيفية متعددة التخصصات لبناء أساليب عمل جديدة

إن من أهم الإجراءات التي يجب على الشركات اتباعها لتحقيق الأهداف المرجوة من دمج وظائف الولاء والتسعير معًا هو الجمع بين الرؤية التسويقية والتي تركز على بناء علاقاتٍ وثيقةٍ مع العملاء لزيادة ولائهم، مع الرؤية التجارية المعنية بشكلٍ رئيسي بالمنتج نفسه- من ناحية تحديد السعر المناسب له وإدارة الأرباح وما إلى ذلك-، وبالرغم مما كان متبعًا في الماضي من بقاء كل وجهة نظرٍ منهما بمعزلٍ عن الآخرى، إلا أن بعض الإدارات العُليا في عددٍ من الشركات وعلى سبيل الاستثناء قد بدأت بالعمل على التنسيق بين هذه الرؤى ولكن بشكلٍ محدود وتقتصر على بعض المبادرات المحددة فقط. ولذلك حتى تحقق الشركات المزايا الكاملة من عملية دمج برامج الولاء مع استراتيجيات التسعير، يتعين على فرق العمل بها مواصلة التنسيق فيما بينها بشكلٍ فعال وتحت إشرافٍ وتوجيهٍ من المدراء التنفيذيين بالشركة.

ولكن يظل هناك تحدٍ آخر لا يقل أهميةً عن دمج وجهتي النظر التسويقية والتجارية، وهو كيف تتحول طريقة التفكير التي تعمل بها فرق العمل من تلك الطريقة التقليدية المعنية بالتركيز على العلامة التجارية إلى أساليبٍ أخرى مخصصةٍ للعملاء تستند إلى احتياجاتهم بشكلٍ أساسيّ.

ولعل أفضل وسيلةٍ لتحقيق هذا الهدف، هي وضع استراتيجيةٍ واحدة تجمع بين المنظور التسويقي والتجاري معًا، بحيث تسمح بتوحيد المفاهيم وعمل التقارير ووضع الخطط اللازمة لدمج برامج الولاء وأدوات التسعير في إطارٍ استثماريٍ شامل، وفي الوقت نفسه تعمل على تقليل الفجوات الوظيفية في تلك المؤسسات التي تتبع أساليب العمل والأدوات والاستراتيجيات التقليدية.

بناء القدرات التحليلية والتقنية لتعزيز عملية اتخاذ القرارات المحسّنة

إن تعزيز عملية اتخاذ القرارات المحسّنة أمرٌ يتطلب تطوير القدرات التحليلية والتقنية. وهنا يواجهنا العائق الثاني، والذي يتمثل في نقص الأدوات والنماذج التحليلية العميقة اللازمة لإتمام عمليات البحث التي تساعدنا في تحديد أفضل الفرص المتاحة لخلق قيمةٍ إضافيةٍ للعملاء عبر مستويات الفرص الثلاثة - البرونزية والفضية والذهبية - مما يجعل من الصعب جدًا تقييم تأثير برامج الولاء والتسعير المتكاملة بشكلٍ كاف، وللتغلب على هذا العائق يجب على الشركات اتباع مجموعةٍ من الخطوات، أولها هو تأسيس قاعدة بياناتٍ قوية وموثوقة يمكن الاعتماد عليها في إنشاء نماذج جديدة لاستراتيجيات التسعير المعتمدة على الولاء والتخصيص، ويتطلب ذلك الأمر استكشافًا متعمقًا لأنظمة البيانات القديمة، وغالبًا ما يستلزم ذلك أيضًا وضع مقاييس ومعايير جديدة لكلٍ من الأعمال والعملاء، مثل درجات الاستعداد القائمة على المرونة، والتي يتحتم تحديثها بانتظام.

وبعد الانتهاء من عملية تأسيس قاعدة البيانات، تأتي الخطوة الثانية وهي قيام فريق العمل بمجموعةٍ من الإجراءات التي تستهدف ضمان التحقق من جودة البيانات ودقّتها. إن هذه الخطوة وعلى الرغم من أهميتها إلا أن أغلب الشركات لا توليها القدر الكافي من الاهتمام. وبمجرد إنشاء وفحص قاعدة البيانات، تبدأ فرق العمل في بناء نماذج معقدة للإجابة على أسئلةٍ متعددة، مثل: ما هي الخطوة التالية الأفضل للعميل؟ وما هي درجة حساسية العملاء للعروض الترويجية، وهل تختلف حساسيتهم حسب الفئة أو المنتج؟ وما هو أفضل طريقٍ يمكن من خلاله الوصول إلى العميل والتوقيت الأفضل لعملية جذب العميل؟ كل هذه الأسئلة تتطلب تحليلًا دقيقًا للبيانات للحصول على إجاباتٍ مفيدةٍ، تعمل على تحسين تجربة العملاء وزيادة كفاءة التسويق والترويج.

وبمجرد إنشاء جميع النماذج والتحقق منها، يتم دمجها في العمليات التشغيلية القائمة للشركة، بحيث يمكن استخدامها بشكلٍ آلي وفعّال، وذلك بعد تزويدها بتطبيقاتٍ وأدواتٍ تقنية تساعد في تحسين العمليات وتسريعها. وللحصول على أفضل النتائج من هذه الاستراتيجية، تحتاج الشركات التي تتعامل مباشرةً مع المستهلكين إلى إصدار مجموعةٍ كبيرةٍ جدًا ومتنوعة من العروض لتناسب تفضيلات واحتياجات كل عميلٍ على حدة، بما يمكن أن يصل في النهاية إلى مليارات الإصدارات لخدمة مئات الملايين من العملاء.

توفير تجربة شراءٍ سلسةٍ للعملاء وبعيدةٍ عن التعقيد

إن عملية دمج برامج الولاء واستراتيجيات التسعير، وتحويلها إلى تجربة شراءٍ سلسةٍ ومناسبةٍ للعميل، يُعد من أكبر التحديات التي تواجه التجار حاليًا. فقد تقع العديد من الشركات في فخ إضافة الكثير من الميزات الشرائية المعقدة دون إيلاء اهتمامٍ كافٍ بتقديم تجربةٍ مبسطةٍ للعميل. ويكمُن حل هذه المشكلة في استخدام عملياتٍ وأدواتٍ جديدة مثل الاعتماد على التحليلات المتقدمة والأتمتة، بما يسمح للشركات بجمع بيانات العملاء وتحليلها بشكلٍ أعمق، ليتم استخدام نتائج تلك التحليلات في تحديد أهم متطلبات واحتياجات العملاء، مما يسفر عن تقديم تجربةٍ شرائيةٍ شخصية ملائمةٍ للعملاء دون إغراقهم بالمزايا المعقدة. إذ يصبح الهدف الرئيسي لتلك العملية أن يشعر العميل بأن تجربته الشرائية لا تختلف عن غيره من العملاء. وهذا الأمر يتطلب قدراتٍ متطورة ومدمجةٍ بالبنية التحتية التكنولوجية للشركات بما يخدم عملية اتخاذ القرارات التسويقية، وإذا لم تنجح الشركات في ذلك فقد ينتهي بها الأمر إلى زيادة التعقيدات وترك عملائها في حالةٍ من الارتباك والفوضى.


وقد أصبح العملاء الآن وأكثر من أي وقت مضى يتوقعون الحصول على المزيد من الخدمات وتجارب الشراء المفضلة لديهم. ورغم ما نشهده من تزايدٍ ملحوظ في عدد الشركات التي تعتمد استراتيجيات برامج الولاء للحفاظ على عملائها وجذب عملاء جُدد، إلا أن قطاع العلامات التجارية قد شهد هو الآخر مبالغةً في تقديم الوعود والخصومات مما أدى إلى تزايد معدلات تنقل العملاء بين العلامات التجارية والتبديل بينها. ومع ذلك، يظل هناك القليل فقط من الشركات التي نجحت في إحراز تقدمٍ على مستوى تقديم العروض الخاصة بالعملاء والتي تميزت بها عن غيرها من الشركات، ويرجع الفضل في ذلك إلى تحقيق التكامل الأمثل بين استراتيجيات التسعير وبرامج الولاء والتخصيص.

إن هذا القطاع بحاجةٍ ماسة إلى إعادة النظر في طرق العمل المتبعة. فالاعتماد على برامج الولاء وحدها لا يكفي لضمان استمرار جذب العملاء والاحتفاظ بهم، كما أن التركيز على التسعير المنخفض فقط أيضًا يعد وسيلةً أقل فعالية. لذلك يجب على الشركات تحسين العرض الشامل لقيمة العميل من خلال اعتماد استراتيجيةٍ متكاملة تجمع بين الولاء والتسعير. إن اعتماد هذا النهج بالرغم من صعوبته يتطلب اتباع طرق عملٍ جديدة، وقدراتٍ تحليليةٍ عميقة، وأدواتٍ للتكامل والتغييرات الديناميكية التي تحدث بمرور الزمن، لكنه يظل النهج الذي يمكن أن يحقق معدلات نموٍ كبيرة وبشكلٍ مستدام، لذلك فإن الشركات التي ستتمكن من استغلال هذا الأمر والاستفادة منه هي فقط من ستنجح في المنافسة.

Explore a career with us