سبع حقائق صعبة لمدراء تقنية المعلومات للانتقال من مرحلة التجربة الأولى إلى التطوير الكامل للذكاء الاصطناعي التوليدي

| مقالة

ملاحظة: إننا نبذل قصارى جهدنا للحفاظ على جميع التفاصيل الدقيقة عند ترجمة المقالة الإنجليزية الأصلية، ونعتذر عن أي جزئية مفقودة في الترجمة قد تلاحظونها من حين لآخر. نرحب بتعليقاتكم على البريد الإلكتروني التالي reader_input@mckinsey.com

انتهت مرحلة البدايات الواعدة للذكاء الاصطناعي التوليدي، وكما تعلمت معظم الشركات، أنه من السهل نسبيًا بناء نماذج تجريبية مبهرة باستخدام هذه التكنولوجيا، لكن تحويل هذه النماذج إلى قدرات عملية واسعة النطاق هو تحدٍ آخر تمامًا. وتوضح أحدث أبحاثنا1 حول اتجاهات التكنولوجيا أن 11 % فقط من الشركات هي من نجحت في تبني الذكاء الاصطناعي التوليدي على نطاق واسع، مما يكشف عن صعوبة الانتقال من التجارب الأولية إلى التطبيق الشامل.

تعد مرحلة النضوج الحالية لتقنية الذكاء الاصطناعي التوليدي تطورًا مرحبًا به، حيث تتيح لرؤساء تكنولوجيا المعلومات فرصة تحويل وعود هذه التقنية إلى قيمة حقيقية للأعمال. ومع أن معظم رؤساء تكنولوجيا المعلومات يدركون أن المشاريع التجريبية لا تعكس السيناريوهات الواقعية بالكامل، فإنهم غالبًا ما يقللون من حجم العمل المطلوب لجعل تقنية الذكاء الاصطناعي التوليدي جاهزة للإنتاج على نطاق واسع. في النهاية، يتطلب الحصول على القيمة الكاملة من هذه التقنية من الشركات إعادة هيكلة أساليب عملها ووضع أساس تقني قابل للتوسع ليكون جزءًا أساسيًا من هذه العملية.

وفي مقال سابق2، تناولنا العديد من القضايا التكنولوجية الأساسية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي التوليدي. لذلك نريد في هذا المقال استكشاف سبع حقائق مهمة حول توسيع نطاق استخدام هذه التقنية باستخدام نهج يُعرف بــــ 'Shaper' يتميز هذا النهج بتطوير الشركات لميزة تنافسية من خلال ربط النماذج اللغوية الكبيرة بالتطبيقات والبيانات الداخلية. (للاطلاع على المزيد حول الأساليب المختلفة لاستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي، يمكنك مراجعة الفقرة الجانبية بعنوان "المناهج الثلاث لاستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي". إليك سبع حقائق يجب أن تعرفها وتنفذها الشركات التي تتبع نهج "Shaper".

  1. تجنب التشتت وركز على الأمور الأساسية. كن صادقًا بشأن التجارب التي حققت نجاحًا فعليًا. قلل من عدد التجارب العشوائية ووجه جهودك نحو حل المشكلات التجارية الهامة.
  2. النجاح لا يعتمد فقط على جودة كل مكون فردي من مكونات محرك الذكاء الاصطناعي التوليدي، بل على كيفية تكامل هذه المكونات معًا بشكل فعال وآمن. الكثير من الوقت يُضيع في تقييم وتحليل كل جزء على حدة، بينما الأهم هو فهم كيفية عمل هذه الأجزاء معًا بسلاسة لضمان تحقيق الأهداف المنشودة.
  3. تحكم في التكاليف قبل أن تتفاقم وتصبح عبئًا كبيرًا. تمثل النماذج فقط حوالي 15% من التكلفة الإجمالية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي، مما يعني أن الجزء الأكبر من التكاليف يأتي من جوانب أخرى. عليك فهم مصادر التكاليف الخفية وتحديدها بدقة، واستخدام الأدوات والقدرات المناسبة للسيطرة عليها وتحسين الكفاءة.
  4. السيطرة على تنوع الأدوات والتقنيات المتاحة أصبح أمرًا ضروريًا لتحقيق التوسع الفعّال في تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي. يجعل انتشار البنى التحتية والنماذج اللغوية الكبيرة والأدوات من الصعب تنفيذ المشاريع بشكل مُجدٍ. لذا، يجب على الشركات تقليل عدد الأدوات المستخدمة والتركيز على تلك التي تخدم أهداف الأعمال بشكل أفضل. كما يُنصح بالاستفادة من الخدمات السحابية المتاحة لتحقيق الكفاءة والمرونة مع الحفاظ على القدرة على التكيف مع المتغيرات.
  5. لتحقيق التوسع الناجح في استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي، يجب على الشركات إنشاء فرق عمل تمتلك مهارات متنوعة. يجب أن تكون هذه الفرق قادرة على بناء التطبيقات وضمان أنها تحقق القيمة المرجوة منها بأمان وفعالية. فالمسألة ليست مجرد بناء نماذج، بل التأكد من أن هذه النماذج تولد الفائدة المطلوبة وتعمل بطريقة آمنة ومستدامة.
  6. عند توسيع نطاق استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي، يجب على الشركات التركيز على البيانات الصحيحة بدلاً من البحث عن البيانات المثالية. إن تحديد البيانات الأكثر أهمية واستثمار الوقت والموارد في إدارتها يمكن أن يكون له تأثير كبير على سرعة وكفاءة التوسع.
  7. إعادة استخدام الشيفرات البرمجية يمكن أن تزيد من سرعة تطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي بنسبة تتراوح بين 30 إلى 50 بالمائة. لذا، بدلاً من كتابة شيفرة جديدة لكل مشروع، يجب على الشركات التركيز على إعادة استخدام الشيفرات الموجودة.

1. تجنب التشتت والتركيز على الأمور الأساسية

على الرغم من اعتراف العديد من قادة الأعمال بضرورة تجاوز مرحلة التجارب والمشاريع التجريبية، إلا أن هذا الوعي لا ينعكس دائمًا في الممارسات الفعلية على أرض الواقع. حتى مع تزايد اعتماد الذكاء الاصطناعي التوليدي، تبقى الأمثلة التي تظهر تأثيرًا حقيقيًا على الأرباح التشغيلية قليلة ونادرة. وفقًا لأحدث استطلاع للذكاء الاصطناعي، أفاد 15% من الشركات فقط بأن استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي قد أحدث تأثيرًا ملموسًا على أرباحها التشغيلية.3

المزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية

شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية

تصفح المجموعة

تزداد المشكلة تعقيدًا عندما يستخلص القادة دروسًا خاطئة من تجاربهم في استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي. فمثلاً، قد يحاولون تحويل مشروع تجريبي بسيط يعتمد على واجهة محادثة إلى تطبيق عملي دون التأكد من ملاءمته للأغراض الفعلية، مما يؤدي إلى الوقوع في فخ "البحث عن حل للتكنولوجيا". أو قد يعتبرون المشروع التجريبي "ناجحًا"، رغم أنه لم يُطبق على جزء مهم من الأعمال الأساسية للشركة، وبالتالي لا يحقق تأثيرًا حقيقيًا وملموسًا على أداء الشركة.

هناك العديد من الأسباب التي تؤدي إلى فشل الشركات في توسيع نطاق استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي، لكن السبب الرئيسي هو أن الموارد والتركيز التنفيذي يتوزعان بشكل مفرط على عشرات المبادرات المختلفة في هذا المجال. هذا ليس تطورًا جديدًا، فقد رأينا نمطًا مشابهًا عند ظهور تقنيات أخرى مثل الحوسبة السحابية والتحليلات المتقدمة. ومع ذلك، لم تستفد الشركات من الدروس المستفادة من تلك الابتكارات السابقة.

أهم قرار يجب أن يتخذه رئيس تكنولوجيا المعلومات هو إلغاء المشاريع التجريبية التي لم تثبت فعاليتها، والتركيز على توسيع نطاق تلك التي أثبتت جدواها التقنية وتعد بحل مشكلات مهمة للشركة مع تقليل المخاطر، كما هو موضح في (الشكل 1). لتحقيق هذا الهدف، يجب على رئيس تكنولوجيا المعلومات العمل بشكل وثيق مع قادة الوحدات التجارية لتحديد الأولويات ومعالجة التداعيات التقنية لقراراتهم.

1

2. النجاح لا يعتمد فقط على جودة كل مكون فردي من مكونات محرك الذكاء الاصطناعي التوليدي بل على كيفية تكامل هذه المكونات معًا

نسمع قادة التكنولوجيا في العديد من المناقشات يركزون بشدة على اتخاذ القرارات المتعلقة بالأجزاء المكونة اللازمة لتقديم حلول الذكاء الاصطناعي التوليدي، مثل النماذج اللغوية الكبيرة (LLMs) وواجهات برمجة التطبيقات (APIs) . ومع ذلك، ما نتعلمه هو أن حل هذه الأجزاء الفردية يعد أمرًا سهلاً نسبيًا، بينما تكاملها معًا يمثل تحديًا كبيرًا. هذه الصعوبة في دمج الأجزاء المكونة تعيق بشكل كبير توسيع نطاق استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي.

يكمن التحدي في تنسيق مجموعة واسعة من التفاعلات والتكاملات على نطاق واسع. حيث تتطلب كل حالة استخدام الوصول إلى نماذج متعددة، وقواعد بيانات منجهية، ومكتبات أوامر، وتطبيقات كما هو موضح في (الشكل 2). لذلك يتعين على الشركات إدارة مصادر متنوعة، سواء كانت تطبيقات أو قواعد بيانات في السحابة، أو في المواقع المحلية، أو مع مزودين خارجيين، أو مزيجًا من هذه المصادر. كما يجب مراعاة عوامل الأداء مثل زمن الاستجابة والمرونة، والتعامل مع البروتوكولات الحالية مثل حقوق الوصول. فعندما يتم إضافة مكون جديد لتقديم الحل، فإنه يؤثر على جميع المكونات الأخرى في النظام، مما يزيد من تعقيد الحل بشكل كبير.

2

ويكمُن نجاح عملية التنسيق الفعّالة في دمج خبرة المؤسسة في إدارة سير العمل والتفاعل بين النماذج والبيانات والنظام، وذلك لتشغيل التطبيقات على بنية تحتية سحابية. ويعتبر العنصر الأساسي في محرك التنسيق هو "بوابة الواجهة البرمجية"، وهي التي تقوم بالمهام التالية التي تتضمن التحقق من هوية المستخدمين، وضمان الامتثال للسياسات، وتسجيل تفاصيل الطلبات والاستجابات (على سبيل المثال، لمساعدة الفرق في تتبع استخدامها وفواتيرها)، وتوجيه الطلبات إلى أفضل النماذج المتاحة، بما في ذلك النماذج المقدمة من جهات خارجية. بالإضافة إلى ذلك، تمكن "بوابة الواجهة البرمجية" من تتبع التكاليف وتوفير وسيلة لفريق إدارة المخاطر والامتثال لمراقبة الاستخدام بشكل فعال. هذه القدرات تُعد حيوية وهامة جدًا للتوسع، لأنها تتيح للفرق العمل بشكل مستقل مع الحفاظ على اتباع أفضل الممارسات. (اطلع على العمود الجانبي بعنوان "العناصر الرئيسية لتنسيق نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي").

ومع ذلك، ولتنسيق التفاعلات المعقدة المطلوبة لتقديم قدرات الذكاء الاصطناعي التوليدي، فإن الأتمتة الكاملة من البداية إلى النهاية أمر لا غنى عنه. يشير مصطلح 'من البداية إلى النهاية' إلى ضرورة أتمتة جميع مراحل العملية بطريقة شاملة ومتكاملة، وليس فقط أجزاء منها. إذ تقوم العديد من الشركات بأتمتة بعض عناصر سير العمل، ولكن الفائدة الحقيقية تأتي من أتمتة الحل بالكامل، (بدءًا من تنظيف ودمج البيانات)، وبناء مسارات البيانات، وصولاً إلى مراقبة النماذج ومراجعة المخاطر باستخدام الأدوات البرمجية. وقد أظهرت أبحاثنا الحديثة أن الشركات التي تحقق أداءً متميزًا في استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي تكون أكثر احتمالًا بثلاث مرات من نظيراتها من حيث دمج اختبارات التحقق والتصديق ضمن عملية إطلاق كل نموذج.4 تُعد منصة عمليات التعلم الآلي الحديثة ضرورية لإدارة هذا التدفق المؤتمت، حيث يمكنها تسريع الوقت اللازم للوصول إلى الإنتاج بمقدار عشرة أضعاف، بالإضافة إلى تحسين كفاءة استخدام الموارد السحابية.

تتسم نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية بطبيعتها الاحتمالية، مما يؤدي إلى إخراج نتائج غير متسقة أحيانًا، بالإضافة إلى التحديثات المتكررة للنماذج الأساسية التي يقوم بها مزودو الخدمات. وهذا يعني أنه لا يمكن للشركات الاعتماد على هذه النماذج دون مراقبة دقيقة. ولتحقيق تنفيذ سريع وآمن للذكاء الاصطناعي التوليدي، يجب على الشركات تطوير قدرات مراقبة وفرز دقيقة، وإنشاء وظيفة (عمليات تعلم آلي) قادرة على إجراء تغييرات تلقائية على البنية التحتية للذكاء الاصطناعي التوليدي، بحيث تعمل أدوات المراقبة على متابعة تفاعلات تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدية مع المستخدمين في الوقت الفعلي، وتقوم بتتبع مقاييس مثل وقت الاستجابة، والدقة، ومستوى رضا المستخدمين. وفي حال بدأت التطبيقات في إنتاج ردود غير دقيقة أو غير ملائمة، تقوم هذه الأدوات بتنبيه فريق التطوير للتحقق وإجراء التعديلات اللازمة على معلمات النموذج، وقوالب النصوص، أو تدفق التنسيق لضمان الحفاظ على جودة الأداء.

3. تحكم في التكاليف قبل أن تتفاقم وتصبح عبئًا كبيرًا

يمكن أن تتسبب الكميات الكبيرة من البيانات واستخدام النماذج في الذكاء الاصطناعي التوليدي في زيادة التكاليف بسرعة وبشكل كبير. وفي الواقع، يُعد إدارة هذه التكاليف أمرًا حاسمًا لنجاح مديري المعلومات في تشغيل برامج الذكاء الاصطناعي التوليدي على نطاق واسع. ولكن لفهم وإدارة هذه التكاليف بفعالية، يجب معرفة العوامل التي تؤدي إلى تكبد التكاليف في برامج الذكاء الاصطناعي التوليدي. على سبيل المثال، تمثل النماذج نفسها حوالي 15% فقط من الجهد الكلي للمشروع النموذجي5. ومع مرور الوقت، انخفضت تكاليف النماذج اللغوية الكبيرة بشكل كبير وتستمر في الانخفاض.

ينبغي على مديري تقنية المعلومات التركيز على أربعة جوانب واقعية:

  • تُعتبر إدارة التغيير أكبر مصدر للتكاليف في مشاريع الذكاء الاصطناعي التوليدي. وفي هذا الصدد، تُظهر تجاربنا أن القاعدة العامة الجيدة لإدارة تكاليف الذكاء الاصطناعي التوليدي هي أنه مقابل كل دولار يُنفق على تطوير النموذج، يجب إنفاق حوالي ثلاثة دولارات على إدارة التغيير. (بالمقارنة، في الحلول الرقمية التقليدية، تكون النسبة أقرب إلى دولار واحد للتطوير مقابل دولار واحد لإدارة التغيير.6)، كما أن الانضباط في إدارة جوانب التغيير المتنوعة، من تدريب الموظفين إلى تقديم نماذج للسلوكيات الجديدة ومتابعة الأداء بشكل نشط، يعد أمرًا حاسمًا لنجاح الذكاء الاصطناعي التوليدي. وفي هذا السياق، أظهر تحليلنا أن الشركات التي تحقق أداءً عاليًا في هذا المجال تكون أكثر عرضة بثلاث مرات لتكون لديها بنية تحتية قوية لإدارة الأداء، مثل مؤشرات الأداء الرئيسية لقياس وتتبع قيمة الذكاء الاصطناعي التوليدي، كما أنها تكون أكثر عرضة بمرتين لتدريب الأفراد غير التقنيين بشكل كافٍ لفهم الفوائد والمخاطر المحتملة لاستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في العمل7.

    ولقد تمكنت الشركات من خفض تكاليف إدارة التغيير بشكل كبير من خلال مشاركة المستخدمين النهائيين في عملية تطوير الحلول منذ البداية. ومع ذلك، يقع العديد منها في خطأ شائع، وهو إنشاء روبوتات الدردشة دون النظر الجيد في تصميم واجهة المستخدم. ومن أجل تحقيق أقصى قدر من النجاح، يجب على الشركات أن تدعو الخبراء في المجال للمشاركة في تطوير المنطق الأساسي لتلك النماذج، وذلك لضمان فهم دقيق لتطبيقاتها لسياق الشركة وبياناتها الداخلية.

  • تكاليف تشغيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي تفوق بكثير تكاليف بنائها. في هذا الجانب، تشير تحليلاتنا إلى أن تكلفة تشغيل هذه التطبيقات تكون أعلى بكثير بسبب عوامل رئيسية، مثل استخدام النماذج الأساسية والعمالة المطلوبة، إذ يُخصص الجزء الأكبر من تكاليف العمالة لصيانة النماذج وخطوط معالجة البيانات. بالإضافة إلى ذلك، تعد إدارة المخاطر والامتثال للقوانين من العوامل المهمة التي تساهم بشكل كبير في زيادة تكاليف التشغيل.
  • تخفيض تكاليف نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي هو عملية مستمرة، وهذا يعني بأنها عملية تتطلب جهودًا مستدامة وقرارات مدروسة. على سبيل المثال، يمكن أن تؤدي القرارات المتعلقة بكيفية تصميم هندسة الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى تباينات كبيرة في التكاليف. وهناك العديد من الأدوات والتقنيات المتاحة لتقليل التكاليف، مثل التحميل المسبق للتضمينات والتي يمكن أن تحقق توفيرًا كبيرًا. كما هو موضح في ( الشكل 3).
3
  • يجب ربط الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي التوليدي بالعائد على الاستثمار، فليس كل تفاعل مع الذكاء الاصطناعي التوليدي يحتاج إلى نفس المستوى من الأهمية أو التكلفة. على سبيل المثال، أداة الذكاء الاصطناعي التي ترد على الأسئلة المباشرة من العملاء تعتبر واضحة وحاسمة لتجربة العملاء وتحتاج إلى استجابة سريعة (بمعنى أوضح تقليص وخفض زمن التأخير)، مما يجعل تكلفتها أعلى. بينما لا تحتاج أدوات توثيق الأكواد البرمجية إلى استجابة سريعة، لذا يمكن تشغيلها بتكاليف أقل. وهنا تلعب الحوسبة السحابية دورًا حيويًا في تحقيق العائد على الاستثمار، حيث تدعم نمو الأعمال وتوفر حلول تحليلية على نطاق واسع. والهدف هنا هو تطوير نهج نمذجة يركز على العائد على الاستثمار لكل حالة استخدام للذكاء الاصطناعي التوليدي، دون الانغماس في تحليلات لا نهاية لها.

4. السيطرة على تنوع الأدوات والتقنيات المتاحة أصبح أمرًا ضروريًا

لا تزال العديد من الفرق تقوم بتطوير حالات استخدام خاصة بها للذكاء الاصطناعي التوليدي، وإنشاء بيئات عمل منفصلة، مما يجبر الشركات على دعم بنى تحتية متعددة ومتنوعة. ففي استطلاع حديث أجرته ماكنزي، أشار المشاركون إلى أن "كثرة المنصات" تعد أكبر عقبة تكنولوجية أمام تطبيق الذكاء الاصطناعي التوليدي على نطاق واسع8. كلما زاد عدد البنى التحتية والأدوات المستخدمة، ارتفعت تعقيدات وتكاليف العمليات، مما يجعل تنفيذ التوسعات الشاملة أمرًا غير ممكن. يشبه هذا الوضع الأيام الأولى للحوسبة السحابية والخدمات السحابية، حيث كان الوصول إلى التكنولوجيا سهلاً للغاية - غالبًا ما يتطلب الأمر بطاقة ائتمان فقط - مما أدى إلى انتشار الأدوات بشكل غير منظم وخلق حالة من الفوضى والمخاطر.

لتوسيع نطاق استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي بكفاءة، تحتاج الشركات إلى مجموعة أدوات وبنى تحتية يمكن إدارتها بفعالية. ولكن، كيف يمكن تحديد المزودين والأدوات والنماذج المناسبة؟ الحل هو تجنب إضاعة الوقت في تحليلات طويلة لقرارات غير حاسمة. على سبيل المثال، اختيار النماذج اللغوية الكبيرة أصبح أقل أهمية لأنها أصبحت شبيهة بالسلع المتاحة لدى العديد من المزودين. وفي الحالات التي لا يوجد فيها خيارات واسعة، مثل استخدام مزود خدمة سحابية رئيسي يحتوي على معظم بيانات الشركة ويعرف فريق العمل كيفية التعامل معه، فمن الأفضل اختيار خدمات الذكاء الاصطناعي التوليدي التي يقدمها نفس المزود. وفي الواقع، يقدم مزودو الخدمات السحابية الرئيسيون خدمات جديدة للذكاء الاصطناعي التوليدي تساعد الشركات على تحسين الاقتصاديات لبعض حالات الاستخدام وفتح فرص جديدة، بينما يعتمد مدى استفادة الشركات من هذه الخدمات على عدة عوامل، منها مدى جاهزية استخدام الشركة للحوسبة السحابية وقوة بنيتها التحتية السحابية.

ما يتطلب التفكير بشكل عميق وأكبر هو كيفية بناء البنية التحتية والتطبيقات بحيث تتيح للشركات المرونة في تبديل المزودين أو النماذج بسهولة نسبية. ولتحقيق ذلك، من المهم اعتماد معايير شائعة الاستخدام مثل "KFServing"، وهو حل لنشر نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي بدون خوادم، واستخدام "Terraform" لإدارة البنية التحتية ككود (هو أداة تُستخدم لإدارة البنية التحتية كرمز أو كود، مما يعني أنها تسمح لك بتعريف وإدارة بنية التحتية الخاصة بك بشكل مشابه لكتابة البرمجيات. وتساعد أيضًا على تحديد موارد البنية التحتية المطلوبة وعلاقاتها وتكوينها بشكل متكرر وآمن)،والاستفادة من النماذج اللغوية الكبيرة مفتوحة المصدر. ومع ذلك، يجب الحذر من المبالغة في تصميم النظام لتحقيق هذه المرونة، حيث يمكن أن يؤدي ذلك إلى عوائد متناقصة. بمعنى آخر، إذا كانت الشركة تركز بشكل مفرط على إضافة حلول لزيادة المرونة، فإن النظام قد يصبح مكلفًا ومعقدًا للغاية، مما يجعل من الصعب صيانته والاستفادة الكاملة من الخدمات التي يقدمها المزودون.

5. لتحقيق التوسع الناجح في استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي

إحدى أكبر التحديات التي تواجهها الشركات اليوم هي التعامل مع الذكاء الاصطناعي التوليدي كبرنامج تقني بحت بدلاً من اعتباره أولوية تجارية شاملة. وقد أظهرت الجهود التقنية السابقة بوضوح أن خلق القيمة لا يتعلق بالتكنولوجيا فقط. ولكي يُحدث الذكاء الاصطناعي التوليدي تأثيرًا حقيقيًا، يجب على الشركات تشكيل فرق متعددة التخصصات تتجاوز حدود قسم تقنية المعلومات وتدمج الذكاء الاصطناعي في جميع جوانب الأعمال. كما توضح الدروس المستفادة من الماضي أهمية هذا النهج. فعلى سبيل المثال، أساليب العمل السريعة ساهمت في تسريع وتيرة التطوير التقني، لكن الأثر الأكبر تحقق عندما تم دمج خبراء المخاطر والأعمال، إلى جانب إدارة المنتجات والقيادة في فرق العمل. هذا التكامل ساعد على تحقيق نتائج أكثر شمولية وفعالية.

هناك نماذج متعددة لضمان تكامل أوسع بين التكنولوجيا والأعمال داخل الشركات، حيث تقوم بعض الشركات بإنشاء مركز للتميز ليكون جهة مركزية تحدد أولويات حالات الاستخدام، وتخصص الموارد، وتراقب الأداء. بينما تقوم شركات أخرى بتقسيم المهام الاستراتيجية والتكتيكية بين فرق مختلفة لضمان تنفيذ فعال. ويعتمد اختيار النموذج الأنسب على المهارات المتاحة وظروف الشركة المحلية. المهم هو أن هذه الوظيفة المركزية تسهم في تعزيز التعاون الوثيق بين قادة التكنولوجيا والأعمال والمخاطر، وتلتزم باتباع بروتوكولات مجربة لنجاح البرامج. ومن بين هذه البروتوكولات، يمكن أن تكون مراجعات الأعمال الفصلية أداة فعالة لتتبع التقدم في المبادرات مقابل الأهداف والنتائج الرئيسي، واتخاذ التدابير اللازمة لحل المشكلات، وإعادة تخصيص الموارد، أو إيقاف المبادرات التي لا تحقق النتائج المطلوبة.

يُعتبر دور هيكلية الحوكمة في الشركات حيويًا لضمان تنفيذ واتباع بروتوكولات فعالة لإدارة المخاطر. ويجب على الفرق المسؤولة عن تطوير النماذج وتطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي أن تحدد المخاطر المحتملة المرتبطة بكل حالة استخدام وتضع خرائط لهذه المخاطر. فمن الضروري أيضًا تنفيذ بروتوكولات تقنية وأخرى تشمل "العنصر البشري" لضمان إدارة هذه المخاطر بفعالية طوال دورة حياة حالة الاستخدام. كما يجب أن تكون الهيئة الإشرافية مكلفة بإدارة مخاطر الذكاء الاصطناعي التوليدي، وذلك عبر تقييم المخاطر المحتملة واتخاذ استراتيجيات للتخفيف من تأثيرها.

ومن المهم أن تتجنب الشركات إدارة حالات الاستخدام التكتيكية للذكاء الاصطناعي بشكل منفصل، خاصة عندما تكون هذه الحالات كثيرة. ويتعين أن تكون هناك جهة مركزية لديها صلاحيات لتجميع حالات الاستخدام المتشابهة معًا لضمان تحقيق تأثير أكبر وتعزيز الأفكار الكبيرة. وعلى هذا الفريق بالتحديد أن يكون مسؤولًا عن تحقيق القيمة وليس مجرد إدارة العمل اليومي. بمعنى آخر، يجب أن تركز الجهة المركزية على تنظيم حالات الاستخدام بشكل يجمع بينها لتحقيق فوائد مشتركة، بدلاً من التعامل مع كل حالة على حدة.

ولتحقيق نجاح تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي، قامت إحدى شركات الخدمات المالية بوضع بروتوكولات حوكمة واضحة للإدارة العُليا. شكلت الشركة مجموعتين رئيسيتين للإشراف وتنفيذ هذه البروتوكولات، حيث كانت المجموعة الأولى تحمل اسم "مجموعة التوجيه" والتي رعاها رئيس قسم المعلومات. تركزت مهام هذه المجموعة على حوكمة المؤسسة، ووضع الاستراتيجيات، والتواصل، بالإضافة إلى تحديد حالات الاستخدام والموافقة عليها، وذلك لضمان توافق الجهود مع الأهداف الاستراتيجية للشركة. أما المجموعة الثانية فكانت تحمل اسم "مجموعة التمكين"، وهي تحت رعاية رئيس قسم التكنولوجيا. كانت هذه المجموعة مسؤولة عن اتخاذ القرارات المتعلقة ببنية البيانات، وعلم البيانات، وهندسة البيانات، وبناء القدرات الأساسية. ولضمان الامتثال للمعايير والأدوات المعتمدة، فرض رئيس قسم المعلومات انضمام مهندس معماري ذو خبرة إلى فريق كل حالة استخدام في المراحل المبكرة من العملية. كان لهذا النظام الواضح من الحوكمة والإشراف دور حيوي في مساعدة الشركة على الانتقال من إدارة خمس حالات استخدام فقط إلى أكثر من خمسين حالة استخدام في خط الإنتاج.

6. التركيز على البيانات الصحيحة بدلاً من البحث عن البيانات المثالية

هناك اعتقاد شائع بأن الذكاء الاصطناعي التوليدي يمكنه ببساطة جمع البيانات اللازمة وفهمها دون عناء، لكن هذا ليس صحيحًا. لا يمكن تحقيق أداء عالٍ لحلول الذكاء الاصطناعي التوليدي دون وجود بيانات نظيفة ودقيقة، وهذا يتطلب جهدًا وتركيزًا حقيقيين. لذلك تركز الشركات التي تستثمر في بناء أسس بيانات قوية جهودها بعناية لضمان جودة البيانات، مما يمكّنها من تحقيق نتائج متميزة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي.

غالبًا ما تتأرجح عملية تصنيف البيانات بين السعي لتحقيق الكمال لكل البيانات والإهمال التام. وقد وجدنا أن الاستثمار في تصنيف مستهدف للبيانات، خاصة تلك المستخدمة في توليد الاسترجاع المعزز (RAG)، يمكن أن يحسن بشكل كبير جودة الإجابات التي يقدمها الذكاء الاصطناعي التوليدي. بالإضافة إلى ذلك، يعتبر تصنيف أهمية مصادر المحتوى ضروريًا لمساعدة النموذج على فهم القيمة النسبية للمصادر المختلفة. وتحقيق هذا يتطلب إشرافًا بشريًا دقيقًا من قبل خبراء في المجال لضمان الحصول على أفضل النتائج.

ونظرًا لأن نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي غير مستقرة بطبيعتها، تحتاج الشركات إلى صيانة منصاتها باستمرار مع إضافة البيانات الجديدة، وهو ما يحدث بشكل متكرر ويؤثر على أداء النماذج. هذه المهمة تصبح أكثر تعقيدًا في معظم الشركات لأن البيانات ذات الصلة تكون موزعة في أماكن متعددة. ومع ذلك، تحقق الشركات التي استثمرت في إنشاء منتجات بيانات متكاملة تقدمًا كبيرًا لأنها تمتلك مصادر بيانات منظمة تُستخدم بفعالية في تدريب النماذج على مر الزمن.

في إحدى شركات علوم المواد، كانت الفرق المختلفة تصل إلى معلومات المنتج بطرق مختلفة، مما أدى إلى وجود نسخ متعددة وغير متطابقة من هذه المعلومات. فكانت فرق البحث والتطوير تمتلك أوراق السلامة الخاصة بالمواد، بينما طورت فرق الهندسة التطبيقية (فرق المبيعات والدعم الفني) نسخها الخاصة لحل مشاكل العملاء الفريدة. في نفس الوقت، كانت فرق التسويق التجاري تعتمد على أوصاف المنتجات، وفرق دعم العملاء على تفاصيل محددة للإجابة على استفسارات العملاء. ومع استمرار كل فريق في تحديث نسخته الخاصة من معلومات المنتج، ظهرت تعارضات بين هذه النسخ المختلفة، مما جعل من الصعب على نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي استخدام البيانات بفعالية. ولمعالجة هذه المشكلة، قررت الشركة توحيد جميع المعلومات المتعلقة بالمنتجات في مكان واحد. هذا النهج يسهم في التخلص من التباينات والتعارضات، مما يسهل على نماذج الذكاء الاصطناعي الوصول إلى بيانات دقيقة وموحدة، وبالتالي تحسين كفاءتها ودقتها في معالجة المعلومات.

7. إعادة استخدام الشيفرات البرمجية

يمكن أن يزيد استخدام الكود القابل لإعادة الاستخدام من سرعة تطوير حالات استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي بنسبة تتراوح بين 30 إلى 50 %.9 لكن الفرق غالبًا ما تركز على تطوير حالات استخدام فردية بشكل متسرع لتحقيق اختراقات سريعة، مما يعيق القدرة على التوسع والاستفادة من هذه الحلول على نطاق أوسع. لذلك، يجب على المديرين التنفيذيين لتقنية المعلومات تحويل جهود الشركات نحو بناء حلول يمكن إعادة استخدامها في العديد من حالات الاستخدام بدلاً من التركيز فقط على حالات فردية. وتظهر الدراسات أن الشركات الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي تكون أكثر بثلاث مرات من غيرها في بناء أسس استراتيجية تتيح إعادة الاستخدام عبر الحلول المختلفة10.

عند محاولة بناء تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي بطرق يمكن إعادة استخدامها، قد ينشغل البعض في تطوير قدرات عامة قد لا تُستخدم فعليًا. ولتحقيق نتائج أفضل، ينبغي اتباع نهج منظم يبدأ بمراجعة مجموعة من ثلاث إلى خمس حالات استخدام لتحديد الاحتياجات المشتركة بينها. بعد ذلك، يمكن تطوير هذه العناصر المشتركة كأجزاء أو وحدات قابلة لإعادة الاستخدام بسهولة في تطبيقات أخرى. على سبيل المثال، يمكن أن تتضمن هذه الوحدات آليات لتقسيم البيانات، ومحملًا للبيانات والبيانات الوصفية، ومحولًا للبيانات. فعلى سبيل المثال، قامت احدى البنوك الأوروبية بمراجعة أنظمتها لتحديد الوحدات التي يمكن استخدامها في العديد من الحالات، واستثمرت في تطوير وحدات مثل المزج والتوليف (synthesizer)، ووحدة المترجم (translator)، ووحدة تحليل المشاعر (sentiment analysis).

في مجال تقنية المعلومات، لا يمكن لمدراء التقنية توقع تطوير الأصول القابلة لإعادة الاستخدام تلقائياً. بدلاً من ذلك، يحتاجون إلى تعيين شخص مسؤول عن هذه العملية، مثل مالك المنصة. ينبغي أيضاً تشكيل فريق متعدد التخصصات يحصل على تفويض واضح لتطوير الأصول القابلة لإعادة الاستخدام. تشمل هذه الأصول أدوات وشفرات برمجية وأطر عمل يمكن لفرق المنتجات استخدامها لتحسين وتسريع عملية التطوير. اطلع على (الشكل 4).

4

يمكن أن يكون الذكاء الاصطناعي التوليدي مفيدًا جدًا للشركات، ولكن لاستخدامه بشكل كامل، يجب على الشركات تبنيه بشكل واسع النطاق. هذا يعني أن مديري تقنية المعلومات يجب أن يكونوا مستعدين لمواجهة التحديات والتغييرات المحتملة التي قد تطرأ عند تبني هذه التكنولوجيا، ويجب عليهم اتخاذ الإجراءات اللازمة لقيادة شركاتهم نحو مستقبل أفضل.

Explore a career with us