ست طرق فعّالة يستخدمها المدراء الماليون لاستغلال كامل إمكاناتهم

| مقالة

ملاحظة: إننا نبذل قصارى جهدنا للحفاظ على جميع التفاصيل الدقيقة عند ترجمة المقالة الإنجليزية الأصلية، ونعتذر عن أي جزئية مفقودة في الترجمة قد تلاحظونها من حين لآخر. نرحب بتعليقاتكم على البريد الإلكتروني التالي reader_input@mckinsey.com

يُطلق عليها معضلة المدير المالي. أنت تدرك تمامًا، بصفتك أعلى مسؤول مالي في الشركة، أن مهمتك الرئيسية تتمثل في تحفيز خلق قيمة هامة. وهذا يتطلب منك إيجاد وسيلة للانتقال من الإشراف على استقرار أداء المهام المالية المعقدة إلى إثبات نفسك كشريك أساسي في التفكير للمدير التنفيذي وليس مجرد "محاسب كفؤ" كما يعتقد بعض المدراء الماليين. ويرى بعض المدراء الماليين أن هذه التحديات قد تكون أشد تعقيدًا. فبدلاً من الاستعداد المدروس لتولي المسؤوليات عبر السنين، قد يجدون أنفسهم يضطلعون بهذا الدور فجأة، ربما عندما تتعرض الشركة لأزمة، أو بعدما يحدث تغيير في الملكية، أو خلال مواجهة الأزمات الصعبة (مثل جائحة كوفيد-19 أو الصراعات الجيوسياسية المعاصرة). ويجب عليهم ببساطة أن يتحملوا المسؤولية ويمضوا قدمًا. ولا يمكن تجاهل الاحتياجات الملحة مثل إدارة السيولة النقدية، وإعداد التقارير الداخلية والخارجية، وتنمية المواهب، والمخاطر والضوابط، والتخطيط للسيناريوهات.

المزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية

شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية

تصفح المجموعة

حتى خلال العمليات الانتقالية الأكثر ملاءمة، يواجه العديد من المدراء الماليين تحديًا صعبًا يتمثل في توفير الوقت الكافي لأداء المهام المالية للشركة مع الاستمرار في الاضطلاع بدور قيادي يعطي الأولوية للاستراتيجية. وتبرز هنا التساؤلات حول كيفية بناء المصداقية الكافية لينظر إليهم كبار المسؤولين الآخرين على أنهم "نواب فعليين للمدير التنفيذي"، خاصة في ظل التعقيد الهائل للمطالب الملحة والمتناقضة أحيانًا؟ لو كان بإمكانهم الحصول على المزيد من الوقت، لاستطاعوا تحقيق أداء فعال في هذا الدور. ومع ذلك، نظرًا لأنهم لا ينتمون إلى هذا النوع من المدراء الماليين، فإن عليهم بذل المزيد من الجهود لتخصيص المزيد من الوقت.

ومع ذلك، ينجح بعض المدراء الماليين في التغلب على هذه التحديات. وسوف نستعرض في هذا المقال كيف يتمكنون من تحسين مستوى أدائهم لتحقيق تأثير استراتيجي ملموس. ومن خلال تنمية مهاراتهم وقدراتهم في ستة مجالات رئيسية، يمكنهم التغلب على تحدي نقص الوقت ليتبوؤوا منصبًا رفيعًا في المؤسسة بأكملها ويصبحوا صناع قرار بارعين ومستشارين موثوق بهم للمدراء التنفيذيين، في الوقت الذي يؤدون فيه المهام المالية على نحو أكثر كفاءة وفعالية وملموس على المدى البعيد.

1. صياغة استراتيجيتك بوضوح وتحديد المهام التي يمكن أن تساهم التكنولوجيا في أدائها

أشار زملاؤنا منذ أكثر من عقد من الزمن إلى أن "الاستراتيجية تعتبر أسلوبًا في التفكير" وليست مجرد سلسلة من الإجراءات أو أُطر عمل.1 ومع ذلك، يجد المدراء الماليون أنفسهم كثيرًا ما يتعاملون مع الممارسات الإجرائية أو يركزون على عناصر أُطر العمل. كما يعيدون النظر في التفاصيل الصغيرة دون تقييم مدى تأثير هذه التفاصيل على تنفيذ استراتيجية الشركة، ويواصلون تنفيذ الإجراءات الروتينية المعتادة دون النظر في النظم التي يمكن تحسينها جذريًا أو المهام التي يمكن أتمتتها بشكل كامل.

ويطرح المدراء الماليون المتميزون طرح الأسئلة الجوهرية ويركزون على القضايا الاستراتيجية المهمة، مثل استكشاف مصادر جديدة للنمو وتحقيق أعلى عائد ممكن معدل حسب المخاطر لرأس مال الشركة. كما يلتزمون بتنفيذ عمليات تطوير استراتيجية دقيقة، ويحددون المقاييس المهمة عن طريق المصطلحات المالية الشائعة مثل الإيرادات وتكلفة المبيعات، بالإضافة إلى مقاييس الأعمال التي تؤثر مباشرة على النتائج المالية (مثل معدل الاحتفاظ بالعملاء ودوران المخزون). وتساهم الأهداف الواضحة القائمة على الاستراتيجيات في تسهيل عملية المتابعة ومُحاسبة الأفراد على الأداء، وتعزيز القيمة المُضافة. ويتقن المدراء الماليون الناجحون فن تبسيط الأمور والتمهل على غرار الرياضيين العالميين؛ فهم يضعون خطة استراتيجية طويلة الأمد تمتد من ثلاث إلى خمس أعوام وتتحول إلى مجموعة من البيانات المالية الأولية، ويستخدمونها كأساس لوضع أهداف العام القادم أثناء إعداد الميزانية، مما يسمح برفع سقف الطموحات بشكل واقعي وتحقق الشركة أهدافها الواضحة بشكل أسرع. كما يدرك المدراء الماليون النقاط الحرجة الرئيسية، ويحللون نظام الحوافز في المؤسسة ويعدلونه، ويجرون تقييمًا للإمكانيات والقدرات الحالية وخاصة أنظمة تكنولوجيا المعلومات وأدواته.

وواجه أحد المدراء الماليين البارزين تحديًا ناتجًا عن تدفق هائل لبيانات الأداء وضرورة تقديم تنبؤات دقيقة ومتاحة بسهولة. لذلك، طلب إيقاف أحد الاجتماعات مؤقتًا لطرح سؤال مهم وهو: "كيف يمكننا أن نجعل هذه العملية تسير بسرعة البرق؟" في هذه الحالة، يكمُن الحل في أتمتة خطوة حاسمة في عملية التنبؤ. اليوم، وبفضل تطور حلول الذكاء الاصطناعي التوليدي، يمكُن أن تكون الأتمتة أكثر تأثيرًا، حيث نستطيع الآن تقديم التوقعات بشأن التدفقات النقدية والإيرادات في دقائق معدودة بعدما كانت تستغرق أسابيع لإعدادها. كما أصبح من الممكن تقديم عروض تقديمية للمستثمرين المنافسين بسرعة لتوفير مسودة أولية قوية للإجابة على أسئلة المحللين المحتملة والنسخ الأولية من الإجابات. إضافة إلى ذلك، يمكن إنتاج المسودات الأولية لملفات الأوراق المالية وعروض الأطراف المعنية (مثل تقارير الاستدامة) فورًا ومراجعتها وفقًا للوائح والمعايير السارية.

وفي إطار تحديث عمليات التخطيط المالي في إحدى الشركات، أدخل المدير المالي نظامًا مفصلاً للنقاش يستند إلى عدة أسئلة جوهرية: كيف تعزز الخطة المالية الاستراتيجية المتبعة؟ ما هي الموارد، سواء كانت بشرية أو رأسمالية، التي أُلغيت من العام الماضي وأُعيد تخصيصها لاستخدامها هذا العام؟ كذلك، كيف يمكننا معرفة أننا بحاجة إلى تعديل المسار ومتى يمكننا اتخاذ القرارات اللازمة لذلك؟ في الماضي، كانت هذه الخطوات منفصلة وغير مترابطة. اليوم، تسمح هذه الأسئلة المبسطة للمدير المالي بربط الاستراتيجية بالتخطيط المالي بشكل مباشر وفعال. كما يستخدم المدير المالي حلول تخطيط مصممة خصيصًا لضمان وجود فهم مشترك بشأن العوامل الأساسية واحتمالات تحقيق الأهداف المتعلقة بالإيرادات والتكاليف، مما يعزز التعاون المبكر بين الفرق. ولا يسهم هذا التحسين في توفير الوقت فحسب، بل يعتبر أيضًا أكثر دقة مقارنة ببرامج جداول البيانات الجاهزة وعمليات اتخاذ القرار غير المترابطة التي كانت تُنفذ سابقًا في الشركة.

2. التركيز على العناصر المهمة

إحدى الاستراتيجيات الفعّالة للابتعاد عن التركيز المفرط على التفاصيل الصغيرة هي التركيز على العناصر الرئيسية والمهمة. فعلى الرغم من أن استراتيجية التحسين التدريجي تستلزم جهدًا كبيرًا، إلا أنها عادة لا تُفضي إلى تغييرات جوهرية. وتشير الأبحاث تُظهر، وبشكل ربما غير متوقع، إلى أن القادة الذين يركزون على الصورة الشاملة بدلًا من التفاصيل الصغيرة يحققون نتائج أفضل على مستوى الإيرادات وصافي الدخل. وفيما يتعلق بتخصيص الموارد، ينبغي للمدراء الماليين النظر في إعادة توجيه أكثر من 60% من الإنفاق الرأسمالي السنوي نحو مختلف وحدات الأعمال كل عشرة أعوام، على الرغم من أن هذه المدة قد تكون أقصر بكثير حسب قطاع الشركة. علاوة على ذلك، تشمل السمات المميزة الأخرى للعناصر الكبرى تحسين هامش الربح الإجمالي بحيث تصبح الشركة ضمن أعلى 30% من الشركات العاملة في مجالها، وتحقيق تحسينات في معدلات الإنتاجية ونفقات المبيعات والنفقات العامة والإدارية لتندرج الشركة ضمن أعلى 40% من الشركات العاملة في المجال ذاته، بالإضافة إلى تحسين إنتاجية العمل لتكون الشركة ضمن أعلى 30% من الشركات النظيرة.

على سبيل المثال، يُولي المدير المالي الذي يعمل في قطاع العلوم الحياتية اهتمامًا شخصيًا ورئيسيًا لتخصيص رأس المال، حيث يركز على ثلاثة أولويات رئيسية وهي تطوير الأعمال للمنتجات المبتكرة وتمويل التطوير السريري لتعزيز البرامج الداخلية وتوفير الدعم لإطلاق أكبر منتج تجاري بنجاح. ويُمكّن هذا التركيز على تخصيص رأس المال المدير المالي من تعزيز التعاون داخل الفريق والعمل على تحقيق الأهداف الاستراتيجية الأساسية للشركة.

3. تبسيط المهام بشكل جذري

يسعى المدراء الماليون الأكثر كفاءة إلى تبسيط مهامهم بشكل جذري. ومن الشائع وجود مئات أو آلاف التقارير التي يتعين على الموظفين إعدادها في الأقسام المالية حتى في الشركات الصغيرة أو المتوسطة، وغالبًا ما تكون المعلومات مكررة أو لا ترتبط بالاستراتيجية العامة للشركة وهو السيناريو الأسوأ. ويظهر هذا التكرار أيضًا في مسؤوليات الموظفين وأدوارهم، حيث يمكن أن يُكلف عدة أشخاص بأداء المهمة ذاتها مع وجود بعض الاختلافات. فعلى سبيل المثال، لو طرحنا مقارنة بين عمليات شركة زراعية كبيرة وشركة طيران وطنية لتوضيح التحديات المتشابهة التي يمكن أن تواجه إدارات المالية في قطاعات مختلفة. على صعيد إحدى الشركات الزراعية الكبرى، كان هناك ثلاثة مدراء مختلفين، في مواقع مختلفة، مسؤولين عن تتبع أوامر طلبات الشراء للشركة، وهذا بالطبع يُظهر الإرباك والتكرار الذي قد ينشأ داخل المنظمة عندما لا تُحدد الأدوار والمسؤوليات بوضوح أو تُنسق بشكل جيد. أما على صعيد شركة وطنية للطيران يمكن أن تطرأ مشاكل مماثلة من عدم الاتصال وعدم التوافق حتى في صناعة مختلفة مثل الطيران. إذ اكتشف رئيس المالية أن الموظفين في الاتصالات الخارجية كانوا يصدرون بيانات لا تتماشى مع الرسائل الرئيسية من جانب علاقات المستثمرين، مما يُظهر انقطاعًا في التواصل والتنسيق داخل إدارة المالية. وبشكل عام، ربطنا النموذجين لتسليط الضوء على الطبيعة الشائعة للتحديات التي تواجه إدارات المالية، بغض النظر عن الصناعة التي تنتمي إليها. ويُؤكد ذلك على أهمية رؤساء الماليات الفعّالين في التعامل بشكل استباقي مع هذه التحديات من خلال تبسيط العمليات، وتوضيح الأدوار والمسؤوليات، ومواءمة الوظائف المالية مع الأهداف الاستراتيجية العامة.

وينجح المدراء الماليون الأكفاء في توفير الوقت وتحقيق الأهداف الطموحة للشركة من خلال تحديد النتائج المحتملة بوضوح وضمان تركيز فرقهم على الأنشطة الضرورية لخلق قيمة استثنائية (الشكل).

الشكل

لقياس تأثير المبادرات بشكل عملي، من الضروري تقييم أداء الشركة بالمقارنة مع نظرائها، بما في ذلك على مستوى قطاعات الأعمال المختلفة. كما يجب تحديد العوامل الأساسية التي تميز أداءها (مثل النمو وتوسيع هوامش الربح) وقياس توقعات المستثمرين الحالية والمستقبلية بشأن كل قطاع رئيسي. بالإضافة إلى ذلك، من المهم تحديد مؤشرات وأهداف واضحة للأداء والسعي المستمر لتحقيقها.

4. التغلب على الضغوط

من المعروف أن بعض الأيام تكون أكثر انشغالاً بالمهام والأعمال من غيرها. وهناك بعض الفترات، مثل إجراء عملية استحواذ مهمة أو حدوث أزمة كبرى أو الأيام القريبة من موعد إعلان النتائج المالية الربعية أو السنوية، التي قد تنطوي على ضغوط متزايدة بشكل خاص. مع ذلك، يجب ألا يُعامل كل يوم كأنه أزمة جديدة.

يبذل المدراء الماليون الأكثر كفاءة جهودًا هائلة في تطوير الأدوات والتقارير والجداول الزمنية التي تسمح بإجراء تغييرات مرنة، مما يسهم في توفير الوقت بشكل فعال. ويستند هذا النهج إلى مبادئ إدارة الأداء، بما في ذلك استخدام القوالب الموحدة، وتحديد بنود العمل بوضوح، وصياغة أهداف محددة تُحدَّث بانتظام من أجل متابعة التقدم المحرز. كما يجب أن يكون لدى المدراء الماليون وفرقهم دليلاً موحدًا يتضمن الأسئلة الرئيسية لتقييم النتائج الفعلية والمتوقعة بشأن النموذج المستخدم والاستثمارات ومتابعة المبادرات. إلى جانب ذلك، ينبغي وضع إرشادات واضحة للحالات التي تتطلب تحليلات معينة (مثل إدارة التباين بناءً على حد أدنى محدد) وتوضيح الإجراءات والحوكمة والجداول الزمنية المطلوبة. ولضمان تخصيص الموارد الكافية للمشروعات الأكثر تأثيرًا، يجب على المدراء الماليين الاجتماع بأعضاء فرقهم والمدير التنفيذي كل أسبوع على الأقل لمتابعة تخصيص الموارد.

وفي هذا السياق، لقد نجح مدير مالي في إحدى الشركات الصناعية في تقليل عدد الاجتماعات التي يحضرها بشكل ملحوظ، وأسند مهمة إجراء المراجعات الشهرية إلى رئيس قسم التخطيط المالي والتحليل. علاوة على ذلك، سعى هذا المدير إلى عقد اجتماعات فردية لتركز بشكل أساسي على التطوير الشخصي بدلاً من مراجعة المحتوى. وتسلط الاجتماعات التي يعقدها مع الفرق (أثناء وقته الخاص) الضوء على عدة قضايا ترتبط مباشرة بالاستراتيجية وأداء الشركة. كما تُوجه دعوة للقادة الفنيين وقادة الأعمال الآخرين لحضور الاجتماعات بناءً على الموضوعات المطروحة، مما يعفيه من ضرورة التواصل معهم لاحقًا، ويسهم في تقليص الوقت اللازم لاتخاذ القرارات.

5. التغلب على الجمود الثقافي

يُقاس الأداء المالي عادة بالأرقام الدقيقة. لكن بعض العقبات الرئيسية التي تستهلك الوقت لا تتعلق بالحسابات الرياضية، بل تكمن في الجوانب السلوكية. وتتجلى الانحيازات البشرية الشائعة، مثل ميل الأفراد نحو تجنب المخاطر وخوفهم من الخسارة، بشكل واضح في المؤسسات الكبرى، مما يؤدي إلى عرقلة الإجراءات وتقديم نتائج غير مرضية.

ويستطيع المدراء الماليون التغلب على الجمود الذي يستنزف الوقت من خلال تبني عدة استراتيجيات فعّالة. أولًا، يجب عليهم تحديد أولوياتهم الاستراتيجية بدقة، بدلًا من التورط في مشاريع جذابة لكنها غير أساسية، أو حتى أسوأ، اعتبار الخطة الاستراتيجية مجرد بند آخر في قائمة المهام. ويُفضل مراقبة استراتيجيات الشركة وتعديلها بناءً على التقدم الفعلي للشركة، وذلك من خلال مقارنة نتائج الأعوام الثلاثة الماضية بالخطط المستقبلية للأعوام الثلاثة القادمة، مما يوفر رؤية واضحة ومستمرة للأداء عبر مختلف الأطر الزمنية.

ويجب ألا يضيع المدراء الماليين وقتهم في محاولة التوصل إلى توافق في الآراء. ويجب على القادة الأكثر فعالية توجيه استراتيجياتهم نحو اتخاذ القرارات الرئيسية وتقييم طموحاتهم بناءً على موارد شركتهم ومكانتها في المجال، والاتجاهات الاقتصادية الكلية، وإعطاء الأولوية للقضايا الأكثر أهمية بشكل مستمر. ويمكنهم التحرر من التفكير الجماعي المحدود عن طريق اللجوء إلى طرق عملية لتقليل التحيزات (مثل الفرق الحمراء والزرقاء والأشخاص الذين يتبنون آراء مختلفة)، واستدعاء خبراء من خارج الشركة. ويجب أن تقيم الفرق ذات الأداء العالي الخطط البديلة والقابلة للتنفيذ التي تختلف في المخاطر والاستثمارات، وترصد التغييرات بمرور الوقت، وتضع خططًا بديلة لتعديل الخيارات بسرعة بينما يكتسب المدير المالي معلومات أكثر. بالإضافة إلى ذلك، يمكنهم توفير الوقت وإنهاء الخلافات الصغيرة من خلال تعديل الحوافز بحيث يحصل مديرو جميع الشركات على مكافآت عندما تحقق الشركة بأكملها أداءً متميزًا.

علاوة على ذلك، يتبع المدراء الماليون الأكثر كفاءة استراتيجيات فعالة لمواجهة التحديات. أولاً، يواجهون الركود في الميزانية من خلال تحرير الموارد قبل عام من تخصيصها بناءً على الاستراتيجيات المتبعة، ويطبقون استراتيجية "إعداد الميزانية طبقًا لقاعدة 80%" كلما كان ذلك ممكنًا بهدف زيادة سيولة الموارد. كما يفرضون تكلفة الفرصة البديلة على المدراء لتشجيعهم على تحرير رأس المال بدلاً من اكتنازه. إضافة إلى ذلك، يتبعون استراتيجية خفض التوقعات من خلال إجراء مناقشات صعبة لتحقيق تحسينات ملموسة ونموًا ملحوظًا والتزامًا فعّالاً؛ إذ إنهم يسعون إلى صياغة استراتيجيات لا تنطوي على مخاطر وتستند إلى الرهانات الكبيرة والخيارات الحقيقية، إلى جانب تعديل المقاييس والحوافز لتعكس المخاطر التي يتحملها الأفراد. على سبيل المثال، يعملون على تعديل أنظمة التعويض لتعكس احتمالات النجاح المختلفة، ويستخدمون مقاييس أداء الفريق التي تشمل فترات زمنية طويلة في بيئات محفوفة بالمخاطر. كما يشجعون على "الفشل بشرف" من خلال التركيز على جودة أداء المشاركين وإمكانات النجاح الهائلة. وأخيرًا، بدلاً من الانغماس في مخاوف الناس من التخطيط طويل الأمد، يتخذ المدراء الماليون الناجحون خطوات عملية تبدأ بتقسيم الأهداف طويلة الأمد إلى مراحل نصف سنوية، مع تحديد أهداف قصيرة المدى بناءً على عدة معايير رئيسية. ويركز المدراء الماليون بشكل أكبر على العوامل الرئيسية التي تؤثر على النتائج قصيرة المدى بدلاً من قوائم الأرباح والخسائر الشهرية أو الربع سنوية للشركة، مع تحديد المجالات التي تحتاج إلى موارد عاجلة بشكل مستمر.

6. الاهتمام بالعادات البسيطة

لكي تصبح مديرًا ماليًا ناجحًا من حيث إدارة الوقت، يجب عليك أيضًا اتباع بعض العادات البسيطة الفعّالة، وهي الطرق والممارسات اليومية التي تساعدك على أداء مهامك بشكل أفضل كقائد. ويمكن أن تلعب الإجراءات الصغيرة والخطوات المحددة دورًا حيويًا في تحسين أدائك وفاعليتك.

وإحدى العادات البسيطة الأساسية التي قد تشكل تحديًا كبيرًا هي الشفافية في التعامل مع الإدارة العُليا، خاصةً عند التواصل مع المدير التنفيذي. وغالبًا ما يعتقد المدراء الماليون الجُدد بوجود توافق تام مع المدير التنفيذي حول الأولويات الرئيسية، لكن من الضروري التحقق من هذا التوافق بوضوح. ويجب على المدير المالي الناجح أن يوضح الأولويات وخطط العمل بشكل صريح، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الطريقة المُثلى للتواصل قد تختلف باختلاف أسلوب كل من المدير التنفيذي والمدير المالي. وتتضمن النصائح العملية أن يرسل المدير المالي رسالة إلكترونية شهرية إلى المدير التنفيذي، وأن يضع جدول أعمال للاجتماعات الثنائية المنتظمة وخطة تطوير مهني تحدد الأولويات منذ البداية. وبفضل هذه الاستراتيجية القائمة على الشفافية والدقة، يستطيع المدراء الماليون تحديد أولوياتهم على نحو أفضل وتحسين مستوى أدائهم في اجتماعات لجنة الاستثمار وأداء المهام المالية.

علاوة على ذلك، من الضروري أن يولي المدراء الماليون اهتمامًا خاصًا لتعزيز علاقاتهم ليس فقط مع المدير التنفيذي، بل أيضًا مع مجلس الإدارة. وغالبًا ما يتبنى أعضاء مجلس الإدارة وجهات نظر مختلفة ولديهم توقعات متفاوتة. وعلى الرغم من أن هذا التباين يُعتبر مصدر إحباط، إلا أن المدير المالي الكفء يستطيع تحويل هذه التحديات إلى فرص لتحسين إدارة الوقت؛ كلما أدرك المدير المالي احتياجات أعضاء المجلس بشكل أفضل، كلما تحسنت قدرته على تلبية هذه الاحتياجات بشكل استباقي. ومن النادر أن يظهر تعارض واضح بين أعضاء المجلس؛ إذ يعملون جميعًا من أجل خدمة مصالح الشركة ومساهميها. لكن عندما تحدث الخلافات، يُقدّر مجلس الإدارة المدير المالي الذي يمكنه طرح المشكلات بوضوح (مثل النقاش حول ما إذا كان ينبغي تخفيض قيمة استثمار معين)، ويقدم تحليلاً واضحًا للحقائق ويبين المزايا والعيوب والتكاليف والفوائد لكي يصبح المجلس قادرًا على مواجهة المشكلات قبل أن تتفاقم.

إضافةً إلى تعلّم فن التعامل مع المدراء، يتقن المدراء الماليون الناجحون أيضًا فن إدارة الذات. وتشمل العادات البسيطة الفعالة كتابة مذكرة تحدد الأولويات الرئيسية؛ وهو ما يساهم في توضيح الأهداف وتحديدها فورًا. ولا تزال هذه الخطوة تؤتي ثمارها من خلال مراجعة هذه المذكرة بصفة منتظمة كل ثلاثة أشهر. من ناحية أخرى، يعد تخصيص الوقت للتفكير استثمارًا يوفر الوقت في المستقبل، إذ يساعد في التخفيف من ضغوط العمل اليومية ويسمح لك بالتركيز مجددًا على الأهداف الرئيسية. وهناك عدة استراتيجيات مفيدة أخرى، منها تقليل مدة الاجتماعات وعددها وعدد المشاركين فيها، حيث يمكن دائمًا تخفيض مدة الاجتماعات من ستين دقيقة إلى خمس وأربعين دقيقة ومن ثلاثين دقيقة إلى عشرين أو خمس وعشرين دقيقة. ويساهم الالتزام بجدول المواعيد في الاجتماعات في مناقشة الموضوعات الرئيسية على نحو فعال. إلى جانب ذلك، يمكن تقليل عدد الاجتماعات؛ حيث يمكن عقد اجتماعيات أسبوعية بدلاً من الاجتماعات اليومية، وقد تُعقد الاجتماعات الشهرية كل شهرين أو حتى كل ثلاثة أشهر حسب الموضوع المراد مناقشته. وينبغي أن تقتصر الاجتماعات على صناع القرار والأشخاص الذين يمكنهم تقديم المساعدة فورًا؛ إذا لم يُتخذ قرار في نهاية الاجتماع، فربما كان من الأفضل ألا يُعقد من البداية. وبالرغم من أن الاجتماعات العامة قد تساعد في بناء علاقات قريبة مع الفريق، يجب أن يُحدد عددها بعناية لتجنب إهدار الوقت الثمين في اجتماعات ومكالمات متكررة.

وفي النهاية، لتحقيق أفضل أداء ممكن، ينبغي للمدراء الماليين السعي نحو الالتزام بعادات يومية ثابتة. ومن المهم ممارسة أي نشاط بدني بشكل منتظم وتخصيص وقت للراحة والاسترخاء والحرص على الحصول على قسط كافٍ من النوم. إلى جانب ذلك، يجب تخصيص وقت للعائلة والأنشطة الشخصية. وتشير تجارب العديد من القادة البارزين إلى أن اللحظات الأكثر إلهامًا غالبًا ما تأتي خلال فترات الانفصال عن ضغوط العمل. ورغم أن وضع حدود واضحة بين العمل والحياة الخاصة قد يبدو مهمة صعبة وشاقة، لكننا لاحظنا أن العديد من المدراء الماليين نجحوا في تحقيق ذلك، مما أدى إلى تحسين حيويتهم وكفاءتهم وفعاليتهم بفضل الالتزام بممارسة عادات يومية ثابتة.


يواجه المدراء الماليون عدة تحديات معقدة في الوقت ذاته، حيث لا تقتصر مهمتهم على تنفيذ استراتيجيات الشركة على نطاق واسع فحسب، بل تمتد إلى إدارة مهام وظيفية تتطلب اهتمامًا دقيقًا بالتفاصيل، فضلاً عن دورهم كمستشارين جديري بالثقة للمدير التنفيذي. ويتطلب النجاح في هذه الأدوار مستوى عالٍ واستثنائي من التركيز والانضباط، خاصة للمدراء الماليين الذين يتحملون هذه المسؤوليات بشكل مفاجئ. وبالرغم من هذه التحديات، يتمكن أكفأ المدراء الماليين من تخصيص الوقت الكافي لإدارة هذه المهام من خلال تطبيق ست مجموعات أساسية من الاستراتيجيات، مما يمكنهم من خلق قيمة متميزة واستثنائية للشركة على المدى البعيد.

Explore a career with us