التجربة قبل الوجهة: كيف تغير السفر في عالم اليوم

| مقالة

ملاحظة: إننا نبذل قصارى جهدنا للحفاظ على جميع التفاصيل الدقيقة عند ترجمة المقالة الإنجليزية الأصلية، ونعتذر عن أي جزئية مفقودة في الترجمة قد تلاحظونها من حين لآخر. نرحب بتعليقاتكم على البريد الإلكتروني التالي reader_input@mckinsey.com

منذ أن بدأ الناس بالسفر لأغراض الترفيه، كانت الدوافع الأساسية هي البحث عن تجارب جديدة ومميزة، إذ يسعى المسافرون لِلقاء السكان المحليين الودودين، وتذوق أطعمة جديدة لم يسبق لهم تجربتها، والتجول في مناظر طبيعية غير مألوفة، والمشاركة في التقاليد الثقافية التي تجعلهم يشعرون حقًا بأنهم غادروا بيئتهم المعتادة. لأن السفر هنا ليس مجرد انتقال من مكان لآخر، بل هو وسيلة لاكتشاف عالم جديد، مليء بالتجارب التي تثري الروح وتكسر الروتين اليومي.

أما في الوقت الحاضر، أصبحت التجارب عاملًا رئيسيًا يدفع المسافرين لاتخاذ قراراتهم بشأن السفر، حيث يبحث الكثيرون عن لحظات فريدة قد تغير حياتهم، وهذا ما يدفعهم لاختيار وجهات بعينها. هذا السعي وراء التجربة المثالية يؤثر حتى على الوجهات التي يختارونها. ومع أن هذه التجارب تثير حماسًا كبيرًا وتمثل قيمة كبيرة، إلا أن صناعة السفر لم تتمكن بعد من تطوير نهج شامل يحقق التوازن بين إرضاء المسافرين، وتحقيق الفائدة لمقدمي هذه التجارب، وتحقيق أرباح مستدامة للشركات والموزعين وأصحاب المصالح في هذا المجال.

المزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية

شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية

تصفح المجموعة

يجد المسافرون اليوم أنفسهم أمام مجموعة كبيرة من التجارب المتاحة، مما قد يسبب لهم حيرة في اتخاذ القرار. لذلك، هم بحاجة إلى منصات سهلة الاستخدام تساعدهم في تصفح هذه التجارب وحجزها بشكل فوري ومن أي مكان في العالم. في المقابل، يسعى مقدمو التجارب، وغالبًا ما يكونون شركات صغيرة يديرها أفراد شغوفون، إلى زيادة الوعي بما يقدمونه من أنشطة فريدة. لكنهم يشعرون بالإحباط عندما تكون أوصاف هذه الأنشطة على منصات الحجز غير كافية لنقل جاذبية تلك الأماكن وجذب انتباههم، أو عندما يحدث خطأ في التعامل مع العملاء من قبل الأطراف الوسيطة. في نفس الوقت، تعمل منصات الحجز على أن تصبح وجهات شاملة توفر كل أنواع التجارب في مكان واحد، لكنها تواجه صعوبة في تحقيق الربحية على نطاق واسع بسبب تنوع هذه الأنشطة. أما المؤسسات التقليدية مثل شركات الطيران والفنادق، فهي لا تزال تبحث عن أفضل الطرق لدمج التجارب الفريدة داخل عملها الأساسي المعقد لتقديم قيمة أكبر للمسافرين.

يمثل السوق العالمي للتجارب السياحية فرصة تتجاوز قيمتها تريليون دولار. وتبرز الأجيال الشابة بشكل خاص في إقبالها الكبير على الإنفاق في هذا المجال، مما يشير إلى أن هذا القطاع سيواصل نموه في المستقبل. ومع ذلك، لا يزال حوالي نصف هذه المعاملات يتم بشكل تقليدي بعيدًا عن الإنترنت. ومع التحول المتزايد نحو الحجز الرقمي، هناك فرصة كبيرة للشركات التي تستطيع أن تتوقع التحديات والمشكلات التي قد تواجه العملاء في كل خطوة من خطوات عملية الحجز، والعمل على إزالتها. هذه الشركات ستكون قادرة على الاستحواذ على حصة كبيرة من هذا السوق المتنامي.

كيف يمكن لمقدمي التجارب أن يلبوا رغبة المسافرين في خوض تجارب ساحرة وفريدة، وفي الوقت نفسه يجذبون عملاء جدد من مختلف أنحاء العالم؟ وكيف يمكن لمنصات الحجز أن تبسط عملية اكتشاف وحجز هذه التجارب وتوسع نطاقها، مع توفير قيمة حقيقية لمقدمي الخدمات؟ وما الذي يمكن أن تتعلمه شركات الطيران والفنادق من التجارب المدهشة التي يقدمها المرشدون السياحيون؟ وكيف يمكن لهذه الشركات أن تصبح موزعًا لهذه التجارب، وفي نفس الوقت إدخال روح السحر والتجربة الفريدة إلى صميم أعمالها الأساسية؟

يستعرض تقرير جديد بعنوان "الدور المتطور لنوعية التجارب في السفر"، الذي أعدته مؤسستي "ماكنزي" و"سكفيت"، عالم التجارب السياحية المتنوعة1، بدءًا من الحفلات الموسيقية الضخمة في الملاعب، وصولاً إلى رحلات الطبيعة التي يصاحبها مرشدين وتجارب الطهي المنزلية. وبالتعمق أكثر في تفاصيل التقرير، نجد أن التقرير يركز على تقييم الوضع الحالي لصناعة التجارب، ويطرح أفكارًا لمعالجة التحديات التي تواجهها. بالإضافة إلى ذلك، يستعرض التقرير الفرص المتاحة للأطراف المختلفة في هذا المجال لاستثمار الاهتمام المتزايد بالتجارب السياحية وتحويله إلى نجاحات ملموسة.

نوعية التجارب تعيد رسم ملامح الطلب على السفر

في الماضي، كان المسافرون يختارون الوجهة أولاً، ثم يفكرون لاحقًا في الأنشطة التي سيقومون بها عند الوصول. أما اليوم، فلا يعتبر المسافرون التجارب مجرد أفكار عابرة. بل باتت قراراتهم المتعلقة بالسفر تستند بشكل متزايد إلى الأنشطة التي يرغبون في تجربتها. وقد يعكس هذا التوجه الجديد عملية التخطيط للسفر، حيث تصبح التجارب في مقدمة الاهتمامات، بينما يأتي اختيار الوجهة في مرحلة لاحقة.

وقد أظهر استطلاع حديث أجرته مؤسسة ماكنزي أن العوامل الأكثر أهمية بالنسبة للمسافرين عند اختيار وجهة السفر2 تتجاوز الاحتياجات الأساسية مثل الأمان، وسهولة التنقل، والتكلفة، وتنوع وجودة أماكن الإقامة، كما هو موضح في (الشكل 1). فقد أشار المشاركون إلى أن تنوع وجودة الأنشطة المحلية المتاحة يحتلان مرتبة عالية في اهتماماتهم، إذ جاء هذا العامل في المرتبة الثانية مباشرة بعد الاحتياجات الأساسية. وبالإضافة إلى ذلك، أظهر الاستطلاع أن المشاركين يولون اهتمامًا كبيرًا بفرصة تجربة العادات والثقافة المحلية الأصيلة، مما يجعلها عاملاً مهمًا في قراراتهم المتعلقة بالسفر

1

من الواضح أن الاهتمام بالتجارب السياحية لن يتلاشى في المستقبل القريب، وهذا يتجلى بشكل خاص في تفضيلات المسافرين من جيل الشباب. ووفقًا لبيانات استطلاع أجرته ماكنزي، أظهر 52٪ من جيل "زد" أنهم يميلون إلى الإنفاق الكبير على التجارب، مقارنةً بـ 29٪ فقط من جيل "الطفرة"3. علاوة على ذلك، أكد مسافرو جيل "زد" أنهم يسعون لتوفير المال في أمور مثل تذاكر الطيران، والتنقل المحلي، والتسوق، والطعام قبل أن يفكروا في تقليل إنفاقهم على التجارب، مما يبرز الأولوية الكبيرة التي يضعها هذا الجيل على خوض تجارب مميزة.

سوق التجارب السياحية قد يصل إلى أكثر من تريليون دولار.

إن سوق التجارب السياحية كبيرًا، وتشير بعض التقديرات إلى أنه يشهد نموًا سريعًا. ومن أجل تقدير حجمه، قمنا بتحليل القيمة الإجمالية للجولات السياحية والمعالم والأنشطة المتاحة حول العالم. ووفقًا لتحليلنا، قد تتجاوز قيمة هذا السوق العالمي 3 تريليونات دولار، مما يعكس حجمه الكبير وفرص النمو التي يقدمها.

وفي الواقع، يشارك الكثير من السكان المحليين في الأنشطة والتجارب المقدمة في الوجهات السياحية، لكن وفقًا لأبحاثنا، فإن الزوار - سواء كانوا محليين أو دوليين - يمثلون حوالي 30٪ من سوق هذه التجارب. هؤلاء الزوار ينفقون ما بين 1.1 تريليون إلى 1.3 تريليون دولار على هذه الأنشطة السياحية. بناءً على ذلك، قمنا بتحديد "السوق المتاح" للتجارب السياحية باعتباره الفرص التي يمكن الاستفادة منها في هذا المجال، مستندين إلى هذا الإنفاق الكبير من قبل الزوار.

بعد ذلك، قمنا بتقدير حجم السوق المستهدف من خلال تحليل نسبة التجارب السياحية المنظمة والمدفوعة، (مثل الجولات التي ينظمها مرشدون محترفون أو الفعاليات التي تحتاج إلى تذاكر)، مقارنةً بالتجارب التي يقوم بها السياح بمفردهم، (مثل زيارة المتاحف دون تخطيط مسبق). وفي الحقيقة، تمثل الأنشطة المدفوعة والمنظمة جزءًا كبيرًا من السوق الذي يمكن أن تستفيد منه جهات متعددة، مثل مقدمي الجولات السياحية، والمنصات الوسيطة مثل مواقع الحجز الإلكتروني، وأطراف أخرى في صناعة السفر مثل الفنادق وشركات الطيران.

وحسب تقديراتنا، تشكل الأنشطة السياحية المدفوعة والمنظمة حوالي 25٪ من إجمالي الإنفاق العالمي على التجارب السياحية، ما يعادل ما بين 250 مليار إلى 310 مليار دولار سنويًا، كما هو موضح في (الشكل 2). مع العلم يشمل هذا الرقم إنفاق السياح على مجموعة متنوعة من الأنشطة، مثل حضور الحفلات الموسيقية، ومباريات البيسبول، والجولات التاريخية، ورحلات المشي في الطبيعة، وزيارات المتنزهات الترفيهية، وجلسات العلاج في المنتجعات الصحية، والجولات في المتاحف، بالإضافة إلى العديد من الأنشطة الأخرى. ومن الجدير بالذكر أن هذا السوق يشهد نموًا مستمرًا، حيث يتوقع الخبراء أن يحقق هذا القطاع نموًا يزيد عن 14٪ سنويًا بحلول عام 2025. 4

2

نهج جديد متطور من أجل خلق تجارب استثنائية

تُعد التجربة الاستثنائية حجر الأساس لأي رحلة، ويمكن أن تبقى محفورة في ذاكرة المسافر لسنوات طويلة. ومن خلال محادثاتنا مع 19 من مقدمي التجارب السياحية، برزت عدة عناصر أساسية تساهم في خلق تجارب رائعة لا تُنسى. هذه المكونات تعتبر أساسية في تقديم تجربة مميزة تترك أثرًا عميقًا لدى المسافرين:

  • الترفيه يأتي في المقام الأول. يلاحظ مقدمو التجارب السياحية أن مهما كان نوع التجربة المقدمة، فإن ما يبحث عنه المسافرون بشكل أساسي هو الاستمتاع والترفيه. بعبارة أخرى، الهدف الأهم للمسافرين هو قضاء وقت ممتع والحصول على تجربة ترفيهية تجعلهم يشعرون بالراحة والسعادة.
  • المرشدون المدربون جيدًا يصنعون الفارق، حيث تعتمد التجربة الساحرة والموجهة بشكل كبير على دور المرشد، ولهذا السبب يركز مقدمو التجارب السياحية على تطوير موظفيهم الأماميين بشكل مستمر. فمن خلال تدريبهم ليكونوا على درجة عالية من الاحترافية والجودة، يصبح بإمكانهم تقديم تجربة تترك انطباعًا إيجابيًا يدوم مع المسافرين.
  • الأصالة والتفاعل مع الثقافة المحلية عنصران أساسيان في التجربة، وذلك لأن الزوار يُقدّرون للغاية الخُطط المدروسة بعناية التي تتيح لهم التواصل مع روح المكان وتقديمه بطريقة تعكس واقعه وثقافته. فعندما تكون التجربة مصممة بشكل يجعل الزوار يشعرون بأنهم يعيشون جزءًا من المجتمع المحلي، فإن ذلك يضيف قيمة كبيرة ويترك انطباعًا كبيراً في ذاكرتهم.
  • إدارة التوقعات ثم تجاوزها هو المفتاح لتحقيق تجربة ناجحة. فمن الضروري أن يكون هناك تواصل دائم وواضح مع العملاء لضمان فهمهم لما سيحصلون عليه. ولكن الأهم هو أن يتم تقديم خدمات تفوق توقعاتهم.
  • يجب أن يشعر الضيوف بأنهم في أيدٍ آمنة وواثقة. لأن المسافرون يحبون أن يكون لديهم إحساس بأن المرشد السياحي يتحكم في جميع جوانب الرحلة ويقودها بثقة في كل خطوة. هذا الشعور يمنحهم الراحة والأمان، مما يعزز تجربتهم بشكل إيجابي.

عند تحديد التجارب التي سيتم تسليط الضوء عليها، يمكن لمنصات الحجز مراعاة هذه العوامل. وكذلك، يمكن للشركات الكُبرى في صناعة السفر، مثل سلاسل الفنادق وشركات الطيران، الاستفادة من هذه المكونات عند تقديم تجارب إضافية عبر منصاتها. بالإضافة إلى ذلك، يمكنهم العمل على توسيع نطاق هذه التجارب المميزة، سواء في صالات استقبال الفنادق أو خلال الرحلات الطويلة، لضمان توفير تجربة مميزة وشاملة.

العثور على التجارب وحجزها لا يزال يُمثل تحديًا، مما يتيح فرصًا كبيرة للتحسين

يستمتع العديد من المسافرين بعملية التخطيط للعطلات، حيث يجدون متعة في البحث عن التفاصيل التي تجعل رحلتهم مثالية. ومع ذلك، قد تكون عملية اكتشاف وحجز التجارب السياحية مرهقة ومعقدة. فهي تقدم قائمة واسعة من الخيارات التي قد تبدو مربكة، ولا تبرز دائمًا أفضل التجارب المتاحة. بالإضافة إلى ذلك، قد لا يتم وصف الأنشطة بدقة، مما يؤدي في بعض الأحيان إلى فجوة بين التوقعات والتجربة الفعلية.

ورغم توجه صناعة التجارب السياحية نحو التحول الرقمي، إلا أن هذه العملية لا تزال قيد التطوير. ووفقًا لبيانات عام 2023، تتم نسبة 47٪ من حجوزات التجارب السياحية بطرق تقليدية، سواء عبر الحجز المباشر عند الوصول أو عن طريق المكالمات الهاتفية أو من خلال وسطاء غير رقميين، مثل موظفي الاستقبال في الفنادق أو وكلاء السفر التقليديين5. في المقابل، تتم نسبة 22٪ فقط من الحجوزات عبر الوسطاء الرقميين مثل منصات الحجز الإلكترونية. وهذا بالطبع يشير إلى أن جزءًا كبيرًا من السوق لا يزال يعتمد على الأساليب التقليدية، على الرغم من النمو التدريجي للحجز الرقمي.

يواجه العديد من مقدمي التجارب السياحية تحديات كبيرة أثناء انتقالهم إلى استخدام منصات الحجز عبر الإنترنت لإدارة عملياتهم. هذا التحول يتطلب التكيف مع تقنيات جديدة وتغيير أساليب العمل التي اعتادوا عليها. في الوقت نفسه، تواجه منصات الحجز نفسها تحديًا في توسيع نطاق أعمالها مع الحفاظ على هوامش الأرباح أو زيادتها. ويتطلب تحقيق النمو وزيادة الحجوزات عبر هذه المنصات توازنًا دقيقًا بين توسيع العمليات والحفاظ على الربحية

المسافرون لا يحصلون دائمًا على ما يريدون أو يحتاجون من منصات الحجز عبر الإنترنت

تقدم بعض منصات الحجز التي توفر تجارب سياحية قواعد بيانات ضخمة من الأنشطة على شكل قوائم، لكنها قد لا تكون منتقاة بعناية. وقد تكون هذه القوائم الكبيرة مربكة للمسافر الذي لا يعرف بالضبط ما يبحث عنه، مما قد يجعل العثور على الأنشطة المثالية أمرًا صعبًا. ونتيجة لذلك، قد لا تظهر التجارب المميزة أو "الكنوز المخفية" بوضوح ضمن هذه القوائم. علاوة على ذلك، الأنشطة والجولات التي تظهر على المنصات قد لا تخضع للتدقيق الكافي لضمان الجودة. وبالتالي، قد لا تُلبي توقعات المسافرين من حيث الجودة أو القيمة المقدمة، أو قد لا تتطابق مع الوصف المختصر والصور المصغرة التي يرونها على المنصة.

ومن الممكن تحسين عملية اكتشاف وحجز التجارب السياحية لتكون أكثر سهولة ومتعة، وأيضاً يُمكن للمسافرين الاستفادة من أنظمة مبسطة وممتعة لاكتشاف الأنشطة، بما في ذلك تلك المرتبطة بوسائل التواصل الاجتماعي، مما يسهل عليهم العثور على التجارب المناسبة. إضافة إلى ذلك، يمكن جعل عملية الحجز أكثر سلاسة وبساطة، بحيث تصبح غير معقدة تمامًا للمستخدم. وأخيرًا، يمكن تحسين خدمة العملاء لضمان أن يعرف المسافر دائمًا من يجب التواصل معه للحصول على المساعدة، حتى في اللحظات الطارئة أو عندما يحتاج إلى الدعم بشكل عاجل.

مقدمو التجارب يمكنهم الاستفادة من التحول الرقمي، لكن قد يواجهون بعض التحديات

في مقابلة مع 19 مقدم خدمة سفر في يونيو 2024، أفاد 78٪ منهم بأنهم يحصلون على نصف حجوزاتهم على الأقل عبر منصات الحجز الإلكترونية. هذه المنصات تساعدهم على جذب الانتباه وزيادة الوعي بالتجارب التي يقدمونها بفعالية أكبر من مواقعهم الفردية. السبب يعود إلى قدرة المنصات على استثمار المزيد في تحسين ظهورها في نتائج محركات البحث، وترجمة المحتوى للغات المحلية، وتسويق الكلمات المفتاحية، مما يمنحها ميزة تنافسية قوية في جذب العملاء عبر الإنترنت.

ورغم أن المنصات الإلكترونية تقدم مزايا كبيرة للمشغلين (مُقدمي الخدمة)، فإنها تصطدم أيضًا ببعض التحديات الأساسية. وتكمن إحدى هذه التحديات في تنوع الأنشطة المعروضة، التي تتراوح بين المغامرات المجهدة بالهواء الطلق وحتى الدروس الهادئة لتعلم الطهي، بالإضافة إلى الجولات السياحية الكبيرة والفعاليات الصغيرة والخاصة. ويصعب على هذه المنصات تطبيق نهج موحد لعرض هذه الأنشطة بفعالية، على عكس تذاكر الطيران التي تكون متشابهة ويسهل مقارنتها. إن الأنشطة والجولات التي تم تصميمها بشكل خاص تحتاج إلى طريقة عرض مخصصة تبرز خصوصيتها وتعزز من جاذبيتها للمستخدمين، مما يساهم في تقديم تجربة أكثر تفردًا وجذبًا للعملاء.

كما تواجه المنصات الإلكترونية للحجز، التي تعمل كوسيط بين مقدمي الخدمات والعملاء، تحديات تثير الإحباط لدى مقدمي الخدمات. على سبيل المثال، عندما يواجه العملاء مشكلات في الخدمة أو يريدون إلغاء حجزهم أو تعديله، قد لا تتم معالجة طلباتهم بكفاءة. غالبًا ما يتوجه العملاء إلى التواصل مع المنصة بدلاً من التفاعل المباشر مع مقدم الخدمة، وهو الأمر الذي قد يكون أكثر فاعلية. هذا يؤدي إلى إبلاغ مُقدم الخدمة بمشاكل الخدمة أو طلبات تغيير الحجز متأخرًا، أو ربما لا يتم إبلاغه بها على الإطلاق. هذا النقص في التواصل يعيق العملية ويؤثر سلبًا على تجربة كلاً من مقدمي الخدمات والعملاء.

التوجه نحو توحيد الصناعة عبر منصات الحجز الإلكترونية

تقدم منصات الحجز الإلكترونية حلاً فعالاً للمسافرين الباحثين عن تجارب سفر متنوعة، خاصة في سوق يشهد تشتتًا كبيرًا بين العديد من مقدمي الخدمات الصغار، حيث تعمل هذه المنصات كمركز موحد يسمح للمسافرين بتصفح ومقارنة خيارات عديدة بكفاءة وسرعة، مما يختصر عليهم الوقت والجهد. كما تسهل هذه المنصات عمليات الدفع والتواصل، مما يعد ميزة كبيرة خصوصًا عندما تكون هناك عوائق لغوية أو تعاملات بعملات أجنبية. وبذلك، تقدم المنصات تجربة سفر أكثر سلاسة وراحة للمستخدمين، مما يجعلها الخيار المفضل للكثير من المسافرين الراغبين في استكشاف تجارب جديدة.

تواجه منصات الحجز الإلكترونية تحديًا كبيرًا في تحقيق التوازن بين النمو السريع وزيادة الربحية. حتى الآن، ركزت هذه المنصات على تعزيز الإيرادات العامة، لكن بناء منصة كبيرة يتطلب استثمارات ضخمة، تشمل شراء مخزون ضخم من الخدمات وتطوير أدوات تقنية متقدمة. السؤال الرئيسي هنا هو كيف يمكن لهذه المنصات أن تستمر في زيادة الإيرادات مع تحسين هوامش الربح في الوقت نفسه؟ لتحقيق ذلك، تحتاج المنصات إلى تحقيق نمو مستدام في الإيرادات مع الحفاظ على كفاءة التكاليف وتعزيز الربحية على المدى الطويل.

استكشاف فرص مربحة في عالم تجارب السفر

مؤخرًا، أصبح قطاع تقديم التجارب السياحية يجذب اهتمامًا كبيرًا، إذ ينظر العديد من اللاعبين الجُدد في السوق إلى هذا المجال كفرصة واعدة للربح. كما يُظهر القطاع هوامش ربحية مرتفعة، حيث أفاد المشغلون أنهم يحققون هوامش تصل إلى 60%، حتى بعد خصم العمولات التي تأخذها منصات الحجز. ويعود السبب في هذه الهوامش الربحية إلى أن تكاليف العمالة تشكل النسبة الأكبر من مصاريفهم. بناءً على ذلك، يعتبر قطاع التجارب وجهة مغرية للشركات التي تبحث عن توسع واستثمار مربح.

ما هي الاستراتيجيات التي تمهد لأصحاب المصلحة طريقهم للنجاح في مجال تجارب السفر ؟

مع تزايد أهمية التجارب السياحية، تظهر فرص جديدة للفاعلين في قطاع السفر، مما يدفع الشركات – من منظمي الجولات إلى وكلاء السفر – لإعادة النظر في استراتيجياتهم، إذ يتوجب على هذه الشركات أن تركز على دمج التجارب الفريدة ضمن خدماتها، مما يرفع من قدرتها التنافسية ويجذب المزيد من المسافرين. إن تعزيز جودة وتميز هذه التجارب ليس فقط مفتاح النجاح، بل هو أيضًا الطريق نحو تحقيق نمو مستدام في سوق السفر الذي يشهد تغيرًا مستمرًا.

يجب على شركات المجال الابتكار من خلال خلق تجارب مميزة لتحقيق نمو في الصناعة

أما بالنسبة لمقدمي التجارب السياحية، تبدأ الخطوة الأولى بتوفير تلك اللحظات الفريدة والأصيلة التي يبحث عنها المسافرون بشغف. هذه اللحظات تشكل الأساس لكل شيء آخر؛ فمن دون تحقيق هذا المتطلب الأساسي، لا يمكن التقدم إلى الخطوات التالية. بعد أن ينجح مقدمو الخدمات في تقديم تجارب مميزة تلقى استحسان العملاء، يمكنهم بعدها التركيز على استكشاف وتحسين عوامل النجاح الأخرى على النحو التالي: -

  • تلبية احتياجات العملاء تتطلب متابعة دقيقة للتغيرات في التوجهات والاهتمامات المتجددة للمسافرين، حيث يجب على مقدمي الخدمات أن يبقوا على اطلاع دائم بتغير أذواق العملاء وتكييف خدماتهم لتتماشى مع هذه الأذواق المتطورة، إلى جانب ذلك، من الضروري أن يشعر المسافرون بالثقة والأمان منذ لحظة الحجز وحتى نهاية تجربتهم، فالإحساس بالراحة والأمان يعزز رضا العملاء ويجعلهم يشعرون بأنهم في أيدٍ أمينة طوال الرحلة.
  • التسويق الذكي يعتمد على استخدام الكلمات والصور المناسبة التي توصل الفكرة بشكل جذاب ومؤثر، حيث يمكن من خلال اختيار العبارات الدقيقة والصور الملفتة توضيح الفوائد والمزايا التي تقدمها التجربة بطريقة تغري العملاء، إذ يُسهم هذا الأسلوب في جذب الانتباه وإثارة الاهتمام، مما يجعل العملاء يشعرون بقيمة التجربة، ويعزز رغبتهم في استكشاف المزيد، فيكون الهدف النهائي إيصال الفكرة بقوة وإقناع العميل بجودة وقيمة التجربة المقدمة.
  • أنظمة الاستكشاف تتطور باستمرار، مما يجعل من الضروري لمقدمي الخدمات البحث عن العملاء في الأماكن التي يتواجدون فيها، ومن أبرز هذه الأماكن وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت منصة رئيسية لاكتشاف الأنشطة والتجارب، لذا يجب على مقدمي التجارب أن يكونوا حاضرين بفعالية على هذه المنصات، حيث يعزز وجودهم هناك من فرص الوصول إلى العملاء المحتملين ويتيح لهم التفاعل معهم بشكل مباشر وجذاب، مما يسهم في توسيع قاعدة العملاء وزيادة الوعي بخدماتهم وتجاربهم المتاحة.
  • استراتيجية الحجز. يمكن لمقدمي الخدمات استخدام استراتيجيات حجز متنوعة، وكل استراتيجية قد تناسب احتياجاتهم بطريقة مختلفة. من المهم أن يفكروا في كيفية تغير احتياجاتهم بمرور الوقت عند اختيار الطريقة المناسبة للحجز. على سبيل المثال، قد تساعد بعض استراتيجيات الحجز في الوصول إلى عدد أكبر من العملاء، لكنها قد تتطلب دفع عمولات أو التخلي عن بعض التحفظات الخاصة بعمليات الحجز. لذلك، يجب على مقدمي الخدمات اختيار الطريقة التي تناسب احتياجاتهم الحالية وتكون مرنة لتلبية أي تغييرات مستقبلية.

منصات الحجز يمكن أن تحقق أرباحًا من خلال استغلال وفهم احتياجات السوق الكبير والمتنامي

قد يجد الموزعون أنفسهم في موقع مثالي للاستفادة من زيادة الطلب على تجارب السفر، حيث أدى هذا النمو إلى زيادة عدد مقدمي الخدمات وتعقيد السوق، وللنجاح في هذا السوق المتنوع، يمكن للمنصات جمع وتنظيم مجموعة واسعة من التجارب السياحية بطريقة ذكية تسهل على المسافرين الاختيار، وعرض هذه التجارب بشكل جذاب يلفت انتباه المسافرين، مع تقديم تجربة تسوق مريحة وسلسة، والهدف هو أن تكون المنصة وجهة شاملة يجد فيها المسافر كل ما يحتاجه بسهولة وثقة، مما يوفر له الوقت والجهد:

  • لبناء قاعدة قوية من مقدمي الخدمات على منصات الحجز، يتطلب الأمر إقامة علاقات متينة مع مشغلي التجارب، حيث يسعى مزودو التجارب دائمًا إلى المنصات التي توفر لهم فوائد حقيقية من خلال زيادة ظهورهم أمام جمهور أوسع، مما يعزز من فرص حجز خدماتهم، وتتيح لهم هذه المنصات فرصة الوصول إلى عملاء جدد، مما يساهم في زيادة الحجوزات بشكل ملحوظ، وبالتالي يُحقق للمزودين قيمة مضافة ويزيد من نجاحهم في السوق التنافسي.
  • تنظيم التجارب السياحية على منصات الحجز يجعل اكتشاف الأنشطة أكثر سهولة وراحة للمسافرين، فالكثير منهم لا يملكون الوقت أو الرغبة للقيام ببحث طويل ومعقد للعثور على تجارب مميزة، لذا فإن عرض هذه التجارب بطريقة منظمة وجذابة يوفر الكثير من الوقت والجهد، مما يضفي على تجربة السفر سلاسة أكبر، ويعزز من رضا المسافرين بفضل السهولة في الوصول إلى الأنشطة المثيرة التي تلبي احتياجاتهم واهتماماتهم.
  • عملية الحجز السلسة تلعب دورًا أساسيًا في جذب العملاء وتحفيزهم على العودة لاستخدام المنصة مجددًا، فكلما كانت تجربة الحجز بسيطة وسريعة دون الحاجة إلى التنقل عبر صفحات متعددة أو استخدام أدوات تصفية معقدة، زادت راحة العملاء ورضاهم، مما يعزز من احتمال تكرار استخدامهم للمنصة، وبالتالي كلما كانت العملية أكثر سلاسة، كان الانطباع الإيجابي أقوى وزادت رغبة العملاء في العودة والاستفادة من الخدمات مستقبلاً.
  • يمكن لمنصات الحجز أن تصبح أكثر فاعلية من خلال تقديم المشورة لمقدمي التجارب أو التحول إلى مقدمي تجارب بأنفسهم، حيث تمتلك هذه المنصات القدرة على جمع وتحليل كميات هائلة من البيانات، مما يمنحها رؤية شاملة لتحديد الطلبات غير الملباة في السوق، وباستخدام هذه البيانات، يمكنها اكتشاف التجارب التي يرغب بها المسافرون والتي تعاني من نقص التوافر، وبالتالي، يمكن للمنصة توجيه مقدمي الخدمات لتطوير تلك التجارب أو حتى تقديمها مباشرة، مما يلبي احتياجات المسافرين ويوفر لهم تجربة مرضية ومتكاملة.

مع تزايد الطلب على التجارب، قد يسعى رواد صناعة السفر إلى استكشاف طرق جديدة للمشاركة والاستفادة من هذا النمو المتسارع.

يمكن لجميع الأطراف المشاركة في قطاع السفر أن تستفيد من تبني منظور جديد يركز على تقديم تجارب إيجابية وذات تأثير للمسافرين. هذا قد يتطلب من الشركات إعادة تصور الخدمات التي تقدمها حاليًا بحيث تكون أكثر ارتباطًا بتجربة المسافر ككل، أو البحث عن فرص جديدة لإدماج تجارب فريدة ومميزة ضمن رحلتهم. سواء كان ذلك من خلال تحسين الخدمات الحالية أو إضافة أنشطة جديدة، الهدف هو تعزيز تجربة المسافر وتحويلها إلى تجربة لا تُنسى وذات قيمة عالية:

  • الإقامة في الفنادق يمكن أن تصبح أكثر جاذبية للمسافرين من خلال تقديم تجارب مميزة ضمن عروض الحجز، حيث تستطيع الفنادق استغلال قوة علامتها التجارية والبنية التحتية الرقمية للترويج لهذه التجارب بشكل فعّال، على سبيل المثال، يمكنها تقديم جولات سياحية محلية أو أنشطة خاصة ضمن باقات الإقامة، كما يمكنها تحسين التجارب داخل المنشأة من خلال تطوير خدمات مثل السبا أو تنظيم فعاليات مؤقتة في بهو الفندق، مما يعزز من جاذبية الفندق ويزيد من رغبة المسافرين في اختيار الإقامة به.
  • منصات تأجير العقارات قصيرة الأجل، مثل تأجير الشقق والمنازل للعطلات، يمكن أن توسع خدماتها لتشمل حجز التجارب والأنشطة بجانب الإقامة، حيث إن إضافة خيار حجز التجارب يعد خطوة منطقية نظرًا لأن معظم الحجوزات تتم عبر الإنترنت، وبفضل علاقاتها القوية مع العملاء ونظام الدفع الإلكتروني المتكامل، يمكنها تقديم خدمة حجز التجارب بسهولة، من خلال دمج الإقامات والتجارب في مكان واحد، مما يعزز تجربة العملاء ويزيد من جاذبية المنصة ويحقق إيرادات إضافية.
  • العديد من شركات الطيران تحقق إيرادات كبيرة من خلال حزم العطلات التي تشمل الرحلات والإقامة، ولكن يمكنها زيادة أرباحها أكثر عبر إضافة تجارب وأنشطة كخيارات إضافية عند حجز التذاكر، فعلى سبيل المثال، يمكن لشركة الطيران تقديم جولات سياحية أو فعاليات محلية في وجهة المسافر خلال عملية الحجز، وبما أن حجوزات الرحلات تتم عادةً في مرحلة مبكرة من تخطيط السفر، تستطيع شركات الطيران استغلال بيانات العملاء لتقديم تجارب مخصصة وجذابة، مما يعزز تجربة المسافر ويزيد من فرص تحقيق إيرادات إضافية.
  • إعادة تطوير المنتجات الأساسية في قطاع السفر يمكن أن تُقدم فرصًا لتوفير تجارب مميزة وجذابة للمسافرين، على سبيل المثال، يمكن للفنادق تحويل البهو إلى مساحة تفاعلية تنظم فيها فعاليات صغيرة أو تضيف تصاميم مميزة تجعلها أكثر جاذبية، بينما تستطيع شركات الطيران تحسين تجربة المسافرين عبر تقديم عروض ترفيهية مطورة أو تحسين أجواء المقصورة لتكون أكثر راحة، علاوة على ذلك، يمكن تجديد المساحات بطرق تجعلها جذابة على وسائل التواصل الاجتماعي، مما يعزز انتشار العلامة التجارية ويزيد من جاذبية التجربة.

الوجهات السياحية قد تقدم دعمًا لمنظومة التجارب السياحية

تلعب مكاتب الزوار وشركات إدارة الوجهات السياحية دورًا حيويًا في تلبية احتياجات المسافرين الباحثين عن تجارب مميزة، إذ تمتلك هذه الشركات قدرات وموارد فريدة لتحسين جودة التجارب في الوجهات السياحية، فهي تستفيد من خبرتها في الترويج لجذب الزوار وتنظيم الفعاليات والأنشطة التي تلبي اهتماماتهم، ومن خلال هذه الجهود، تسهم هذه الشركات في تشكيل المشهد السياحي وتعزيز جاذبية الوجهة، مما يؤدي إلى تحسين تجربة المسافرين وزيادة رضاهم.


تُعد التجارب الممتعة جوهر السفر الترفيهي، حيث تلعب دورًا أساسيًا في إدخال الفرح إلى حياة الأفراد، وهي لا تقتصر فقط على المتعة بل تسهم في تشكيل هوياتهم وتعكس اهتماماتهم وتجاربهم الفريدة، كما أن هذه اللحظات تصبح ذكريات ثمينة يحتفظ بها الأفراد كفصول هامة من حياتهم، مما يجعلها جزءًا لا يتجزأ من رحلتهم الشخصية والتجارب التي يتشاركونها مع الآخرين.

تشهد صناعة السفر نموًا سريعًا وتطورًا ملحوظًا في الوقت الحالي. وقد يمر السوق في الوقت الحالي بنقطة تحول مهمة، تتيح له فرصًا لاستحداث طرق جديدة من شأنها توطد التواصل ما بين المسافرين ومقدمي الخدمات ومنصات الحجز والجهات الأخرى المعنية. لذلك، يجب على صناعة السفر البحث عن فرص للتعاون والابتكار لتحسين الجوانب التجارية لتجارب السفر. ومع ذلك، من المهم ألا نغفل عن عنصر تحقيق المتعة الأساسي الذي يجعل من تجربة السفر حدثًا يغير حياة الناس، حيث أن هذه المتعة والسحر هو ما يضفي قيمة فريدة على كل تجربة سفر.

Explore a career with us