"رغم أننا تخلفنا عن الركب في مجال الأتمتة والرقمنة، إلا أننا استطعنا مواكبة التطور. ونسعى إلى أن نستمر في الريادة، لكننا نجد صعوبة في كيفية التعامل مع الذكاء الاصطناعي التوليدي."
المزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية
شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية
يشعر العديد من المدراء التنفيذيين حول العالم بالقلق بسبب التقدم السريع الذي تشهده تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي1. وتنتشر هذه التقنية بشكل واسع، ومن المتوقع أن تؤثر بشكل ملموس على المؤسسات والاقتصاد خلال السنوات العشر القادمة.
أصبح الذكاء الاصطناعي التوليدي سهل الاستخدام للأشخاص الذين ليس لديهم معرفة تقنية هائلة أو لم يتلقوا أي تدريب على استخدام التكنولوجيا. فهو يُستخدم الآن في أدواتنا اليومية مثل البريد الإلكتروني وبرامج تحرير النصوص وبرامج الاجتماعات، حيث إنه أحدث تحولًا كبيرًا في طريقة تنفيذ المهام. وتشير الدراسات التي أجراها معهد ماكنزي إلى أنه بحلول عام 2030، قد نستطيع أتمتة ما يقرب من 70% من الأنشطة التجارية في جميع المجالات، مما يعزز قيمة الاقتصاد العالمي بتريليونات الدولارات2.
على الرغم من التقدم الذي يشهده الذكاء الاصطناعي حاليًا، إلا أن خبراء التكنولوجيا ما زالوا يأكدون بأن الذكاء الاصطناعي التوليدي لا في المراحل الأولى من التطوير، حيث إن هذه التكنولوجيا ستتطور وتصبح أكثر ذكاءً. ومن لا يبدأ في التأقلم معها من الآن قد يتخلف عن ركب التطور والتقدم3.
في ظل هذه الظروف المتغيرة، كيف يمكن للمؤسسات الرائدة أن يكون لها دورًا رياديًا وليس "مواكبة التطور" فقط؟ ما هي الاستراتيجيات والأنظمة ووسائل جذب المواهب التي ينبغي على قادة الأعمال اللجوء إليها لتأهيل مؤسساتهم لعصر يعتمد على الذكاء الاصطناعي التوليدي؟ سوف نستعرض الإجابات على هذه الأسئلة في هذه المقال.
نظرًا للتغييرات السريعة، ليست هناك إجابة ثابتة على كيفية تطبيق تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي في المؤسسات؛ فكل مؤسسة تتطلب نهجًا خاصًا بحسب ظروفها.
ولتحقيق أقصى استفادة من الذكاء الاصطناعي، يتعين على قادة الأعمال النظر بعمق في كيفية تأثير هذه التكنولوجيا على أنشطة المؤسسة اليومية، وخاصة فريق العمل. ومن الضروري أن يتمتع الموظفون والمدراء بفهم واضح لإمكانيات هذه التكنولوجيا وحدودها، مع ربط استخدامها بأهداف المؤسسة الاستراتيجية. وفي ظل التوجه العالمي نحو تسريع الأتمتة، يمكن للقادة تهدئة مخاوف الموظفين بشأن "الاستبدال" من خلال التأكيد على قدرة الذكاء الاصطناعي على "تحسين" الأعمال وتعزيز أداء مهام العمل. فلنتخيل عالمًا يقل فيه الاعتماد على الاجتماعات ويزيد فيه الوقت المخصص للتفكير الإبداعي.
ويلعب القادة دورًا حيويًا في توضيح وتبسيط التكنولوجيا للموظفين. ويتطلب هذا النظر في التأثير الاستراتيجي للذكاء الاصطناعي التوليدي أو تقييم المخاطر والفرص الناشئة للصناعات ونماذج الأعمال. وعندما يروّج القادة لأهمية استخدام الذكاء الاصطناعي، ينبغي لهم تسليط الضوء على تطبيقات محددة التي تُظهر قوة هذه التكنولوجيا من أجل تحفيز الموظفين للمشاركة في الرحلة نحو الاستفادة من الذكاء الاصطناعي. ومع تطور مبادرات الذكاء الاصطناعي، يجب الانتقال من مرحلة التجربة إلى مرحلة التوسع واسع النطاق إلى أن تصبح هذه التكنولوجيا جزءًا من "روتين العمل اليومي". وأثناء هذه العملية، يجب الاهتمام بتطوير المهارات والقدرات المطلوبة (حاليًا وفي المستقبل) لضمان استخدام قدرات الذكاء الاصطناعي بكفاءة والحفاظ على التفوق التنافسي.
هل تأملت بعمق في التأثير المحتمل الذي قد تتركه تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي؟
تشير الدراسات التي أجراها معهد ماكنزي إلى أن الذكاء الاصطناعي التوليدي قد يتيح أتمتة نحو نصف الأنشطة التجارية التي كان من المتوقع أتمتتها بعد عقد من الآن4. وبالفعل بدأت الأتمتة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي. وذكرت الدراسات أنه من المرجح أن تتغير ساعات العمل والمهام والمسؤوليات التي يضطلع بها الأفراد من مختلف الخلفيات التعليمية ومستويات الأجور. واللافت أن الدراسات تُشير إلى أن الذكاء الاصطناعي سوف يؤثر بشكل ملحوظ على المهن التي عادة ما تتطلب مستويات تعليمية عالية، مثل التدريس والمحاماة5.
من المتوقع أن يحدد الذكاء الاصطناعي التوليدي مسار المناقشات بين القادة التنفيذيين حول بنية الشركة المثلى للاستفادة من الذكاء الاصطناعي وما إذا كان استخدام إمكانيات الذكاء الاصطناعي يمكن أن يعيد تشكيل نماذج الأعمال أو الصناعات. وفي هذا السياق، ينبغي على القادة تقييم مجموعة من النقاط الرئيسية بخصوص مستقبل العمل في المؤسسات التي ستعتمد بشكل كبير على الذكاء الاصطناعي، وهذه النقاط تشمل:
كيف سيؤثر الذكاء الاصطناعي على تشكيل المؤسسات؟ بدلاً من التقيد بالنهج التقليدي في استخدام الذكاء الاصطناعي، يجب على القادة النظر إليه كأداة استراتيجية قوية لتحقيق التفوق. ويجب عليهم دراسة الآثار المباشرة وغير المباشرة للذكاء الاصطناعي: ما هي أولويات التطبيقات التجارية الحالية والمستقبلية؟ وكيف يمكن تعديل الوظائف خلال ستة أشهر أو 12 شهرًا لتحقيق أقصى استفادة من الذكاء الاصطناعي؟ وما هي التغييرات المطلوبة لإتاحة استخدام الذكاء الاصطناعي؟ وكم عدد مهندسي البرمجيات الذين تحتاج الشركة إليهم؟ وكيف ستتغير أساليب العمل داخل المؤسسة في ظل دمج تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في أدوات معالجة النصوص والبريد الإلكتروني والاتصالات اليومية (مثل أداة Microsoft’s 365 Copilot)؟ وهل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يسهم في التحول إلى تطبيق نظام عمل من أربعة أيام فقط؟ وكيف يمكن أن يُحدث ذلك تغييرات جذرية في صناعات ونماذج أعمال معينة؟
هل تمتلك المؤسسة الكوادر الفنية المطلوبة والاستعداد لمواجهة المخاطر؟ ينبغي على القادة تقييم نموذج التشغيل لضمان تطوير المواهب الفنية بشكل مستدام وتحديث تطبيقات الذكاء الاصطناعي داخل المؤسسة باستمرار (يُرجى الاطلاع على الشريط الجانبي بعنوان "الإسراع من وتيرة البحث عن المهارات الفنية"). كما يتعين عليهم البحث في الهيكل التنظيمي ومعرفة مدى قدرته على الإشراف على تطبيقات الذكاء الاصطناعي ومواجهة المخاطر المحتملة (يُرجى الاطلاع على الشريط الجانبي بعنوان "الفوائد والمخاطر المحتملة للذكاء الاصطناعي").
كيف تؤثر ثقافة الشركة على استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي؟ قد تكون التطبيقات الحديثة للذكاء الاصطناعي أحد العوامل الرئيسية لتغيير ثقافة الشركات، فثمة تطبيقات تسهم في تعزيز الشفافية وتسهيل التواصل داخل الشركة. فعلى سبيل المثال، هناك شركات تستخدم تطبيقات تُمكن الموظفين من طرح أسئلة حول مختلف جوانب العمل كالعمليات والمبيعات وغير ذلك، حيث تستعرض هذه التطبيقات المعلومات المتاحة عن الشركة لتقديم الإجابات المناسبة التي تُوجه المستخدمون إلى البيانات الأكثر صلة، وهو ما يجعل الموظفين يشعرون بأنهم أكثر اطلاعًا واتصالاً بالشركة.
علاوة على ذلك، فإن المميزات الثقافية التي كانت عاملاً محوريًا في تحقيق النجاح للمؤسسات خلال التحديات الاقتصادية والتجارية الأخيرة مثل التكيف والسرعة والمرونة والثقة والنزاهة والتعلم والتجربة والابتكار والاستعداد للتغيير، أصبحت أكثر أهمية للمؤسسات التي ترغب في الاستفادة من تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي. ووفقًا لاستطلاع رقمي أجرته مؤسسة ماكنزي عام 2023 والذي شمل ألف منظمة، أشارت النتائج إلى وجود علاقة ملموسة بين الثقافات القوية والمبتكرة وقدرتها على الاستفادة من التقنيات الرقمية، ومنها الذكاء الاصطناعي6. كما أشارت دراسات سابقة إلى أن المشاركون ذكروا أن التحدي الأكبر في طريقهم نحو التحول الرقمي هو وجود ثقافة التي ترفض المخاطرة والتجربة7.
كيف يمكن للمؤسسات تحسين استراتيجيات إدارة المواهب التي تتبعها؟ إن تطبيقات الذكاء الاصطناعي من شأنها أن تغير استراتيجيات إدارة المواهب التي تتبعها المؤسسات بشكل جذري. ضع في الحسبان التأثير الحتمي للذكاء الاصطناعي على التدريب المهني، خاصة في مجالات العمل الفكري. فعلى سبيل المثال، في المجال التسويقي، قد يستعين مدير التسويق بأحد تطبيقات الذكاء الاصطناعي لإنشاء محتوى إبداعي، وهي مهمة كانت تعتمد في السابق على موظفين مبتدئين في مجال التسويق. كيف ستتغير فرص التطوير والإرشاد للقائد والمساعد عند استبدال عملية التعلم بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي؟ ستشهد برامج تطوير المهارات تحولات عديدة في محتواها وطريقة عرضها. ويمكن لروبوتات الدردشة توجيه الموظفين الجُدد أثناء التدريب على استخدام تقنيات جديدة بمعدل يتناسب مع وتيرتهم الشخصية ووفقًا لشروطهم الخاصة، مما يعزز فاعلية التعلم لديهم8. وفي الوقت ذاته، قد يستفيد المُدرب من التطبيقات المدعومة بالذكاء الاصطناعي لتصميم دورات تدريبية فعّالة ومراقبة التقدم الذي يحرزه الأفراد والمجموعات على حد سواء.
هناك العديد من النقاط المهمة التي يجب أن تأخذها المؤسسات في اعتبارها، والكثير من هذه النقاط لا يزال قيد التطوير. رغم أن كل شركة قد تتخذ قراراتها الخاصة حول كيفية تنظيم نفسها، إلا أن خبراتنا الطويلة في مجال التحولات الرقمية تشير أن النقاشات حول كيفية إضفاء القيمة للأعمال يجب أن تكون هي الأساس9. ويؤكد كتاب نشر في نيويورك بواسطة "وايلي" في عام 2023 على هذا. يجب على الشركات أن تعزز من دورات التجربة والتقييم السريعة وتحقق التواصل الجيد بين الموظفين، القيادات، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي. ولتحقيق هذا الهدف، قد يكون من المفيد تشكيل فرق متعددة الاختصاصات تعمل على المشروعات من الألف إلى الياء.
البشر والذكاء الاصطناعي: التعاون من أجل تطوير قوة عمل ماهرة
رغم أن البعض رأى الذكاء الاصطناعي تهديدًا في البداية، إلا أنه يمكن استخدامه لتعزيز قدرات الموظفين:
إن تطبيقات الذكاء الاصطناعي يمكنها إثراء تجربة الموظف بأساليب غير متوقعة للكثيرين. فعلى سبيل المثال، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يقدم اقتراحات للتعليمات البرمجية الجديدة والمطلوبة في نظام إعداد التقارير المالية أو تحديد الخيار الأفضل من بين حملتي تسويق أو حتى إعداد مسودات التي يمكن للموظفين تطويرها في البيئات الحقيقية. وبفضل هذه التكنولوجيا التي تساهم كثيرًا في تطوير أنشطة التدريب وتطوير المهارات، يمكن للموظفين اكتساب مهارات جديدة بوتيرة أسرع. فقد أظهرت دراسة أُجريت حديثًا أن مهندسي البرمجيات استطاعوا إنجاز مهامهم المتعلقة بالتشفير أسرع مرتين عندما استخدموا هذه التقنية وأعربوا عن رضا أكبر عن عملهم10.
الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون داعمًا قويًا للمدراء المتوسطين. بالرغم من أن موظفين الخطوط الأمامية يستفيدون من الذكاء الاصطناعي، إلا أن هذه التكنولوجيا توفر فرصًا هائلة للمدراء المتوسطين، الذين يمثلون جسرًا بين الإدارة العليا والموظفين ويسهمون بشكل أساسي في تعزيز تجربة الموظفين من خلال دعم الأعمال قصيرة المدى باستخدام الذكاء الاصطناعي وتشجيع الاستخدام المستمر لهذه التكنولوجيا11. وبينما يستخدم الموظفون تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، قد يلاحظ المدراء المتوسطون تزايد مهام الإشراف على أنشطة متنوعة وبوتيرة أسرع. وبفضل الذكاء الاصطناعي، ستُتاح لهؤلاء المدراء فرصة تخصيص المزيد من وقتهم للمهام القيادية الاستراتيجية والتركيز على قيادة موظفيهم وإدارتهم.
يساهم الذكاء الاصطناعي في تطوير سياسات إدارة المواهب، حيث يتيح الذكاء الاصطناعي للمؤسسات الفرصة لتحسين استراتيجيات إدارة وجذب المواهب والحفاظ عليها، خاصة المبدعين وخبراء التكنولوجيا. ويُمكن لخبراء الموارد البشرية استخدام الذكاء الاصطناعي في إرسال رسائل إلكترونية للمرشحين للوظائف وابتكار تجارب متطورة للبحث عن الوظائف للفئات المهمشة، حيث تشير الأبحاث إلى أن هذا النهج قد يزيد من عدد المتقدمين وتنوعهم12. بالإضافة إلى ذلك، يُمكّن الذكاء الاصطناعي التوليدي الشركات من إنشاء علاقة بين الموظفين الجُدد والمُوجهين والمدربين بهدف تعزيز تجربتهم في التأقلم مع بيئة العمل وتنمية المهارات وتبسيط الأعمال الإدارية.
يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي أن يحث القادة الكبار على اتباع أساليب قيادية مختلفة. يتحمل كبار القادة مسؤولية مزدوجة وهي تتمثل في تطبيق الذكاء الاصطناعي التوليدي بسرعة في الوقت الحالي والتفكير في الأجيال المستقبلية من هذه التقنيات وآثارها، حيث يجب عليهم أن يكونوا ممن يدعوا للاستفادة من فوائد الذكاء الاصطناعي التوليدي، وتشجيع تطويره وتبنيه على مستوى المؤسسة أكثر من أي شخص آخر. ويتضمن ذلك العمل مع قادة وحدات الأعمال والتكنولوجيا الأخرى لتخصيص الموارد من أجل تحديث البنية التقنية واتخاذ الخطوات المؤقتة اللازمة لتسهيل نشر الذكاء الاصطناعي التوليدي، مثل نقل التطبيقات إلى بيئات السحابة الخاصة. في الواقع، سيكون من المهام الرئيسية للقادة الكبار البحث عن سبل لتعزيز الروابط بين قادة التكنولوجيا ووحدات الأعمال. فمثلاً، أطلقت أحد الشركات قناة على Slack وهي قناة تم تخصيصها للنقاش المستمر حول تجارب الذكاء الاصطناعي التوليدي. من خلال هذه المنتديات، يمكن للموظفين ومطوري المنتجات وقادة الأعمال والتكنولوجيا الآخرين مشاركة القصص حول تجاربهم مع الذكاء الاصطناعي التوليدي، وكيف تغيرت مهامهم اليومية، وآرائهم حتى الآن حول رحلة استخدامه.
عند تبني أي تقنية جديدة، يجب على كبار القادة أن يوضحوا الأهداف التجارية وراء استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي. ومن الضروري التواصل المبكر والدائم حول كيفية استعمال هذا الذكاء في تعزيز الوظائف بدلاً من استبدالها. ويجب على هؤلاء القادة أن يظهروا بوضوح كيف سيتم تغيير وتحسين مختلف أنماط العمل بالمؤسسة - سواء كان ذلك من الناحية التقنية، أو المالية، أو الثقافية - من خلال هذه التقنية.
من الضروري لكبار القادة أن يتمتعوا بفهم عميق للتقنيات التي يعتزمون استخدامها. إذا لم يكن لديهم فهم كامل لتقنية الذكاء الاصطناعي التوليدي، فسيكون من الصعب عليهم قيادة فرقهم نحو مستقبل مدعوم بهذه التقنية. إن إقامة منتديات هي من الأساليب التي يمكن للقادة من خلالها الاطلاع بشكل مستمر على أحدث التطورات فهي توفر ميزة التعليم المستمر حول الذكاء الاصطناعي وكيفية تطبيقه. بالإضافة إلى ذلك، يمكنهم خلال اجتماعاتهم التخطيطية تخصيص بعض الوقت للتفكير في الأسئلة المستقبلية، مثل مدى مرونة استراتيجيتهم الحالية لاستيعاب التحديثات المستقبلية للذكاء الاصطناعي التوليدي، وما هي العمليات أو المهام التي قد يتم تحسينها أو تغييرها في الإصدارات المقبلة من هذه التقنية.
حان الوقت لتظهر قوتك في مجال الذكاء الاصطناعي
على الرغم من ظهور الذكاء الاصطناعي التوليدي بسرعة كبيرة في المجال التقني، إلا أن الرؤساء التنفيذيين وقادة الأعمال الآخرين بحاجة إلى تبني هذه التقنية بسرعة وبدون تردد. حيث تمثل هذه اللحظة فرصة ذهبية للتقدم والتطوير. باتخاذ خطوات محددة وسريعة، لن يقتصر دور القادة على مجرد المواكبة، بل سيسبقون منافسيهم ويحققون نجاحات ملحوظة.
يجب تبسيط فهم الذكاء الاصطناعي التوليدي للجميع. إن كبار القادة دائمًا ما هم بحاجة إلى تطوير فهمهم المتعمق للذكاء الاصطناعي التوليدي والقدرات المصاحبة له، حتى يمكنهم توضيح وشرح هذه التقنية لبقية أفراد المؤسسة. وبذلك، يستطيعون المساعدة في تقديم آليات فعالة للتعامل مع الشكوك المرتبطة بالذكاء الاصطناعي التوليدي حيثما توجد، وذلك عبر إنشاء إرشادات واضحة حول استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في عمليات التوظيف، وخاصةً في المواقف التي قد تظهر فيها تحيزات نحو النماذج الاصطناعية.
يجب تحديد حالتين أو ثلاث حالات استخدام ذات تأثير كبير والبدء فيها فحسب. يجب على كبار القادة النظر بعناية في استثماراتهم في تجارب الذكاء الاصطناعي التوليدي، والتركيز بقوة على تلك التي قد يكون لها مستقبلًا أفضل من حيث إمكانية التوسع وخلق القيمة على المدى الطويل سواء كانت تطبيقًا يبسط التقارير المالية أو تطبيقًا يعزز من استقبال الموظفين الجدد. وكجزء من هذه العملية، يجب على كبار القادة كذلك النظر في المخاطر أو الفرص التجارية أو الصناعية المرتبطة بتنفيذ تجربة الذكاء الاصطناعي التوليدي، فضلاً عن مدى صعوبة أو سهولة نقل التجربة إلى الإنتاج وجعلها جزءًا من تجارب الموظفين اليومية.
وبمجرد القيام بهذا، سيكون لزامًا على كبار القادة توجيه الموارد بشكل مناسب، والاهتمام بمراقبة وقياس نتائج المبادرات والتجارب المتعلقة بالذكاء الاصطناعي التوليدي. ومن الجدير بالذكر أن بعض مبادرات الذكاء الاصطناعي التوليدي قد تظهر نتائجها خلال الاثنا عشر شهرًا المقبلة، في حين قد تحتاج مبادرات أخرى إلى استثمار حالي لتحقيق النتائج في غضون سنتين إلى خمس سنوات. وبالتالي، يجب أن يكون الهدف على المدى الطويل هو إنشاء نظام مستدام لتعليم الموظفين بشكل سريع وتوسيع استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي والقدرات الرقمية الأخرى.
تعهد بتطوير الأدوار والمهارات الضرورية على مستوى الحاضر والمستقبل. يجب على كبار القادة أن يولوا اهتمامًا خاصًا لتحسين مهارات الموظفين في استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي، مما يمكنهم من استغلال هذه التقنية بفعالية في أعمالهم الروتينية. وهذا ليس مجرد مهمة يمكن الانتهاء منها في مرة واحدة؛ بل يجب على القادة أن يتتبعوا باستمرار طريقة تنفيذ المهام، والأشخاص المسؤولين عنها، والزمن المطلوب لإتمامها، وأهمية كل مهمة، لذا سيساعد هذا القادة في التعرف على احتياجات المواهب الحالية والمستقبلية، وبناء استراتيجيات فعالة لتدريب وتطوير فرقهم. في الواقع، ستصبح برامج تحسين المهارات أكثر أهمية من أي وقت مضى. فالموظفين بحاجة لتعزيز قدراتهم للتعامل مع أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي، والتي بدورها تخضع لتطور مستمر. وفي هذا السياق، ينبغي للقادة الإدراك أن الذكاء الاصطناعي التوليدي قد يمهد الطريق لإنشاء محتوى تعليمي وتوصيله بطرق آلية أو مُخصصة لبرامج تحسين هذه المهارات.
في الوقت الذي استغرقته لقراءة هذا المقال، تطورت تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي بشكل ملحوظ. يستطيع القادة استخدام هذا الذكاء بفعالية. من الواضح أن جزءاً كبيراً من قيمة الذكاء الاصطناعي التوليدي سيأتي من تخصيصه لحالات استخدام خاصة بالمؤسسات. ولكن، إدماج هذا النوع من الذكاء الاصطناعي بنجاح يحتاج إلى التجربة والتعديل المستمر. ليس هناك وقت للانتظار والتعلم من أخطاء الآخرين. استثمر بحكمة، واغمر نفسك في التفاصيل، وابدأ دون تأخير.