القواعد العشر لتحقيق النمو

| مقالة

ملاحظة: إننا نبذل قصارى جهدنا للحفاظ على جميع التفاصيل الدقيقة عند ترجمة المقالة الإنجليزية الأصلية، ونعتذر عن أي جزئية مفقودة في الترجمة قد تلاحظونها من حين لآخر. نرحب بتعليقاتكم على البريد الإلكتروني التالي reader_input@mckinsey.com

يعكس النمو القوي والمتواصل في الإيرادات مدى ازدهار الشركات. وواجهت الشركات تحديات كبيرة لتحقيق مثل هذا النمو خلال 15 عامًا الماضية، حيث تراجعت وتيرة نمو الشركات بشكل ملحوظ نتيجة الأزمة المالية العالمية، وانخفضت معدلات نمو كبرى الشركات العالمية إلى النصف مقارنةً بما قبل عام 2008. كما تجاوزت الزيادات في الاستثمارات الرأسمالية حجم توسع الإيرادات، ما أدى إلى انكماش العوائد. وأصبح تحقيق النمو الذي يحقق الأرباح ويمنح القيمة للمساهمين مهمةً أصعب في ظل تباطؤ الاقتصاد العالمي وتفاقم معدلات التضخم وعدم اليقين الجيوسياسي.

للمزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية

شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية

تصفح المجموعة

ويفرض تغيير هذه التوجهات على قادة الشركات وضع خطة شاملة للنمو تتألف من ثلاثة عناصر رئيسية، هي اعتماد طموحات وعقلية جريئة؛ والجمع بين عوامل التمكين المطلوبة ضمن عمليات الشركة؛ ووضع مسارات واضحة على هيئة مجموعة متسقة من مبادرات النمو. وبهدف مساعدة عملائنا في تحديد هذه المسارات، أجرينا دراسة معمقة لأنماط النمو والأداء لدى أبرز 5 آلاف شركة عامة وعالمية خلال 15 عامًا الماضية.

وأكدت الدراسة بأن نمو الإيرادات يشكل عاملًا محوريًا في أداء الشركات، حيث يترافق نمو الإيرادات بواقع 5 نقاط مئوية سنويًا مع زيادة إجمالي عوائد المساهمين بمعدل 3 إلى 4 نقاط مئوية، وهو ما يعادل زيادة قيمة الشركة في السوق بنسبة تتراوح بين 33% و45% على مدى عشر سنوات. ووجدنا بأن الشركات التي حققت نموًا أسرع وربحية أكبر خلال فترة الدراسة، سجلت زيادة في عوائد المساهمين بواقع ست نقاط مئوية قياسًا بالمعدل الوسطي لقطاعاتها.

واقتصرت هذه النتائج الإيجابية على مجموعة قليلة نسبيًا من الشركات، إذ لم يتجاوز معدل النمو السنوي السائد للشركات نسبة 2.8% خلال السنوات العشر التي سبقت أزمة كوفيد-19، بينما سجلت واحدة من بين كل ثماني شركات معدلات نمو تخطت 10% سنويًا (الشكل 1).

لم يتجاوز معدل النمو السنوي السائد للشركات نسبة 2.8% خلال السنوات العشر التي سبقت أزمة كوفيد-19، بينما سجلت واحدة من بين كل ثماني شركات معدلات نمو تخطت 10% سنويًا (الشكل 1).

واجهت الشركات أيضًا صعوبةً في الحفاظ على مسار النمو الإيجابي، حيث كشفت مقارنة أداء الشركات المشمولة بالدراسة أن ثُلث الشركات ذات النمو الأعلى بين عامي 2009 و2014 تمكنت من الحفاظ على هذه المعدلات خلال السنوات الخمس التالية، وبلغت هذه النسبة 25% فقط من الشركات التي غلب على أدائها النمو العضوي، ما يعكس تراجع النمو بصورة قوية نحو المعدلات المتوسطة.

القواعد العشر لتحقيق النمو المتواصل في الإيرادات

قمنا بتحليل أنماط النمو لدى الشركات المشمولة بالدراسة من مختلف الزوايا بهدف فهم الآليات التي تتيح للشركات تخطي هذه التحديات. وقدمت النتائج عشر ركائز يتعين على الشركات الاستناد إليها لضمان التفوق على نظيراتها من حيث النمو والأرباح.

  1. التركيز على الأفضلية التنافسية، والبدء بوضع صيغة ناجحة وقابلة للتطوير.
  2. مواكبة التوجهات، ومنح الأولوية للأسواق المربحة وسريعة النمو.
  3. تحقيق أداء متميز، والتفوق على الشركات المنافسة.
  4. تعزيز الأنشطة في القطاعات الرئيسية، بوصفها أحد العوامل الأساسية لتحقيق النجاح.
  5. طموحات تتخطى القطاعات الرئيسية، والحرص على تحقيق النمو في مجالات الأعمال الثانوية
  6. التركيز على الأسواق التي نتمتع بخبرة فيها، والاستفادة من ميزة ملكية الأصول فيها.
  7. التميز على الصعيد المحلي، والالتزام بالنجاح في السوق المحلية.
  8. دعم التميز المحلي بالتوسع العالمي، بالاستفادة من المزايا التي يمكن تطبيقها في مختلف المناطق.
  9. عمليات الاستحواذ المنظمة، ودمج النمو العضوي مع أنشطة الاستحواذ المتسلسلة.
  10. تقليص الأعباء لتعزيز النمو، من خلال تصفية الأصول قليلة الربحية عند الحاجة.

حددنا أيضًا الشروط اللازمة لتطبيق هذه القواعد ومدى جدواها في تحسين أداء الشركة. ويتيح "مخطط النمو" الناتج للشركات قياس أدائها ووضع معايير استراتيجيتها المقبلة. ويتناسب تطبيق هذه القواعد طردًا مع المكاسب التي تحققها الشركات. ومع ذلك، تفرض هذه القواعد معايير صارمة، حيث تمكنت أقل من نصف الشركات المشمولة بالدراسة من تطبيق ثلاث قواعد من أصل عشرة، ونجحت 8% منها فقط في تنفيذ أكثر من خمس قواعد (الشكل 2).

التركيز على الأفضلية التنافسية

يشير ارتفاع العائد على رأس المال المُستثمَر إلى أن نموذج عمل الشركة مدعوم بأفضلية تنافسية. وتنجح الشركات التي تسجل عوائد قوية في استقطاب المزيد من رؤوس الأموال واستثمارها، وهو ما يقود إلى ازدهارٍ مستمر يتيح لها تسريع وتيرة نموها وتوليد عوائد أقوى (الشكل 3). وتلجأ بعض الشركات إلى التخلي عن تحقيق الأرباح لفترة معينة لصالح النمو، مثل شركة "أمازون"، في حين يمثّل إنشاء نموذج عمل متميز ثم توسيع نطاقه النهج الأكثر انتشارًا وفائدة من الناحية العملية.

كمثال على هذه النقطة، لنأخذ سلسلة متاجر يقوم نموذج أعمالها على توفير منتجات من علامات تجارية شهيرة بأسعار مخفّضة، وبيعها ضمن المتاجر محدودة المخزونات والتكاليف. وتمكنت الشركة عام 2007 من تحقيق زيادة في العائد على رأس المال المُستثمَر بنسبة 5% بالمقارنة مع تكلفة رأس المال. واستخدم الفريق الإداري هذه الميزة لتوسيع نطاق شبكة المتاجر من نحو 900 موقع في عام 2007 إلى أكثر من 1,500 متجر في عام 2019، في خطوة أثمرت عن نمو الإيرادات بنسبة 9% سنويًا، بالإضافة إلى تحقيق عوائد سنوية للمساهمين بنسبة 29%.

مواكبة التوجهات

تمثّل مواكبة التوجهات نموذج عمل معروف ومجدٍ حتى اليوم، في ظل ازدياد الفجوة بين الشركات الرائدة والمتأخرة نتيجة تسارع توجهات ما قبل الجائحة الصحية. وحققت الشركات، التي ركزت في توسعها على قطاعات السوق المربحة وسريعة النمو، زيادة في إجمالي عوائد المساهمين بنسبة تتراوح بين نقطة واحدة إلى نقطتين مئويتين سنويًا على مدار 15 عامًا الماضية. وتفرض هذه الناحية على الشركات التي تعمل في أسواق مربحة مواصلة أنشطتها الاستثمارية للحفاظ على أفضليتها. بينما يتعين على الشركات التي تواجه صعوبات في السوق إعادة تخصيص مواردها نحو قطاعات تتمتع بظروف مواتية، والتخطيط لإجراء تحولات واسعة النطاق في عملياتها.

ومن الضروري هنا اختيار الأسواق بدقة، إذ أشار زملاؤنا في كتابهم الناجح "ركائز النمو" إلى أن القطاعات ذات النمو الإيجابي لا تشهد هذا النمو في جميع مكوناتها، بل تكون هناك عادة مكونات داخلية ضمنها تشهد تراجعًا فعليًا، ويمكن تحديد نضج المجال من خلال وجود مكونات سريعة النمو فيه. ولنأخذ مثلًا قطاع خدمات الاتصالات، الذي حقق نموًا سنويًا بنسبة 1.6% خلال الفترة المشمولة بالتحليل. ونجحت الشركة الأسرع نموًا في هذا القطاع بزيادة إيراداتها بنسبة 21% سنويًا، في حين تراجع نمو الشركة الأبطأ بنسبة 9% سنويًا. ويعود هذا التباين إلى تأثير عمليات الاستحواذ وتصفية الاستثمارات، بالإضافة إلى خيارات إدارة محفظة الأصول، حيث تنشط الشركات في قطاعات مختلفة من السوق تنطوي على معدلات نمو متفاوتة. فعلى سبيل المثال، سجلت فئة الخدمات السحابية نموًا أعلى من خدمات الاتصالات الصوتية، فيما تختلف معدلات النمو في كل فئة بشكل كبير حسب الدولة.

تحقيق أداء متفوق

يدل تحقيق نمو متفوق على مستوى القطاع على وجود نموذج عمل قوي، وهي أفضلية توفرها أسواق رأس المال في القطاعات السريعة أو بطيئة النمو على حد سواء. وتوازيًا مع نجاح الشركات بالتفوق على منافسيها من حيث الحصة في السوق، عادة ما تتمكن هذه الشركات من تجاوز توقعات النمو المستندة إلى سعر أسهمها وتسجيل عوائد أقوى.

ولنأخذ كمثال شركتي تجزئة تنشطان في أقسام مختلفة من السوق، ونجحتا بتحقيق نمو بنسبة 4% سنويًا بين عامي 2007 و2017. وحققت الشركة الأولى، التي تنشط في قطاع المنتجات المنزلية، النمو ضمن شريحة سجلت نموًا سنويًا إجماليًا بنسبة 3%، كما وصل إجمالي عوائد المساهمين الخاص بالشركة إلى 17% سنويًا. وبالمقابل، سجلت الشركة الثانية، المختصة بالملابس الرياضية، نموًا أقل من نظيراتها بمعدل نقطة مئوية واحدة سنويًا، ما أدى إلى تراجع عوائد المساهمين بنسبة 1% سنويًا. ورغم تأثير عوامل عديدة على سعر أسهم هاتين الشركتين بعيدًا عن معدلات نموهما، أشارت تحليلاتنا إلى أن تجاوز معدلات نمو القطاع يساهم في تعزيز عوائد المساهمين بمتوسط 5 نقاط مئوية سنويًا. وارتفع عائد المساهمين بواقع نقطة مئوية واحدة لدى الشركات المتفوقة على نظيراتها وعلى معدلات القطاع من حيث النمو والربحية.

تعزيز الأنشطة في القطاعات الرئيسية

غالبًا ما تكون مصادر النمو نقطة التركيز الأولى عند تطوير استراتيجية نمو الشركات. وبغرض تحديد مصادر النمو، فقد صنفنا زيادات الإيرادات لدى الشركات المشمولة بالدراسة إلى: النمو في القطاعات الرئيسية (وهي أكبر القطاعات التي تنشط فيها الشركة في بداية إعداد الدراسة) والنمو في القطاعات الثانوية (وهي قطاعات صغيرة تعزز الإيرادات خلال السنة الأولى من إطارنا الزمني) والنمو في القطاعات الجديدة (وهي القطاعات التي تدخلها الشركة للمرة الأولى).

ويؤكد هذا التصنيف مدى أهمية النمو السليم لأنشطة الشركة في القطاعات الرئيسية، والتي يشكل ازدهارها عاملًا أساسيًا لتحقيق النمو القوي. ومن بين جميع الشركات المدروسة التي حققت نموًا في أعمالها الرئيسية أقل من المتوسط المُسجل في القطاع، نجحت واحدة من بين كل ست منها في تحقيق معدلات نمو إجمالية تجاوزت نظيراتها. لذا يمثل إيجاد طريقة لتعزيز النمو في القطاعات الأساسية أولويةً قصوى بالنسبة للشركات، وهو ما يفرض على بعض الشركات إحداث تغيير جذري في نموذج عملها. بينما تحتاج شركات أخرى إلى تحويل الموارد من الأقسام ضعيفة الأداء إلى تلك التي تحمل إمكانات نمو واعدة في أسواقها الحالية أو الجديدة.

طموحات تتخطى القطاعات الرئيسية

كشفت دراستنا أن 80% من النمو ينتج عن القطاع الأساسي للشركة، في حين تعود النسبة المتبقية إلى القطاعات الثانوية أو التوسع إلى قطاعات جديدة (الشكل 4). وتختلف هذه النسبة بين القطاعات خلال الفترة المشمولة بالدراسة، حيث حققت الشركات الصناعية ثلث نموها من القطاعات الجديدة، بينما اعتمدت شركات قطاع المرافق على أعمالها الرئيسية أكثر من أي قطاع آخر.

حققت الشركات التي توسعت نحو قطاعات ثانوية زيادة بمعدل 1.5 نقطة مئوية سنويًا في عوائد المساهمين مقارنة بنظيراتها في القطاع. ويُذكر من هذه الشركات مؤسسة عالمية لتوريد إطارات السيارات، عملت على توسيع أنشطتها نحو تكنولوجيا أنظمة الفرامل والسلامة، والمحركات، وأنظمة الاتصالات والمعلومات في السيارات. وتساهم هذه الأقسام اليوم بنحو 75% من إجمالي إيرادات الشركة، التي حققت نموًا أعلى بنسبة 2.4 نقطة مئوية سنويًا مقارنة بنظيراتها. وتبرز أمثلة عديدة على هذه الاستراتيجية. فعلى سبيل المثال، تتيح استراتيجية التحول نحو الحياد المناخي العديد من الفرص الواعدة للشركات العاملة في قطاعات الكيماويات والبناء وغيرها، والتي تتيح لها التوسع إلى قطاعات ثانوية سريعة النمو، مثل منتجات البلاستيك المعاد تدويره، ومواد البناء المستدامة، ومنتجات بدائل اللحوم، بالتزامن مع تراجع الطلب على منتجاتها التقليدية.

ويمكن للشركات التي تنشط في قطاعات رئيسية سريعة النمو التوسع إلى مجالات جديدة بصورة تساعد محفظة أعمالها على التأقلم مع التوجهات المستقبلية. بينما تساعد القطاعات الثانوية الشركات الأخرى على تعويض النمو البطيء لأعمالها الأساسية.

التركيز على الأسواق التي نتمتع بخبرة فيها

يمثّل تنويع الأنشطة نحو القطاعات الثانوية استراتيجية نمو مُجدية، ولكن هل يجب أن تتشابه هذه القطاعات مع بعضها البعض أو مع القطاع الرئيسي للشركة؟ للإجابة على هذا السؤال، استخدمنا مقياسًا يصنّف القطاعات المتشابهة على أنها القطاعات التي تظهر غالبًا مع بعضها البعض في محافظ الشركات (مثلًا: الكابلات والأقمار الاصطناعية مع خدمات البث التلفزيوني، أو الطيران والدفاع مع الآلات الصناعية).

وأظهرت تحليلاتنا بأن الشركات التي تنمو بطريقة تعزز تشابه قطاعات محفظتها، تحقق زيادة بواقع نقطة مئوية واحدة سنويًا في إجمالي عوائد المساهمين. ويمكن للشركات التي تتوسع نحو قطاعات جديدة تحقيق زيادة بواقع نقطتين مئويتين في إجمالي عوائد المساهمين عند تشابه القطاع الجديد مع قطاعها الأساسي (الشكل 5).

ونعتقد أن أهمية هذا التشابه تكمن في أنه يمثل مقياسًا تقريبيًا يحدد ما إذا كانت الشركة المالك الطبيعي أو الأمثل لأحد الأصول، ما يتيح لها تحقيق القيمة الأفضل من امتلاك أو تشغيل هذه الأصول. ويمكن تحقيق هذه القيمة من التعاون مع الأعمال الأخرى التي تمتلكها الشركة، أو القدرات التقنية أو الإدارية المتميزة، أو التحليلات الخاصة، أو الوصول الخاص إلى رأس المال أو المواهب. ويُشكّل شراء شركة "جنرال ميلز" لشركة "بيلسبري" من شركة "دياجيو" خير مثال على ذلك، حيث كان التشابه محدودًا بين الأعمال الأساسية في شركتي "بيلسبري" و"دياجيو"، بينما تتماثل شركتا "جنرال ميلز" و"بيلسبري" في الكثير من الكفاءات والأصول، وهو ما أتاح لشركة "جنرال ميلز" خفض نفقات المشتريات والتصنيع والتوزيع، وبالتالي زيادة الأرباح التشغيلية بنسبة 70%.

التميز على الصعيد المحلي

يشكل القطاع الذي تنشط فيه الشركة، إلى جانب تقلبات سلسلة القيمة، جانبًا وحدًا من مسألة ركائز النمو، ويتمثل الجانب الآخر في المنطقة الجغرافية التي تعمل فيها الشركة. وكما رأينا بأنه يصعب تحقيق النمو الإجمالي دون ازدهار القطاع الأساسي، فإن التفوق في السوق المحلية يشكّل عاملًا رئيسيًا لتعزيز مسار النمو. وأظهرت الدراسة بأن الشركات التي نجحت في تحقيق نمو يفوق نظيراتها شكّلت نسبة أقل من 20% من الشركات التي سجلت معدلات نمو دون المتوسطة في أسواقها المحلية. وتضم هذه الفئة العديد من الشركات التي تنشط في دول بطيئة النمو، مثل اليابان، والتي تعوض نموها المحلي الضعيف عن طريق التوسع الدولي القوي. وعلى سبيل المثال، نجحت إحدى شركات تصنيع البرادات وأجهزة التكييف في تعويض نموها البطيء في اليابان عن طريق التوسع الناجح إلى أمريكا الشمالية والصين.

دعم التميز المحلي بالتوسع العالمي

حققت الشركات المشمولة بالدراسة حوالي 50% من نموها الإجمالي من أنشطتها خارج أسواقها المحلية، وفي مقدمتها الشركات اليابانية والأوروبية التي اعتمدت على الأسواق الدولية لتعويض بطء النمو المحلي. وتساهم الأسواق الدولية بنسبة 30% تقريبًا من إجمالي النمو في المناطق الأسرع نموًا، مثل الصين وأمريكا الشمالية.

وحققت الشركات التي توسعت نحو الأسواق الدولية زيادة بنسبة 1.9 نقطة مئوية في إجمالي عوائد المساهمين السنوي، مقارنةً بنظيراتها في القطاع، بينما سجلت الشركات التي حققت نموًا محليًا إيجابيًا فوائد أكبر بالمقارنة مع الشركات ذات النمو المحلي الضعيف. وأحرزت الشركات ذات النمو المحلي القوي زيادة بنسبة 2.6 نقطة مئوية في عوائد المساهمين السنوية من خلال التوسع نحو الأسواق الدولية، بعكس الشركات ذات الأداء المحلي الضعيف، التي سجلت زيادة بواقع 1.3 نقطة مئوية، وهي نسبة غير كافية لتعويض أعباء الأداء في السوق المحلية الضعيفة (الشكل 6).

ويتطلب نجاح التوسع نحو الأسواق الدولية أن تتمتع الشركات بأفضلية تنافسية واضحة ويمكن تطبيقها حتى في جميع المناطق. ويؤدي غياب هذه الأفضلية إلى صعوبة التنافس مع الشركات الأجنبية التي تفهم متطلبات أسواقها المحلية. ومن هنا يتضح سبب استفادة الشركات ذات النمو المحلي القوي من التوسع إلى الأسواق الدولية، فهي تملك غالبًا نماذج عمل ناجحة يمكن تطبيقها في مناطق جديدة.

ويمكن توضيح منافع التوسع الخارجي انطلاقًا من قاعدة محلية قوية في السوق المحلية، بالاستعانة بمثال عن شركة أوروبية عالية الأداء ومتخصصة بتصنيع آليات الخدمات البلدية والزراعية. فقد استفادت هذه الشركة من سمعتها القوية للتوسع في الولايات المتحدة، حيث واصلت تحقيق عوائد متميزة في السوق. وبالمقابل، قررت إحدى علامات متاجر البقالة الأوروبية اتباع منهجية توسع قوية في سوق أمريكا اللاتينية، رغم نموها الضعيف في السوق المحلية، الأمر الذي أدى إلى تراجع إجمالي عوائد المساهمين بواقع 7 نقاط مئوية سنويًا على مدى السنوات العشر التالية مقارنةً مع العلامات النظيرة.

عمليات الاستحواذ المنظمة

تساهم عمليات الاندماج والاستحواذ بنحو ثُلث نمو الإيرادات لدى الشركات المشمولة بالدراسة. ويؤكد بحث ماكنزي الراسخ حول استراتيجيات الاندماج والاستحواذ أن تعزيز عوائد المستثمرين يرتبط بنمط هذه الصفقات، وليس بقيمتها الإجمالية. وصنّف البحث الشركات إلى أربع فئات، وأشار إلى أن الشركات التي نفذت عمليات استحواذ منظّمة (أي التي عقدت صفقتين صغيرتين أو متوسطتي الحجم على الأقل من نفس النمط سنويًا)، تفوقت على نظيراتها التي استخدمت أساليب أخرى في الاندماج والاستحواذ.

وقد وسعنا نطاق تحليلاتنا لتشمل مقارنة أداء الشركات التي تتشابه بمعدلات النمو وتختلف في استراتيجيات الاندماج والاستحواذ المتبعة، بهدف تحديد فيما إذا كان النمو الأسرع هو سبب تفوق الشركات التي عقدت صفقات استحواذ منظمة على نظيراتها التي حققت نموًا عضويًا. واكتشفنا عند تثبيت معدلات النمو أن الشركات التي عقدت صفقات استحواذ منظمة تفوقت بالفعل على نظيراتها ذات النمو العضوي، ما يؤكد بأن الشركات التي تسجل نموًا عضويًا بالكامل، ويساوي معدلات نمو نظيراتها التي عقدت صفقات استحواذ، تتمتع بقدرة أقل على تحقيق عوائد مساهمين تتفوق على نظيراتها. (الشكل 7).

تلجأ العديد من الشركات التي تعتمد نماذج عمل قديمة اليوم إلى عمليات الاندماج والاستحواذ المنظَّمة بهدف رقمنة أعمالها وتوسيع نطاقها. وعلى سبيل المثال، أنجزت مجموعة نشر أوروبية أكثر من 60 عملية استحواذ على مدى السنوات العشر الماضية بهدف توسيع محفظتها نحو عروض الوسائط الرقمية، وتسهم هذه الأصول الرقمية اليوم بنسبة 70% من إيرادات الشركة.

وتنبع قوة عمليات الاستحواذ والاندماج المنظمة من أسباب عدة؛ يأتي في مقدمتها تراكم الخبرات في هذا المجال، حيث تكتسب الشركات قدرات تنظيمية وتؤسس ممارسات عالية المستوى في جميع مراحل عمليات الاستحواذ والاندماج، بدءًا من الاستراتيجية وعمليات التوريد والتقصي اللازم، ووصولًا إلى خطط الدمج. وبجانب ذلك، عادة ما تضطر الشركات التي تستهدف عقد صفقات ضخمة إلى دفع مبالغ إضافية لتأمين الأصول، ومن ثم العمل على دمج شركتين متماثلتين في الحجم، وهي مهمة صعبة ومليئة بالتحديات. وأخيرًا، يتيح عقد العديد من الصفقات الصغيرة للشركات الوصول إلى أسواق جديدة أو تعزيز أعمالها في الأسواق المتفرقة دون تحمل مخاطر كبيرة.

تقليص الأعباء لتعزيز النمو

تواجه العديد من فرق الإدارة ضغوطًا لتحقيق معدلات نمو مستقرة، حيث سجلت 10% من الشركات المشمولة بالدراسة نموًا لسبع من أصل عشر سنوات بين عامي 2010 و2019، وأظهرت هذه الشركات تفوقًا واضحًا على نظيراتها. وتعمل بعض الشركات على عقد صفقات استحواذ ضخمة بهدف تحقيق النمو، وهو الخيار الأسوأ بحسب ما تشير إليه الإحصائيات. بينما يتمثّل الخيار الأفضل في تخليص محفظة الشركة من الأعمال بطيئة النمو بشكل دوري واستثمار العائدات في مجالات جديدة (الشكل 8).

وأشارت دراستنا إلى أن الشركات التي استخدمت استراتيجيات تصفية الاستثمارات على مدى عام أو عامين نجحت في تحقيق نمو مستمر خلال السنوات التالية. وسجلت هذه الشركات زيادة بنسبة 5 نقاط مئوية في إجمالي عوائد المساهمين السنوية مقارنةً بالشركات التي سجلت نموًا متقطعًا أو عقدت صفقات استحواذ ضخمة. لذا من الضروري التفريق في هذا الإطار بين توسيع نطاق الأعمال والنمو المتواصل في الإيرادات. فعلى سبيل المثال، عملت مجموعة شركات أسترالية باستمرار على تصفية الأجزاء الضعيفة من محفظتها، مثل التأمين، واستثمرت العائدات في فرص نمو جديدة. وأثمرت هذه المنهجية عن زيادة إجمالي عوائد المساهمين بنسبة تخطت 10% سنويًا بين عامي 2009 و2019.


توفر هذه المقالة لقادة الأعمال معايير نمو تُضاف إلى معايير التكلفة المعتمدة، ويمثل تطبيق القواعد العشر للنمو المتواصل في الإيرادات جزءًا واحدًا من خطة النمو الشاملة. ويمكن البدء بتطوير خطة تستهدف الوصول إلى معدل نمو محدد يتفوق زخم الأعمال الحالي، ومن ثم تطوير مجموعة متسقة من مسارات النمو تشمل أكبر عدد ممكن من قواعد النمو المذكورة، ووصولًا إلى تعزيز القدرات المطلوبة ونموذج العمل المناسب لتحقيق التميز.

Explore a career with us