الشراكات غير التقليدية: مفتاح الابتكار لمطوري العقارات

| مقالة

ملاحظة: إننا نبذل قصارى جهدنا للحفاظ على جميع التفاصيل الدقيقة عند ترجمة المقالة الإنجليزية الأصلية، ونعتذر عن أي جزئية مفقودة في الترجمة قد تلاحظونها من حين لآخر. نرحب بتعليقاتكم على البريد الإلكتروني التالي reader_input@mckinsey.com

أصبح تطوير العقارات عالميًا أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى، فلم تعد الرحلة بسيطة كما كانت في السابق. إن التحول نحو البناء "الأخضر"، الذي كان يومًا ما خيارًا تميز به المطورون، بات اليوم ضرورة حتمية لامتثال اللوائح الجديدة، وتلبية تطلعات المستثمرين، ومواكبة تفضيلات المستهلكين المتزايدة نحو الاستدامة. وفي خضم هذا المشهد، تبرز التقنيات الحديثة، خاصة تلك المدعومة بالذكاء الاصطناعي والتقنيات التوليدية، كفرص ذهبية لإحداث تحول جوهري، لكنها تتطلب خبرة عميقة لتحقيق أقصى استفادة منها. ومع ذلك، فإن التحديات لا تتوقف عند هذا الحد؛ فارتفاع أسعار الفائدة، واضطرابات سلاسل التوريد، وتصاعد حالة عدم اليقين في الأسواق، كلها عوامل تضاعف تعقيد المشهد، مما يجعل الابتكار والتكيف الركيزتين الأساسيتين للنجاح في هذا القطاع المتغير.

تفرض هذه التحديات الجديدة على مطوري العقارات ضرورة تبني رؤية مستقبلية طموحة وطويلة المدى، إلى جانب امتلاك فهم عميق للتكنولوجيا والقدرة على تطوير مهارات تتجاوز حدود اختصاصهم التقليدي. ومع ذلك، يمكن التغلب على هذه العقبات من خلال نهج مبتكر نطلق عليه "الشراكات غير التقليدية".

تمثل الشراكات غير التقليدية في قطاع العقارات نموذجًا مبتكرًا للتعاون يتجاوز العلاقة التقليدية بين المطور والمقاول. على عكس النهج المعتاد، حيث يقتصر دور المطور على التعاقد مع مزودي خدمات (مثل شركات الأمن) أو شراء منتجات محددة (مثل الألواح الشمسية) لتنفيذ مشاريع معينة، حيث تعتمد هذه الشراكات على آليات تعاون متقدمة تشمل التحالفات الاستراتيجية، والمشاريع المشتركة، وعمليات الاستحواذ. وتمكّن هذه الآليات من تحقيق تكامل شامل يمتد عبر الصناعات المختلفة، سواء من خلال التعاون على مستوى التخصصات أو عبر توسيع سلسلة القيمة. ويمكن لمطوري العقارات إقامة هذه الشراكات مع علامات تجارية، أو مقاولين، أو مزودي خدمات، أو شركات تقنية، (بما في ذلك الشركات المتخصصة في الذكاء الاصطناعي والتقنيات التوليدية)، لتطوير حلول مبتكرة تُحدث فرقًا جوهريًا في المشاريع. وعلى سبيل المثال، أبرمت مدينة كبرى شراكة استراتيجية مع شركة لإدارة النفايات المستدامة، مما أتاح لها حلولًا مصممة خصيصًا لاحتياجاتها، وعزز مكانتها كمثال يُحتذى به في الاستدامة، وساعدها في تخطي تحديات سلاسل التوريد.

المزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية

شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية

تصفح المجموعة

توفر الشراكات غير التقليدية ثلاث فوائد رئيسية لشركات التطوير العقاري، ما يجعلها نهجًا جذابًا لإعادة صياغة مفهوم النجاح في هذا القطاع. أولاً، تتيح هذه الشراكات فرصة الاستثمار في تقنيات وحلول جديدة، مما يساعد في جذب مجموعة أوسع من المستثمرين إلى المشاريع العقارية، وفتح آفاق تمويلية مبتكرة. ثانيًا، رغم أن هذا النهج قد يتطلب تكاليف مبدئية وربما ينطوي على مخاطر الدخول في مجالات عمل جديدة، إلا أنه يمكن أن يكون مجزيًا من الناحية المالية حتى على المدى القصير، حيث يُسهم في خلق تدفقات إيرادية جديدة وتعزيز العوائد. وأخيرًا، وربما الأهم، أن هذه التعاونات تمنح المطورين قدرات وخبرات ومعارف جديدة تُعيد تعريف دور المطور العقاري التقليدي، مما يعزز قدرتهم على مواجهة التحديات المتزايدة في السوق واستكشاف فرص غير مسبوقة للنمو والابتكار. تمثل هذه الفوائد الثلاث أساسًا قويًا يدفع بشركات العقارات نحو مستقبل أكثر استدامة وابتكارًا.

قد يبدو للوهلة الأولى أن الشراكات غير التقليدية ليست الخيار الطبيعي لمطوري العقارات، خاصة وأن خبرتهم الرئيسية تتركز في تصميم وتطوير المشاريع العقارية، وليس في مجالات مثل الطاقة المستدامة، أو الذكاء الاصطناعي التوليدي، أو العمليات البيئية. لكن هذا الاختلاف تحديدًا هو ما يجعل هذه الشراكات عنصرًا حاسمًا لتحقيق الريادة في تطوير العقارات المستدامة، كما يمكن للمطورين إعادة ابتكار أساليب عملهم رقميًا، والتغلب على تعقيدات سلاسل التوريد، ودمج الاستدامة في قلب مشاريعهم.

في هذا المقال، نستعرض الأسباب التي تدفع مطوري العقارات بشكل متزايد إلى إقامة شراكات بطرق غير تقليدية ومع قطاعات غير مألوفة. كما نعرض أمثلة حديثة من دراسات حالة ناجحة، ونقدم خمس خطوات عملية لتطبيق هذا النوع من التعاون بفعالية.

في خضم مواجهة التحديات التي تعصف بالقطاع، يتجه مطورو العقارات نحو استكشاف شراكات أوسع وأعمق.

في استطلاع أجرته مؤخرًا شركة ماكنزي وشمل 50 رئيسًا للاستثمار في كُبرى شركات التطوير العقاري العالمية، أشار نحو ثلاثة أرباع المشاركين إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة يمثل أحد أكبر التحديات التي تواجه القطاع. كما أوضح 84% من المشاركين أن التقلبات في تكاليف المواد والخدمات تُشكل عائقًا جوهريًا يؤثر على استقرار المشاريع. ولم يتوقف الأمر عند ذلك، حيث أقر أكثر من 60% بأن محدودية المعرفة التقنية ومقاومة التغيير تُعيقان تبني الابتكارات اللازمة لمواكبة التحولات الجذرية في السوق. (اطلع على الشكل 1).

تعكس هذه التحديات السبب وراء تزايد توجه مطوري العقارات خلال السنوات الأخيرة نحو بناء شراكات أوسع وأكثر تنوعًا (اطلع على الشكل 2). ففي عام 2022، كانت الشراكات القائمة على التحالفات والمشاريع المشتركة وعمليات الاستحواذ مع شركاء من قطاعات غير تقليدية، مثل الضيافة والخدمات البيئية، تمثل حوالي 30% من إجمالي الشراكات، مقارنة بـ 20% فقط في عام 2013. إلى جانب ذلك، شهدت هذه الفترة ارتفاعًا ملحوظًا في الشراكات مع شركات تعمل في مجالات التكنولوجيا ومصادر الطاقة البديلة، مما يعكس إدراكًا متزايدًا لأهمية الابتكار والتوجه نحو حلول مستدامة.

أصبح المطورون العقاريون يدركون أن دورهم اليوم يتجاوز مجرد تشييد المباني والمساحات، ليشمل دمج تقنيات متطورة، أبرزها التعلم الآلي، مع توفير تجربة عملاء استثنائية تواكب تطلعات السوق الحديثة. كما يواجه المطورون مسؤولية ملحّة تتمثل في خفض البصمة الكربونية للقطاع العقاري، من خلال استخدام مواد بناء مستدامة واعتماد عمليات تشغيل أكثر كفاءة في استهلاك الطاقة. في ظل هذه التحديات، تأتي الشراكات العميقة والمتنوعة كحل استراتيجي لتمكين المطورين من تحقيق هذه الأهداف المتعددة. فمن خلال التعاون مع شركات من قطاعات مختلفة، يمكن للمطورين ابتكار حلول شاملة تسهم في مواجهة التحديات البيئية والتكنولوجية، مع إعادة صياغة مستقبل العقارات بشكل أكثر استدامة وإبداعًا.

أربع دراسات حالة لإقامة الشراكات غير التقليدية

كما تُبرز دراسات الحالة التالية، تتيح إقامة الشراكات بين الصناعات المختلفة فرصًا استثنائية للمطورين العقاريين لدخول مجالات جديدة لم يسبق استكشافها، مما يمهد الطريق لبناء نماذج أعمال أكثر مرونة واستدامة. هذه الشراكات تمنح المطورين إمكانية الوصول إلى تقنيات متطورة، ومواد حصرية، ومواهب متخصصة يصعب الحصول عليها بطرق تقليدية. إلى جانب ذلك، تشمل دوافع هذه الشراكات تعزيز الاقتصادات المحلية، وجذب قاعدة متنوعة من المستثمرين، وتنويع مصادر الدخل.

إقامة مشروع مشترك لمطور أوروبي مع شركة متخصصة في إنتاج الطاقة النظيفة

أعلن مطور عقاري أوروبي عن إقامة شراكة استراتيجية مع شركة رائدة في إنتاج الطاقة النظيفة، تهدف إلى توسيع نطاق استخدام الطاقة الشمسية في مشاريعه العقارية. يسعى هذا التعاون الطموح إلى إنتاج ما يقارب عشرة ملايين كيلوواط/ساعة من الكهرباء سنويًا، مع تحقيق تخفيض كبير في انبعاثات الكربون يُقدر بحوالي أربعة ملايين طن متري مكافئ من ثاني أكسيد الكربون.

ولو حاول المطور إنتاج هذه الكمية من الطاقة النظيفة بشكل مستقل من خلال التعاقد مع الموردين، لكان ذلك أكثر تكلفة وربما سيكون الأمر صعبًا بسبب مشكلات سلاسل التوريد. لكن من خلال المشروع المشترك، تمكن المطور من زيادة إنتاجه للطاقة المتجددة بنسبة تفوق 200% خلال عامين فقط، متجاوزًا التوقعات الأصلية بإنتاج أكثر من عشرة ملايين كيلوواط/ساعة من الكهرباء المتجددة .هذا الإنجاز لم يقتصر على تحقيق الأهداف البيئية فقط، بل عزز أيضًا من مصداقية المطور وجاذبيته لدى المستثمرين والعملاء الذين يولون أهمية كبيرة للاستدامة.

شراكة استراتيجية بين مشروع ضخم وشركة ناشئة في صناعة السيارات

في عام 2023، أعلن مشروع ضخم عن ضخ استثمار كبير في شركة ناشئة متخصصة في صناعة السيارات، إلى جانب إطلاق شراكة استراتيجية تغطي مجالات التطوير التكنولوجي، وتصنيع المركبات، وإنشاء البنية التحتية اللازمة.

في النهج التقليدي السابق، كان بإمكان المطور ببساطة التعاقد مع الشركة الناشئة لتوريد المنتجات. ومع ذلك، اختار المطور الضخم خيار الشراكة الاستراتيجية (JV) بهدف بناء قدراته الداخلية، انطلاقًا من قناعته بأن هذه الخطوة ستساعد الشركة على اكتساب معرفة أعمق والتكيف مع تقنيات المستقبل بشكل أفضل. كما توقع المطور أن تسهم الشراكة في إنشاء مصدر دخل جديد ومتعدد الجوانب، بالإضافة إلى أثرها الإيجابي على الاقتصاد المحلي. فمن خلال هذه الشراكة، سيتم توفير فرص عمل محلية كانت ستُخلق في بلدان أخرى، حيث تتضمن الخطة إنشاء مقر إقليمي للبحث والتطوير والتصنيع. واعتبر المطور أن نقل المعرفة والصناعة إلى المنطقة لا يعزز فقط مكانة المشروع الضخم على المدى البعيد، بل يسهم أيضًا في تنمية الاقتصاد المحلي وبناء قاعدة صناعية وتقنية قوية تخدم جميع الأطراف.

إقامة شراكة استراتيجية بين مدينة ضخمة جديدة وشركة متخصصة في إدارة النفايات المستدامة

في عام 2023، أعلن مطور مدينة ضخمة في شمال إفريقيا عن إقامة شراكة استراتيجية مع شركة رائدة في إدارة النفايات المستدامة، بهدف تحقيق معدل تحويل للنفايات بنسبة 80% بعيدًا عن المكبات، وذلك من خلال تبني نظام متكامل لإدارة النفايات.

أما النهج التقليدي، فكان سيقتصر على التعاقد مع شركة لإدارة النفايات لفترة زمنية محددة. ولكن نظرًا لطموحات المطور في تحقيق إدارة مستدامة للنفايات على أعلى مستوى، رأت القيادة أن الشراكة الاستراتيجية هي الخيار الأمثل لتطوير القدرات طويلة الأجل التي يحتاجها المشروع لتحقيق أهدافه البيئية الطموحة.

عملت شركة إدارة النفايات على تطوير قدراتها وتوسيع إمكاناتها خصيصًا لتلبية احتياجات المدينة الضخمة، وهي خطوة لم يكن من الممكن تحقيقها بسهولة دون الموارد والدعم الذي وفرته الشراكة الاستراتيجية. هذا التوسع منح المدينة ميزة حيوية في تأمين المواد والخدمات اللازمة في الوقت المناسب، مما ساعدها على تجنب التأخيرات المكلفة التي يمكن أن تنتج عن اضطرابات سلاسل التوريد. كما دفعت الشراكة شركة إدارة النفايات إلى التركيز على الابتكار وتصميم حلول مخصصة تتناسب مع المتطلبات الفريدة للمدينة.

لعبت إدارة السمعة والثقة دورًا أساسيًا في قرار الشراكة، حيث منح التعاون مع شركة رائدة في إدارة النفايات المستدامة للمطور فرصة لتعزيز مصداقيته وترسيخ مكانته كشريك ملتزم بالاستدامة. ترى قيادة المشروع أن هذه الخطوة ستجذب شريحة واسعة من المستثمرين الذين يعتبرون الاستدامة معيارًا رئيسيًا في قراراتهم الاستثمارية، مما يفتح الباب أمام فرص استثمارية جديدة تتجاوز الإطار التقليدي لمستثمري قطاع العقارات.

تحالف استثماري لمطور عقاري مع شركة ناشئة في تكنولوجيا الأمن

أعلن مطور عقاري في أمريكا الشمالية عن استثمار قدره 60 مليون دولار في تحالف استثماري (قائم على الملكية) مع شركة ناشئة متخصصة في تكنولوجيا الأمن. يهدف هذا التعاون إلى تجهيز مجموعة من أبرز عقارات المطور بأجهزة ذكية للتحكم في الوصول يتم تشغيلها بواسطة برامج خاصة لها حقوق ملكية وتقنيات متطورة للمراقبة والتحقق البصري.

كان بإمكان المطور بمنتهى السهولة الاكتفاء بالتعاقد مع الشركة الناشئة لتركيب الأجهزة وتقديم الخدمات المتاحة لجميع العملاء. ومع ذلك، اختار بناء شراكة أعمق تهدف إلى تخصيص البرامج المملوكة للشركة الناشئة لتلبية احتياجاته المتطورة بشكل أفضل. من خلال هذا التعاون الوثيق، يتطلع المطور إلى تطوير حلول أمنية مبتكرة يمكن تطبيقها في مشاريعه المستقبلية، مما يمنحه ميزة تنافسية في السوق عمن حوله.

تتوقع الشركة أن تساعدها هذه الشراكة في تطوير قدرات وتقنيات داخلية، مما سيسهم في تحسين تجربة العملاء التي تقدمها. بالإضافة إلى ذلك، يعتقد المطور أن هذه الشراكة ستجذب نوعًا جديدًا من المستثمرين الذين يهتمون بالابتكارات التكنولوجية.

خمسة خطوات لتحقيق شراكات غير تقليدية ناجحة في قطاع العقارات

يمكن للمطورين أن يبدأوا رحلتهم نحو شراكات غير تقليدية ناجحة من خلال التفكير بشكل عميق في المستقبل البعيد لهذه الشراكات، وكيفية تطبيق المنتجات والحلول الناتجة عنها في المشاريع المستقبلية. كما يجب عليهم النظر إلى القدرات التي يمكن اكتسابها من هذه الشراكات وأثرها المحتمل على جميع الأطراف المعنية، مثل العمال والمستثمرين. بعد الإجابة على هذه الأسئلة الأساسية، يمكن اتباع خمس خطوات مهمة لضمان نجاح هذه التعاونات وتحقيق نتائج مثمرة ومؤثرة على المدى الطويل.

إجراء تحليل شامل ومحدد

قد تشمل الشراكات غير التقليدية نماذج أعمال جديدة أو غير مجربة تختلف تمامًا عن المشاريع العقارية التقليدية. هذه الأساليب الجديدة تحمل مخاطر قد تكون غير مألوفة، مثل المخاطر التقنية أو القانونية أو حتى صعوبة تنسيق العمليات. ولذلك، يجب على المطورين القيام بدراسة دقيقة لهذه الشراكات للتأكد من قدرتهم على التعامل مع هذه التحديات والمخاطر. تتطلب هذه الشراكات تفكيرًا مدروسًا وتخطيطًا جيدًا لضمان نجاحها وتجنب أي مشاكل قد تظهر أثناء التنفيذ.

وغالبًا ما تتطلب الشراكات مع الأطراف غير التقليدية التكيف مع بيئات تنظيمية جديدة، (وقد تكون هذه البيئات في دول أو مناطق مختلفة)، مما يزيد من تعقيد الأمور. كما قد تستدعي هذه الشراكات صياغة عقود بشروط غير معتادة. على سبيل المثال، الشراكات القائمة على التكنولوجيا تثير مخاوف تتعلق بحماية البيانات، وحقوق الملكية الفكرية، واستدامة العمليات على المدى الطويل، وكل هذه النقاط تحتاج إلى دراسة دقيقة. علاوة على ذلك، الشراكات التي تعتمد على الأصول غير النقدية (مثل التكنولوجيا أو الأراضي) تتطلب تقييمًا دقيقًا لكيفية تحديد قيمتها السوقية لضمان أن يتم التعامل مع هذه الأصول بشكل عادل.

لمعالجة هذه المخاطر الخاصة، من الضروري إجراء عمليات تدقيق متخصصة. يشمل ذلك تقييم البنية التحتية التقنية للتحقق من مدى قدرة الشريك التكنولوجية، وتوافق هذه التقنيات مع العمليات العقارية، وإمكانية توسيعها في المستقبل. وبما أن العديد من الشراكات غير التقليدية تتطلب تبادل البيانات (مثل بيانات المستأجرين أو تحليلات السوق)، من المهم أيضًا فحص بروتوكولات الأمان السيبراني والتأكد من الامتثال لقوانين حماية البيانات. بالإضافة إلى ذلك، قد يكون من الضروري إجراء تدقيق لحقوق الملكية الفكرية للتأكد من ملكية واستخدام وحماية أي تقنيات مملوكة، خصوصًا عند دمج تقنيات خاصة في الأصول العقارية.

تحديد نوع الشراكة

قد تأخذ الشراكات غير التقليدية في قطاع العقارات أشكالًا مختلفة، ولكن أكثرها شيوعًا هي: عمليات الاستحواذ، والمشاريع المشتركة، والتحالفات الاستراتيجية. إن اختيار نوع الشراكة الأنسب يُعد خطوة جوهرية للمطورين العقاريين، حيث يعتمد هذا الاختيار على الأهداف الاستراتيجية للشركة ومدى تقبلها للمخاطر المرتبطة بالشراكة. ولضمان نجاح الشراكة وتحقيق أهدافها، من الضروري تحديد الأدوار بوضوح بين الأطراف، إلى جانب وضع إطار واضح لنسب الملكية وآليات توزيع الأرباح. هذا النهج لا يضمن فقط وضوح العمليات، بل يساعد أيضًا على تحقيق توافق المصالح، مما يجعل الشراكة أكثر فعالية واستدامة في تحقيق النجاح المشترك.

تحديد الأهداف المشتركة، مراجعتها، وتكييفها

تلعب الأهداف الواضحة والمتوافقة دورًا حاسمًا في نجاح أي شراكة، وتزداد أهميتها عندما يكون الطرفان غير معتادين على طبيعة عمل بعضهما البعض، أو عندما تكون هناك اختلافات كبيرة في مساراتهما السابقة.

مع التطور المستمر في تقنيات الذكاء الاصطناعي والذكاء الاصطناعي التوليدي، أصبح من الضروري للمطورين البحث عن شركاء يساعدونهم على تهيئة شركاتهم للدخول في عصر رقمي جديد. ومن بين التطبيقات المهمة للذكاء الاصطناعي في قطاع العقارات، تصميم خطط شاملة لإزالة الكربون من المحافظ العقارية باستخدام أساليب خوارزمية متقدمة. تشمل التطبيقات الأخرى تحسين عمليات التصميم، وتحليل البيانات الأكثر تعقيدًا لاتخاذ قرارات استثمارية أفضل، وتعزيز كفاءة إدارة تكاليف المباني. ونظرًا لأن هذه التطبيقات غالبًا ما تكون جديدة وغير مجربة، يصبح تحديد أهداف واضحة وواقعية قائم على رؤية مشتركة أمرًا حاسمًا. ومن خلال مراجعة هذه الأهداف وتحديثها بانتظام، يمكن للشركاء ضمان توافق التعاون مع الطموحات المشتركة ومواكبة التحديات والفرص المتغيرة، مما يعزز من فعالية الشراكة ويضمن تحقيق نتائج ملموسة.

وضع نموذج راسخ للحوكمة

تعتبر هيكلة الحوكمة بشكل فعّال، مع مراعاة قدرات وثقافة الشريك، عنصرًا محوريًا لضمان نجاح الشراكة واستمراريتها على المدى الطويل. وفي الحقيقة، إذا لم تتم إدارة الحوكمة بعناية، يمكن أن تؤدي إلى تعقيدات تؤثر على المشروع بأكمله. مثال على ذلك، مشروع مشترك جمع بين مطور عقاري ومجموعة استثمارية تعرّض لخطر كبير عندما حاول المستثمر بيع حصته بسبب تأخيرات في تنفيذ المشروع. والمشكلة الأساسية التي أدت إلى هذا الوضع كانت متعلقة بسوء إدارة الحوكمة، ما أدى إلى تصاعد الخلافات بين الطرفين. تأججت هذه الخلافات نتيجة اختلاف توقعات الشركاء حول الجدول الزمني المقبول لتنفيذ المشروع والآثار المترتبة على التأخير. وتتضمن الاعتبارات الرئيسية ما يلي:

  • فريق الإدارة. يُعد فريق الإدارة عنصرًا أساسيًا لنجاح أي شراكة، مما يستدعي وضع إطار عمل واضح يحدد بدقة الأدوار والمسؤوليات وآليات اتخاذ القرارات. يشمل هذا الإطار تأسيس مجلس إدارة مشترك يُشرف على إدارة العمليات، وللتغلب على تضارب المصالح، يُوصى بتعيين فريق إدارة مستقل يتمتع بالحيادية، يكون مكرسًا بالكامل لضمان كفاءة الأداء والتركيز على تحقيق رؤية الشراكة.
  • الثقافة. التعرف على الفروقات الثقافية بين الشركاء والعمل على تقليلها يُعدّ عنصرًا جوهريًا في بناء بيئة عمل متماسكة ومنسجمة. تبرز أهمية هذا التحدي بشكل خاص عند دمج مجالات متباينة، مثل قطاع العقارات التقليدي وشركات البرمجيات، حيث تتباين طبيعة العمل وثقافة الأداء بينهما بشكل كبير. ولضمان نجاح هذه الشراكة، يجب تأسيس قنوات اتصال منتظمة بين الشركاء وفريق الإدارة، مما يعزز الشفافية ويعمل على بناء الثقة المتبادلة.
  • المخاطر. إدارة المخاطر تُعد من الركائز الأساسية في نجاح الشراكات غير التقليدية، حيث تواجه شركات العقارات تحديات تتعلق بالمخاطر التنظيمية ومخاطر السمعة التي قد تكون غير مألوفة للشركات العاملة خارج نطاق القطاع العقاري. ومن الخطوات الفعالة في هذا السياق تنظيم ورش عمل متخصصة في المخاطر تجمع بين الفرق القانونية وفِرق الأعمال، بهدف مناقشة التحديات المحتملة وصياغة استراتيجيات عملية للتعامل معها. كما يمكن إنشاء لجان مختصة بإدارة المخاطر تكون جزءًا من مجلس الإشراف، بحيث تعمل على تطوير خطط استباقية لمعالجة أي تهديدات، كما يُنصح بتأسيس فريق متخصص لإدارة المخاطر يعمل بشكل منهجي ومستمر لمتابعة التحديات وتنفيذ الحلول الوقائية عند الحاجة.

تحديد مؤشرات الأداء ووضع استراتيجيات للخروج

يجب أن تتضمن اتفاقيات الشراكة العنصرين التاليين:

  • مؤشرات الأداء. تحديد مؤشرات أداء واضحة لقياس تقدم الشراكة بشكل منتظم نحو تحقيق الأهداف الاستراتيجية والاتفاق عليها. يُسهم ذلك في اكتشاف التحديات ومعالجتها في الوقت المناسب.
  • خطة الخروج. وضع استراتيجيات وخطط خروج واضحة ضمن اتفاقية الشراكة لتحديد الإجراءات اللازمة في حال رغبة أحد الأطراف أو كليهما في إنهاء الشراكة. ومن المهم وضع خطة مسبقة لتحديد آلية انتقال القيادة داخل الشراكة، لضمان استقرار العمليات واستمرار تحقيق الأهداف بسلاسة دون أي اضطرابات.

تتيح الشراكات غير التقليدية لمطوري العقارات فرصة تطوير قدراتهم وبناء خبرات داخلية ومعرفة عميقة في مجالات حيوية لا غنى عنها، مثل الاستدامة والتكنولوجيا. بالإضافة إلى ذلك، تساعد هذه الشراكات المطورين على تحقيق أهداف قصيرة المدى، مثل جذب فئات جديدة من المستثمرين أو إنشاء مصادر دخل مبتكرة. ومهما كانت الأهداف الفورية، فإن الشركات التي تسعى إلى تطبيق استراتيجيات متطورة من خلال هذه الشراكات لا تكتفي فقط بالوفاء بمعايير السوق الحالية وتوقعاتها، بل تمهد الطريق ليصبح هناك فئة مطورين عقاريين قادرين على مواكبة المستقبل والاستعداد لتحولاته.

Explore a career with us