لقد بدأت الشركات التي تستهدف المستهلكين مباشرة، في مختلف القطاعات، في استغلال تقنيات البيع بالتجزئة الحديثة لتعزيز أدائها المالي. ومن بين هذه التقنيات، تقنية "العروض المجمّعة"، التي تتيح للعملاء شراء مجموعة من المنتجات أو الخدمات بسعر تفضيلي، والتسعير الديناميكي، الذي يعتمد على تعديل الأسعار وفقًا لمتغيرات مثل مستوى الطلب أو الوقت أو سلوكيات المستهلكين. وتساهم هذه الأساليب بشكل مباشر في زيادة إيرادات وأرباح الشركات. وفي الوقت نفسه، توفر للعملاء تجربة شراء أكثر ملاءمة وذات صلة باحتياجاتهم الفعلية.
على الرغم من الفرص الكبيرة التي توفرها تقنيات البيع الحديثة، لم تستفد شركات الطيران منها بالشكل الأمثل بعد. على سبيل المثال، لا تزال بعض الشركات غير قادرة على تقديم عروض متكاملة، كدمج بيع تذكرة الطيران مع خدمات إضافية مثل الدخول إلى صالات المطار أو استئجار سيارة، مما يحرمها من فرص زيادة العائدات وتعزيز تجربة العملاء. بالإضافة إلى ذلك، تواجه بعض شركات الطيران صعوبة في تعديل أسعار عروضها بدقة وبالوقت المناسب، مما يحد من قدرتها على الاستجابة لتغيرات السوق والطلب بسرعة. كما أن التحدي يكمن أيضًا في تنسيق هذه الجهود عبر قنوات متعددة، حيث يجد البعض صعوبة في التعاون مع شركاء مختلفين مثل وكالات السفر ومنصات الحجز الإلكتروني، مما يؤدي إلى عدم تناسق العروض عبر تلك المنصات.
المزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية
شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية
تواجه شركات الطيران عدة تحديات تعيق تبني الأساليب الحديثة للبيع بالتجزئة. من بين هذه التحديات هي الهياكل المؤسسية المنعزلة التي تفصل بين الأقسام المختلفة داخل الشركة، والاعتماد على تقنيات قديمة لا تتماشى مع متطلبات السوق الحديثة، إضافة إلى الخوف من أن الاستثمارات الأولية في هذه التقنيات لن تحقق عوائد سريعة. ورغم هذه التحديات، فإن الفرصة المتاحة هائلة. ووفقًا لأبحاث أجرتها مؤسسة ماكنزي مُسبقًا بالتعاون مع الاتحاد الدولي للنقل الجوي، يمكن أن تسهم تقنيات البيع الحديثة في إضافة 40 مليار دولار كقيمة إضافية لصناعة الطيران العالمية بحلول عام 2030. 1وقد أظهرت التحليلات المحدثة أن هذه القيمة قد ترتفع إلى 45 مليار دولار في نفس الإطار الزمني (الشكل). بالنسبة للشركات، سيعتمد مدى الاستفادة على مستوى جاهزيتها لتبني هذه التقنيات. ومع ذلك، فإن العديد من شركات الطيران قد ترى فرصة لتحقيق زيادة تتراوح بين 2 إلى 3 في المائة من الإيرادات أو ما يعادل 15 في المائة من الأرباح قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك.
كيف يمكن البدء في مسيرة تحديث استراتيجيات البيع بالتجزئة، وتجنب التأخر عن المنافسين الذين يتحركون بوتيرة أسرع؟ وما هي الخطوات الصحيحة التي يمكنها تحقيق أكبر فائدة؟
يتناول هذا المقال الفرص المتاحة أمام شركات الطيران في مجال البيع بالتجزئة، من خلال تحليل العقبات التي أعاقت بعض الشركات عن التقدم بسرعة في هذا المجال. كما يستعرض المقال الإجراءات الجريئة التي يمكن لشركات الطيران تنفيذها الآن لتسريع التحول نحو استراتيجية حديثة للبيع بالتجزئة.
ما هو الشكل المثالي للبيع بالتجزئة في شركات الطيران عالية الأداء؟
في عالم الطيران اليوم، يُمثل تبني نهج مبتكر في التجارة فرصة ذهبية لشركات الطيران لتعزيز إيراداتها وتحسين تجربة العميل. ويستلزم هذا النهج استخدام مجموعة من التقنيات المتطورة التي أثبتت فعاليتها في قطاعات أخرى موجهة نحو المستهلك، مما يوفر أساسًا قوياً للابتكار والنمو. أولًا، يتطلب الأمر تصميم عروض متقنة التفاصيل تتناسب بدقة مع تفضيلات واحتياجات العملاء، وثانيًا، التسعير الديناميكي وإدارة الإيرادات لمختلف المنتجات يجب أن تُدار بشكل يتيح التكيف مع التغيرات في الطلب والظروف السوقية بكفاءة. بالإضافة إلى ذلك، تأتي الحاجة لنهج متعدد القنوات، حيث يتم التفاعل مع العملاء عبر مختلف المنصات - من الإنترنت إلى التطبيقات الجوالة وحتى النقاط الفعلية - لضمان تجربة سلسة ومتكاملة. وأخيرًا، تحديث وسائل الدفع يعد ضروريًا لتقديم خيارات دفع آمنة ومتعددة تلبي توقعات العملاء الحديثة. فمن خلال دمج هذه التقنيات، يمكن لشركات الطيران تقديم عروض تتجاوز توقعات العملاء، مما يساعد في تحقيق أقصى استفادة من المخزون وتعزيز الإيرادات بشكل مستدام.
تصميم عروض متقنة التفاصيل
تتمتع شركات الطيران بالقدرة على إنشاء عروض جديدة بسرعة ومرونة، مما يسمح لها بتقديم حزم متكاملة تشمل خدمات إضافية إلى جانب تذاكر الطيران. على سبيل المثال، يمكن لشركات الطيران أن تضم في عرض واحد خدمات مثل شحن الحقائب، وترقية المقاعد، وأولوية الصعود إلى الطائرة، وخصومات على الطعام المقدم أثناء الرحلة، بالإضافة إلى تضمين رسوم تعويض الانبعاثات الكربونية للرحلة بهدف تعزيز الاستدامة البيئية. علاوة على ذلك، يمكن لهذه العروض أن تتضمن خصومات مقدمة من شركاء مثل خدمات النقل المشتركة إلى المطار، مما يُضفي قيمة إضافية على العرض. وباستخدام هذه الطريقة، تستطيع شركات الطيران تعديل الأسعار بشكل مناسب لتتوافق مع محتويات العرض، مما يجعل العروض جذابة للمسافرين ويزيد من إيراداتها في نفس الوقت.
تسعير متغير للمنتجات المتعددة مع إدارة الإيرادات.
قامت العديد من شركات الطيران بتجربة استراتيجيات لزيادة الإيرادات، مثل تعديل الأسعار بشكل ديناميكي بناءً على الطلب، أو تقديم حزم أسعار مميزة تحتوي على خدمات إضافية مقابل سعر ثابت. ومع ذلك، غالبًا ما تُحافظ هذه الشركات على استقرار أحد هذين الأسلوبين عند تطبيق الآخر. فالقلة من شركات الطيران فقط هي من تمكنت من تحقيق توازن بين كلا النهجين في نفس الوقت.
إن شركات الطيران بحاجة إلى اتباع نهج حديث في إدارة إيرادات الركاب، يعتمد على استخدام التسعير الديناميكي أو المتغير المستند إلى بيانات دقيقة يتم تحليلها في وقتها. هذا النهج يتطلب التخلي عن الأساليب التقليدية التي تفرض أسعارًا ثابتة ضمن فئات محددة للتذاكر، مما يسمح بإنشاء فئات جديدة تتوافق مع متطلبات السوق الحالية. ويجب أن يغطي هذا النهج كل ما يمكن أن تقدمه شركات الطيران من عروض، بما في ذلك تذاكر السفر والخدمات الإضافية مثل رسوم الأمتعة وتحسين المقاعد. كما يجب أن يشمل الحزم المتكاملة التي تضم خدمات متعددة، والعروض التي تتضمن شراكات مع شركات أخرى، مثل تخفيضات على وسائل النقل من وإلى المطار. عند تطبيق هذا النموذج عبر مختلف القنوات التسويقية، فإنه سيغير مفهوم تحديد الأسعار لدى شركات الطيران. بدلاً من التفكير في "ما هو الحد الأقصى الذي سيدفعه العميل؟"، وسيتحول الاهتمام إلى "ما هو العرض الأمثل الذي يمكنني تقديمه لبيع المقعد الأخير؟". هذه الاستراتيجية تُعزز من قدرة شركات الطيران على تقديم عروض مخصصة وجذابة، مما يزيد من رضا العملاء ويساهم في تحسين الأرباح بشكل فعّال ومستدام.
النهج متعدد القنوات
تسعى شركات الطيران إلى توزيع عروضها بشكل منظم وفعّال عبر مختلف القنوات، مثل مواقعها الإلكترونية، ووكالات السفر عبر الإنترنت، وشركات إدارة السفر للشركات. ولتحقيق ذلك، تعتمد هذه الشركات على تقنية "NDC" أو ما يُسمى بـ(القدرة الجديدة على التوزيع) وهي صيغة حديثة تتيح تقديم محتوى غني وديناميكي. تسمح هذه التقنية لشركات الطيران بإدراج معلومات مرئية جذابة مثل الصور، بالإضافة إلى حزم الخدمات المجمعة التي تشمل مجموعة من الخيارات في عرض واحد. كما تتيح إجراء تحديثات فورية على العروض، بحيث إذا تغيّر سعر أو أضيفت ميزة جديدة، يمكن عرض ذلك على الفور للعملاء. إلى جانب ذلك، تُمكن صيغة "NDC" شركات الطيران من تخصيص العروض لتلائم كل قناة تسويقية. على سبيل المثال، يمكن تقديم حزمة مخصصة ومستهدفة من خلال وكالة سفر معينة عبر الإنترنت، ما يتيح توجيه العروض بطريقة تناسب نوع القناة والجمهور المستهدف.
إدارة الطلبات والخدمات باستخدام تقنيات الجيل القادم
في المستقبل، من المتوقع أن تتخلى شركات الطيران تمامًا عن استخدام التذاكر التقليدية، حيث لن تكون هناك حاجة لسجلات أسماء الركاب أو الوثائق الإلكترونية المتنوعة. وبدلاً من ذلك، ستقوم بدمج جميع البيانات والمعلومات المتعلقة بالرحلات في نظام موحد لإدارة الطلبات. يعتمد هذا التحول على معيار "ONE Order" الذي أطلقه الاتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA)، والذي يهدف إلى تبسيط عملية إدارة الطلبات. فمن خلال هذا النظام الجديد، ستتمكن شركات الطيران من دمج جميع البيانات في سجل واحد يشمل معلومات الحجز والدفع والخدمات الإضافية، مما يقلل من تعقيد الأنظمة الحالية ويجعلها أكثر سلاسة. كما سيساعد هذا النهج في تحسين كفاءة العمليات التشغيلية الداخلية، مثل إدارة الحجوزات والخدمات، وتسهيل عمليات المحاسبة المالية بشكل آلي، مما يقلل من الأخطاء ويزيد من الدقة. علاوة على ذلك، سيُعزز النظام من القدرة على اكتشاف محاولات الاحتيال بفضل التقنيات المتقدمة، مما يرفع من مستوى الأمان في التعاملات.
حلول الدفع المتطورة
تسعى شركات الطيران الحديثة إلى جعل تجربة الدفع للعملاء سلسة قدر الإمكان. ومن أجل تحقيق هذا الهدف، أصبحت الشركات تقدم مجموعة واسعة من خيارات الدفع، بما في ذلك استخدام مزيج من نقاط الولاء والنقود، مما يُتيح للعملاء استخدام رصيد نقاطهم إلى جانب المال لإتمام عملية الدفع. بالإضافة إلى ذلك، تُقدم شركات الطيران خيارات دفع جديدة، مثل الدفع المؤجل (اشترِ الآن وادفع لاحقًا) مما يُقلل من احتمالية تخلي العملاء عن عملية الحجز في مرحلة الدفع. كما تُوجه شركات الطيران العملاء نحو استخدام أساليب دفع تُساهم في تقليل الرسوم وتقليص فترة التسوية المالية، مما يُساعد على تحسين كفاءة العمليات المالية. ويمكن أيضًا تخصيص أساليب الدفع المتاحة لتتناسب مع ملف المخاطر الخاص بكل عميل، مما يُقلل من التحديات المالية ويُعزز الأمان. إلى جانب ذلك، ستتم عملية استرداد الأموال بشكل تلقائي مما يجعلها أسرع وأكثر فاعلية. كما أن أنظمة التدقيق الداخلية ستستفيد من تقنيات الذكاء الاصطناعي للكشف عن محاولات الاحتيال، مما يزيد من دقة العمليات ويُعزز من مستوى الأمان.
تُعد الأساليب الحديثة في إدارة الدفع عنصرًا أساسيًا في تطوير مستقبل البيع بالتجزئة في قطاع الطيران. فإلى جانب تحسين تجربة الدفع للمسافرين الأفراد، تفتح هذه الأساليب المجال لفرص إضافية في المستقبل. ومن بين هذه الفرص، إمكانية إدارة وتنفيذ العقود الخاصة بالشركات بطريقة أسهل وأكثر كفاءة.
كيف يمكن لشركات الطيران الإقلاع بمبيعاتها نحو مستويات أداء عالية؟
لا تزال العديد من شركات الطيران في مراحلها الأولى من تطوير استراتيجيات فعّالة للبيع بالتجزئة. ولتبني هذه الأساليب بشكل ناجح، تواجه الشركات عددًا من العوائق المشتركة التي يجب التعامل معها. أولاً، التحديات التكنولوجية، ثانيًا، تحسين استخدام البيانات داخل الشركة وأخيرًا، تغيير العقليات داخل المؤسسة.
تطوير البنية التكنولوجية
أثبتت الأنظمة التكنولوجية التي اعتمدت عليها شركات الطيران على مر السنين فعاليتها لفترة طويلة، لكنها غالبًا ما تفتقر إلى القدرات الأساسية التي تتطلبها أساليب البيع الحديثة. وقد يؤدي هذا النقص إلى الاعتماد على التسعير الثابت وتقديم مجموعة محدودة من العروض، مما يُقلل من قدرة الشركات على تلبية تطلعات العملاء المتنوعة. كما تتيح تقنيات الأنظمة الحديثة لشركات الطيران إمكانية إنشاء عروض مجمعة متكاملة تجمع بين خدمات مختلفة في حزمة واحدة، بالإضافة إلى تمكين أساليب التسعير الديناميكي، التي تتكيف مع التغيرات في الطلب والسوق. إلى جانب ذلك، توفر أنظمة إدارة علاقات العملاء رؤية شاملة وديناميكية لكل عميل، مما يُمكّن الشركات من تقديم عروض مخصصة تُلبي احتياجات العملاء بدقة. أما أنظمة إدارة الطلبات المبنية على معيار "ONE Order"، فهي تقدم لموظفي شركات الطيران مصدرًا موحدًا ودقيقًا للمعلومات، مما يُسهّل إدارة الحجوزات والخدمات. وعند دمج الأنظمة الحديثة مع الشركاء من خلال تقنيات مثل "NDC" وبوابات الدفع، يصبح التكامل سلسًا وأكثر فعالية. تتحقق كل هذه الفوائد بشكل كامل عندما تعتمد شركات الطيران على بيانات أساسية قوية، تسمح بربط الأنظمة والبرمجيات المتنوعة المقدمة من موردين مختلفين.
إزالة الحواجز بين الأقسام لتحقيق التكامل
يتعذّر تحقيق نجاح فعّال في البيع بالتجزئة إذا لم تكن الأقسام المختلفة في الشركة منسجمة في جهودها. ولضمان استفادة حقيقية من الحلول التكنولوجية الجديدة، لا بد من اتباع طرق عمل متكاملة ومنظمة. لذلك، يجب أن تقوم العمليات التجارية المستوحاة من أساليب البيع بالتجزئة على تعاون وثيق بين مختلف الأقسام داخل الشركة. يمكن إنشاء فريق عمل موحد يضم ممثلين من جميع التخصصات الرئيسية، مثل التسعير، وإدارة الإيرادات، والمبيعات، وغيرها بحيث تكون جهودهم متكاملة وموجهة نحو تحقيق هدف مشترك. بالإضافة إلى ذلك، يجب الاتفاق على مؤشرات أداء رئيسية "KPIs" تُحدد بوضوح معايير النجاح وتوجه الجهود المشتركة، مما يُعزز من قدرة الفرق على تحقيق الأهداف بكفاءة. ولضمان تطبيق هذه الاستراتيجيات بنجاح، ينبغي دمج العمليات مع الفرق التي تتعامل مباشرة مع العملاء، سواء في المطارات أو على متن الطائرات. هذا التكامل يعزز التواصل بين الإدارة والعمليات الميدانية.
تغيير العقليات
غالبًا ما لا ترى شركات الطيران نفسها كشركات بيع بالتجزئة، لكنها إذا أرادت التحول إلى شركات تجارية حقيقية تُركز على العملاء، فإنها تحتاج إلى تغيير كبير في طريقة التفكير. ولتحقيق هذا الهدف، يجب عليها تشكيل فرق عمل متخصصة تضم خبراء من مختلف المجالات التجارية مثل إدارة الخدمات الإضافية، وبرامج الولاء، والتسويق الرقمي. هذه الفرق يجب أن تتألف من أشخاص ذوي خبرات متنوعة قادرين على العمل في مجالات مختلفة ضمن القطاع التجاري. ففي صناعة تعتمد تقليديًا على التنبؤات المالية والدراسات الاقتصادية، قد يكون من الصعب التحول إلى نهج يقوم على التجربة والتعلم. لكن هذا التغيير أساسي لتحقيق النجاح، لأنه يوفر مرونة أكبر في العمل، ويعزز التعاون بين الأقسام المختلفة، ويسمح بتبادل الأفكار بشكل مفتوح في كل مرحلة من مراحل المشروع. كما يتطلب ذلك الاستعداد لبدء مشروعات صغيرة وتجريبية، ثم تحسينها بسرعة بناءً على النتائج المحققة. فمن خلال هذا التحول، ستتمكن شركات الطيران من التكيف بشكل أسرع مع متطلبات السوق المتغيرة، مما يعزز قدرتها على تقديم تجارب أفضل للعملاء، وبالتالي تحقيق النجاح التجاري على المدى البعيد.
الإقلاع نحو النجاح: كيف تُحقق شركات الطيران أداءً متميزًا في البيع بالتجزئة؟
مازالت العديد من شركات الطيران ترى أن تحقيق النجاح في البيع بالتجزئة يتعلق فقط بتحسين التكنولوجيا أو طرق توزيع المنتجات. لكن في الواقع، يتطلب النجاح في هذا المجال تحولًا شاملًا في التكنولوجيا وإدارة الأعمال. هذا التحول لا يعني فقط تحديث الأنظمة، بل يشمل إعادة تنظيم كيفية عمل الشركة بشكل كامل، بما في ذلك أساليب الإدارة والاستراتيجيات التجارية. وبينما تتطلع بعض شركات الطيران إلى تطبيق معايير الصناعة كخطوة أولية، فإن الفرص لتحقيق النجاح تختلف من شركة لأخرى. فكل شركة طيران لديها خصائصها واحتياجاتها الخاصة التي تجعل فرص النجاح والتحديات فريدة. لذلك، من أجل تحقيق أقصى استفادة من فرص البيع بالتجزئة، يجب على شركات الطيران تبني نهج شامل يغطي جميع جوانب العمل، بدءًا من التكنولوجيا وصولاً إلى استراتيجيات الأعمال، مع مراعاة الظروف الفريدة لكل شركة وسوقها المستهدف.
يمكن لشركات الطيران أن تبدأ رحلتها في تطوير البيع بالتجزئة من خلال مجموعة من الخطوات التي تُنفذ على مدار عدة أسابيع. تبدأ هذه الرحلة بـ تقييم القدرات الحالية لمعرفة نقاط القوة والضعف في الأنظمة المستخدمة، يلي ذلك تقييم استراتيجية التكنولوجيا لضمان أن الأدوات والأنظمة التكنولوجية تتماشى مع الأهداف المحددة. كما يتعين على الشركة تقدير الفوائد المحتملة من التحسينات الجديدة، سواء من حيث زيادة الإيرادات أو تحسين تجربة العملاء. وأخيرًا، يتم تحديد الاستثمار اللازم لتنفيذ التحسينات بناءً على مستوى جاهزية الأنظمة الحالية. فالمرحلة الأولى من هذا التحول لا تقتصر على التقييم فقط، بل يمكن أن تحقق نتائج فورية. فمن خلال الاستفادة من حالات استخدام محددة قصيرة المدى، يمكن للشركة أن تحقق قيمة تتراوح بين 10 إلى 20 في المئة من الفوائد الإجمالية المستهدفة. تشمل هذه الحالات دمج أشكال جديدة من وسائل الدفع لزيادة سهولة الشراء، بالإضافة إلى تقديم عروض مخصصة للخدمات الإضافية مثل خدمات الأمتعة وترقية المقاعد. ويتم تحديد هذه العروض استنادًا إلى تحليلات تستند إلى مصادر بيانات متعددة مما يسمح للشركة بتقديم خدمات مخصصة تزيد من رضا العملاء وتعزز الإيرادات.
يُمكّن النهج متعدد المراحل شركات الطيران من تحقيق قيمة ملموسة على المدى القصير والطويل. في البداية، يمكن للشركات الحصول على فوائد سريعة من خلال تنفيذ تحسينات بسيطة نسبياً. هذه التحسينات تساعد على إثبات نجاح التغيير منذ المراحل الأولى، وتُنتج إيرادات يمكن استخدامها لتمويل بقية مراحل التحول. في المراحل التالية، يمكن لشركات الطيران تطبيق قدرات أكثر تعقيدًا مثل تقديم حزم شاملة تجمع بين الرحلات، والخدمات الإضافية، ومنتجات الشركاء الخارجيين عبر جميع القنوات المتاحة. كما سيكون لدى العملاء القدرة على إتمام أكثر من 90% من العمليات بأنفسهم باستخدام الخدمة الذاتية، دون الحاجة إلى تدخل بشري. يُمكّن التحرك بسرعة عبر هذه المراحل شركات الطيران من تجنب التأخيرات الطويلة التي تستغرقها في التخطيط والتي قد تؤدي إلى فقدان الفرص والعوائد المالية. فمن خلال تنفيذ التحسينات على مراحل، تستطيع الشركات تحقيق أرباح ملموسة في وقت مبكر، دون الحاجة إلى انتظار طويل قبل الحصول على أولى العائدات. هذا النهج يضمن تحقيق مكاسب متتالية في كل مرحلة، مما يزيد من ثقة الشركة في استراتيجيات التحول ويُعجل من تحقيق نتائج إيجابية.
من خلال تبني الأنظمة الحديثة والاستراتيجيات المعتمدة على البيانات، تستطيع شركات الطيران تحسين تجربة العملاء، وزيادة مصادر الإيرادات، وتحقيق زيادات ملحوظة في الأرباح التشغيلية. وللوصول إلى هذه الأهداف، سيكون من الضروري إجراء تحول شامل في التكنولوجيا والأعمال يشمل تحديث المنصات التكنولوجية، وتبني أساليب عمل متطورة، وتغيير العقلية التنظيمية لتواكب التحديات الجديدة. إن تنفيذ هذا التحول على مراحل متتالية سيُسهل تحقيق إنجازات سريعة، مما يعزز من مصداقية الشركة أمام المستثمرين ويُشجع على دعمها ماليًا في الخطوات التالية. هذه النجاحات المبكرة ستساعد في تعزيز الثقة بإمكانية التغيير وستشكل حافزًا للاستمرار في الاستثمار في التحسينات المستقبلية. وفي الواقع، يحمل مستقبل البيع بالتجزئة في صناعة الطيران فرصًا هائلة والشركات التي تتخذ خطوات جريئة وحاسمة الآن ستكون في موقع أفضل لتتفوق على منافسيها وتستفيد من الإمكانيات الكاملة للسوق.